العدد 4067 - الجمعة 25 أكتوبر 2013م الموافق 20 ذي الحجة 1434هـ

الفوتوغرافي الخان... عدسة وأضواء تنقلك إلى ربوع عُمان

في معرضه «صلالة بعيون بحرينية»

تصوير : عقيل الفردان
تصوير : عقيل الفردان

«صلالة بعيون بحرينية» معرض شخصي أقامه الفنان الفوتوغرافي عبدالله الخان، في مركز الفنون بالمنامة، بتنظيم من وزارة الثقافة، إسهاماً من المنامة كعاصمة للسياحة، في الاحتفاء بالسياحة البيئية، وذلك يوم الاثنين 21 أكتوبر/ تشرين الاول الجاري.

ضم المعرض 100 صورة من بين 1200 صورة التقطها الخان خلال جولته في محافظة صلالة، بدعوة تلقاها من وزارة الثقافة في عمان، حيث تنقل بعدسته بين الأجواء الخضراء، في ربوع صلالة وواحاتها وأوديتها الخلابة.

في عيون الفوتوغرافي

في المعرض أنت أمام مجموعة من الصور التي تحملك إلى تفاصيل رحلة ضافية في مرابع صلالة، أراد الخان أن يطلعك عليها، فصرت وكأنك تضع عيونك بين يديه بكل دعة واطمئنان، فينقلك من سهل إلى جبل، ومن واد إلى آخر، ومن واحة إلى أخرى، وكأنك تشاركه متعة هذه الرحلة الخضراء بين الأفياء والأضواء، وقد سمح لك بكل أريحية أن تكون رفيق سفره بعيونك، من غير عناء السفر أو تعب التنقل، واختار لك أروع ما التقطته عيونه وسلّط عليه أضواء عدسته في شيء من رهافة الإحساس ورفاهية الصورة.

السر في الطبيعة أم الإنسان

في المعرض أنت أمام التقاطات مصور فنان يجول بعيونه بين الطبيعة فيقطف لك أجمل الصور بحرفية عالية، ويقدمها سائغة روية، حتى ليجعلك تتساءل عن سر انجذاب الإنسان للطبيعة، هل لأن العيون تحب الطبيعة وتعشقها وترتاح لها، وهنا يكمن لغز هذا التعلّق والوله والانجذاب، أم أن في الطبيعة سرا تخبئه ودائماً ما تستدعيك للبحث عنه بين أفيائها، وتتلبسك حالة تلقائية بتعديد مظاهر جمالياته، من شدة الانبهار بالمنظر وهالته الاخاذة، فدائما ثمة راحة للعيون كلما حدقت في المروج الخضراء والربوع الجميلة، تراها تفترش لك واحاتها لتغفو مرتاحاً بين جفونها الناعمة وعيونها الناعسة.

رفاهية الصورة ورهافة الإحساس

رهافة الإحساس الذي تعكسه لك رفاهية الصورة عند الخان، تجعلك تحس بأن الطبيعة تكاد تناديك لدفئها وأفيائها الجميلة الأخاذة، وتذهب بك إلى أن ثمة حسا رومانسيا أُخذت من خلاله هذه الصور، ربما يتمتع به الخان نفسه وما يعزز ذلك كونه ابن جيل الثلاثينيات. ولذلك ليس غريباً أن تذهب بك الصورة إلى السؤال الكوني والملح على الرومانسيين، عن سبب ولع الإنسان بالطبيعة، وهل السر في الانجذاب أو التجاذب في الطبيعة أم في الإنسان نفسه، هذا السؤال الكبير الذي شغل الرومانسيين ونقّادهم أحالوه إلى تلك الرسائل المتبادلة بين الإنسان والطبيعة، وحنين الإنسان في العودة لأمه الرؤوم الأرض، وتمتع الطبيعة بصفات الإنسان والعكس في علاقة تبادلية من غير أن يتداعى أحدهما على الاخر، بل ثمة تراسل بينها كلما التهم أحدهما الآخر، وتداخلا بين بعضهما البعض ففي حين تلتهم الأرض الإنسان في موته وتختلط ذراته بذراتها، فإنها ترث صفاته الإنسانية من حنان وحنو ودفء ومحبة أو العكس، وحين يلتهمها الإنسان في طعامه وشرابه فإنها هي بدورها تمنحه صفاتها من قسوة وشدة وبرودة أو عكس هذه الصفات.

حنان الطبيعة وحنين الإنسان

أول ما يواجهك في المعرض هو لحظة من لحظات الحنان والحنو استطاع الخان أن يقتنصها ليضعها في واجهة معرضه كأول صورة يواجه بها المتلقي، حيث تبدو فيها صورة جمل صغير يرضع من أمه في رفق وحنان وحنو من أمه، وتذلل واستعطاف منه، ثم تتابع الصور بين جبال وأودية يكسوها الاخضرار من كل جانب، بزوايا من الأعلى حيث تكون الأشياء من بيوت وأشجار وغيرها في الصورة صغيرة بما يعكس امتلاك الإنسان للطبيعة واستحواذه عليها، وفي صور أخرى من الأسفل على السطح في مواجهة الأشياء مباشرة مع حضور الناس من زوار هذه الأماكن أو أهلها أنفسهم بما يعكس احتضان الطبيعة لهم وحنوها عليهم، وكلما تبدلت زاوية النظر، تبدل المعنى في صيغة تبادلية.

المتلقي في رحلة صورية

هكذا تتتابع الصور فتحس بأنك في حكاية حيث رتب الخان معرضه بالشكل الذي يريد أو انعكس منه معنى الرحلة الصورية، فمع كل مجموعة من الصور يحضر عنصر جديد يرصده الخان في التقاطاته، بما يجعلك تجتاز معه الرحلة شيئاً فشيئاً، وصورة بعد صورة تكون قد أكملت الشوط واجتزت المسافة، وبعد الصور التي تمتلئ بالخضرة في الوديان والجبال، يحضر الماء موضوعاً اخر تركز عليه الصور، فتجد الخان مأخوذاً بالتقاط لحظات ارتطام الأمواج بالصخور أو استمتاع الناس بمناظر جداول المياه التي تمر بين الوديان، وحيث يلتقط الخان صورا للناس وهم يتجولون بين جداول الماء مع أطفالهم وهم يلتقطون الصور في تلك الأماكن الجميلة، ثم تحضر صورة صخرة كبيرة أو جبل منحوت من الأسفل والناس تبدو في أسفله كمن يدخل مغارة وهو يبدو (الجبل) كمن يحنو على زواره ويظللهم بأفيائه الدافئة، وثمة صورة لجبل فيه حفرة أو مغارة هي أشبه بعين أو فم لهذا الجبل الذي يقول الكثير من خلال هذه الصور المعبرة، وفي صور أخرى يحضر الضباب والمطر فتبدو الشوارع كمدينة تغسل وجهها في الصباح.

الصيغة التبادلية

وتتتابع الصور بين بيوت قديمة بحجارتها البحرية المهيبة، وقد تهالكت لكنها مازالت حنونة على الإنسان الذي في داخلها لن تتساقط على الأرض قبل أن يغادر هو إلى الأرض قبلها، إنها صخور حنونة وفيّة تأبى الرحيل قبل صاحبها، رغم تهالك الأيام والرياح والزمن عليها إلا أنها صلبة وفيّة لأصحابها تحنو عليهم وتضمهم في حناياها الدافئة، ثم تجد نفسك أمام لقطة يبدو البحر من بين البيوت التي كأنها عين تنفتح على البحر، بما يؤكد الحالة التبادلية التي تشتغل في صور الخان، ثم تجد نفسك أمام الطيور في الساحل وكأنك تطير معها وترفرف على أجنحة الرياح الباردة لعل هذه الطيور هي أجنحة الخيال التي كانت تنتقل بك من صورة إلى أخرى ومن فكرة إلى غيرها، هكذا يبدو لك أن في هذه الصور حساسية الحياة بما يشعرك أن وراء كل لقطة تفكيرا عميقا وشوقا وولها متبادلة بين الإنسان والطبيعة.

العدد 4067 - الجمعة 25 أكتوبر 2013م الموافق 20 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً