العدد 4086 - الأربعاء 13 نوفمبر 2013م الموافق 09 محرم 1435هـ

قاسم: الأمة والإنسانية كلها وعلى امتداد ما تحيا في الأرض بحاجة للإمام الحسين

في خطابه ليلة العاشر من محرم

الشيخ عيسى قاسم يلقي خطاب ليلة العاشر من محرم في المنامة أمس - تصوير : محمد المخرق
الشيخ عيسى قاسم يلقي خطاب ليلة العاشر من محرم في المنامة أمس - تصوير : محمد المخرق

ألقى سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم خطاباً ليلة أمس (الأربعاء) العاشر من محرم 1435 في المنامة، فيما يلي نصه:

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، والحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

ماذا يجمعكم الليلة؟

أراه التقاء رؤية مع الإمام الحسين عليه السلام، وأراه انشداد عقل وروح إلى العقل المعصوم والروح الطاهرة المقدسة التي كان عليها الإمام الحسين عليه السلام، أراه الإيمان بالإمامة الحقة والعصمة التي لا شك فيها، أراه المأساة المفجعة المبكية للأرض والسماء، أراه الإحساس العميق والشعور الغائص في الذات بالحاجة إلى التتلمذ في مدرسة الإمام الحسين عليه السلام وعلى ثورة كربلاء والاستلهام منها، والاشتراك في المعاناة بينما عليه المؤمنون في هذا الزمن وبينما كان عليه الإمام الحسين عليه السلام في زمنه، أراه العِشق لله، والذي يترشح منه العشق للحسين عليه السلام، أراه إصرار منكم على طريق الجنة، وأن كلف طريق الجنة ما كلف، وأنكم على يقين من هذه الحياة لا تساوي قلامة ظفر ما لم تسلك بصاحبها إلى الجنة.

ماذا نعادي في يزيد؟

عين ما يقربنا للإمام الحسين عليه السلام ولمن كان على خط الحسين، هو ما يبعدنا عن يزيد ومن تابع سيرة يزيد.

هنا على خط الإمام الحسين عليه السلام جمال وروعة، حق وأصالة، إنسانية منفتحة، إخلاص ووفاء لله ولكل عباد الله، هنا شفقة ورحمة، وهنا هدى ونور، وعلى عكس كل ذلك ما هناك مما هو على طريق يزيد.

نحن نبغض في يزيد تنكره للدين، استقلاله في قراره عن قرار السماء، أخذه بخط غير خط الإسلام، وسعيه لأن يجعل المعروف منكراً والمنكر معروفاً، ذلك البطش وذلك البغي وذلك الظلم وذلك الفسوق وذلك السفة، هو ما يجعلنا نعادي يزيد. نحن لا نعادي الأشخاص، وإنما نعادي فيهم الأفكار السيئة، والمشاعر الخبيثة والسلوك المنحرف.

أنا عدو لنفسي في شيء وصديق لها في شيء، ما استقامت على طريق الله أنا صديق لها بعقلي وفطرتي، وما انحرفت عن طريق الله فإني أعاديها، وإن لم أعاديها والحال هذه فأنا خائن لها، وقاسٍ عليها.

وأعادي في ولدي وفي أبي وفي زوجي وفي نفسي، وأعادي في يزيد وأتباع يزيد، وأصادق في ولدي وفي زوجي وفي والدي ما أصادقه في نفسي وأصادقه في الحسين عليه السلام.

إنها الثورة على النفس قبل أن تكون ثورة على القريب، وإنها ثورة على القريب قبل أن تكون على البعيد، فهكذا يريدنا الإسلام وهكذا علينا أن نصنع.

علينا أن نكون أنصاراً للحسين عليه السلام أنصاراً له على قصورنا وعلى تفريطنا وعلى هوى أنفسنا، وعلى ضعفنا وعلى تعلقنا بالدنيا، وعلى تخلفنا عن نصرة الدين، وعلى كل قصور وتقصير منا.

أنا لا أستطيع أن أخلص لك أكثر مما أخلص لنفسي، فحين أنهاك عن المنكر وأرتكبه فقد قدمتك على نفسي فيما لا يصح لي أن أقدمك فيه عليَّ، فمن حقك أن أفديك حيث تكون على طريق الله، ومن حقك وأن تأخرت عن ذلك الخلق العظيم أن أؤثرك في الدنيا، إما أن أبيع علاقتي بالله من أجلك وإن كنت أبي أو أخي، وإما أن أشتري جنتك بناري فذلك مستحيل، وإذا كانت هداية أحد بضلالتي فلن أعطيه أن يهتدي، ولن أسمح لنفسي بأن تضل.

علّمنا الإمام الحسين عليه السلام أن لا مهادنة لمنكر في النفس ولمنكر في البيت ولمنكر في القبيلة ولمنكر في المجتمع ولأي منكر من المنكرات وفي أية دائرة من الدوائر.

ما هو المنكر الذي آلمَ الحسين عليه السلام أنه لا يُتناها عنه؟ كل ما هو مخالفة لدين الله وتخلف عن منهجه الحق في أية مساحة من مساحات الحياة.

من هو الإمام الحسين عليه السلام؟ ومن هم أنصاره؟ ولماذا ثورته؟

القرآن يجيب والسنة المطهرة تجيب، الحسين عليه السلام كل كلمة منه، وكل موقف وقفه، وكل إشارة صدرت عنه تعطي الإجابة الشافية على سؤال من هو الإمام الحسين عليه السلام؟ يغنيك كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، القولية والعملية وعلى مستوى الإقرار لبيان ما هو الحسين، وما هي تلك العظمة الكبرى والعظمى للإمام الحسين عليه السلام؟

الأنصار يكفي فيهم ما وصفهم به الإمام الحسين عليه السلام، فلقد كان منهم قراء الأنصار، وشهد لهم ثباتهم الذي قل نظريه في الأرض يوم اللقاء وعند معانقة الموت عن إرادة واختبار، فبطولاتهم ليست بطولات، وليس في بعد واحد، فبطولاتهم معجزات وفي أبعاد مختلفة من شخصياتهم.

للثورة هدف يتلخص في إنقاذ البشرية من جاهليتها وطاغوتية الطواغيت، وحتى لا تطل قطرة دم بغير حق، ولا يشقى ولا يذل إنسان، فكانت ثورة الإمام الحسين عليه السلامة من أجل كل هذا، وحتى لا تجوع شعوب وأمم، ولا تذلل أمم وشعوب، لا يمرغ أنف الإنسانية في التراب، وحين يكون الحكم حكم الجاهلية، وحين يكون الحكم حكم الطاغوت فإن أنف الإنسانية مداس، وحتما مرغم في التراب.

إن للأمة اليوم وغداً وللإنسانية كلها وعلى امتداد ما تحيا في الأرض حاجة للإمام الحسين عليه السلام كما كانت الحاجة قائمة له بالأمس، إنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها، وصلاح الأرض بصلتها بالسماء مادياً ومعنوياً، فالأرض تحتاج إلى الشمس من السماء لتحيا حياتها المادية، وتحتاج إلى شمس تشع بوحي الرسالة وبكلمة السماء وبهدى الله تبارك وتعالى حتى تحيا روحاً ومعنوية ولتسلم لها إنسانيتها وتكملَ وتعظم، فالإسلام لا تصلح الأرض إلا به، والإسلام الذي لا تصلح الأرض إلا به يحتاج إلى وحي معلوم محفوظ، وهذه الوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أين نجده؟

فنحن نعتقد جازمين أن الأرض لا تجد هذا الوحي في أصالته وفي صورته الكاملة وأمانته التامة وفهمه المستوعب إلا عند علي عليه السلام -هذا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله- وبنيه الأحد عشر المعصومين عليهم السلام. والإمام الحسين عليه السلام ثالث الأئمة الهداة الذين ارتضاهم الله عز وجل حججاً تامة على عباده.

دعوني أسأل أين يقع الإصلاح السياسي المطالب به في البحرين أو غيرها من الإصلاح عند الإمام الحسين عليه السلام؟ له صلة، ولكن وإن حجم ذلك الإصلاح بكثير، ضروري ولكن لا تتأتى حاجة الحياة بمثل هذه الإصلاحات الجزئية، لا إصلاح بحق وبصورة كاملة إلا بالإسلام وقيادة في وزن الإمام الحسين عليه السلام.

ثم يأتي الإصلاح من بعد ذلك درجات وكل درجة منه مطلوبة، وفيها اقتراب للحق، وفيها توافق مع مطلب الدين، إصلاح بأية درجة من الدرجات خير من لا إصلاح، ولا يفرط في إصلاح كبير ممكن بالقبول والرضا بإصلاح هابط.

وأما المعطلون للإصلاح فأمرهم إلى الله، وما أعظم مسئوليتهم أمام العزيز الجبار، فتعطيل الإصلاح في كل الأرض يعني استرخاص الدم الحرام واسترخاص الأعراض وتبديد الثروة والفساد في الأرض وكل ذلك من أكبر الكبائر التي يبغضها الله سبحانه وتعالى ويعاقب عليها أشد العقاب.

وماذا نتوقع بعد هذا ما ينبغي أن يكون عليه إحياء عاشوراء؟ فلابد من وعي من ذلك الوعي، ولابد من رؤية من تلك الرؤية، ولابد من خلق عظيم من ذلك الخلق، ولابد من قصد سليم وتوجه لله وإخلاص من ذلك الذي بلغ قمته الإمام الحسين عليه السلام.

لابد من استقامة في كل الطريق في الاتجاه لله، ولابد من خضوع للحكم الشرعي في كل موقف سهل أو صعب، شفى النفس أو لم يشفها، فلابد من الحرص الشديد على الالتزام بالحكم الشرعي لتكون ممارستنا صورة من الإحياء اللائق بثورة كربلاء الكبرى. يجب أن يكون الهدف هو الهدف، والوجهة هي الوجهة.

ودعونا نسأل ماذا كانت تريد عاشوراء؟ وماذا علينا أن نريد من إحيائنا لها بالإضافة لما سبق؟

عاشوراء يوم الدم والأشلاء، وعاشوراء يوم التضحية بالمعصوم الأول على الأرض يوم ذاك من أجل هدى الأمة لا ضلالها، فعلينا أن لا ندخل أي أمر يضر بهداية الأمة في إحياء عاشوراء، من أجل وحدتها لا فرقتها، فعلينا أن نحذر كل الحذر أن نسعى بقدم آثم لتفريق الأمة، ولإصلاحها لا إفسادها، وتخريب الوحدة الاجتماعية الإيمانية إفساد في الأرض.

إحياء عاشوراء من أجل مد الجسور لا تحطيمها، فمدوا الجسور مع المسلمين ما استطعتم وبذا تكونون على طريق الحسين وصراطه القويم، علينا أن نعيش المحادة والمعادة المقاومة لكل كلمة وموقف ولكل إشارة ضارة بوحدة المسلمين وتريد فرقتهم، وعلينا أن نكون دائماً قوة مندفعة في وجه الظلم والظالمين على هدى الله وهدى أحكام شريعته. وأنه لعدو مبين للإسلام والأمة الإسلامية من قصد الإضرار بوحدة المسلمين وتمزيق شملهم، وإنما كانت الكلمة الموقف والإشارة والمعاناة والأشلاء والدماء والثكل والتضحيات الجسام والسبي وتعليق الرؤوس وكان الخلق العظيم والصبر المعجزة إنما كان كله خطاباً من أجل هذا الهدف، ولا إحياء لعاشوراء خارج هذا الهدف المقدس العظيم على الإطلاق.

العدد 4086 - الأربعاء 13 نوفمبر 2013م الموافق 09 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 6:31 م

      الله يجزيك خير

      لاكن لاغنى عن الله سبحانه تعالى , ويجب ان لانجعل له شريك فالدعوى لان هذا يدخل ضمن الشرك الاكبر

    • زائر 3 | 9:04 ص

      اللة يحفظك

      حسيننا نور عيوننا
      زهراء

    • زائر 2 | 2:23 ص

      لبيك ياحسين

      لبيك ياحسين

    • زائر 1 | 9:45 م

      لله درك

      لله درك يا شيخ
      عظم الله أجوركم بمصابنا بأبي عبدالله الحسين ع

اقرأ ايضاً