العدد 4081 - الجمعة 08 نوفمبر 2013م الموافق 04 محرم 1435هـ

توم هانكس... أكبر سناً... وأكثر إقناعاً وتألقاً

في آخر أفلامه Captain Phillips

الوسط - منصورة عبدالأمير 

08 نوفمبر 2013

تصعب الكتابة عن فيلم الإثارة والأكشن «القبطان فيليبس» Captain Phillips المعروض حالياً لدى شركة البحرين للسينما، دون التوقف طويلاً والتركيز على الأداء المبهر لتوم هانكس في الفيلم. ولعل الصعوبة تأتي أساساً لأن أداءه الرائع ذاك طغى على كل شيء آخر ليصبح الفيلم واحداً من أهم أفلام عام 2013 بسبب ذلك الأداء الطاغي. كثير من النقاد يتوقعون ترشح هانكس لأوسكار أفضل ممثل.

سيأخذك الفيلم منذ لحظاته الأولى وسيحبس أنفاسك، لكنك لن تمل ولن تجد نفسك لاهثاً تنتظر النهاية. إنه فيلم مختلف، تعيش معه محنة بطله لكنك في الوقت ذاته تتلمس الجانب الإنساني وتتمكن من أن تتأمل فيه كثيراً في الوقت الذي تحبس أنفاسك انتظاراً لانتهاء تلك المحنة.

لكن الفيلم على أية حال لم يكن فيلماً شديد التميز حين يتعلق الأمر بقصته، إذ إنه وفي واقع الأمر لا يقدم قصة جديدة أو مميزة وإن كانت أحداثها واقعية. فالفيلم يستند على رواية حقيقية عاشها القبطان ريتشارد فيليبس، قائد سفينة نقل البضائع ميرسك آلاباما، في شهر مارس/ آذار 2009، حين اختطف القراصنة الإثيوبيون سفينته التي كانت تبحر في وسط المحيط الهندي، ثم احتجزوه رهينة في قارب صغير. فيليبس الذي مر بواحدة من أصعب المحن التي يمكن أن يمر بها أي بحار، وثق تجربته تلك في كتاب نشره عام 2010 تحت عنوانA Captain»s Duty: Somali Pirates, Navy SEALs, and Dangerous Days at Sea. الكتاب وضعه ريتشارد فيليبس بالتعاون مع ستيفان تالتي فيما تولى بيلي راي تحويله إلى سيناريو.

كذلك لم يتميز الفيلم بسبب إخراجه رغم إسناد هذه العملية لمخرج متميز هو بول غرين غراس الشهير بتحويله الدراما الحقيقية ومحن البشر الواقعية إلى أفلام والمتميز بحركة الكاميرا في أفلامه، ومن أشهرها The Bourne Supremacy, The Bourne Ultimatum, United 93، ولا ننسى أهم أفلامه Bloody Sunday الذي قدمه العام 2002 وفاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي في ذلك العام، وهو الفيلم الذي يروي قصة مقتل ناشط إيرلندي على يد القوات البريطانية. قوة رسالة الفيلم أجبرت رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على تقديم اعتذار تاريخي لإيرلندا وذلك في 15 يونيو/ حزيران 2010.

بالطبع لا يمكن إنكار جودة عمل بول في الفيلم بل ربما يمكن القول إن حركة كاميراه ساهمت إلى حد كبير في إضفاء المزيد من الإثارة والتشويق على مشاهد الفيلم، إذ لم تهدأ الكاميرا ولم تثبت لتشعرنا بالوضع المزري، جسدياً، على الأقل الذي عاشه القبطان فيليبس أثناء احتجازه. رغم ذلك، أظن أن الجزء الأكبر من نجاح الفيلم يعود إلى الأداء المتقن لممثليه. بالطبع يقود توم هانكس هذا الأداء المتقن، يبدو أكبر سناً في الفيلم لكنه أكثر نضجاً وقدرة على تقمص الدور المسند إليه عدا عن كونه أكثر إقناعاً.

لكن يتميز إلى جانب هانكس ممثل آخر، هو ذلك الذي قام بدور قائد القراصنة الإثيوبيين ميوز وهو ممثل أميركي من أصل إثيوبي يدعى بركات عبدي. وفي الواقع فإن هذا الفيلم هو أول ظهور لعبدي الذي تم اختياره من بين المئات ممن تقدموا لتجربة الأداء. اشتغل عبدي في إخراج بعض أفلام الفيديو كليب لكنه لم يخض تجربة السينما ولا التمثيل مسبقاً. هو الآن يعمل على إخراج فيلمه الأول على أية حال.

أداء عبدي لم يقل تميزاً عن أداء هانكس، ولا أدل على ذلك من قدرته على التميز والبروز أمام هانكس وهو الذي طغى أداؤه على كل شيء آخر حتى على الإخراج وحركة الكاميرا المتميزة بل وحتى على الموسيقى الرائعة المصاحبة للمشاهد التي وضعها هنرى جاكمان (ألف موسيقى فيلم ديزني الشهير Winnie the Pooh، الذي قدمته شركة ديزني عام 2011).

الفيلم رائع بأدائه، متميز بتصويره، لكنه هانكس وعبدي، واللحظات الإنسانية التي تملأ مشاهد الفيلم والتي تجعلنا نتوقف طويلاً أمامها. ننسى للحظات حالة الترقب التي نعيشها ونبدو قلقين في بعض الأحيان حتى على مصير القراصنة الخاطفين. سيتوقف مشاهدو الفيلم طويلاً لدى المشهد الأخير الذي ينقل هانكس من خلاله الصدمة النفسية والعصبية التي يتعرض لها القبطان بعد إنقاذه. في هذا المشهد يقدم هانكس واحداً من أفضل أدواره، لعله هو ما سيكسبه أوسكار أفضل تمثيل، لتمكنه من تقديم مشاعر إنسانية عالية عميقة ومتضاربة. لا يهم فعلاً ما قدمه طوال الفيلم من أداء متقن إزاء هذا المشهد الذي اختصر فيه هانكس كل تاريخه... إنه مشهد تاريخي.

العدد 4081 - الجمعة 08 نوفمبر 2013م الموافق 04 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً