تطوُّر لافت قد يحصل في علاقة إيران بالغرب. وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال الثلثاء الماضي، وخلال مؤتمر صحافي في أنقرة، أنه «من المحتمل التوصل هذا الأسبوع إلى اتفاق إطار مع القوى العالمية بشأن برنامج طهران النووي، رغم أنها لن تكون كارثة إذا حدث تأجيلٌ جديد».
إن حصل ذلك الاتفاق، فهذا يعني أن طهران ستُغلِق ملفاً مُكلفاً لها سياسياً واقتصادياً، كان سبباً في أن يُصدر مجلس الأمن بحقها خمسة قرارات دولية، بدءًا من العام 2006 ولغاية العام 2010، فضلاً عن القرارات المنفردة، التي فرضتها عليها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كان آخرها «الأشد» في مارس/ آذار الماضي، والذي حَرَمَ إيران من بيع مخزونها النفطي ومن حركة أموالها.
وإن لم يحصل مثل ذلك الاتفاق، فهذا يعني أيضاً، أن طهران والغرب، ضَيَّقا من هُوَّة الخلاف بينهما، ووصلا إلى نقطة قريبة جداً، مَنَعَ من ردمها ما يُمكن أن يُعالَج بالمزيد من المباحثات، أو الضغط بالعقوبات (من جانب الغرب) أو الضغط بالملفات الإقليمية (من جانب طهران). وفي المحصلة، مستوى متفق عليه بين الجانبين طبقاً لحجم الألم المتبادل والصبر عليه من عدمه.
ما يهم هنا، هو الإشارة إلى أن الملف النووي الإيراني الذي مضى على تفجُّره أحدَ عشرَ عاماً، كثيراً ما يُغرقنا في تفاصيله ولحظته، إلى الحدِّ الذي يجعلنا غير قادرين على فهم أسبابه الحقيقية، وتداعياته فضلاً عن إرهاصاته، والأهم من ذلك كنهه وأهم زواياه الحقيقية بعد كل هذه السنين من الشد والجذب. لذا، فإنني أشير إلى عدد من الملاحظات التالية:
أولاً: صحيح أن الملف النووي الإيراني كان قد بدأ تدويله في الشهرين الأخيرين من العام 2002، إلاَّ أن ذلك لا يعني أن إيران «الثورة» لم تبدأ برنامجها النووي (فعلياً) في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، عندما استبدلت مجمَّع إصفهان بمركز أبحاث أميرآباد النووي، والعمل منذ تلك الفترة على تقنية الإيزوتوب الليزري ومفاعل الماء الثقيل.
وعندما نؤكد على ذلك، في لحظة كانت إيران خلالها تخوض حرباً شرسة مع العراق، وبموازنات مالية «حَجَرِيَّة» فإن ذلك يعني، أنها لم تبدأ مشروعاً نووياً بمليارات الدولارات، وبكلفة سياسية وزمنية باهظة الثمن، زادت عن العشرة أعوام، لكي تنهيه بسهولة، بل لكي تُبقِي عليه، لفرض معادلات طاقة ونفوذ جديدة.
ثانياً: يُمكن للإيرانيين أن يتحدثوا عن عدم سعيهم لامتلاك سلاح نووي، لكن منطق الصراع الذي يخوضونه لا يساعد على جعل تلك الفكرة واقعية بما فيه الكفاية، مع وجود ثلاث دول محيطة بها (أو قريبة منها) تمتلك سلاحاً نووياً: باكستان، الهند و»إسرائيل». لذلك، وَجَبَ على المجتمع الدولي، أن يبعد هذه المنطقة عن سياسة الأوزان غير المتكافئة، أو مُحفِّزات الاحتراب والتأهُّب.
فعلى رغم وجود معاهدتَيْ إن بي تي للعام 1968، وسي تي بي تي للعام 1971، وقرار الأمم المتحدة رقم 687 القاضي بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة غير التقليدية، إلاَّ أن ذلك لا يعني التزاماً مُبرماً بتلك الاتفاقيات، ما دامت دول عديدة، تنتمي للنادي النووي خارج الموقعين عليها.
ثالثاً: خلال كل هذا المشوار التفاوضي، الذي انتقلت فيه إيران، من فرض سقف متدنٍ لا يسمح بتشغيل ست أجهزة طرد مركزي، إلى سقف أعلى، يفرض تشغيل آلاف من أجهزة الطرد المركزي، يعطينا مجالاً للتساؤل حول المدى الذي يمكن أن يتوصل إليه الطرفان، بعد أعوام من الضرب على حزام التفاوض المحموم.
فخلال السنوات الأولى للتفاوض، وبالتحديد خلال اتفاق باريس أخرجت إيران مفاعل بوشهر النووي، واحتفظت بإنتاج الـ يو إف 4 الخاص بتوليد اليورانيوم، من خلال الكعكة الصفراء، مروراً بإنتاج الـ يو إف 6 لتمريره في أجهزة الطرد المركزي، وبالتالي، نحن نتساءل اليوم عن أي مستوى من «القبول النووي» الذي سيمنحه الغرب لها، إذا ما توصَّل معها إلى اتفاق.
رابعاً: لم يكن الملف النووي الإيراني مفصولاً لا سياسياً ولا قانونياً عن محيط دولي ممتد يبدأ من آسيا وإفريقيا ويمر عبر أوروبا وانتهاءً بأميركا اللاتينية. حيث لا يمكن فصله عن الأرجنتين (بعد بيعها دي أكسيد اليورانيوم لطهران) ولا عن الصين (بعد بنائها مفاعل بحثي في طهران وتزويدها بجهاز إلكترومغناطيسي لفصل الإيزوتوب) كما ذكرت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكذلك ألمانيا (بتقديمها تكنولوجيا استخدام البلوتونيوم ويورانيوم مخصب) وإسبانيا (بعد الاتفاق مع شركة آدولفوجارسيا رودريجوئيز لإكمال مفاعلات نووية إيرانية) فضلاً عن مساعدة فرنسا (في مفاعل أصفهان) وجنوب إفريقيا، ولاحقاً روسيا، بدءًا من العام 1992 ولغاية الساعة.
وهي كلها أطراف أساسية، ومعنية بالملف النووي الإيراني، قانونياً وسياسياً وفق الاتفاقيات الموقعة. وربما دخول الصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وجنوب إفريقيا (بالتحديد) كأطراف رئيسية في هذه المفاوضات الدولية، دليل على صلتها بذلك الملف أكثر من غيرها.
في المحصلة، فإن الذي يبدو أن الإيرانيين حلحلوا موقفهم من مسألة التخصيب وفق النسب المختَلَف عليها، والغربيون منحوهم مُحفزات جراء ذلك. لكن الأكيد أن شروط التخصيب اليوم تختلف عن شروط العام 2003، لكنها أيضاً لا تتجاوز مستويات ما وصلت إليه إيران في الشهرين الماضيين. وبالتالي، فإن الذي يظهر هو أن الجسم النووي الإيراني باقٍ مع تكيُّف في آليات تشغيله ومآلاته. لذا، فهي فرملة أزيد منها قلع عجلات على الأقل لغاية هذه اللحظة.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4081 - الجمعة 08 نوفمبر 2013م الموافق 04 محرم 1435هـ
اسرائيل هي العثرة
مهما بلغت المفاوضات الجارية الآن بين ايران و الدول 5+1 الى تقدم فإن هذه الدول لاتملك قرارها بنفسها وانما قرارها مع الاسف الشديد تأخذها من ارضاء اسرائيل فنلاحظ بأن المسؤولين الصهاينة لازالوا يعبرون عن رفضهم الى اي اتفاق يحصل بين الجانبين الايراني و 5+1 و هذا ماعبر عنه رئيس الوزراء الاسرائيلي و الذي قال بأن هذا الاتفاق هو سيء جدا فلذلك لم و لن تنجح هذه المفاوضات مادامت اسرائيل تقف حجر عثرة
علي نور
"منطق الصراع الذي يخوضونه لا يساعد على جعل تلك الفكرة واقعية بما فيه الكفاية",وكانك تريد ان تقول ان ايران تسعى للحصول على سلاح نووي .. وهذا يتماهى مع مع تدندن عليه اسرائيل ليل نهار ..وهو ما تنقضه الشواهد .. ايران في بعده الاستراتيجي تستند على دعم شعبي داخلي وتاييد شعبي خارجي يوفر في يدها اقوى سلاح لمجابها السرائيل وليست يحاجة الى سلاح نووي .. فضلا عن ان كل اسمؤؤلين الايرانيين (بح ) صوتهم وهم يرددون ان لا حاجة ولا نية ابدا لامتلاج سلاح نووي لكن اسرائيل لا تريد ان تسمع
رد
السياسة بدون كذب ولا مراوغة ولا سلاح يدعمها ليست سياسة بل جلسة دراويش وصوفية
تمديد فترة التفاوض
الاخبار تقول أن المفاوضات تم تمديدها إلى يوم إضافي
الشعب
العالم كله يتغير ويتقدم علمياً إلا نحن مكانك قف وكله بسبب غياب أو تغييب مشاركة الشعب في الحكم
أخيرا..رفعت إيران الراية البيضاء..لاشك ان العقوبات الاقتصادية قد خنقت إيران مما دفعها الي تقديم الكثير من التنازلات
بدء من منع اتباع الرئيس نجادي من الترشيح للانتخابات وانتهاء بفوز روحاني الاصلاحي والتغيير الكامل في الفريق المكلف ببرنامج طهران النووي. يبدو ان سياسة اوباما في دفع قطار العقوبات خصوصا عزل البنوك الايرانية من التعامل في القطاع المالي العالمي ومن الشبكات ذات العلاقة بالتجارة الدولية الحديثة مثل بيع النفط قال أوباما في مقابلة مع BCN المفاوضات في جنيف ليست حول تخفيف العقوبات إن المفاوضات تجري هي حول كيفية ان تبدأ إيران الوفاء بالتزاماتها الدولية وتقديم ضمانات ليس فقط بالنسبة لنا ولكن للعالم أجمع
زين ليش اسرائيل معترضة على الاتفاق يالنسيب
زين ليش اسرائيل معترضة على الاتفاق يالنسيب
لله دركم
ستة دول عظمى وبأبرع سياسييها ياتون ليتفاوضوا مع دولة يقولون انها من العالم الثالث!!!!! فلنتفكر
سلمت
مقال يستحق القراءة
تحية لك
مقال غني بالمعلومات أستاذ محمد أشكرك على كل هذا الجهد والبحث الذي تفيد به قراءك