تزخر واقعة كربلاء بالكثير من النماذج الإنسانية الرفيعة، التي تمتلئ فروسيةً ومروءةً ونبلاً.
فرسان كربلاء يناهز عددهم السبعين، وبعض الروايات تصل بالعدد إلى المئة. ويختار الخطباء عدداً محدوداً لتناول سيرتهم خلال العشر الأوائل من محرّم، وهي سيرةٌ تلهب الخيال وتملأ النفس بسيرة هؤلاء الفرسان.
من هذه الشخصيات، الحرّ بن يزيد الرياحي، وكان قائد كتيبةٍ من الجند، أرسلها الوالي الأموي على الكوفة لقطع الطريق على قافلة الحسين (ع) ومنعها من دخول الكوفة، أو عودتها إلى الحجاز. والتقى بالقافلة في موقع يُعرف بـ «قصر بني مقاتل» فاعترضها، وعندما حان وقت صلاة الظهر، صلّى وأصحابه خلف الإمام الحسين، ولكنه ظلّ يزاحم القافلة إلى أن دفعها إلى كربلاء.
كان فارساً شجاعاً، وكان يختلف عن الآخرين بيقظة الضمير، والتفكير في عواقب الأمور. كان يعرف الحسين جيداً، شخصاً ونسباً وتاريخاً. وكان يؤرّقه أن وجد نفسه في مواجهة قافلةٍ نصفها من الأطفال والنساء، ونصفها من الرجال والشباب الأبرار الأحرار. وكان يقف إلى جانبه أحدهم، فرآه مضطرباً، فخاطبه وقد رابه أمره: «والله ما رأيت منك في موقف قط مثل ما أراه الآن، ولو قيل لي مَن أشجع أهل الكوفة رجلاً ما عدوتك»، فأجابه: «إنّي والله أخيّر نفسي بين الجنّة والنار، ووالله لا أختار على الجنّة بدلاً». إنها يقظة الضمير والتفكير في العاقبة.
واستغل الفارس الحرّ فرصةً سانحةً وضرب فرسه، ومال مع ابنه وبعض رفاقه الخُلّص إلى معسكر الحسين، متظاهراً بالقتال، فلما وصله نزل مسرعاً معتذِراً يسأل الحسين: «هل لي من توبة؟»، فأجابه (ع): «إن تبتَ تاب الله عليك».
الرواة الذين اهتموا بسرد تفاصيل ما جرى في كربلاء، توقّفوا عند هذه الانعطافة الحادة في حياة هذا الفارس النبيل، فنقلته إلى الأبد من عالم العبودية إلى عالم الأحرار والمثل. فقد توجّه إلى الجيش الذي انشق عنه قبل ساعات، يذكّرهم ويوبّخهم على محاربة حفيد الرسول، قائلاً: «بئسما خلفتم محمّداً في ذرّيته، لا سقاكم الله يوم الظمأ». وبدأ البعض يتأثر بكلماته فرموه بالنبل قطعاً للطريق، فرجع حتّى وقف أمام الحسين، يستأذنه في القتال، ثم عاد إلى الميدان وقاتل حتى سقط صريعاً، فأدركه الحسين وهو ينزف في آخر لحظات حياته، فجعل يمسح وجهه ويقول: «صدقت أمك حين سمتك حراًَ. فأنت حرٌّ في الدنيا والآخرة».
حين يدخل الزائر الروضة الحسينية، يجد أغلب الشهداء في قبر جماعي إلى جوار سيد الشهداء، (عدا العباس في روضة أخرى حيث قتل على بعد مئات الأمتار)، أما الحرّ فقد سحب قومه جسده الطاهر ودفنوه في قبرٍ مستقل، على بعد عدة كيلومترات من مكان الواقعة، تحاشياً لرضّ جسده كما حدث لبقية الشهداء، زيادةً في الترهيب والتنكيل، في صورة غير مسبوقة من البربرية في التاريخ.
لولا هذه الانعطافة لبقي مجرد قائد كتيبةٍ صغيرةٍ، يتلقى الأوامر وينفّذها كأيّ تابعٍ ذليل، ولربما انتهى به الأمر بالقتل في إحدى الحوادث العاصفة التي هبّت على العراق، أو مات ميتةً ذليلةً على فراشه، في أحسن الفروض، لكنه انحاز إلى المثل فكتب الله له الخلود.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4085 - الثلثاء 12 نوفمبر 2013م الموافق 08 محرم 1435هـ
بحرانـي وأفتخر
سيدنا مأجورين والله يعودنا وياك فـي حال أحسن من هذا الحال .
شهيدا فى السماء...
لعن الله امة قتلتك ولعن الله ظلمتك ولعن الله امة سمعت..سمعت....سمعت بذلك فرضيت....فرضيت.....فرضيت به يا مولاى...السلام على الحسين وعلى على بن الحسين وعلى اولاد الحسين و على اصحاب الحسين ...
السلام على الحسين واولاد الحسين واصحاب الحسين عليه السلام
السؤال هل يوجد حر مثل الحر بن يزيد الرياحي في هذا الزمال!!!!!!!!! ليس كل حر حر في هذا الزمان
الحر
الحر ينبعث من جميع جوارحة رياح الحرية حتى لو كان تحت ضغط الدولة العنصرية والفاشية فلابد من نخوة الحرية أن تتغلب على العبودية ولنا امثلة كثيرة في زماننا و لكن هناك ناس لا يعرفون معنى الحرية.
فزتم و الله
اللهم ثبت اقدامنا على خطاهم و احشرنا مع محمد و ال محمد