العدد 4087 - الخميس 14 نوفمبر 2013م الموافق 10 محرم 1435هـ

الحاج صالح عيسى صانع السلال: نحاول الإبقاء على مهنة بحرينية أصيلة

بأنامله صنع الجميل، وبفنه استطاع أن يجدد القديم، مبدع هو بصنعه وفكره، وهو بذرةٌ تتجدد لنا كل يومٍ بعطائه المميز، إنه الحاج صالح عيسى الذي تولع بمهنة صناعة السلال، ليحترفها أبا عن جد، وهو ابن ترعرع في قرية كرباباد، والتي تعد البلدة الأبرز في هذه المهنة، فيما يستمر في مزاولة هذه المهنة في مركز الجسرة للحرف اليدوية.

وفيما يلي الحوار معه:

ممن تعلمت هذه المهنة؟

- تعلمت هذه المهنة من جدي عندما كنت في سن العاشرة من العمر، حيث ان البحرين عُرفت منذ سنين ببلد المليون نخلة، وخصوصا أن قرية كرباباد تحيطها البساتين من جميع الجهات، عدا جهة واحدة تطل على البحر، لذا استغلت النخلة في مهن كثيرة أبرزها صناعة السلال.

كيف طوّرتَ نفسك لتواكب تطورات المهنة؟

- أحببت هذه المهنة وتولعت بها، فاجتهدتُ بنفسي في البحث عن النخلة من مصادر عديدة عن أجزائها ومواسم نمو كل جزء فيها، ودرستُ دورات في الفن التشكيلي مع الرسام عباس الموسوي.

كيف يتم تحويل خوص النخلة إلى سلال وأشكال فنية؟

- هناك موسم خاص يتم فيه قطع أجزاء النخلة، فنأخذ من وسط النخلة جزءا يسمى «قِلب النخلة»، نأخذ الخوص منه ونجففه ثلاثة إلى أربعة أيام بحسب درجة الحرارة إلى أن يصبح يابساً، وتكمن فائدة هذه الخطوة في انكماش وتحول الخوص من اللون الأخضر إلى اللون الأبيض. وقبل البدء بالعمل المراد صنعه يجب أن يُترك الخوص ساعة أو ساعتين في الماء حتى يصبح ليّنا وسهل التكيّف والاستخدام.

هل تَعتبر صناعة السلال هواية أم مهنة بالنسبة لك؟

- تخرجتُ من الثانوية العامة من التخصص الصناعي، لكني وجدت نفسي في عالم صناعة السلال بشكل كبير، فاتخذتها مهنة بجانب كونها هوايتي المفضلة، وأحببت أن أطورها لتبقى رمزاً جميلاً في بلدنا، وللأسف هناك مهن قديمة قد اندثرت.

ذكرت أن هناك مهنا قديمة اندثرت، ما السبب باعتقادك؟

- السبب في اندثار بعض المهن هو احتكار المهنة، وهو ما يُعبّر عنه بحب الذات وحب التملك.

ماذا قدمت لهذه المهنة؟

- قدمت العديد من الدورات في مركز الجسرة للحرف اليدوية التي تقام قي الإجازة الصيفية، كما كانت لي دورات خارج المركز، منها كان في النادي الأهلي وحدائق الماجد ومرضى الطب النفسي وكبار السن وغيرها الكثير من المهرجانات والمعارض.

ما هي أبرز المهرجانات والمعارض التي شاركت فيها؟

- شاركت في العديد من المعارض التابعة للسياحة والتراث داخل البحرين، سنوياً تعرض أعمالنا في مركز البحرين للمعارض، ولي مشاركات في فعاليات بعض المدارس كفعالية أقيمت مؤخراَ قبيل عيد الأضحى المبارك لتعليم الطلبة طريقة عمل «الحية بية»، وبالنسبة لمشاركاتي في الخارج فنحن نمثل مملكة البحرين ونعطي طابعا للبلد، فشاركت في مصر وبريطانيا وفرنسا واسبانيا وكوريا واستراليا وألمانيا.

ما هي أبرز الأعمال التي لها طابع مميز بالنسبة لكَ؟

- أبرز مشاركاتي كانت في معرض الزهور مع مصممة زهور يابانية، إذ قمنا بعمل يدمج بين التراث البحريني والتراث الياباني، هذا العمل كان يدمج بين النخلة و «البومبو»، وهو شيء معروف في التراث الياباني، بالإضافة إلى عمل أكبر «حية بية» في الخليج العربي، والتي كانت ضمن فعاليات جمعية «وعد»، حيث استغرق عملها شهرين وتم عرضها في الساحل البحري الواقع بين قرية عراد القديمة ومنطقة الحالة.

ما هو سر الإقبال على منتجات هذه المهنة على رغم مرور أكثر من 150 عاماً عليها؟

- الإنسان الذي يحب عمله يجب عليه أن يطوره، لكي يتسنى له أن يحبب الناس فيه، فأنا في حرفتي اتبعت أسلوبا يدمج القديم بالجديد والماضي بالحاضر، فنحن نحاول البقاء على مهنة بحرينية أصيلة، فلم تبق أعمالي محصورة فقط في صناعة أشكال من السلال، بل قمت بصناعة أشكال عديدة من خوص النخلة مثل الطيور والأزهار والثعابين مع العديد من الأشكال الفنية والأثاث المنزلي كالكراسي وبعض المجسمات.

من وجهة نظرك هل قلَّ الإقبال على منتجات هذه المهنة مقارنة بالماضي؟

- لا، لم يقل، إلا ان الاستخدام اختلف، ففي الماضي كانوا يستخدمونها لدواعٍ معينة مثل حفظ الطعام وغيرها، أما الآن فأصبح استخدامها أكثر للزينة في حفلات أعياد الميلاد والأعراس والمناسبات الشعبية.

من خلال هذه المهنة، هل واجهت موقفا ترك بصمة في حياتك؟

- أتذكر عندما كنت في 18 من عمري، طلبَ سائح أجنبي أن اصنعَ له سلة قبل موعد سفره، ولعطل في الكهرباء لم استطع إكمال طلبه وأخبرته بذلك، إلا انه لم يصدقني، فمن هذا الموقف قمت بالتدرب على العمل وأنا مصمد العينين، حتى أتعلم أن اصنع الأشياء في الظلام، والحمد لله استطعتُ الآن أن اصنع أي شيء من دون أن أنظر إليه.

هل واجهت صعوبات خلال عملك في هذه المهنة؟

- لا، لم أواجه صعوبات تذكر، فالإنسان الذي يعرف مهنته لا يوجد لديه شيء صعب، ولكن الصعوبات الآن تكمن في قلة عدد النخيل في البحرين، وللتغلب على هذه المشكلة تم استيراد بعض الخامات من منطقة القطيف في المملكة العربية السعودية.

هل لديك أفكار لم تحققها بعد؟

- نعم، لديّ فكرة جديدة لم تُعمل بعد حتى في دول الخليج العربي، ولكن مازالت هناك بعض الأمور لم تكتمل لبدء هذا العمل، فأتمنى من الباري عز وجل أن يوفقني في هذا العمل خلال السنتين المقبلتين.

وأناشد الشباب استغلال أوقاتهم في الأشياء التي تعود لهم بالفائدة وألا يتركوا تراثهم محط النسيان، وأتمنى أن تقام دورات في المدارس وفي فترة الإجازات بشكل مستمر حتى تصل هذه المهنة للأجيال، فهذه المهن رمز فخر للبحرين.

العدد 4087 - الخميس 14 نوفمبر 2013م الموافق 10 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 4:53 ص

      حرفه بحرينية جميلية

      المقابلة رائعة جدا وحرفة بحرينية جميلة اتمنى لكم التوفيق والمحافظة على هذه الحرف التراثية الجميلة

    • زائر 3 | 4:51 ص

      حرفه بحرينية جميلية

      المقابلة رائعة جدا وحرفة بحرينية جميلة اتمنى لكم التوفيق والمحافظة على هذه الحرف التراثية الجميلة

    • زائر 2 | 4:40 ص

      تراثي

      نعم، اشتهرت البحرين تاريخياً بحرفة صناعة السلال التقليدية نظراً لوفرة أشجار النخيل فيها، حيث تم تطويرها في وقتنا الحاضر، وأصبحت ديكورا شعبيا تراثيا تزين به البيوت، والحدائق، وغيرها. نشكركم شكرا جزيلا على هذا الحوار الرائع.

    • زائر 1 | 3:48 ص

      عاشق الاعمال التراثية

      شكرا على هذه المقابلة، والاهتمام بالاعمال البحرينية التراثية. يجب المحافظة على هذه المهنة باعتبارها إحدى المهن التراثية التي تحمل في طياتها تاريخ وحضارة مملكة البحرين. كما يجب تدريب هذا الجيل ودعمه على هذه الصناعات التقليدية التي تذكرهم بتراث أجدادهم، وذلك بهدف المحافظة على هذا الارث المميز من الانقراض. تحياتي لكم،،

اقرأ ايضاً