العدد 4081 - الجمعة 08 نوفمبر 2013م الموافق 04 محرم 1435هـ

قاسم: لا صدق لأي إصلاح بغير الإصلاح السياسي

نبّه إلى أن عاشوراء ليست لإحياء الحروب الطائفية أو التوترات المذهبية

الشيخ عيسى قاسم
الشيخ عيسى قاسم

شدد خطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم، في خطبته أمس الجمعة (8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013)، على أن «مصلحة الجميع في إصلاح شامل كامل، أوله الإصلاح السياسي القائم على أساس دستوري ‏صحيح واضح ثابت وينال التنفيذ بحق وجِدٍّ واستمرار وصدق، وهذه الأولية أولية رُتبية بمعنى أنه ‏لا صدق لأي إصلاح بغير الإصلاح السياسي».‏

وفي حديثه عن موسم عاشوراء، نبه قاسم إلى أن «عاشوراء وإحياء عاشوراء، لا لإحياء الحروب ‏الطائفية ولا التوترات المذهبية، ولا للسب والشتم المذهبي، ولا للتكفير، ولا للفرقة بين المسلمين، ‏ونرى أن عاشوراء ليست للشيعة وحدهم وإنما هي لكل المسلمين».

وتحت عنوان «البحرين والثورات العربية»، قال قاسم:‏ «إن الثورة في تونس ثورة شعبٍ على ديكتاتورية حكم، وقد أسقطت نظام زين العابدين الذي كان ‏يفرض سيطرته على تونس بقوة السلاح والمخابرات، والبحرين ممن باركت للثورة بعد نجاحها، وعندما أطاحت الثورة بنظام الحكم الطاغوتي الذي كان ‏يرأسه محمد حسني مبارك جارت البحرين الوضع الجديد تمشياً مع الواقع واحتراماً أياً كان ‏منطلقه لإرادة الشعب، وبعد التغيير الأخير أكثرت بلدان الخليج تأييدها ومناصرتها بما في ذلك ‏البحرين لما تمّ من تغيير على أنه تغيير قد شاركت فيه إرادة شعبية بالقدر المعلوم وأن التغيير إنما ‏يرفع شعار الديمقراطية والاحتكام إلى إرادة الشعب وأن الخلفية له رفض الديكتاتورية والتفرّد ‏بالحكم من الفرد أو الحزب الواحد. التغيير الأخير هذا شعاره، وحكومات الخليج كلها تقف معه، وفي سورية تقف البحرين بصراحة مع القوة المناهضة لحكم بشار الأسد، على أساس أنها تطالب ‏الانعتاق والحرية والتخلّص من حكم استبدادي يقوم على التمييز وقهر الشعب، وفي اليمن تدخلت البحرين في من تدخل لإحداث درجة من التغيير كان من نتائجها إزاحة علي ‏صالح من موقع الحكم، والاقتراب من صيغة الحكم إلى النظام المعتمد بصورة وأخرى على إرادة ‏الشعب فيما خُطط أن ينتهي له التغيير من الرجوع إلى انتخاب رئيس الجمهورية،‏ هذا هو موقف السلطة في البحرين من ثورات الساحة العربية على عددٍ من أنظمة الحكم ‏الديكتاتورية المتسلطة فيها، طلباً للديمقراطية واحترام إرادة الشعوب».‏

وأضاف «الثورات كانت من أجل هذا، وهذا موقف البحرين من ثوراتٍ استهدفت أن تنال الديمقراطية وأن ‏تتحرر الشعوب، فكيف هو موقفها من الحراك الشعبي السلمي في البحرين المطالب بالإصلاح ‏بسقفه المعلن المعروف المكشوف؟ وهو سقفٌ دون السقوف التي وصلت إليها بعض الثورات ‏العربية وأصرّت عليها».

وذكر قاسم أن «الواضح جداً أن قضية الاستمرار في التحقيقات للمعارضين السلميين، والاستدعاءات والمحاكمات ‏والملاحقات، والسحب للجنسية من عددٍ من المواطنين والعقوبات الجماعية، والانتهاكات العامة، ‏وهدم المساجد، والقتل تحت التعذيب إلى آخر القائمة الطويلة من التنكيل بالحركة ‏السلمية وقادتها وجمهورها ومناصريها إنما تستهدف المنع باستعمال أساليب القوة من إبداء الرأي ‏المعارض والنطق بكلمة الحق ونقد السلطة والمطالبة بالحقوق، وتستهدف تركيع الشعب بصورة ‏كاملة ودائمة وألا يرتفع صوتٌ للحرية والديمقراطية في البحرين».

ونبه إلى أن «هذا الأسلوب الذي تنتهجه السلطة، وتُصرُّ على الاستمرار في التمسك به في قبال ‏المعارضة السلمية، لا يلتقي مع دين ولا دستور ولا خلق إنساني أو عرف حضاري، ولا يلتقي مع ‏موقفها في شيء من الثورات العربية الأخرى، وهو ضد المصلحة الوطنية بكل وضوح، هذا الأسلوب غير صحيح بلحاظ الطابع السلمي ‏للحراك الإصلاحي، وحقانية المطالب الإصلاحية التي يحتضنها، وقد أثبت فشله منذ بداية الحراك ‏حتى الآن، على رغم الخسائر والفوادح الكبرى التي ألحقها بالشعب، فينبغي ألا يبقى أمل للسلطة في ‏إسكات صوت الحرية والتراجع عن المطالب الحقة وإدخال الشعور بالانهزام عند الشعب».‏

وتابع قاسم «أنت ترى أنه ما من رمزٍ من رموز المعارضة ممن عانى عذاب السجون الطويلة أو خضع ‏للتحقيقات المطوّلة والمتكررة أو جُرجِر للمحاكمات أو وقع في ظرف من ظروف الموت تحت ‏التعذيب، أو هدد أو توعد قد نال ذلك من إيمانه بقضيته وسلامة موقفه وحق الشعب في الحرية ‏والتمتع بحقوق المواطنة شيئاً. وما من واحد من أولئك تردد في ثباته على طريق المطالبة ‏والإصلاح ورفع صوته بكلمة الحق، وهذا الصمود والصلابة هو ما عليه كذلك شباب السجون ‏داخل السجن وخارجه وشباب الساحات والمسيرات والمظاهرات والاعتصامات».‏

وأكد أن «استمرار الرموز والشارع على الدرجة العالية من الثبات والصمود برغم كل الإجراءات ‏المشددة، والتي لا تتوقف وتزداد تصاعداً، يعني تماماً أنه لم يبقَ تفسيرٌ لإصرار السلطة ‏على السياسة المعتمدة على التنكيل المفتوح بالمعارضة، أي تفسير مقبول يتصل بإنهاء ‏الحراك بالقهر، وزرع روح اليأس والانهزام في نفوس أبناء الشعب إلا ما يمثله من تنفيس خاطئ ‏عمّا في الصدر مما لا يليق كما يذهب لذلك محللون».‏

وشدد على أن «مصلحة الجميع في إصلاح شامل كامل أوله الإصلاح السياسي القائم على أساس دستوري ‏صحيح واضح ثابت وينال التنفيذ بحق وَجِدٍّ واستمرارٍ وصدق، وهذه الأولية أولية رُتبية بمعنى أنه ‏لا صدق لأي إصلاح بغير الإصلاح السياسي، وليست أولية زمانية بمعنى أن يفرغ أولاً من ‏الإصلاح السياسي ليُنتظر من بعد زمنٍ مجيء الإصلاح في الجهات الأخرى، وكل أبعاد الإصلاح ‏ضرورية وعاجلة، فإن كل أبعاد الإصلاح ضرورية وعاجلة ولا يصح أن يؤجل منها شيء».‏

ولفت قاسم إلى أن «ما ذكر عن تطلّع البحرين بأن يسفر مؤتمر جنيف الثاني الخاص بسورية عن نتائج منشودة تحقق ‏للشعب السوري الشقيق تطلعاته وآماله في إرساء الديمقراطية والتعددية السياسية ويجنّبه ‏الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي يتعرّض لها، هو ما يؤيده كل التأييد وهو عين ما يتطلّع له ‏شعب البحرين من السلطة الحاكمة لها، وإذا كان هذا من الخير الذي تحبه السلطة في البحرين للشعب السوري الشقيق فلابد أن تحبه ‏لشعبها، وتبادر به، وإذا كانت لا تستطيع أن تحقق هذا للشعب السوري الشقيق فهي قادرة على ‏تحقيقه لشعبها اليوم قبل الغد القريب».‏ من جهة أخرى، تساءل قاسم «ما هو ضرر علم أسود مكتوبٌ عليه «السلام على الحسين» ينصب ‏في شارع فرعي أو حتى في شارع رئيس، يُعلّق على منزل في قرية أو مدينة، ما الذي يهدد ‏السياسة من هذا العلم؟ ومن هذا السلام؟ وماذا يعني من تحدٍّ سافر لها؟ وما الذي يخاف عليها منه؟ ‏أشيء من ذلك؟ وهل يُسقط هذا العلم النظام؟ يقلب الأوضاع؟ يغيّر الحكومة؟ يستبدل واقعاً سياسياً ‏بواقع آخر مضاد؟ لما هذه المعاداة؟ لما هذه الحرب؟ لما هذا الاستفزاز كل عام؟ لما الشحن لهذا ‏الموسم بالتوتر منذ البداية؟ كل هذا حتى لا تهدأ الأجواء ولو بعض الشيء؟ ولا يكون إصلاح على ‏الإطلاق؟ نتمنى ألا يكون الأمر معاداة للحسين عليه السلام ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله بالذات، ‏ولكن كيف يفهم الناس غير ذلك؟ وغير سد الأبواب عن الإصلاح؟ ولنا بيان واضح فيما يخص ‏قضية عاشوراء وإحياءها على يد المؤمنين، عاشوراء وإحياء عاشوراء لا لإحياء الحروب ‏الطائفية ولا التوترات المذهبية، ولا للسب والشتم المذهبي، ولا للتكفير، ولا للفرقة بين المسلمين، ‏ونرى أن عاشوراء ليست للشيعة وحدهم وإنما هي لكل المسلمين».‏

وشدد قاشم على أن «إحياء عاشوراء ليس لإحداث أخطارٍ مرورية تذهب من أجلها نفس حيوانٍ فضلاً عن نفس إنسان، ‏ولا للعشوائية التي تشلّ حركة الناس وتحدث مفاجئات مهلكة، ولا للتشويش على رؤية سواق ‏المركبات المختلفة، وعلى السلطة بخصوص هذا الشأن أن تقوم بتنظيم الحركة المرورية بما لا يسبب شل حركة ‏الناس أو يسبب اختناقات للمواكب الحسينية ويستهدف حشرها في الأزقة الضيقة والزوايا المهملة ‏المنسية في العاصمة وغيرها».‏

وتطرق قاسم في خطبته عن إحياء موسم عاشوراء، وبدء الحديث متسائلاً: «لماذا إحياء ذكرى عاشوراء؟ ولماذا كل هذا البذل الكثير للمال في سبيله؟ والجهود المكثفة والحالة ‏الطارئة في حياة الأمة كل عام؟ والتظاهرة العامة الكبرى التي تشمل الرجال والنساء والكبار ‏والصغار وتغطي ساعات الليل والنهار ولمدة عشرة أيام متواصلة ولأكثر من عشرة أيام، لماذا هذا كله؟».

وأجاب «لأن ثورة الإمام الحسين عليه السلام أعادت للأمة الحياة، أعادت للدين الحياة، ‏وكشفت بشكلٍ جلي عن عملية التزوير التي استهدفت فروع الدين وأصوله وكل أسسه، وعرّت ‏الجاهلية الجهلاء التي اختلطت به وأذهبت جماله، وكان لها ذلك بأنها ثورة إسلامية بحقٍ وصدقٍ ‏ودقة، وكل أركان إسلاميتها الصادقة تامة مكتملة حيث القيادة والطرح والأنصار والأمانة البالغة ‏في التقيّد الشرعي والأخلاقية القرآنية الرائعة وطُهر القصد وخلوص النية لله سبحانه وروح الفداء ‏والتضحية في أعلى درجة لها في سبيله تبارك وتعالى والتي قلّ لها النظير».‏

وقال قاسم: «في إحياء ذكرى عاشوراء إحياءٌ للأمة وأجيالها، وشدٌ لها للغاية، ووضعها على الطريق، والإحياء من أجل تقديم إسلام الحسين عليه السلام للأمة، وهو الإسلام الذي لا ينبغي لمسلمٍ أن ‏يشك فيه، والإحياء من أجل ألا يمرر على الأمة المسلمة ألف تزوير وتزوير للإسلام من جديد، وعاشوراء من أجل أن يرفع من مستوى فكرنا ووعينا فنقرب شيئاً ما من الفكر العملاق للإمام ‏الحسين عليه السلام. كلنا بعيدون عن الإمام عليه السلام ما بعُد فكرنا عن فكره، روحنا عن ‏روحه، شخصيتنا عن شخصيته، فحتى نقترب لابد أن نرفع من مستوى فكرنا ليقرب ولو شيئاً ما ‏من فكره، وعاشوراء من أجل أن يرفع من مستوى فكرنا ووعينا فنقرب شيئاً ما من الفكر العملاق للإمام ‏الحسين عليه السلام، وأن نستضيء روحياً من أنوار روحه وهداه فتشفّ حياتنا بدرجة وينتهض ‏إيماننا فنقوى، وتتصلب إرادتنا في الخير فنندفع على طريقه، وتشتد عزائمنا فنكون قادرين على ‏المقاومة، ونتعلم على يده من خلوص القصد لله سبحانه واسترخاص التضحية في سبيله ما تعز به ‏حياتنا وتكرُم اليوم في الدنيا وغداً في الآخرة».‏

وأشار إلى أن «موسم عاشوراء وإحياءه وكل البذل والجهد المكثف فيه، والإصرار عليه وبذل النفس وكل نفيس ‏من أجله للنظافة، نظافة العقول من الشبهة، والقلوب من تأثير الجاهليات، والنفوس من غلبة ‏الهوى والدنيا، والعلاقات من غشّها، والحكومات من ظلمها، وأوضاع السياسة والاجتماع ‏والاقتصاد من فسادها، والأرض كل الأرض من رجسها حتى تشرق بنور ربها، هذا ما هو من ‏أجله إحياء عاشوراء، وهو للتعاون والوحدة، التعاون في سبيل الخير وإشاعة المعروف والقضاء على المنكر، والوحدة ‏بالاعتصام بحبل الله، وقطع الصلة بأي حبلٍ آخر هالكٍ مهلك، آخذٍ بأهله إلى النار، وكل حبلٍ وكل ‏سبيلٍ بايَنَ حبل الله وسبيله فمنتهى أهله النار. فلا وحدة على طريق النار، إنما الوحدة المطلوبة ما ‏تكون وحدة على طريق الجنة، والحسين عليه السلام هادٍ لهذه الوحدة، وكذلك هو للتلاحم والتراحم، التراحم الذي يبدأ أول ما يبدأ بين المؤمن وأخيه المؤمن، والمسلم ‏وأخيه المسلم، ثم يعمّ كل مستضعفٍ وضعيف، وكل كبدٍ حرّى، والتلاحم في موقفٍ صلبٍ وثابتٍ ‏في وجه الشرور والبغي والظلم ولنصرة الحق والعدل والدين».‏

العدد 4081 - الجمعة 08 نوفمبر 2013م الموافق 04 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 5:15 ص

      {{{ كلمة حق }}}

      بارك الله فيك يا الشيخ عيسى ولكن شد انتباهي كلمة واحده ولا اعتقد انك تفصدها عندما تقول سلمي ...
      وأضاف «الثورات كانت من أجل هذا، وهذا موقف البحرين من ثوراتٍ استهدفت أن تنال الديمقراطية وأن ‏تتحرر الشعوب، فكيف هو موقفها من الحراك الشعبي السلمي في البحرين المطالب بالإصلاح ‏بسقفه المعلن المعروف المكشوف؟ وهو سقفٌ دون السقوف التي وصلت إليها بعض الثورات ‏العربية وأصرّت عليها»
      وشكراااا

    • زائر 10 | 4:32 ص

      هكذا يكون طرح من شرب من نبع رسول الله (ص)

      لا عذب الله أمي إنها شربت ـــ ـــ حب الوصي وغـذتـنيه بالبنِ وكان لي والد يهوى أبا حسنِ ـــ ـــ فصرت من ذي وذا أهوى أبا حسنِ

    • زائر 9 | 3:19 ص

      حفظك الله

      كلام من ذهب سيدي ابا سامي كم لنا ان نفخر ان في البحرين مثلك

    • زائر 8 | 2:58 ص

      أحسنت شيخنا

      بارك الله فيك وكلام لا استطيع التعليق عليه كلام صحيح وصادق وشكرا لكم

    • زائر 5 | 1:49 ص

      الله يحفظه

      الله يحفظك ويحميك يا شيخ عيسى قاسم يا صمام الأمان في البحرين

    • زائر 7 زائر 5 | 2:50 ص

      ولد الرفاع

      اي صمام الامان شنو تقصد

اقرأ ايضاً