العدد 4067 - الجمعة 25 أكتوبر 2013م الموافق 20 ذي الحجة 1434هـ

ملف العبيد في الخليج والبحرين

في البند أو الشرط التاسع مما أطلقت عليه بريطانيا «معاهدة العمومية مع الأقوام العرب في خليج فارس في سنة 1820»، كُتب التالي: «إن نهب الرقيق الرجال والنساء والأولاد في سواحل السودان أو غيره وحملهم في المراكب فهو من النهب والغارات، فالعرب المصالحون لا يفعلون من ذلك شيئاً».

ولذا، شددت السلطات البريطانية في الخليج عبر اتفاقية سميت «ترك معاملة الرقيق سنة 1847» إجراءات محاربة تجارة الرقيق، حيث وقعتها مع مسئولي المنطقة الخليجية التي تقع ي سيطرتها أو حمايتها، ونصت على «توقيف حمل ونقل العبيد من سواحل بر إفريقيا، وغيرها».

وعليه، فقد وقع كل مسئول عليها بهذا النص المترجم بركاكة لغوية للعربية: «أنا يا (فلان) أتعهد والتزم على نفسي أن أمنع جميع أخشابي وأخشاب رعاياي والمتعلقين عليّ من حمل ونقل العبيد من سواحل بر الإفريقية وغيرها ابتداءً من غرة شهر محرم سنة 1264 هـ مطابق عاشر دزمبر 1847م».

واستناداً على هذه الاتفاقية، قامت سفن الأسطول البريطاني بمطاردة أية عملية استيراد ومتاجرة بالرقيق، وخاصة من القارة الإفريقية، وأوقعت على من يقوم بذلك أقسى العقوبات، وربما النفي من بلدانهم إلى خارج المنطقة.

لكن لم يكن أحد يجرؤ على محاكمة أي بريطاني يرتكب نفس الفعل، وخصوصاً عندما يكون قريباً من مراكز القرار السياسي والاقتصادي لإدارة الإمبراطورية البريطانية عبر البحار.

مع العلم بأن من أهم أنواع تجارة الشركات البريطانية عبر البحار، هي تلك التي ارتبطت بحكايات تجارة العبيد بين القارة السوداء (إفريقيا) والأراضي الجديدة في أميركا الشمالية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر للميلاد.

هذه المقدمة التاريخية البسيطة كان لابد منها لعرض وثيقتين لهذا الأسبوع تخصان قضية العبيد، التي كانت تسيء للإنسان الخليجي وحضارته الإسلامية قبل أن تقض مضجع السلطات الإنجليزية التي كانت لا تريد لهذه التجارة أن تفلت من يدها أو تديرها مافيا خليجية بأي حال من الأحوال.

وكان من المفترض أن تجارة العبيد قد توقفت منذ منتصف القرن التاسع عشر بحسب المعاهدات والاتفاقيات التي وقعها المسئولون مع الجهات البريطانية في المنطقة كما ذكرنا.

الوثيقتان اللتان نستعرضهما، مع أنهما تخصان البحرين فقط، إلا أنهما ذات علاقة بأجواء الوضع العام في الخليج ككل، وللمصادفة فهما قد صدرتا بلغتين إنجليزية وعربية.

الوثيقة الأولى، عبارة عن إعلان خاص بالعبيد في البحرين صدر في أغسطس/ آب لعام 1937، فلنقرأ الوثيقة:

«إعلان

العدد 40/ 1356

الرقيق

نذكر العموم أنه لا يجوز تملك العبيد في البحرين.

وأي شخص يجلب أو يصدر أو يشتري أو يبيع أو يتملك أي شخص بصفة عبد مستحقاً عقاب الحبس والغرامة، ليعلم.

بأمر حمد بن عيسى آل خليفة

حاكم البحرين

حرر في 4 جمادى الثانية 1356

الموافق 11 أغسطس 1937».

أما الوثيقة الثانية المميزة بصورة العلم البريطاني؛ فهي عبارة عن ورقة أو شهادة عتق إنجليزية لأحد العرب صدرت في نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 1945، جاء فيها ما يلي:

«نمرة 57 لعام 1945

الحكومة البريطانية (أما في النص العربي فجاءت بلفظ الدولة البهية القيصرية الإنجليزية).

ورقة عتق (شهادة عتق)

ليكن معلوماً لكافة من يراه، بأن حامل هذه الورقة ربيع بن سعيد، وعمره حوالي 30 سنة قد أُعتق (صار حراً)، ولهذا لا أحد له الحق التدخل في حريته.

حرر في البحرين 29 نوفمبر 1945

توقيع ورتبة المندوب البريطاني».

ويلاحظ على شهادة العتق البريطانية، بأنها عبارة عن استمارة رسمية معدة لعتق أي شخص كان عبداً في أية منطقة من مناطق الخليج الواقعة تحت سلطة الحماية البريطانية.

كما يلاحظ أن الفرق بين الإعلان الصادر عن حاكم البحرين لعام 1937 بعقاب من يمارس تجارة الرقيق واستعباد الناس الأحرار، وصدور شهادة العتق العام 1945؛ نحو تسع سنوات، وخلال تلك الفترة يبدو أن عملية العبودية بين الشراء والتملك والبيع والتصدير والاستيراد لم تتوقف، وإلا لما صدرت شهادة بعتق العبيد، مما يعني وجود عبيد حتى تلك السنوات، وإن كانت هناك وجهة نظر في تفسير معنى العبودية بين التجارة ببني البشر والخدم بأجر.

العدد 4067 - الجمعة 25 أكتوبر 2013م الموافق 20 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:10 ص

      وسيلة للتسلط

      إستغلت بريطانيا هذه الإتفاقية للسيطرة على الخليج. حيث كانت توقف كل المراكب القادمة الى المنطقة بحجة تفتشيها إن كانت تحمل العبيد. بقساوتها أوقفت آلاف المراكب و أصحابها المحليين من التجارة مع شرق أفريقيا و آسيا و حلت محلها شركة الهند الشرقية التى سيطرت على تجارة المنطقة و إستعبدت كل السكان. فى نفس الوقت كبار رجال بريطانيا مثل سير ليبتون و كينزينكتون كانوا يخطفون آلاف الإفريقيين و ينقلونهم الى العالم الجديد إمريكا دون أى تردد أو تقليل من قيمهم الحضارية التى يدعون بتملكها.

اقرأ ايضاً