العدد 4077 - الإثنين 04 نوفمبر 2013م الموافق 30 ذي الحجة 1434هـ

تأجيل قضية متهمَيْن بالتجمهر في السنابس إلى 7 نوفمبر

المنطقة الدبلوماسية - علي طريف 

04 نوفمبر 2013

قررت المحكمة الصغرى الجنائية الرابعة برئاسة القاضي حمد السويدي، وأمانة سر ناصر الحايكي، إرجاء قضية متهمَيْن بالتجمهر والشغب في السنابس لجلب المتهمَين من محبسهما، وذلك حتى (7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013).

وقد أسندت النيابة العامة إلى المتهمَيْن أنهما في (19 أبريل/ نيسان 2013) اشتركا مع آخرين مجهولين في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه الإخلال بالأمن العام، مستخدمين في ذلك العنف لتحقيق الغاية التي اجتمعوا من أجلها، وذلك على النحو المبيّن بأوراق الدعوى.

وقد مثل المتهمان وأنكرا ما نسب إليهما أمام المحكمة، فيما تقدمت المحاميتان الحاضرتان بمرافعة طلبتا في نهايتها براءة موكلَيهما

وحضرت المحامية زينب عبدالعزيز التي تقدمت بمرافعة دفاعية طلبت في نهايتها ببراءة موكلَيها

وقد دفعت ببطلان اعترافات المتهم كونها صادرة تحت وطأة التعذيب، ووليدة إجراءات القبض الباطلة، ولمخالفتها للحقيقة والواقع.

وقالت إن الاعتراف سلوك إنساني، والقاعدة أنه لا يعتبر سلوكاً إلا ما كان يجد مصدراً في الإرادة، فلا عبرة بالاعتراف -ولو كان صادقاً - إذا جاء نتيجة إكراه مادي أو معنوي مهما يكن قدره أو كان نتيجة وعد أو إغراء؛ لأنه يُعّد قرين الإكراه والتهديد، وله تأثيره على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار والاعتراف، ويؤدي إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنّب ضرراً.

ويتفق ما سبق مع التعريف الوارد في المرسوم بقانون رقم (4) لسنة 1998 بالانضمام إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدّة في (10 ديسمبر/ كانون الأول 1984)، حيث جاء في المادة (1) من الاتفاقية سالفة الذكر أنه:

«لأغراض هذه الاتفاقية يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديّاً كان أم عقليّاً يلحق عمداً بشخص مَّا بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيّاً يكن نوعه أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية، ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات، أو الذي يكون نتيجة عرضية لها» .

وأضافت أن المتهم قرر في شكوى تعذيب قُدمّت إلى النيابة العامة أنه تعرض للتعذيب النفسي والمعاملة الحاطة بالكرامة أثناء سؤاله من قِبل الإدارة العامة للتحقيقات الجنائية ثم أُجبِرَ على الإدلاء بأقواله عند التحقيق معه بمعيّة النيابة العامة من خلال تهديده لفظيّاً.

ما سبق لا يمكن أن يتسّق مع المفهوم القانوني للاعتراف كونه: «عملاً إراديّاً ينسب به المتهم إلى نفسه ارتكاب وقائع معينة تتكوّن به الجريمة»، فالتوقيع على إقرار تحت ظل التهديد والترهيب والخشية من ملاقاة المزيد من الاعتداء لا يمكن أن يوصَف بالعمل الإرادي.

كما دفعت عبدالعزيز ببطلان اعتراف المتهم لمخالفته للحقيقة، إذ بيَّنت أن من المقرّر أنه لتقدير قيمة الاعتراف كدليل في الإثبات فإنه لا يكفي توافر أركانه وشروط صحته، بل يلزم بالإضافة إلى ذلك أن يتحقّق القاضي من صدقه ومطابقته للحقيقة بمراعاة الانسجام بينه وبين الأدلة الأخرى في الدعوى، وما يقتضيه العقل والمنطق إعمالاً لمبدأ «تساند الأدلة الجنائية».

كما دفعت عبدالعزيز ببطلان محاضر جمع الاستدلالات والتحريات والصحة لما كان من المقرر قانوناً وفقهاً وقضاءً أنه لا يجوز الاستناد في الإدانة إلى محاضر جمع الاستدلالات والتحريات التي تُعّد بناءً على معلومات تفيد بها المصادر السرية، ولا تصلح هذه المحاضر إلا لمراحل تحضير التهمة وصولاً إلى تعزيز ما تنتهي إليه التحريات بأدلة أخرى.

وبينت «إنْ بنى القضاء قناعته استناداً إلى ما ورد من أقوال المصادر السرية في محاضر الاستدلال لوحدها فإن حكمه يكون معيباً، إلا إذا قررت سلطة الاتهام تقديم المصدر السري الذي اتصلّت بإحدى حواسه الخمس وقائع القضية أو جانب منها كشاهد في الدعوى كدليل مستقل عن محاضر جمع الاستدلالات والتحريات».

وخلصت مما سبق إلى أن «الملازم لم يتوصّل بشخصه لهوية المتهمّين محل المحاكمة، ولم يكن يميّز أشخاص المرتكبين للفعل المادي المكون للجرائم محل الاتهام، بل زعم أنه توصّل لاحقاً إلى المتهمين من خلال مصادره السرية التي لا يُعلم طبيعتها ولا مدى مصداقيتها وجديتها، ولن تُمكّن المحكمة من الوقوف على أقوالهم بنفسها، الأمر الذي لا يصّح معه الاستناد إلى ما ورد في محاضر الاستدلال كأساس للإدانة»

كما دفعت عبدالعزيز بشيوع الاتهام، كما تنّص المادة (20/ب) من الدستور البحريني «العقوبة شخصية».

وذكرت أنه إعمالاً لهذا المبدأ الذي يقتضي ألا يعاقب شخص إلا لجريمة ارتكبها أو ساهم فيها فإنه يشترط في التهمة التي تتناول أكثر من شخص بالإدانة أن تحدّد بشكلٍ مفصّل الفعل الجرمي الذي صدر من كل متهم على حدة، بحيث يحاكم كل منهم بقدر ما صدر منه من مخالفة، ويعاقب بموجبها لا بقدر ما تحملّه غيره من وزر.

وأضافت أن الاتهام الموجّه يجب أن يبيّن حقيقة الدور الذي أدّاه المتهم تحديداً بحيث يشكل هذا الدور في عمومه أركان الجريمة، فلا تكون الإدانة مشوبة بإجمال أو إبهام، مما يتعذّر معه نسبة الفعل الجرمي للفاعل.

وبينت أنه «بتطبيق ما سبق على الدعوى محل النظر يتضّح لعدالتكم شيوع التهمة الموجهة إلى موكلّي بين عدد يصل إلى 40 شخصاً، فمن أين استقت سلطة الاتهام اطمئنانها لثبوت التهمة في مواجهة موكلّي؟، ثم إنه من بين مجموعة الأفعال المادية المكونة للجريمة محل الاتهام والتي أوردها محررّو المحاضر من ضمنها (سد الطرقات، الاعتداء على الدوريات الأمنية، الهتافات التحريضية، التجمهر) ما هو الفعل المادي المنسوب إلى موكلّي تحديداً؟، وهل شاهد المصدر السري المتهم وهو تصدر منه هذه الأفعال شخصياً؟، زِدْ على ذلك أن أقوال المصادر السرية ذاتها لم تحدّد الفعل المادي الصادر من كل متهم على حدة، بل أجمعت على أن المتهم الماثل وآخرين اشتركوا في تجمهر واعتداء على الدوريات الأمنية دون تحديد للفعل المادي الصادر منه تحديداً.

وبخصوص الدفع بتخلّف أركان مواد الاتهام أفادت عبدالعزيز بأن النيابة أسندت إلى المتهم جريمة التجمهر والشغب، والواضح لعدالة المحكمة أن التُّهمة محل الرد تتطلب كغيرها من الجرائم توافر أركان الجريمة بنوعها المادي والمعنوي والخاص، لافتة إلى أن جريمة الاشتراك في التجمهر في مكان عام واستخدام العنف لتحقيق الغاية من ذلك والركن المادي فيها فهي الحركات المادية التي يقوم فيها الفاعل، أما الركن المعنوي فهو القصد الجنائي العام المتمثّل في العلم والإرادة، فضلاً عن ضرورة توافر القصد الجنائي الخاص الذي اشترطه المشرّع لتحقّق هذه الجريمة، ويُراد بهذا القصد العلم بالغرض غير المشروع من التجمهر، وفي ذلك قضت محكمة التمييز: «لما كان ذلك، وكانت المادة (178) من قانون العقوبات التي دين الطاعن بموجبها قد نصّت على أنه كل من اشترك في تجمهر... ومن ثم فإن العقاب على التجمهر المنصوص عليه في تلك المادة يتطلّب فوق توافر القصد العام توافر قصد جنائي خاصٍّ، وهو العلم بالغرض غير المشروع من التجمهر (الطعن رقم 144 جنائي لسنة 2011 جلسة 14 فبراير 2011)».

وبينت أنه «لما كان ذلك، ولِما تبيّن من أقوال المتهم أمام عدالتكم فهو منكر لمشاركته في التجمهر، بل لم تكن له نية المشاركة أساساً، وإنمّا صادف وقت خروجه من المنزل مرور المسيرة فكان واقفاً على قرابة من منزله أثناء مرور المسيرة فانتظر إلى حين مرورها ليتمكن من التوجه لسيارته. كما لا يمكن القبول بأي حال من الأحوال بالقول بتوافر الركن المعنوي، فالمتهم لم يبتغِ الإخلال بالأمن العام ولا يعلم بقصد المتجمهرين أو وافقهم عليه، فلا يصّح أن يُحاسب على قصدهم دون غرضه».

وأوضحت أن «مفاد ما سبق، أنه حتى لو صادف مرور المتهم في الطريق ذاته الذي كان يمر فيه المتجمهرون فهذا لا يجعله شريكاً لهم في الجرم؛ لتباين قصدهم عن إرادته وقصده، وبالتالي تفتقر التهمة الموجهّة إلى المتهم إلى أركانها الأساسية مما يحول دون قيامها في مواجهته.

هذا من جانب، ومن جانب آخر؛ فإنّ مناط تحقق جريمة «التجمهر بقصد إحداث الشغب» هو صدور الأمر للمتجمهرين بالتفرّق، فإن لم يتفرقّوا على رغم صدور الأمر بذلك كان لرجل الأمن أن يتخّذ من التدابير لتفريق الذين خالفوا الأمر وليس الأشخاص المتجمهرين ابتداءً، وعلى ذلك نصّت المادة (180) من قانون العقوبات صراحة.

ولفتت إلى أن جميع أوراق الدعوى بما فيها محاضر البلاغات وأقوال المتهمين، والتي لا نسلّم بصحتها، تفيد بأنه كانت هناك مسيرة تمّت المشاركة فيها ثم انفضّت دون تدخل من قبل رجال الأمن.

وبالتالي ولو فرضنا جزافاً مشاركة المتهم في المسيرة فلا يمكن تباعاً اعتبار الأعمال التي صدرت من المتجمهرين أعمال شغب وفقاً للشروط التي جاءت بها المادتان (179) و(180) من قانون العقوبات، بل تُنسَب إليه احتياطياً تهمة التجمهر فقط دون الشغب.

وطلبت عبدالعزيز قبل الفصل في الدعوى ضم شكوى التعذيب، المقدمّة من قبل المتهم باعتباره مجنيّاً عليه في مواجهة رجال الأمن وأعضاء النيابة الذين حققوا معه، إلى ملف الدعوى ووقف النظر في الدعوى إلى حين الفصل فيها لارتباط مآل التحقيق فيها بالحكم الصادر في الدعوى الماثلة، واستجواب المتهم الأول عن مدى مصداقية أقواله فيما يتعلّق بمشاركة المتهم الثاني في الواقعة محل الاتهام، والإفراج عن المتهم إلى حين صدور الحكم في الدعوى الماثلة، وعند الفصل في الدعوى أصليّاً الحكم ببراءة المتهم مما أسند إليه من تهم، واحتياطيّاً استعمال أقصى موجبات الرحمة والرأفة ووقف تنفيذ العقوبة إعمالاً لنص المادة (81) من قانون العقوبات مع الأخذ في الاعتبار كونه العائل الوحيد لأسرته.

العدد 4077 - الإثنين 04 نوفمبر 2013م الموافق 30 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً