قال المنسق المقيم لبرامج الأمم المتحدة في البحرين بيتر غروهمان، إن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في البحرين سيعمل على مدى الأشهر القليلة المقبلة، التعريف باستقصاء الأمم المتحدة العالمي «من أجل عالم أفضل»، الذي يمكّن المواطنين في جميع دول العالم، بصورة استثنائية، من إبداء رأيهم في 16 من الأولويات الإنمائية التي ينبغي أن يدرجها قادة العالم في الإطار الإنمائي المقبل، لمرحلة ما بعد العام 2015، وهو العام الذي من المفترض أن تكون دول العالم قد حققت فيه الأهداف الألفية للتنمية.
جاء ذلك خلال الاحتفال، الذي أقامه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي صباح يوم أمس الخميس (24 أكتوبر/ تشرين الأول 2013)، في بيت الأمم المتحدة، بمناسبة الذكرى الـ 68 للتصديق على «ميثاق الأمم المتحدة»، بحضور وزيرة الدولة لشئون الإعلام سميرة رجب، ووكيل وزارة الخارجية للشئون الدولية كريم الشكر.
وخلال كلمته، قال غروهمان: «إن هذا العام يصادف الذكرى الـ42 لإنشاء مكتب الأمم المتحدة في البحرين. واليوم، بشراكتنا الممتدة لفترة طويلة من الزمن، نود أن نؤكد من جديد أن الأمم المتحدة كانت ولا تزال، وستظل ملتزمة بدعم البحرين في التصدي لاحتياجات التنمية الحالية والمستقبلية».
وأضاف «مع نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني نتوقع زيارة مهمة لمديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيسة مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية هيلين كلارك، إذ ستدشن كلارك إلى جانب وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بشأن (إدارة المياه في المنطقة العربية)، والذي يتناول مسألة حيوية لتحقيق إدارة فعالة لندرة المياه».
وأشار غروهمان إلى أنه في إطار «الأهداف الإنمائية للألفية»، وبمساندة منظمات الأمم المتحدة الإنمائية، تمكّنت البحرين من إحراز تقدم ملحوظ، فاق في بعض الأحيان معظم الأهداف الإنمائية المقررة عالمياً، على حد قوله، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن البحرين أبرزت بعض الريادة الاستثنائية في دمج إطار الأهداف الإنمائية للألفية في التخطيط الوطني وتنفيذ بعض المبادرات التنموية.
وذكر أنه ومع سرعة اقتراب الموعد النهائي لتحقيق «الأهداف الإنمائية للألفية» في العام 2015، فإن العالم يعكف الآن على نقاش يتمحور بشأن رؤية الإطار الجديد للتنمية العالمية لما بعد 2015، التي سوف تحل محلاً لأهداف الإنمائية للألفية، وأنه بغرض الوصول إلى توافق في الآراء بشأن مجموعة جديدة من الأهداف الإنمائية التي تتوافق مع الاحتياجات المتنوعة والتحديات الجديدة للقرن الحادي والعشرين، فإن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، طلب أن تتم هذه العملية بطريقة استشارية تضم الحكومات، والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمواطنين في العالم أجمع وعلى نطاق واسع.
وتطرق غروهمان إلى فريق الأمين العام رفيع المستوى، المكون من 27 عضواً حول العالم ويمثلون مختلف شرائح المجتمع، والذي يعمل على تقديم توصيات إلى «الجمعية العامة للأمم المتحدة» وزعماء العالم عن ماهية الأهداف التي يجب السعي لتحقيقها من قبل المجتمع الدولي وكأمم فردية.
وأوضح أنه في تقريره الأول الصادر في شهر مايو/ أيار الماضي، أبرز «الفريق رفيع المستوى» أن أهداف ما بعد 2015 ينبغي أن تُصاغ للتصدي للتحديات العالمية للقرن الحادي والعشرين، لافتاً إلى أن التقرير ذاته أكد أن التنمية المستدامة يجب أن تشكل المبادئ التوجيهية والمعايير التشغيلية عالمياً.
وينصح التقرير - وفقاً لغروهمان - بأن تتضمن الأهداف المستقبلية، وعلى نطاق واسع، قابلية التطبيق في كل من البلدان عالية ومنخفضة الدخل على حد سواء، كما ينبغي أن تتضمن أهدافاً ومضامين كيفية ونوعية، مثل ضمان الحصول على التعليم الجيد والرعاية الصحية الشاملة. كما يؤكد التقرير، وفقاً له، على أن أولويات التنمية ينبغي أن ترتكز على مشاركة المواطنين في جميع أنحاء العالم.
وأشار إلى أن مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية قامت بتيسير عملية مشاورات مفتوحة وشاملة للتأكد من أن كل صوت يسمع، وأن المشاورات جرت على المستوى الإقليمي والوطني وذلك المتعلق بالمستوى الموضوعي.
أما على الصعيد الإقليمي، فعقد «منتدى التنمية العربية» في عمان بهدف تحديد مواقف إقليمية بشأن «جدول أعمال التنمية» لما بعد العام 2015، وأن فريقاً مؤلفاً من خمسة أعضاء يمثلون المجتمع المدني والوسط الأكاديمي في البحرين شارك في أعمال المنتدى.
وأكد غروهمان في الإطار نفسه أن 88 دولة قامت حتى الآن بمشاورات ما بعد العام 2015، و ذلك لإعطاء فرصة لأكثر من مليون شخص بإسماع أصواتهم وآراءهم بغية تشكيل وتحديد ما هو مهم للعالم في المستقبل، لافتاً في الإطار نفسه، إلى أنه كجزء من هذا النهج القائم على التشاركية من القاعدة للأعلى، تم إطلاق استبيان عالمي كأداة استقصائية فاعلة من أجل عالم أفضل، والذي يمكن لكل مواطن في العالم التصويت عليه عبر الإنترنت على ست قضايا للتنمية تؤثر على حياتهم ذكوراً وإناثاً.
واعتبر غروهمان أن هذا الاستبيان العالمي يمثل فرصة هامة وفريدة من نوعها للبحرين، كدولة جزرية صغيرة، لأن تسمع من على منبر عالمي مع ما يواجهها من تحديات خاصة.
وختم حديثه بالقول: «لقد كانت البحرين تشارك وبقوة في عملية الأهداف الإنمائية للألفية، ونحن نتطلع إلى الإسهامات القيمة للمواطنين البحرينيين والمقيمين في جدول أعمال التنمية لما بعد العام 2015».
ومن جانبها، قالت الوزيرة رجب: «إن مملكة البحرين ترى أن الرهانات التي تعمل من أجلها الأمم المتحدة بمختلف أجهزتها ووكالاتها في سبيل دعم التنمية والسلام في العالم، أصبحت اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. وربما تأتي فكرة الاستقصاء العالمي الذي أطلقته المنظمة الأممية، كجزء من الوعي الأممي بأن بعض الشعوب ما زالت تعاني من مشكلات تنموية وحياتية جمة في مختلف مناطق العالم، وبات لزاماً على الأمم المتحدة أن تقوم بدور أكبر في هذا المجال».
وأضافت «إن الصراعات الإقليمية التي تشهدها عدة مناطق في العالم، ومنها منطقة الشرق الأوسط، أصبحت تسهم بشكل ملفت في الزيادة في الفقر والتراجع في التنمية والتعليم وتدمير الطبيعة والبيئة. كلها نتائج وخيمة على التنمية في العالم، ربما بسبب القصور أو العجز في لعب الأمم المتحدة لدور أكبر وفعال في معالجة هذه الأزمات والصراعات».
وأشارت رجب إلى أن محاور الاستقصاء العالمي، ومنها: رعاية صحية أفضل، وتوفير الطعام المغذي وبأسعار معقولة، والمساواة بين الرجل والمرأة، وتوفير الوصول إلى الهواتف والإنترنت، والحريات السياسية، واتخاذ إجراءات بشأن التغيير المناخي، فإن البحرين قامت بمجهودات «جبارة» - على حد وصفها - خلال العشرية الأخيرة، في سبيل توفير هذه المستلزمات المجتمعية وصونها والدفاع عنها.
وقالت: «يشهد المواطن والمقيم بأن البحرين توفير للجميع وتقريباً بصورة مجانية، أرقى الخدمات التعليمية والصحية والإسكانية، وتحاول بكل السبل أن تواصل مسيرتها على خطى الإصلاح والديمقراطية، آخذة في الاعتبار الخصوصيات الثقافية والمحلية».
وتابعت «قد يتراءى للبعض أن الحقوق والمبادئ الإنسانية كونية، وهذا الأمر صحيح في جزء كبير منه ويجب دعمه بكل السبل، لكن يجب أن نقر أيضاً بكونية واجبات الأفراد والجماعات تجاه الصالح العام والمجتمع، فأمام كل طلب مسئولية تجاه المجتمع لا يجب أبداً نسيانها أو تجاهلها».
وختمت رجب حديثها بالتأكيد على أن عملية تنمية وتطوير البلدان والشعوب، تأتي عبر خطى تدريجية ثابتة ومستمرة، وتأتي أيضاً ضمن قاعدة الأخذ في الاعتبار الخصوصيات الثقافية والمحلية للدول، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من فلسفة الوصول إلى عالم أفضل، على حد قولها.
وفي رده على سؤال لـ «الوسط»، أكد مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام لبلدان الخليج العربية نجيب فريجي، أن برنامج الأمم المتحدة سيعمل من خلال شركات العلاقات العامة والجهات الرسمية والمؤسسات الأهلية ووسائل الإعلام على نشر استقصاء الأمم المتحدة العالمي «من أجل عالم أفضل» في البحرين.
ويقوم الاستقصاء على تصويت المواطنين من جميع دول العالم على التغييرات التي من شأنها أن تحدث أهم التحسينات في العالم، وسيتم إطلاع قادة العالم على النتائج لوضع خطة التنمية العالمية التالية.
وتتمثل الأولويات التي طرحتها الأمم المتحدة للتصويت عليها في: توفير طاقة موثوق بها في المنازل، وتحسين النقل والطرق، والحماية من الجريمة والعنف، وتوافر حكومة أمينة ومستجابة، والتعليم الجيد، واتخاذ إجراءات بشأن التغيير المناخي، والتحرر من التمييز والاضطهاد، والحريات السياسية، والمساواة بين الرجل والمرأة، وتوفير الوصول إلى الهواتف والإنترنت، وفرص عمل أفضل، ودعم الأشخاص غير القادرين على العمل، وتوفير الطعام المغذي وبأسعار معقولة، ورعاية صحية أفضل، وتوفير مياه نظيفة ومرافق صحية، وحماية الغابات والأنهار والمحيطات.
العدد 4066 - الخميس 24 أكتوبر 2013م الموافق 19 ذي الحجة 1434هـ