لم تنجح كافة المحاولات والتجارب الدولية السابقة والراهنة، التي كانت تعمل بها مؤسسات الأمم المتحدة، وكذلك المنظمات الوطنية والدولية المستقلة، المدافعة عن قضايا حقوق الانسان، في تحقيق أي تقدم جوهري وحقيقي، في مسارات مكافحة أشكال العبودية والرقّ حول العالم. حيث تشير معظم التقارير الدولية الموثقة والدقيقة، إلى انتشار ظاهرة العبودية والرق في غالبية بلدان العالم بما فيها بعض البلدان المتقدمة على صعيد دعم قضايا الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعجز مؤسسات الأمم المتحدة والحكومات العالمية الرسمية عن إيجاد استراتيجيات جديدة ومتطورة وإلزامية لمواجهة الأغلال والقيود المحكمة للاستعباد الجسدي والاجتماعي والاقتصادي والفكري والعقائدي لملايين البشر في مختلف مناطق العالم.
ولاتزال هناك أعداد هائلة من الفقراء والمحتاجين والأطفال القصّر، يلقون حتفهم نتيجة الاضطهاد والظلم والتوترات والحروب الأهلية والتعرّض للعبودية الجنسية والبغاء القسري وانتهاكات الحقوق المشروعة في الحياة العامة.
ففي أحد التقارير الصادرة عن منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة في العام 2012، تحدّثت المنظمة عن وجود أكثر من عشرة ملايين طفل حول العالم يضطرون إلى العمل في منازل أشخاص آخرين، وتتراوح أعمار ستة ملايين منهم مابين 5 و14 عاماً، وتصعب حمايتهم من ممارسة أعمال بالغة الخطر والخطورة ولا طاقة لهم بها.
وفي أحدث التقارير التي أصدرتها «مؤسسة الحقوق الاسترالية» الأهلية تحت عنوان «المؤشر العالمي للعبودية 2013»، ولقي إشادةً واسعةً، تحدّثت المؤسسة عن وجود قرابة 30 مليون إنسان في العالم، وغالبيتهم الساحقة من قارتي آسيا وأفريقيا، يعانون الحرمان من الحريات والاستغلال البشع في مختلف المهن والأشغال الشاقة القسرية، على غرار ما كان يُمارس في عصور الظلام والتخلف ضد الفقراء والمحتاجين، الذين يستخدمون كأيدٍ عاملةٍ رخيصةٍ في الحروب والزراعة والبناء ومختلف الأعمال الشاقة، وهو ما يتعارض مع المادة 4 المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تقول «لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعها»، الأمر الذي يتناقض تماماً مع بعض تقارير الأمم المتحدة، التي لم تحدّد الاتجاه الصحيح والأفكار والمعلومات الواقعية والدقيقة لمعالجة تنامي مظاهر العبودية والرق، والتي تكتفي فقط بالاشادة بإنجازاتها ودعمها للمشاريع الإنسانية الهادفة للقضاء على الفقر والجوع والاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر ومختلف الأعمال القسرية للأطفال وأعمال السخرة الشاقة.
وقبل صدور هذا التقرير، ظلّت مصادر المعلومات حول ظاهرة العبودية والرقّ، مرتبكةً وغير كافية، وتعاني من بعض التأثيرات والضغوط الحكومية الرسمية، حيث حاولت حكومات بعض البلدان النامية والمتقدمة التستّر على ظواهر كهذه في محيطها الاجتماعي، كما هو حالها في التستر على معاناتها من الجرائم المختلفة وانتشار المخدرات وسباق التسلح والإضرار بالبيئة وانتهاكات حقوق الإنسان. إذ العديد من المنظمات والمؤسسات الحقوقية الأهلية المستقلة، دائماً ما تعبّر عن انزعاجها من بعض تقارير الأمم المتحدة غير المنسجمة تماماً مع الحقائق القائمة على أرض الواقع في هذا الشأن، حيث أن مؤسسات الأمم المتحدة تبالغ في بعض تقاريرها الرسمية، وإنها تعتبر نفسها «النموذج» في إصدار مثل هذه التقارير، ويطالبون كل هذه المؤسسات بأن يكون لها تأثير ونفوذ أكبر عندما يتعلق الأمر بمصائر الدول ومستقبل شعوبها.
ومن الواضح أن الاتجاه العام حول العالم وخصوصاً في مناطق التوترات الأمنية والفقر والمجاعات، يسير بما لا تشتهيه سفن الفقراء والبؤساء والمحتاجين، الذين فقدوا كل أمل تجاه معالجة أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية الكارثية، ولم يسمعوا سوى دعوات الصبر والتفهم من جانب مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات الصلة بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 4073 - الخميس 31 أكتوبر 2013م الموافق 26 ذي الحجة 1434هـ
تقارير للدعاية فقط
لا يستغرب أحد من تقارير الامم المتحدة فهي مسيسة بامتياز وتصب دائما في صالح الحكومات العالمية التي تدعمها ماليا وليس لمصلحة الفقراء والمحتاجين .. الشكوى لله سبحانه وتعالى وحده وليس إلى أجدا غيره .