لنتخيّل مراقباً عاقلاً ومتزّناً ينظر، بموضوعيَّة تامَّة وبلا أيّة مجاملة، إلى الأحداث التالية: في بلد عربي هناك خبر إيقاف زواج طفلة في سنّ التاسعة. إن كل كتب علم النفس وكل تجارب الإنسانية تقول بأن ممارسة الجنس مع الأطفال تؤدّي إلى جراح وعلل نفسية تبقى معهم طيلة حياتهم وتحرمهم من فرح وطمأنينة براءة الطفولة.
غير أنه، وعلى الرغم من تحذيرات علماء النفس والدروس التي تعلمتها البشرية، توجد في ذلك البلد وفي غيره جهات ومنابر علنية تحلل شرعاً، بل وتشجّع علناً، الزواج من فتيات صغيرات لا حول لهنَّ ولا قوّة لرفض ما يعرض عليهن. لا توجد الدولة التي تحمي ولا القوانين التي تعاقب ولا المجتمعات التي ترفض وتقاطع، ويظلّ الموضوع غير محسوم لا في الثقافة الفقهية ولا في الثقافة العامة.
في بلد عربي تقوم ثورة شعبية من أجل الديمقراطية، لكن ما إن يمر الوقت حتى تنزلق تلك الثورة لتصبح سوق نخاسة تبيع وتشتري فيها الدول الأجنبية المتصارعة، وقوى الجهاد التكفيري العبثي المبتذل، وسفهاء أصحاب الثروات الذين يقحمون أنفسهم وثرواتهم في لعبة الموت والدَّمار، وانتهازيُّو ألعاب السياسة المعارضون، وعبيد نظام الحكم الذين لا يرفُّ لهم جفن وهم يرون البلد يحترق ويتفتّت. وتكون النتيجة المفجعة أن بلداً كان ملء العين والبصر، قد أصبح أرض اليباب ومقبرة للمسالمين الطيبين من أبنائه.
في بلدٍ عربي يتوقّف تصدير نفطه منذ أربعة أشهر بسبب الصّراعات القبلية والجهويّة، وبسبب ارتهان الدولة، مؤسسات ومواطنين، من قبل ميليشيات مافويّة أنانية تفضّل تدمير الوطن وإنهاء وجوده على أن تتنازل قيد أنملة عن مصالح وهلوسات وجهالة قادتها.
في بلدٍ عربي، كان مرشَّحاً منذ أربعين سنة لينتقل من صفوف البلدان النامية ليصبح ضمن تصنيف البلدان المتقدمة، ينبش أطفاله الآن في براميل الزبالة ليحصلوا على بقايا طعام يسدُّون به رمق جوع عائلاتهم. هذا البلد كان يفاخر بأنه اقترب من إنهاء الأمية بين شعبه لتصل نسبة الأمية اليوم في ربوع أرضه الممزّقة المدمّرة المنهوبة إلى أكثر من ثلاثين في المئة، وليضطر أطفاله للعمل لإنقاذ شرف أم أرملة بلا معيل، وأخت لا تأمن على عفّتها في شوارع مدنها التي تشهد يومياً موت العشرات في جنون لعبة تفجير السيارات المفخّخة وأحزمة شباب الجهاد التكفيري الضّائع المشترى من قبل هذه الجهة أو تلك.
في بلاد العرب تدق طبول محاكمات الاستئصال، وتصدح أصوات همجية الخطاب ضد كل معارض، بينما يرقص كثير من مدّعي الليبرالية والقومية واليسارية طرباً في حفلة زار ديمقراطية كاذبة يقودها رجال أمن يلبسون ألف قناع.
في بلدٍ عربي تجتمع أحزاب الحكم وأحزاب المعارضة وكثير من مؤسسات المجتمع المدني أياماً وليالي لتختار شخصية حيادية نظيفة، من أجل تأليف حكومة انتقالية لتجري انتخابات نزيهة، لكنها لا تستطيع أن تجد من بين الملايين من مواطنيها شخصية واحدة، نعم واحدة، يتفق عليها الجميع.
في بلاد العرب تبتلع الصهيوينة ما تبقى من أرض فلسطين بينما تتصارع القيادات على ما يُرمى لها من فتات.
في بلاد العرب لم تستطع جامعة الحكومات العربية أن تطفئ حتى ولا ناراً مشتعلة واحدة، ولم يستيقظ بعد ضمير أحد ليدعوا ولو لاجتماع قمّةٍ واحدةٍ للخروج من الجحيم الشيطاني الذي تعيشه أمّتهم يوماً بعد يوم، وساعةً بعد ساعة.
في بلاد العرب تتحارب الأديان والمذاهب والأيدلوجيات، لا من خلال الحوار وقبول الآخر، ولكن من خلال الإعلام الغامز الشَّاتم، وإشهار واستعمال السلاح القاتل.
في بلاد العرب ينتشر وباء الحزن والضّياع والحيرة بين الجموع، ما يجعل الحياة عبثاَ والموت عبثاً.
ماذا سيقول ذلك المراقب المحايد العاقل وهو يشاهد حفلات وجنازات الجنون تلك؟
سيذكّرنا أولاً بقول ألبرت آينشتاين من أن «الجنون هو عمل نفس الشيء مرات ومرات، مع توقُّع الحصول على نتائج مختلفة». أو سيذكرنا بقول الفيلسوف نيتشه من «أن الجنون بين الأفراد أمر نادر، لكن انتشاره بين الجماعات والملل والأمم هو القاعدة».
نحن إذاً أمام محنة جنون السياسة والثقافة والفقه المتخلف. وفي الحال يطرح السؤال التالي نفسه: هل ما نراه حصاد ثورات وحراكات الربيع العربي؟
والجواب هو: كلا وألف كلا، ليس في تلك المشاهد السوداء، وعلى الرغم مما تدّعيه أبواق الثورات المضادة، ذرّةٌ من تواجد وألق شباب أو روح ثورات وحراكات الربيع العربي.
ما نراه هو بقايا علل وهلوسات وانفصامات جنون القرون الطويلة، وهي تلفظ آخر وجودها في النفس العربية الجديدة المتعافية، وما على شباب وحراكات الربيع العربي إلا إبعاد أنفسهم، كأفراد ومؤسسات، عن ممارسات جنون القرون الماضية تلك وعن كل من ابتلوا بذلك الجنون... فالمستقبل لشباب الثورات والحراكات، طال الزمن أو قصر.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"العدد 4087 - الخميس 14 نوفمبر 2013م الموافق 10 محرم 1435هـ
يقال السحر قديم وليس جديد لكن شعوذه ودجل من أين وصلوا؟
يقال بمجموعة الثمانيه كما يقال بمجموعة العشرين وهي من الجماعات التي تشكلت بمساعدة ومساندة ما يسمى باللوبي الصهيوني – يعني مجموعة حساد أو فساد أو سحره يطلقون عليم راوون أو يخدعون الناس كما فعل السحره في زمن النبي موسى عليه السلام. هنا يقال ان هذه المجمعات منشره في الكثير من بقاع العالم مثل مصر أم الدنيا كما في البحرين وعمان واليمن والمغرب ومناطق أخرى. يستترون أو يتغطون بغطاء الدين يعني يقال للبعض منهم أب روحي لكنه عابد ومشارك أو مشرك بالله أو كافر - يعني ما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا (...)؟
المخاض
في مجتمعات تعاني من الازمات الاقتصادية والسياسية وتنافس من أجل البقاء والعيش المضمون بجانب تكويناتها الدينية والاثنية المختلفة و المتداخلة ووقوعها ضحية الصراع الإقليمي والعجز والشلل الإداري والسياسي فمخاضها سوف يكون مؤلماً وطريقها لن يكون سهلاً للوصول لحالة التوازن وإحلال البدائل المناسبة..الدلموني
قد لا يقال حلف اليميم لكن تعاهد وتعاقد وهنا مسأله!
تطفل وطفيليات لشركات أمريكيه لكن بأيادي محليه! قد لا يقال أن التطفل كما التدخل لكن يقال أن الشركات الأمريكيه ما هي إلا أنها تعيش على التسول والسرقه والنهب والسلب والخداع والكذب والتزوير ولكن بمعاهدات وتعهدات!. يعني يقال كان واحد يقال له أمير راحل لكن رحل عن الدنيا ولكن نسي توقيعه على معاهده فهل الاتفاقية المبرمه صالحة أو منتهية المدة لكون انه رحل يعني مات ولم يستطع أن يفى بالعهد؟
دكتور علي
كم انت رائع يا دكتور بهذه المقالات ، نعم ما اكثر العبر واقل المعتبر ، تابع مقالاتك يا دكتور فلربما يطلع رجل رشيد يأخذ بها
من يعبث في العراق هو من يعبث بمصر
لا يجب ان تقوم ديمقراطية حقيقية في بلد عربي هذا قرار رجعي اتخذ و ينفذ بوسائل متعددة مرة بتوظيف التكفيريين ليشيعوا قتل و دمار و فساد كما في العراق او عبر احياء وتنسيق مع قوى المجتمع المصنعة في معامل النظام الساقط المطاح به لتنشط بلباس شعبي لتنفذ انقلابا كما حدث بمصر مع ان مصر تم توظيف الاداة التكفيرية لتقوم بدور مزدوج في الظاهر و لكن تقويض النظام الجديد هو الهدف لذلك قوى منهم تلاشت و اخرى استمرت لاكمال التخريب وترسيخ ان الديمقراطية دمار و خراب
تحالف الانظمة والتكفيريين
منذ دخل التكفيريون الاحة خربوا ثورات الربيع العربي. هذه هي مشكلة الشعوب العربية ولاؤها بالاضافة الى كيد الحكومات والناظمة الدكتاتورية التي تحاول ارجاع الساعة للوراء.