العدد 4085 - الثلثاء 12 نوفمبر 2013م الموافق 08 محرم 1435هـ

تونس تدور في حلقة مفرغة والمجهول يتهدد البلاد

أدى تعثر الحوار الوطني التونسي وانهيار الأجندة الزمنية التي حددتها وثيقة خريطة الطريق المُكملة لمبادرة المنظمات الوطنية الأربع الراعية للحوار بين السلطة والمعارضة إلى دخول البلاد في حلقة مفرغة وتخوف من المجهول.

ورغم إجماع الأوساط السياسية على أن المخرج من المأزق يكمن في «التوافق»، فإن المعطيات المرافقة للسجال السياسي والإعلامي بين الإئتلاف الحاكم وأحزاب المعارضة ابتعد كثيراً عن «التوافق»، راسماً مشهداً مليئاً بالتناقضات التي جعلت «المجهول» يتهدد البلاد بالنظر إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتزايد المخاطر «الإرهابية».

وقال المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي لـ «يونايتد برس انرناشونال» إن «لعبة المصالح الحزبية باتت تطغى على مواقف الأطراف السياسية رغم إدراك الجميع بأن ذلك سيكون له إنعكاسات سلبية على الأصعدة الإقتصادية والاجتماعية والأمنية». وأضاف أن وضع تونس حالياً «تسوده الضبابية، وهو يدور في حلقة مفرغة، ما جعل المواطن يبدو كأنه في باخرة تسير بدون بوصلة». وارتفعت وتيرة تبادل الاتهامات بين الفريق الحاكم والمعارضة، وعودة مفردات «الانقلاب»، و»التآمر على الشرعية»، و»التلاعب»، و»المماطلة والتسويف»، الأمر الذي ساهم بتسميم أجواء الحوار الذي تعطل بعد نحو خمسة أيام من انطلاقه.

ولا يخفي الجورشي تشاؤمه من تداعيات هذا الوضع، لكنه عبر عن رفضه للأصوات التي تعالت للتأكيد على أنه يتعين على الحكومة المؤقتة الحالية برئاسة علي لعريض القيادي البارز في حركة النهضة الإسلامية، الاستقالة في الخامس عشر من الشهر الجاري بغض النظر عن نتائج توافقات الحوار الوطني.

وقال إن هذا الموقف الذي عبّرت عنه عدة أحزاب «ليس مفيداً في الوقت الحالي»، وهو بذلك لا يعدو ان يكون»وسيلة من وسائل الضغط المتكرر الذي تمارسه المعارضة على الإئتلاف الحاكم».

وتنظر أحزاب المعارضة إلى تاريخ الخامس عشر من الشهر الجاري كاستحقاق من استحقاقات وثيقة خارطة الطريق التي وقعها 21 حزباً سياسياً، منها حركة النهضة الإسلامية، الذي يتعين الالتزام به، وخاصةوأن لعريض كان تعهد كتابياً بالاستقالة وفق الأجندة الزمنية التي حددتها خارطة الطريق. وتنص الوثيقة التي اقترحها الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة أرباب العمل والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان كمخرج للأزمة، على تعهد الحكومة الحالية بتقديم استقالتها خلال 3 أسابيع من تاريخ بدء الجلسة الأولى للحوار.

كما تنص أيضاً على أن يتم الإعلان عن قبول جميع الفرقاء بتشكيل حكومة تترأسها شخصية وطنية مستقلة ولا يترشح أعضاؤها للإنتخابات القادمة.

وتعطل الحوار الوطني بين السلطة والمعارضة لاختيار شخصية وطنية لرئاسة الحكومة المرتقبة في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، بسبب تمسك حركة النهضة الإسلامية بمرشحها، أحمد المستيري (88 عاماً)، ورفضها مناقشة أي اسم آخر.

ودفع هذا التطور الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي، للإعلان في الخامس من الشهر الجاري باسم المنظمات الوطنية الراعية للحوار، عن تعليق الحوار الوطني إلى أجل غير مسمى. وقد ربطت أحزاب معارضة عودتها للحوار، بالاتفاق المسبق على اسم الشخصية المستقلة التي ستترأس الحكومة الجديدة خلفاً لرئيسها الحالي علي لعريض.

وشدد مسئولو 14 حزباً معارضاً في بيان مشترك وزع الأحد، على أن تعطل الحوار كان «بسبب تعنت حركة النهضة الإسلامية»، ودعوا إلى «التعجيل بالانتهاء من المشاورات لاختيار الشخصية المستقلة لرئاسة الحكومة، قبل 15 نوفمبر الجاري، وإلى وضع حد لحالة الضبابية والترقب».

غير أن اللافت في البيان هو أن الأحزاب أكدت أنها تعتبر يوم الخامس عشر من الشهر الجاري، هو «تاريخ استقالة حكومة لعريض»، ودعت الشعب وفعالياته السياسية والمدنية إلى «الدخول في سلسة من التحركات لفرض احترام التعهدات التي قدمتها الحكومة عند إنطلاق الحوار الوطني».

وقال عبد اللطيف عبيد، وزير التربية السابق والقيادي في حزب التكتل الديمقراطي، شريك حركة النهضة الإسلامية في الحكم لـ «يونايتد برس انترناشونال» إن هذا الموقف «غير مقبول، لأن المطلوب هو الحوار والتوافق للخروج من الأزمة، وليس دفع البلاد نحو الفراغ والمجهول».

وأضاف «لا يجب اعتبار الحكومة المؤقتة الحالية مُستقيلة في الخامس عشر من الشهر الجاري، لأنها ستستقيل يوم تشكيل حكومة جديدة، وذلك تجنباً للفراغ». واعتبر أنه من مصلحة البلاد «ألا يكون هناك فراغ»، لافتاً إلى أن «الاعتبارات الحزبية والرغبة في التموقع في الخارطة السياسية هي التي تُحرك تلك الأطراف التي تعالت أصواتها للتأكيد على أن الحكومة والمجلس التأسيسي قد إنتهت شرعيتهما منذ 23 أكتوبر من العام الماضي».

وبين هذا الرأي وذاك الموقف، لا تلوح في الأفق بوادر توصل الفرقاء السياسيين إلى حل للأزمة، رغم المشاورات والاتصالات الماراتونية التي تكثفت في الكواليس مع اقتراب استحقاق الخامس عشر من الشهر الجاري. وماتزال الأمور تسير في اتجاه مُعاكس لوثيقة خارطة طريق الحوار الوطني الذي بفشله ستدخل البلاد في المجهول الذي يُبقي الباب مفتوحا أمام سيناريوهات،يرى الكثيرون، أنها قد تكون مُرعبة.

العدد 4085 - الثلثاء 12 نوفمبر 2013م الموافق 08 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً