عندما قدم فرجيس كوريان (51 سنة) بمفرده قبل نحو 30 عاماً، كانت البحرين تعيش بدايات التنمية ولم تكن الاستثمارات الأجنبية بالحجم المعروف حالياً، لكن كوريان الذي استفاد من خبرته التي حصل عليها من والده بولاية كيرالا الهندية، استطاع من خلالها أن يكوّن شبكة أعمال ناجحة في البحرين ليصبح الآن أحد أكبر المستثمرين الهنود في البحرين إذا لم يكن أكبرهم.
ويقول كوريان، وهو رئيس مجلس إدارة شركة VKL HOLDING، والتي تمتلك مجموعة شركات النمل القابضة، و15 شركة أخرى في البحرين والهند والسعودية، في لقاء مع «الوسط» مع انعقاد منتدى ومعرض التجارة والاستثمار البحريني - الهندي في الفترة ما بين 22 و24 أكتوبر/ تشرين الأول 2013، إنه في العام 1990، حين كانت رحى حرب الخليج الأولى تدور (غزو الكويت)، لم يكن أحد يمتلك الشجاعة لبدء فكرة مشروع جديد، لكن كوريان رأى أن فرص النمو والازدهار قادمة، ولن يفوّتها؛ ليبدأ بعد سنوات من وصوله البحرين (1986) بتأسيس أول شركة له وهي شركة النمل للمقاولات.
وقد بدأ كوريان بالتعاون مع محيط الأعمال واقتناص الفرص ليكون من أوائل من استثمروا بنظام «بي أو تي» (بناء وتشغيل وتحويل الملكية) في البحرين؛ إذ لم تتح القوانين في التسعينيات الاستثمار الحر للأجانب كما هو الحال حالياً ليعمل على أول مشروع بهذا النظام مع النادي الأهلي الرياضي؛ إذ قام ببناء عدّة مرافق تجارية استثمارية لينتقل بعدها إلى التعاون مع الكثير من المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة.
وحين انطلق المشروع الإِصلاحي لعاهل البلاد قبل أكثر من عشر سنوات، وخصوصاً في ظل التشريعات التي أتاحت بصورة أفضل للأجانب الاستثمار المباشر في البحرين، بدأ في العام 2004 تكوين إمبراطورية أعماله بشركة (في كي يونيفرسال لإدارة العقارات) التي وسّعت الاستثمارات في مختلف مناطق البحرين مثل الجفير والسيف والحد والحورة وأمواج والبسيتين والسقية ورأس زويد والرفاع وعالي.
وتقدّر المشروعات التي أنجزتها شركات فرجيس كوريان بنحو 200 مشروع في البحرين والهند والسعودية والإمارات وقطر في مختلف المجالات السكنية والتجارية والاستثمارية، كما لدى مجموعته «في كي هولندنغ» استثمارات في مجمّعات تجارية معروفه.
وفي الفترة الماضية بدأ كوريان في الانتقال إلى أنشطة غير تقليدية أو مهملة من قبل كثير من أصحاب الأعمال وهي: القطاع الصحي وقطاع التعليم، فالمجموعة تعكف حالياً على إقامة أكبر مستشفي خاص في المنامة مكون من 85 سريراً، وأكبر مركز صحي خاص بالحد وكذلك أكبر مستشفى بالمحرق مكون من 50 سريراً.
كما وسّع استثماراته في التعليم؛ إذ يملك مدرسة الآفاق الحديثة، وهو بصدد إجراء توسعه على فرعها بشارع البديع ليضاعف عدد الطلاب في المدرسة إلى نحو 4 آلاف طالب، كما إنه بصدد إنشاء مدرسة عالمية في الرفاع الغربي استأجر لها أرضاً تقدّر مساحتها بـ 20000 متر مربع من نادي الرفاع الغربي الرياضي وكذلك جامعة عالمية كبيرة بالحد قام بشراء الأرض وينتظر الموافقات الرسمية.
أما في قطاع السياحة والاستجمام فتمتلك المجموعة سلسلة فنادق 4 نجوم وشققاً فندقية، كما يعمل على تطوير فندق جديد فئة خمس نجوم في الحد بقاعة مؤتمرات تسع ثلاثة آلاف شخص.
وتم تكريم فرجيس كوريان بشهادة «بي في سامي ميموريال» للصناعة والثقافة الاجتماعية بتاريخ 1 سبتمبر/ أيلول 2013، كما تسلّم جائزة من وزير المالية لولاية كيريلا في العام 2012، لخدماته في مجال حقوق الإنسان، كما تم تسليمه جائرة في العام 2009 لريادة الأعمال التجارية والاستثمارية من المجلس الأعلى للمليالم.
ورافق كوريان، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ولي العهد، رئيس مجلس التنمية الاقتصادية، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد أل خليفة في زيارته إلى الهند أكثر من مرة، في دلهي العام 2012 وكيريلا العام 2013.
لقد قدمتم إلى البحرين قبل نحو ثلاثين عاماً، وهي بلا شك مسيرة طويلة، كيف أمضيت أول سنواتك في البحرين في الوقت الذي كانت فيه البلاد تشهد خطواتها الأولى؟
- قبل قدومي إلى البحرين كنت أعمل مع والدي في مجال الإنشاءات، ومن خلال هذه التجربة حصلت على خبرة في هذا المجال؛ ما ساهم في تقلّدي مناصب رفيعة في شركات المقاولات.
لم توجد صعوبات ولكن كانت هناك تحديات، فالبحرين كانت حينها تعتبر بالنسبة لي بلداً جديداً، وهناك حاجز اللغة والسوق الجديدة؛ ولكن تمكّنت من التغلّب على كل ذلك، وأعتبر أن البحرين أسهل في الاستثمار والعمل مقارنة مع الهند.
عندما قدمت إلى البحرين لم أكن مرتبطاً بزوجتي ليزلي فرجيس، ولكني تزوجت قبل حرب الخليج الأولى في العام 1989، وأتيت بزوجتي إلى البحرين، وبعد الحرب كان هناك خوف لدى المستثمرين من العمل في المنطقة بسبب أجواء الحرب؛ ولكنني وجدت الفرصة مهيّأة لبدء نشاطي وتأسيس شركة النمل حينها في العام 1990، وبعدها أنجبت جميع أطفالي في مملكة البحرين أبنتي البكر سيجا 1990، وابني جييبان 1992، وابني الأخير فيشاك 1999.
من خلال تتبّع مسيرتك، نجد أنك مولع بالشراكة كما يبدو فهناك شراكة وطيدة مع عدد من المؤسسات الأهلية والخاصة ففي وقت مبكّر بدأت بالتعاون مع النادي الأهلي، كيف بدأت هذه العلاقات، وكيف تجدها مفيدة بالنسبة إلى الجانبين؟
- نعم هذا صحيح، تمتلك بعض المؤسسات وخاصة الرياضية منها عدداً من الأراضي الممتازة من حيث المساحة والموقع الاستراتيجي؛ ولكن لا تستطيع بيعها بحسب التشريعات المتبعة، لذلك تبحث عن مستثمرين جادّين لتطويرها وتشغيلها ومن ثم تحويل الملكية لها. بدأت أعمل في هذا المجال من مطلع العام 1998، وكان ذلك مع نادي الأهلي الرياضي، وبعد ذلك توسّع التعاون مع أندية أخرى من ضمنها نادي الرفاع الغربي والنجمة والحد.
تمتلك المجموعة فريقاً إدارياً مختصاً لدراسة جدوى مثل هذه الفرص وكذلك نستفيد من مكاتب استشارية عالمية قبل الموافقة على مثل هذا النوع من الاستثمار؛ إذ من المتعارف عليه أن تصل مدّة الاستثمار لغاية 30 عاماً شاملة فترة سماح للقيام بالإنشاءات.
لقد بدأت في قطاع المقاولات قبل أن تتشبّع السوق إلى قطاعات أخرى مثل التعليم والصحة والتي تعتبر من القطاعات المهمة التي تلمس أسس التنمية، ألا تشعر بالقلق من الاستثمار في مجالات غير تقليدية وبعيدة عن اهتمامات الآخرين كالعقارات؟
- هذا سؤال جِدُّ مهم، لا أشعر بالقلق أبداً من قطاعي التعليم والصحة. إن استثمار المجموعة في التعليم والصحة جاء من إيماني الشخصي ورؤيتي بأن التعليم والصحة من أساسيات الحياة ومن دونهما لن تزدهر المجتمعات. أضف إلى ذلك أن المجموعة تمتلك كل المقومات من سيولة وأصول والتعاون الاستراتيجي مع الوزارات المعنية لمثل هذا الغرض. أما ما يخص ربحية القطاع فأستطيع أن أبوح لك بأن هوامش الربح متدنية وقد تكون معدومة في أول عشر سنوات ولكن بعد ذلك تتصاعد بشكل ثابت إذا ما تمّت المحافظة على الجودة والإدارة والنظام الأساسي.
بدأت مؤخراً في الاستثمار في المستشفيات، ما هي الاستثمارات الحالية والمستقبلية في هذا السياق، وأين وصلت؟
- لقد انهينا حالياً تجهيز مركز صحي كبير يعد الأكبر للقطاع الخاص في البحرين، ويخدم مختلف الشرائح وذلك في منطقة الحدّ ونأمل في افتتاحه بعد نحو أسبوع كافتتاح جزئي أما في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، فسيكون الافتتاح الرسمي برعاية وزير الصحة.
كما تعمل المجموعة على مستشفى خاص يعد الأكبر الذي يبنيه القطاع الخاص وسيكون في منطقة السلمانية بطاقة استيعابية تبلغ 85 سريراً وسيفتتح في الربع الأول من العام 2014؛ بحسب ما هو مخطط له وسيقدّم جميع التخصصات، كما سيتم من خلاله تطبيق أول نظام مواقف من نوعه يوفر مساحة لعدد 150 سيارة يتم ركنها بصورة آلية، وسيعمل في المستشفى نحو 200 موظف، نحو 40 في المئة منهم من البحرينيين، كذلك تطوّر المجموعة مستشفى آخر في المحرق مكوناً من 50 سريراً سيوفر غرفاً فاخرة للولادة، إلى جانب احتوائه على تخصصات دقيقة بالقرب منطقة «الكازينو».
نتعاون مع مراكز طبية ومستشفيات بحرينية وهندية وعالمية للاستفادة من تجربتها في إدارة هذه المستشفيات، التي قد تصل الاستثمارات في المستشفيين والمركز الصحي إلى أكثر 10 ملايين دينار.
الاستثمارات في التعليم قد تكون قديمة من خلال مدرسة الآفاق الحديثة، هل هناك مشاريع أخرى في هذا السياق، وخصوصاً ما سمعناه عن إقامة جامعة جديدة على مستوى عالمي؟
- هذا صحيح، تعمل المجموعة حالياً على إقامة مبنى دائم ومتكامل لمدرسة الآفاق الحديثة على شارع البديع بدل الموقع الحالي، وننتظر الحصول على الموافقات الرسمية اللازمة كما يوجد لدينا الموقع الرئيسي الحالي في منطقة السقية في المنامة، والمشروع سيضاعف عدد الطلاب من ألفي طالب حالياً إلى 4 آلاف وسيكلف المشروع نحو 4 ملايين دينار.
كما وقّعنا عقداً لإنشاء وبناء وتشغيل مدرسة عالمية بالرفاع الغربي، والأرض مملوكة من نادي الرفاع الغربي الرياضي؛ لكن إلى الآن لم تحدّد طبيعة المدرسة ولكنها ستكون مدرسة عالمية قد تعمل وفق نظام أميركي أو بريطاني أو كندي.
ونأمل أن تكون هناك إدارة من قبل مدرسة عالمية ولكن لم يتحدّد ذلك حتى الآن لكن توجد مباحثات مع أطراف.
ولدينا خطة حالياً لبناء جامعة جديدة على مستوى عالمي في منطقة الحدّ، وبالفعل قمنا بتملّك أرض ساحلية للمشروع ووقّعنا مذكرة تفاهم مع جامعة ويلز البريطانية بشأن الجامعة ونحن بانتظار الحصول على الموافقات الرسمية، وحين نحصل عليها سنبدأ في المشروع على الفور وذلك باستثمارات تقدّر بنحو 15 مليون دينار وسيكون هناك شركاء في المشروع مستقبلاً، وحالياً لم ندخل في نقاشات مع جامعات أخرى أو محلية للمشاركة في المشروع ولكن من حيث المبدأ لا توجد لدينا مشكلة فيما يتعلق بذلك مع مراعاة الجودة والسمعة والنظام، ونأمل أن يتم استقطاب الطلاب من جميع الجنسيات؛ إذ يستوعب المشروع 3 آلاف طالب.
في القطاع الفندقي، ما هي الاستثمارات القائمة حالياً، وخصوصاً أنك تملك أكبر سلسلة من فنادق الأربع نجوم، وما هي المشروعات المستقبلية مع توقيعكم عقداً لتطوير منتجع حوار؟
- نملك حالياً 6 فنادق من فئة الأربع نجوم وأحدها من فئة الثلاث نجوم، وجميع المشغلين للفنادق من البحرينيين باستثناء «بست ويسترين» في الجفير.
ووقعنا مع شركة تطوير المنطقة الجنوبية لتطوير وإدارة منتجع حوار لمدة 15 عاماً؛ إذ نعمل على ترميم المنتجع الحالي المكون من 40 غرفة كما لدينا خطة تطويرية لإضافة 100 غرفة جديدة.
كما يوجد لدينا مشروع فندق جديد من فئة الخمس نجوم في منطقة الحدّ وهو في مرحلة الإنشاءات ويستوعب 270 غرفة وهو يشارف على الانتهاء وكذلك به قاعة مؤتمرات كبيرة تسع لـ 3000 شخص، إضافة إلى ذلك بدأنا في بناء فندق 4 نجوم جديد في منطقة الجفير.
في الختام أين ترى مستقبل البحرين وكيف تأمل أن ترى البحرين؟
- أعتقد أن مستقبل البحرين يكمن في ثلاثة قطاعات رئيسية: التعليم والصحة والسياحة، والبحرين تمتلك مقوّمات لتطوير هذه القطاعات. وهذه القطاعات الثلاثة تستفيد من الانفتاح الذي تعيشه البحرين كما ستنعش هذه مختلف القطاعات الأخرى وجميع مجالات الأعمال.
وأرى أن الاستقرار مهم جداً لاستقطاب الاستثمارات في أي بلد، ونأمل أن نرى مزيداً من الازدهار والنمو والتقدّم.
العدد 4064 - الثلثاء 22 أكتوبر 2013م الموافق 17 ذي الحجة 1434هـ
محمد الشيخي
السلام عليكم
هل توجد رغبة في انشاء مشاريع استثمارية في ليبيا نحن شركة الركن للمقولات واستثمار العقاري
Andmohamd1@gmail.com