يوشّح المستخدمون البحرينيون تطبيق الصور الإلكتروني الشهير «الانستغرام» هذه الأيام بالسواد حداداً بمناسبة حلول موسم عاشوراء الإمام الحسين (ع)، وذكرى استشهاده وأهل بيته على رمضاء كربلاء في العام 61 للهجرة.

ويظهر ذلك جلياً من خلال تغيير المستخدمين لنمط استخدامهم لـ «الانستغرام»، سواء من حيث محتوى الصور أو نوعيتها أو مدار اهتمامها أو إيحاءاتها أو حتى في مساحات الألوان التي يكون للأسود الحزين نصيب الأسد فيها.

مراسمُ العزاء التي جُبِلت البحرين على إحيائها في شهر محرم الحرام، والرايات السوداء والحمراء التي ترفرف على البيوتات وفي الطرق الداخلية والخارجية، أوجد البحرينيون لها أماكن إضافية أخرى، وذلك عبر استغلالهم التطبيقات الإلكترونية الذكية كـ «التويتر» و»الفيسبوك»، «الانستغرام» وهو أبرزها لما تفرضه طبيعة الاستخدام.

فـ «الانستغراميون» الذين أعتادوا في سائر الأيام في بداية يومهم «الانستغرامي» بصورة بهية مشرقة تحمل عبارات مثل: «صباح الخير»، «صباحكم معطر»، «صباح المحبة والتآلف»، استبدلوا تركيبات صورهم بأخرى تحتوي مشاهد من خيالات واقعة الطف الأليمة، أو بالضريح الذي يتضمن جسد الحسين، أو بمشاهد أصحابه وأنصاره، أو بالصور التخيلية لهيئة الإمام أو طفله الرضيع أو أخيه العباس بن علي (ع)، كما استبدلت عبارات «صباح الخير» بـ «صباحكم حسيني»، «صباح الثبات على حب الحسين»، «صباحكم عشق حسيني».

وكذلك المستخدمون الذين كانوا يستقبلون الجُمعات بصورة أنيقة تلحقها عبارة «جمعة مباركة»، استعاضوا عن ذلك بصورة كربلائية تلحقها عبارات مثل «جمعة مباركة بحب الحسين».

من جهة أخرى، تضاءل نشر الصور العامة المختلفة التي كان يتداولها المستخدمون إلى حد كبير، حيث يعكف «الانستغراميون» خلال هذا الموسم الحسيني على تكثيف جهودهم على نشر «التصاميم» والصور العاشورائية المجردة، أو تلك التي تتذيلها أحاديث أو كلمات مأثورة مروية في حق الإمام الحسين(ع) أو في مأساة كربلاء بصورة عامة.

وأكثر من ذلك، فإن «الانستغراميين» الذين كانوا غالباً ما ينشرون صوراً شخصية لهم ولأولادهم وأصدقائهم في محافل عامة وفي زوايا مختلفة من نواحي الحياة، كيّفوا هواياتهم وطريقتهم المحببة في استخدام «الانستغرام» بما تفرضه أجواء عاشوراء.

فصحيحٌ أنهم لازالوا يمارسون الهواية ذاتها في نشر صور شخصية وجماعية متعددة، ولكنهم يحافظون على المضمون الواحد، وهو حركتهم أثناء شعائر عاشوراء والفعاليات المصاحبة لها، حيث يجتهد هؤلاء المستخدمون في نشر صورهم أو صور أبنائهم وأصدقائهم في المضائف أو أثناء المواكب الحسينية أو بجانب اليافطات و»البنرات» المعلقة على المآتم والمنازل وغيرها.

كما تنشط خلال هذه المناسبة حسابات المآتم والمضائف والمواكب «الانستغرامية»، حيث دشنت أغلب هذه المؤسسات القائمة على الشأن العاشورائي حسابات خاصة بها تقوم فيها بنشر صور لفعالياتها بشكل فوري عاجل، مما جعل هذه الحسابات قبلة للمشاركين كلٌ منهم يبحث عن صوره أثناء إقامة الفعالية، أو يطلع على أجوائها إذا كان قد تغيّب عنها لأي سبب من الأسباب.

وفي التفاتات جميلة معطرة بعبق البراءة، يكون لصور الأطفال الحسينيين حضورٌ واسع على «الانستغرام»، إذ تعمد الأمهات على تصوير أطفالهن أثناء تجهيزهم لحضور المأتم أو الموكب أو التمثيليات أو ما يُعرف بـ «الشبيهات»، وغالباً ما تُنشر صور الأطفال أثناء لبسهم الثوب الأخضر الذي قيل إنه من علامات لباس الهاشميين، أو عند وضع عصابات على رؤوسهم تحمل عبارات قصيرة تتعلق بالمناسبة، أو على ظهر الخيل أو الجمل الذي عادةً ما يتقدم موكب العزاء في بعض القرى محاكاة لبعض فصول آلام كربلاء.

وقد حازت هذه الظاهرة على عناية شبكات إعلامية متخصصة رصدت جوائز باسم «أجمل طفل حسيني».

إلى جانب ذلك، تبرز الشبكات «الانستغرامية» المتخصصة في الشأن الإسلامي، والتي يكون نشاطها في الأحوال العادية عبارة عن نشر وتعميم صور لأحاديث ومناسبات وشخصيات دينية متفرقة، حيث تتوقف عن نشاطها العام بشكل كامل، وتخصص كل جهودها لقضية استشهاد الإمام الحسين (ع) في موسم عاشوراء، بنشر الأحاديث الشريفة الواردة عن النبي وأهل بيته، وأقوال الفقهاء وعلماء الإسلام، وكذا أقوال المفكرين والمستشرقين وقيادات التحرر في العالم. نعم، لـ «الانستغرام» رحابٌ واسع يعشقه مستخدموه... ولكن عندما تطل عاشوراء، يضيق هذا الوسيع ويخلو إلا من ذكر الحسين (ع).