العدد 4081 - الجمعة 08 نوفمبر 2013م الموافق 04 محرم 1435هـ

بعيون توثيقية... المخرق يصدر «الغريفي... ملامح من صور البصيرة»

محمد المخرق
محمد المخرق

صدر للزميل المصور الفوتوغرافي محمد المخرق كتاب «الغريفي... ملامح من صور البصيرة»، وهو عبارة عن ألبوم صوَري جمع فيه المخرق أهم الصور التي التقطها لسماحة السيد علوي الغريفي مع أهم الشخصيات التي زارته واستضافها في مجلسه منذ 1989 حتى وفاته في 2011م.

بعين توثيقية جمع الكتاب بين دفتيه 517 صورة توزعت على 240 صفحة من الحجم الكبير، من تصميم المخرج السيد ماجد عبدالله، في طبعة متميزة عن المطبعة الشرقية بالمنامة.

ملمح البصيرة

اختار المخرق عبارة «ملامح من صور البصيرة» عنواناً لكتابه في إشارة إلى عصامية تجاوزت ظلام الأشياء إلى نور القلب، حيث انطلق السيد علوي الغريفي ليشكل أفقه المفتوح على الأمل، ويتجاوز طبيعة العمى في الحاجة إلى الناس ممن يدلونه على الطريق ليكون هو الدال لهم على الطريق منذ أن قرر الدراسة الحوزوية وأصبح بعدها يتأهل ليتقدم في صفوف القيادات الدينية البارزة، ومن بيدهم القرار، «وبدل أن يُقاد أصبح يَقود» وهنا تتلبسه صفة البصيرة، ولا يكون العمى عائقاً عن الإنجاز والحضور الاجتماعي في مصاف المبصرين، بل وفي ندية موازية لحضورهم في رحلة الحياة.

الغريفي في كلمات

قدَّم المخرق لكتابه الصوَري بمجموعة كلمات قصيرة لزملاء السيد الغريفي من علماء «الحوزة العلمية»، ومن شاركه في الحضور على مستوى الساحة العلمائية في البحرين، ومنهم السيد جواد الوداعي، والشيخ أحمد العصفور، والشيخ عيسى أحمد قاسم، والشيخ محمد صالح الربيعي، والسيد عبدالله الغريفي، والسيد شرف الخابوري الذي يعيش في عمان، والمرحوم الشيخ علي العصفور، والشيخ نعمة الساعدي زميله في العراق والذي كان يقرأ عليه كتب العلم ويراجع معه دروسه قبل الجلوس في حلقات العلم بين زملائه وأساتذته في الحوزة العلمية، ويشير المخرق إلى أن اختياره لهذه الشخصيات جاء لمعرفته بقربها من السيد الغريفي ومكانتها في قلبه.

حكاية أول صورة

انتظمت الصور في الكتاب بدءاً بأقدم صورة التقطها المخرق للسيد الغريفي في سنة 1989م في مجلسه العامر بالنعيم، وقد بدت من خلفه مكتبته التي تعج بالكتب الدينية ومناهج الحوزة العلمية، وقد تعلَّقت على أرفف الكتب صورة لولده السيد أحمد الغريفي، وبدَا في الصورة السيد علوي الغريفي واقفاً معتمراً لباس العلم الديني بعمامته وبشته السوداوين، وكانت هذه إحدى أهم الصور التي انتخبت للغريفي من قبل عائلته ومريديه، وانتشرت وتم تداولها بين الناس كصورة شهيرة على المستوى الشعبي والرسمي.

وفي قصة هذه الصورة يشير المخرق إلى أنه سعى في حينها للتعرّف على السيد محمد جعفر الغريفي، وضرب له موعداً لالتقاط صور للسيد وكان الموعد، وكانت هذه الصورة هي البداية، في علاقة المصور المخرق بالسيد الغريفي رحمه الله، وتواصلت اللقاءات والصور مع كل مناسبة اجتماعية أو دينية.

المصور أحد الضيوف

هكذا بدأت تتابع الصور التي راح المخرق يلتقطها للغريفي صورة بعد صورة، وحدثاً بعد حدث، فكان كلما زار الغريفي أحد الأعلام من الشخصيات المهمة من البحرين أو خارجها عد المخرق نفسه ضيفاً آخر يتسع له ضوء المجلس، فتراه وقد أعد عدته وحمل كاميرته وراح ينثر الأضواء هنا وهناك، في هذه الزاوية أو تلك؛ ليخرج بالصورة التي يريد، ولم يكن تنقصه الجرأة ولا الشجاعة رغم هيبة العلم، أو رسمية بعض الوفود والشخصيات، فليس غريباً على المخرق أن تراه بغمزة من عين أو إشارة من يد وفي سرعة خاطفة وبتظارف لبق يطلب من الضيوف بين اللقطة والأخرى، الالتفات إلى عدسته، مرة إلى هذه الجهة، وأخرى إلى تلك الجهة؛ ليقتنص ما يريد من اللحظات التي تخيَّلها في شيء من شجاعة المصوِّر والتظارف من المصوَّر.

وظائف الصورة

للصورة ألق لا يكف عن الحضور، في كل مناسبة، وكل سانحة من فرح أو حزن. الصورة دائماً ما تستطيع أن تتمثل مستهلكيها في علاقة تبادلية مستمرة بينها وبينهم، ففي الوقت الذي تكون الصورة متألقة، يكون أصحابها متألقين والعكس كذلك، وخصوصاً بعد أن فارق المجتمع التعامل السلبي مع الصورة الذي يشي بالكثير من التبخيس، إلى تعامل مفتتن بها يعلقها في كل مكان ويوظفها في كل مجال، وها هي المؤسسات المختلفة في المجتمع بدأت تضع الصورة على أجندتها لتجني خيراتها الزاخرة.

ونحن أمام مصور للبورتريه كالمخرق ندرك ما كان يفعله في حينها فهو يلتقط الصورة وتذيع وتنتشر وتصبح خبراً بذاتها، وتؤكد الحدث وتوثقه، وتجعلنا نقبض على الزمن واللحظات القاسية أو الجميلة التي عشناها، أو نود مشاركتها مع الآخرين، وخصوصاً إذا ما توفر للصورة التمكن من شروط الجودة والجمالية والقدرة على الإبلاغ وتمثيل مستهلكيها خير تمثيل.

ومع صور لشخصية دينية فإن الصورة تحمل مجموعة من الوظائف منها التعبير عن الهوية الدينية، والتعبير عن الانتماء والولاء، والتعبير عن الحضور الاجتماعي، والرعاية الأبوية لهم حيث تعلّق صور علماء الدين التي التقطها مصور البورتريه على جدران المؤسسات الدينية أو في المجالس الخاصة أو تتداول بين الناس في المناسبات الدينية بين فترة وأخرى.

وفي الوقت الذي كانت الناس في البداية تتعاطى مع هذا الفعل في شيء من التلقائية والتبسّط في حينها، فإن هذا الفعل بالإضافة إلى أنه يؤكد على العاطفة الدينية عند المريدين، فإنه كذلك يعزز وظيفة هذه الفئة في المجتمع ويؤكدها ويمررها بين الناس، وذلك بما تحمله الصورة من رصد، لطبيعة لعلاقات الدينية في المجتمع، وتعزيز منزلتهم وحضورهم الاجتماعي برصد تواصل الناس معهم من رسميين وشعبيين بما يؤكد المزيد من الحضور والفاعلية في أداء الوظيفة الدينية والاجتماعية، فالصورة تقول الكثير وتقدم الكثير.

ولذلك فإن مجموعة الصور الملتقطة من قبل المخرق والمختارة للكتاب تعكس طبيعة تعامل المجتمع مع هذه الشخصيات، بما يعزز الوظيفية الدينية لهم، وتتأكد بذلك الصورة الذهنية التي يصنعها كلا الطرفين، بما يعزز مكانتهم من حيث التبجيل والتقدير والاحترام.

العدد 4081 - الجمعة 08 نوفمبر 2013م الموافق 04 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:45 ص

      إنجاز مبدع

      ليس بغريب هذا الإنجاز الفني الثقافي الرائع من صاحب البصمات الفنية الأخ والعزيز الحبيب المصور الإعلامي محمد المخرق (أبو سلمان)، وإن إختياره لهذه الشخصية العلمائية البارزة المغفور له بإذن لله تعالى سماحة العلامة السيد علوي بن السيد احمد الغريفي إلا تأكيداً على روح العلاقة الوطيدة التي تربط الفقيد بالفنان وعلاقته المتميزة مع كل علماء البحرين الأفاضل، والخارج بشكل خاص.
      أبا سلمان ... واصل إثراء الساحة الثقافية ببصماتك الفنية ونحن معك من المشجعين الداعمين.
      الداعي لك بالتوفيق
      تلميذك الصغير/ أبو ميثم

اقرأ ايضاً