«الطاقة المستدامة»، التقرير السنوي السادس للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) حول وضع البيئة العربية، يصدر في فترة عصيبة تمر بها المنطقة العربية. فكيف لمنظمة إقليمية اختصاصها البيئة أن تتكيّف مع الحقائق الصعبة، في منطقة يواجه نصف سكانها ثورات وانتفاضات؟ لقد بدا شبيهاً بالمستحيل في بعض الأحيان محاولة تنفيذ أجندة بيئية في منطقة يكافح سكانها من أجل البقاء ويكتنف مستقبلها عدم اليقين.
لهذا احتجنا الى جهد حقيقي لإقناع شركائنا أنه، بالرغم من هذه الأوضاع، وربما بسببها، يتوجب على المنتدى أن يتابع عمله. فبعد كل الحروب والنزاعات، سيبقى الناس بحاجة الى حماية الرأسمال الطبيعي ليشربوا ويأكلوا ويتنفسوا وينتجوا.
يحلل تقرير «أفد» الجديد وضع الطاقة الراهن في المنطقة العربية، فيطرح أبرز التحديات ويناقش خيارات متنوعة لسياسات الطاقة، وصولاً الى اقتراح خطوات بديلة تسهّل التحول السلس الى مستقبل مستدام للطاقة. وقد وجد التقرير أنه بالرغم من المستويات الأعلى عالمياً في كثافة استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون للفرد في المنطقة عامة، يفتقر نحو 60 مليون عربي إلى الكهرباء، ما يعكس ضعفاً في إدارة قطاع الطاقة وغياباً للتعاون الإقليمي في إنتاج الطاقة وتوزيعها. غير أن المنطقة العربية تنعم بوفرة في مصادر الطاقة المتجددة، خاصة الشمس والرياح، التي من شأنها، بالتوازي مع اعتماد التكنولوجيات الأنظف وتحسين الكفاءة، أن تساهم في تنويع الطاقة وتعزيز استدامتها في المستقبل.
لقد أظهر تقرير المنتدى أنه يمكن للمنطقة العربية تخفيض استهلاك الطاقة إلى النصف، مع الحفاظ على مستويات الإنتاج نفسها، وذلك عن طريق تحسين الكفاءة فقط. وإذ يشير إلى أن مساهمة النفط والغاز تصل إلى 97 في المئة من الناتج المحلي لبعض البلدان العربية، يدعو التقرير إلى تنويع الاقتصادات واستخدام فائض الدخل من مبيعات النفط لتطوير قدرات محلية في العلم والتكنولوجيا وتعزيز التعاون الإقليمي. ويؤكد أنه إذا التزمت البلدان العربية بسياسات واستثمارات ملائمة، يمكنها أن تكون عضواً رائداً في مجتمع الطاقة النظيفة العالمي، فتخلق فرص عمل حقيقية لمواطنيها، وتصدّر الطاقة المتجددة إضافة الى النفط والغاز.
مع إطلاق المنتدى العربي للبيئة والتنمية تقريره الجديد في مؤتمره السنوي السادس في الشارقة، يتساءل البعض عن جدوى الدراسات والأبحاث، التي غالباً ما تبقى حبراً على ورق. غير أن عرضاً أعده المنتدى لما تم إنجازه يُظهر تقدُّماً واضحاً في تحقيق مهمته، التي هي «دعم السياسات والبرامج البيئية الضرورية لتنمية العالم العربي، استناداً الى العلم والتوعية».
فقد استُخدمت تقارير «أفد» السابقة كمراجع رئيسية في أكثر من 32 برنامجاً تنفيذياً خلال العام 2013 فقط. كما قامت هيئات إقليمية ودولية بإعادة نشر أجزاء من تقارير «أفد»، بما فيها برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) واللجنة الاقتصادية الاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) والبنك الدولي وجامعة الدول العربية والصندوق الكويتي للتنمية، ومجلات علمية عالمية بما فيها «لانسيت». وساهم المنتدى في 42 اجتماعاً وتقريراً وبرنامجاً إقليمياً ودولياً خلال 2013، كما كان شريكاً فاعلاً في مفاوضات تغيّر المناخ.
واستقطبت مبادرة «أفد» حول الاقتصاد الأخضر مزيداً من القبول وتم اعتمادها لتطوير استراتيجيات تنمية في كثير من البلدان العربية، وكانت في صلب خطاب نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. واعتمدت هيئات حكومية عربية الدليل الذي أصدره المنتدى حول كفاءة الطاقة في أبنية المكاتب في 28 دورة تدريبية، والدليل حول كفاءة المياه في 18 دورة تدريبية.
وعقب تقديم تقرير «أفد» حول البصمة البيئية في البلدان العربية في الكويت، أعلنت الهيئة العامة للبيئة إطلاق برنامج وطني للبصمة البيئية، يهدف إلى وضع أنظمة لتدقيق حسابات رأس المال الطبيعي. وكانت الإمارات العربية المتحدة سبّاقة في إقامة برنامج وطني للبصمة البيئية. وقد أصبح الأطلس الذي أصدره المنتدى حول الموارد والبصمة البيئية في العالم العربي مرجعاً رئيسياً لخطط التنمية.
وقد يكون أبرز ما أنجزه المنتدى سنة 2013 تعميم برنامجه في التربية البيئية، حيث انتشر دليل «البيئة في المدرسة» الذي أصدره في معظم أنحاء العالم العربي، فتم تدريب آلاف الأساتذة على استخدام الدليل والموقع الإلكتروني المرافق. كما أنشأ المنتدى شبكة مدرسية عربية بيئية على الفيسبوك استقطبت مئات المدارس من لبنان إلى الإمارات ومن اليمن إلى الجزائر.
وشهدت السنة الأولى لتحول مجلة «البيئة والتنمية» إلى وسيلة إعلام رسمية للمنتدى، بعد أن قدمها الناشر إلى المنظمة، تطويراً رئيسياً تميز بوضع كامل أرشيف المجلة لفترة 17 سنة مجاناً على الإنترنت، إلى جانب الأخبار والتعليقات اليومية. ويعتبر الموقع اليوم www.afedmag.com العنوان الإلكتروني المرجعي الأول بالعربية، وهو استقطب نحو 5 ملايين زيارة و100 ألف مستخدم خلال 9 أشهر. أمّا صفحة الفيسبوك للمجلة فقد استقطبت 190 ألف عضو و12 مليون زيارة خلال 10 أشهر. وتنشر 12 جريدة عربية رائدة صفحات بيئية دورية بالاشتراك مع المنتدى والمجلة.
لمن يعتقدون أن العمل للبيئة ضرب من الجنون في هذا البحر العربي الهائج، نقول إن الجنون الحقيقي هو إهمال التخطيط للمستقبل، لأن الثورات والانتفاضات ليست بديلاً عن الإدارة المتوازنة للموارد.
إقرأ أيضا لـ "نجيب صعب"العدد 4069 - الأحد 27 أكتوبر 2013م الموافق 22 ذي الحجة 1434هـ
العرب
للاسف العرب لا يهمهم مستقبل ولا طاقه مستدامه ، البترول يستخرجه الاجانب ويأخذون منه ويبيعون الباقي ويتقاسمون فيما بينهم ، المستقبل هو الحفلات الغنائيه والالعاب الفرديه المكلفه التي تحتاج الي منشاءات بالملاين ، ندعوك الي بلدنا البحرين لتشاهد ستره والمعامير والعكر كيف احترموا الانسان والارض والبحر والسماء جوله في هذه القري ستكتشف المستقبل البيئي للاجيال
خصوصية المعضلات البيئية
على الرغم من الصفة المشتركة للمشاكل البيئية للدول الا ان خصوية المشكلة البيئية للدولة هي الصفة العامة، ومع احترامنا لجهود افد وسعيه في ابراز وجهه العربي الا ان الواقع يحكي غير ذلك، فمعضم مؤتمراته شهدت فعالياتها في الخليج وبعضها في لبنان، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا الخليج.؟ ولماذا لا يكون في مالي والصموال وايضا في الجزائر والعراق والسودان.؟ هل هؤلاء ليسوا عربا.؟ ام ان الامر مرتبطا بشيء آخر.؟
لذلك نتمنى من كاتب المقال ان يوضح ما جرى رصده من تساؤلات وان يبين اسباب التركيز على دول الخليج دون غيره