العدد 4071 - الثلثاء 29 أكتوبر 2013م الموافق 24 ذي الحجة 1434هـ

اتفاق دولي لإعادة الأموال المنهوبة من دول «الربيع العربي»

أوروبا ودول الخليج على رأس الجهات المستقبلة لـ «الأموال»

اختتم مساء الإثنين الماضي المنتدى العربي الثاني لاسترداد الأموال المنهوبة الذي احتضنته مراكش جنوب المغرب منذ السبت، بإصدار توصيات دعت في مجملها إلى عدم «تمكين المسئولين الفاسدين من الإفلات من العقاب» في القضايا المرتبطة بتهريب أموال دول الربيع العربي. وجاء في البيان الختامي للمنتدى «إن استرداد الأموال يبعث برسالة قوية للمستقبل: لن يتمكن السياسيون أو كبار المسئولين الفاسدين من الإفلات من العقاب، عند استخدام الفساد لتحقيق مصالح شخصية».

ومن التوصيات التي خرج بها المنتدى دعا المشاركون إلى ضرورة «الفهم المتزايد للتدابير القانونية لمختلف الدول، من خلال نشر أدلة قانونية ومسطرية حول طرق استرداد الأموال».

كما أوصى المنتدى بـ «تعزيز جهود الدول لمراجعة أطرها القانونية بقصد الاستفادة من الممارسات الجيدة في الدول الأخرى ولضمان الدقة والفاعلية والكفاءة في مجال استرداد الأموال».

من جهة ثانية، أعلنت دول مجموعة الثماني ودول أخرى التزامها «من أجل اتخاذ إجراءات تفرض حصول الشركات على معلومات عن الملاك والمستفيدين الحقيقيين، مع ضمان توافر هذه المعلومات بشكل سريع حين تطلب لتقديمها لسلطات إنفاذ القانون، وأجهزة تحصيل الضرائب وغيرها من السلطات المعنية».

وأوصى المنتدى كذلك بالاستمرار في مواصلة حل «المشاكل المتعلقة بترجمة الأسماء العربية إلى الحروف الأجنبية» و»مواصلة التحقيقات المشتركة الثنائية ومتعددة الأطراف»، مع «إشراك المجتمع المدني في محاربة الفساد وجهود استرداد الأموال».

كما أكد البيان الختامي على أهمية «إشراك القطاع الخاص في الحوار المستقبلي بشأن جوانب الشفافية لاسترداد الأموال»، مع «تبادل المعلومات بين مسئولي إنفاذ القانون قبل إرسال طلبات المساعدة القانونية المتبادلة».

واستضاف المغرب هذا المنتدى بشراكة مع بريطانيا باعتبارها تتولى رئاسة مجموعة الدول الثماني وبدعم من المبادرة المشتركة بين البنك الدولي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لاسترداد الأموال المنهوبة.

وشارك في المنتدى ممثلون عن جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجموعة إجمونت وشبكة استرداد الموجودات التابعة لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية المتعلقة بغسل الأموال فى أميركا الجنوبية والمركز الدولي لاسترداد الأموال وكذلك بمشاركة المحامي الخاص للأمم المتحدة لاسترداد الأموال.

ووقعت 167 دولة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الملزمة للأطراف، والتي تنص على «إعادة الأصول» بصفتها «مبدأ أساسياً» للاتفاقية، وضمنها كل الدول العربية، إضافة إلى التوقيع على بروتوكول بالسماح بالتفتيش لدى الدول الأعضاء في الاتفاقية.

وفي مؤتمر اتحاد المصارف العربية الأخير قدر نصيب العالم العربي من غسل الأموال وتهريبها بنحو 25 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل 2 في المئة من الناتج العربي الإجمالي العربي البالغ 1,2 تريليون دولار.

ويعتبر المنتدى العربي لاسترداد الأموال الذي انعقد أول مرة تحت رئاسة الولايات المتحدة في دولة قطر سنة 2012، «مبادرة مستقلة لدعم جهود استرداد الأموال التي تبذلها الدول العربية التي تمر بمراحل انتقالية.

و أعلن المحامي الخاص للأمم المتحدة المكلف ملف استرداد الأموال المنهوبة من دول الربيع العربي، علي بن محسن بن فطيس المري الإثنين على هامش أعمال المنتدى، أن دولاً أوروبية وخليجية هي على رأس الدول التي تستقبل أموال مسئولين عرب سابقين أطاح بهم الربيع العربي.

وقال المري وهو نائب عام في قطر في حديث مع وكالة «فرانس برس» إن «دول أوروبا والخليج على رأس الدول المستقبلة للأموال المنهوبة من دول الربيع العربي»، مضيفاً أن «تركز الأموال العربية المنهوبة يحدث بدون شك في دول أوروبا، وبعدها دون أن نستغرب، تأتي دول الخليج».

واعتبر المري أن «كل مسئول موجودة لديه هذه الأموال، يكره الحديث في الموضوع كره العمى، لكن العملية ليست بالمزاج (...) لأن هناك اتفاقيات دولية موقعة إما نحترمها أو تعم الفوضى في الشارع».

ووقعت 167 دولة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الملزمة للأطراف، والتي تنص على «إعادة الأصول» بصفتها «مبدأ أساسياً» للاتفاقية، وضمنها كل الدول العربية، إضافة إلى التوقيع على بروتوكول بالسماح بالتفتيش لدى الدول الأعضاء في الاتفاقية.

وبالنسبة للدول المنهوبة منها هذه الأموال وحجمها قال محامي الأمم المتحدة إن «التهريب يشمل جميع الدول العربية تهريباً واستقبالاً، لكن حجمها يختلف من بلد لآخر حسب حجم الاقتصاد، فمصر ليست تونس واليمن وكلاهما ليسا ليبيا».

لكن «حجم هذه الأموال كبير وضخم جداً» كما يشرح المري دون إعطاء أرقام أو تقديرات.

وتختلف تقديرات الخبراء حول حجم الأموال المهربة في اتجاه «الملاذات الآمنة»، وعلى رأسها سويسرا ولوكسمبورغ وإمارة موناكو والنمسا وجمهورية التشيك وجزر كايمن وإسرائيل.

ويقدر تقرير للمنظمة الدولية للشفافية إجمالي الأموال المهربة للخارج على مستوى العالم ككل بترليوني دولار، كان نصيب القارة الآسيوية منها 44 في المئة مقابل 17 في المئة لمنطقة الشرق الأوسط و17,7 في المئة لأوروبا الشرقية و4 في المئة لإفريقيا.

وفي مؤتمر اتحاد المصارف العربية الأخير قدر نصيب العالم العربي من غسل الأموال وتهريبها بنحو 25 مليار دولار سنوياًً، أي ما يعادل 2 في المئة من الناتج العربي الإجمالي العربي البالغ 1,2 تريليون دولار.

وظهرت مهمة المحامي الخاص للأمم المتحدة المكلف بملف استرداد الأموال المنهوبة من دول الربيع العربي، مع اندلاع الثورات العربية بداية 2011 ضد الأنظمة القائمة.

ويقول المري «أدرك حينها العالم والأمم المتحدة أن هذه الدول تحتاج إلى مشورة فنية في بعض الملفات، ومنها ملف الأموال المنهوبة الذي كان من بين ملفات الساعة».

وتتجلى مهمه المحامي كما يشرحها «في محورين، أولها تقديم المشورة الفنية للدول المنهوبة منها الأموال، والضغط على الدول الموجود فيها هذه الأموال لإعادتها».

ويوضح أنه لا يقوم بدور الوساطة وإنما بـ «دور قانوني صرف، فهناك دول في حاجة لمعرفة الإجراءات القانونية الواجب اتباعها لاسترجاع أموالها من فرنسا أو سويسرا أو ألمانيا أو أميركا».

وأضاف «عندما تكون ردة فعل الجانب الآخر سيئة، تقوم الأمم المتحدة بالتدخل والتحدث إلى هذا الجانب، الذي قد يدعي عدم وجود استقرار في البلد الذي يريد استرجاع أمواله، أو غياب مخاطب مباشر في الملف».

وأكد محامي الأمم المتحدة أن «نزيف الأموال المهربة ازداد إبان الثورات العربية، وما زال مستمراً، وسيكون من بين نتائجه إفقار العالم العربي».

وانتقد المري بشدة الدول الموجود لديها أموال الدول العربية المنهوبة مع افتتاح المنتدى في مراكش المغربية، حيث اعتبرها «تتحمل مسئولية تاريخية وأخلاقية في إعادة هذه الأموال، لأن هناك شعوباً تموت جوعاً ولا تجد الرغيف». وأضاف «هناك قرار سياسي لدى هذه الدول يتمثل في دعم هذه الشعوب لاسترجاع خيراتها من أجل تجميل وجهها»، لكنه يضيف أن هناك بالمقابل «قراراً اقتصادياً متخذاً بألا تعود هذه الأموال التي صارت جزءاً من استثمارات هذه الدول، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية».

وبعد سنة على انعقاد الدورة الأولى للمنتدى العربي لاسترداد الأموال المنهوبة العام الماضي في قطر، يوضح المحامي أن من بين النتائج العملية التي تحققت أن «الدول العربية صارت لديها فرق متخصصة في اتصال دائم مع الأمم المتحدة ومع وزراء العدل والنواب».

ويضيف «كما أصبح في الدول التي توجد لديها الأموال المهربة مخاطب وحيد وليس 20 جهة دون معرفة المخاطب الفعلي» إضافة إلى «وضع دليل استرشادي لقوانين كل دولة أوروبية في هذا المجال».

ورغم اعتبار المشاركين في المنتدى العربي أن مبلغ الـ 29 مليون دولار الذي أرجعته لبنان لتونس في قضية ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، «مبلغ بسيط للغاية» مقارنة مع المليارات المنهوبة، إلا أن المري يعتبر أن للأمر «رمزية مهمة». وقال الرئيس التونسي منصف المرزوقي عند إعادة المبلغ إنه «أهم من المبلغ في حد ذاته»، وهي رسالة كما يقول المري مهمة مفادها «أيها الفاسد أينما ذهبت سنلاحقك».

واختتم المحامي في حديثه لـ «فرانس برس» بالقول إن «حلم الشباب العربي لما قامت ثورات الربيع، كان تحقيق الديمقراطية والنمو والرفاهية، وإذا استمر الحال على ما هو عليه لا يجب أن نستبشر خيراً».

العدد 4071 - الثلثاء 29 أكتوبر 2013م الموافق 24 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً