العدد 4074 - الجمعة 01 نوفمبر 2013م الموافق 27 ذي الحجة 1434هـ

«ثورة 1911»: دراما تاريخية مهمة... لكن باهتة وسطحية

يروي تفاصيل نهاية امبراطورية عظمى

الوسط - منصورة عبدالأمير 

01 نوفمبر 2013

يبدأ فيلم 1911 الصيني المعروض حاليّاً لدى شركة البحرين للسينما، بمشهد إعدام أول امرأة من ثوار العام 1911 في الصين. الثائرة التي يتم اقتيادها في ساحة عامة فيما هي مكبلة بالسلاسل والحديد، تخبرنا على عجالة وعبر حوارات قصيرة مع بعض المحتشدين في ساحة إعدامها، أنها تضحي بحياتها من أجل مستقبل الأجيال المقبلة.

يجتهد المخرج في ايصال فكرته تلك عبر مشهد أم ترضع صغيرها فيما تجبر على التفرج على مشهد الإعدام، ولعل ذاك هو آخر ما تراه المحكومة بالإعدام، فضلاً عن صورة لابنيها يعرضها الضابط عليها قبل موتها ليخبرها بأن هذين الطفلين سيصبحان يتيمين بعد دقائق. لكن هذه المرأة التي نعلم بعدها أنها أحد ثوار انتفاضة العام 1911 في الصين، تذهب إلى الموت بقلب شجاع، تقدم حياتها ثمناً لحرية شعبها، كما تعبر بكلمات قليلة في هذا المشهد الافتتاحي.

فيلم «1911» الذي يعرف أيضاً باسم «ثورة شينهاي» أو «ثورة 1911» هو فيلم دراما تاريخية صيني، عرض العام 2011 احتفالاً بمرور الذكرى المئة على ثورة شينهاي، كما افتتح الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان طوكيو الدولي للأفلام في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2011.

يتتبع الفيلم الأحداث الرئيسية لثورة شينهاي التي حدثت في الصين العام 1911، ويركز على شخصيات قامت بأدوار رئيسية في هذه الثورة هم القائد الثوري هوانغ شينغ (جاكي تشان) الذي قاد المعركة الأخيرة والمفصلية للثوار.

كذلك تبرز شخصية سن ياتسين (وينستون تشاو) قائد الثورة الذي يعيش منفيّاً في الغرب ويمد الثوار بالأموال التي يجمعها من الصينيين المقيمين في الخارج، كما يعمل على إيصال قضية الثورة الصينية إلى العالم كله، عدا عن دوره الكبير في التأثير على قرار البنوك الأجنبية بمنح الحكومة الصينية أي قروض مالية، مقنعاً إياها بأن الأموال تستخدم لشراء السلاح لقمع الشعب.

حين عاد ياتسين إلى الصين في ديسمبر/ كانون الأول 1911 انتخب رئيساً للحكومة الانتقالية لجمهورية الصين لكنه بعدها تنازل عن منصبه، في مقابل الحصول على مساعدة الجنرال لي يوانهونغ في الضغط على الإمبراطور للتنازل عن العرش . في 12 فبراير/ شباط 1912، تنازل الامبراطور عن العرش وانتهى عصر الامبريالية في الصين.

يبرز الفيلم الكثير من التفاصيل. ينقل حركات تمرد التي تنتشر هنا وهناك، والانتفاضة التي تشتعل في مدينةٍ مَّا وسرعان ما تخمد، وفي كل مرة يعتقد الثوار في الداخل والخارج، أن حركتهم فشلت، ليجدوا أنفسهم مرة أخرى وسط انتفاضة جديدة في مدينة أخرى وبمزيد من الثوار.

هكذا ننتقل مع الفيلم من ووتشانغ إلى غونغزو حتى المواجهات بين الثوار والجيش الملكي التي تسقط 72 شهيداً، فالمناورات السياسية والاقتصادية، وصولاً إلى انتخاب سن ياتسين رئيساً مؤقتا للحكومة الانتقالية لجمهورية الصين، ثم تنازل الامبراطور عن العرش في 12 فبراير/شباط 1912، واستقالة سن ياتسين وانتقال رئاسة الحكومة الانتقالية إلى يوان سيكاي (سن شن) في 10 مارس/آذار 1912.

ظهور باهت لجاكي شان

يمثل الفيلم المئة على مسيرة جاكي شان الفنية الحافلة. شان لم يمثل في الفيلم وحسب، بل كان المنتج المنفذ له كما ساعد في إخراجه. شاركه في تمثيل الأدوار عدد من الفنانين الصينيين منهم ابنه جويسي شان، والفنانون لي بينغ بينغ، وينستون تشاو، جوان تشين، وهو جي.

وعلى رغم وجود ممثل بحجم شان، فإن مبيعات الفيلم كانت منخفضة للغاية. يعزو البعض ذلك إلى الدعم الحكومي الرسمي الصيني عدا عن تجنب الفيلم للحديث عن الأسباب الحقيقية لانطلاق ثورة 1911.

كذلك لم يحصل الفيلم على اشادات واستحسان من النقاد، كانت تقاريرهم سلبية للغاية، ولم يحصل على أكثر من 34 درجة من أصل 100 في تقديراتهم.

بشكل عام لم يظهر جاكي شان في الفيلم بشكل جيد، كما لم يتمكن الفيلم من إبراز أي من فنانيه، بل لم يتمكن من تقديم لحظة مؤثرة يتوقف عندها المشاهد. ربما يعود ذلك إلى رغبة صناعه في سرد كثير من أحداث وتفاصيل ثورة 1911 في فيلم لا تصل مدة عرضه إلى ساعتين.

الاستحياء أيضاً في عرض الأسباب الحقيقية ومطالب الثوار لربما كانا سبباً آخر يمنع المشاهد من أن يتعايش مع قضية الفيلم بشكل كبير. الثوار نادوا حيناً بحياة كريمة، ثم بإلغاء الإمبراطورية والإقطاع والقضاء الإقطاعي، طالبوا بإعلان الجمهورية بالطبع وبالملكية الدستورية، لكنهم لم يستوفوا الحديث عن مطالبهم وعن توجههاتهم. بشكل عام لم يقدم الفيلم مادة دسمة يمكن الاتكاء عليها لفهم حقيقة ثورة 1911 وتفاصيلها.

يمكنك فقط أن تشاهد كثيراً من مشاهد القتال والمواجهات بين الثوار وقوات الجيش، بالإضافة إلى مشهد قتالي وآخر كوميدي وثالث رومانسي لجاكي تشان، وهي مشاهد لم يكن لها ضرورة.

سيتطلب منك الأمر فعل ما فعلته تماماً في البحث عن ثورة شينهاي وقراءة المزيد مما سأورده لكم مختصراً.

ثورة شينهاي

انطلقت هذه الثورة في (10 أكتوبر/ تشرين الأول 1911) حتى يناير/ كانون الثاني 1912، انتهت بانتصار قوات الحزب الثوري الصيني وتأسيس جمهورية الصين، في مقابل هزيمة القوات الحكومية وسقوط الامبراطورية في الصين.

بدأت الثورة بعصيان في مقاطعة أوهان في 10 أكتوبر، بعد أن أعلنت حكومة تشينغ في شهر مايو/ أيار رغبتها في تأميم خطوط السكك الحديد، المملوكة للقطاع الخاص المحلي. كان ذلك من أجل دفع التعويضات التي فرضتها اتفاقية وقعتها الحكومة العام 1901 مع عدة دول غربية للقضاء على حركة تمرد عرفت باسم حركة يوهيتوان Boxer Rebellion.

حركة التمرد هذه امتدت من العام 1899 حتى 1901 وكانت مناهضة للوجود الأجنبي في الصين، بدأتها جمعية الوئام الصالحين Righteous Harmony استجابة لمشاعر وطنية حادة وكمعارضة للإمبريالية الأجنبية وللحملات التبشيرية المسيحية. تدخلت القوى العظمى في ذلك الوقت وقضت على الحركة فيما اعتبر إذلالاً للصينيين.

بعدها بسنوات، وجدت بعض الدول الغربية في الصين مكاناً مناسباً للاستثمار في بناء سكك حديد. ونظرا إلى نفوذها هناك فقد بدأت بالفعل في بناء سكك ضخمة. بعض السكك الحديد ظلت تدار من قبل موظفين صينيين وبأموال القطاع الخاص الصيني.

في العام 1911، وجد القصر الملكي نفسه غير قادر على دفع ديون الدول العظمى التي جاءت بفعل اتفاقية العام 1901 المشينة للقضاء على حركة التمرد، ولذلك تم إعلان التأميم.

كان ذلك كفيلاً بإثارة الاحتجاجات في مقاطعة غوانغدونغ حيث انطلقت المسيرات وقاطع الصينيون الأوراق النقدية الحكومية في يوليو/ تموز 1911. لتهدئة المعارضين، قامت الحكومة بتعويض المستثمرين لكن المبالغ المقدمة إلى بعضهم كانت زهيدة للغاية ما أطلق حملة احتجاجات ومسيرات أقوى في مقاطعة تشانغدو التي عمها الإضراب. حاكم المدينة زاو ايرفينغ أصيب بحالة من الذعر فأمر باعتقال الوجهاء، كما تمركزت وحدات من الجيش في وتشانغ بمقاطعة هانكو وهانيانغ.

حادث التفجير

في شهر سبتمبر/ أيلول اندلعت الانتفاضة في البلاد بعد وقوع حادث تفجير غير مقصود. في ذلك الوقت كانت هناك مجموعتان ثوريتان في ووهان هما الجمعية الأدبية والتجمع التقدمي. كانت المجموعتان تعملان مع بعضهما بعضاً، بقيادة جيانغ يو، وسون يو. تم تحديد تاريخ 6 أكتوبر موعداً لانطلاق الانتفاضة وذلك خلال مهرجان منتصف الخريف وهو مهرجان صيني شعبي يقام لمدة 15 يوماً احتفالا بموسم الحصاد، لكن في ذلك اليوم، انفجرت قنبلة بالخطأ في موقع تدريب للمجموعتين وأصيب القائد سون يو باصابات خطيرة نقل على إثرها إلى المستشفى، هناك اكتشف الموظفون الأمر فأبلغوا القوات الحكومية.

تمرد قوات الجيش

رد الحكومة كان حاسماً، اعتقلت الثوار وحكمت على بعضهم بالإعدام. في مقابل ذلك، كان الخيار الوحيد للثوار هو الانقلاب على القصر الملكي. نائب الملك في مقاطعة هيوغوانغ دوان زينغ، حاول تعقب الثوار. ولذلك قرر القائد الثوري جيانغ يو شنَّ هجوم على القوات الحكومية. تم اكتشاف الخطة من قبل عملاء الحكومة، واعتقل المزيد من الثوار وأعدموا.

في تلك الليلة أعلن الثوار انطلاق الثورة مساء 10 أكتوبر 1911. بعض قوات الجيش الجديد في تشانغ أعلنوا التمرد، بعد تمكن بعض أعضاء تحالف سنياتسين المعادي للحكومة من التسلل بين صفوف الجيش. تمكن الثوار من الاستيلاء على بيت الحاكم دوان زينغ، الذي هرب عبر نفق سري قاده إلى النهر. بعد قتال عنيف، استولى الجيش على نقاط استراتيجية في المدينة، لكن انضمام المزيد من الثوار إلى صفوف المعارضة هزم القوات الحكومية.

حكومة هوبي العسكرية

بعد أسبوع واحد من اشتعال الانتفاضة في ووهانغ، أعلن جنرال يدعى لي يوانهونغ (أصبح بعدها رئيسا لجمهورية الصين لدورتين متتاليتين) التمرد ودعا الإمبراطور لتأسيس جمهورية في الصين.

في 11 أكتوبر، أسس الجيش الجديد حكومة عسكرية في هوبي، واجبر لي يوانهونغ على أن يصبح الحاكم الجديد. دعت الحكومة العسكرية الجديدة جميع المقاطعات لدعم الثورة واعلان تأسيس جمهورية الصين.

معركة يانغزيا

كان رد فعل حكومة تشينغ هو أن أمرت القائد العام للقوات المسلحة يوان شيكاي وجيش بيانغ بقمع انتفاضة ووتشانغ. في المقابل، وصل القائد الثوري هوانغ تشينغ إلى ووهان في بدايات نوفمبر/ تشرين الثاني ليتولى قيادة جيش الثوار. خاض الثوار معركة طويلة في هانكو وهانيانغ عرفت باسم معركة يانغزيا استمرت حتى 1 ديسمبر. وبالرغم من أنهم استولوا في نهاية المطاف على المدينتين، فإن قائد الجيش الامبراطوري يوان شيكاي وافق على وقف اطلاق النار، وبدأ التفاوض مع الثوار في 1 ديسمبر 1911.

أخيراً

اجتهد صانعو فيلم 1911 ليقدموا فيلماً سينمائياً ذو قيمة فنية وناجح تجارياً، لكن الناتج ببساطة لم يكن سوى دراما تاريخية باهتة تسرد احداثاً هامة لكن... بإرتباك كبير!

العدد 4074 - الجمعة 01 نوفمبر 2013م الموافق 27 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً