العدد 4062 - الأحد 20 أكتوبر 2013م الموافق 15 ذي الحجة 1434هـ

التعليم الديمقراطي والعنصري

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الأفكار والنظريات العنصرية لا تنطلق إلا من بيئةٍ عنصريةٍ متخلفة، والأفكار والنظريات الحضارية لا تنطلق إلا من بيئة حرّة ديمقراطية، تحقق للبشرية قفزات نوعية إلى الأمام.

آخر الدعوات الواعدة في مجال التعليم، ما شهده عددٌ من الجامعات الأميركية والبريطانية العريقة من إطلاق فكرة التعليم العالي عبر الانترنت، من خلال تقديم دورات دراسية مركّزة أطلق عليها اختصاراً اسم «مووك» MOOC (الدورات التعليمية المفتوحة عبر الانترنت). وهي فكرةٌ ستترك تغييرات كبيرة على مؤسسات ومفاهيم وواقع ومخرجات التعليم الجامعي.

في التأريخ للعلم، الصينيون كانوا أول من اخترع الورق، وظلّوا محتفظين بسر الصنعة طوال ألفي عام حتى نقله عنهم المسلمون في العصر العباسي، فكسروا احتكاره في القرن العاشر الميلادي (الثالث الهجري). وساهم ذلك في نشر الكتب وانتشار المؤلفات بين المشرق والمغرب، اعتماداً على أكتاف قاعدة عريضة من الورّاقين والنسّاخين.

كانت النقلة العلمية التالية باختراع المطبعة في ألمانيا، على يد يوهان جوتنبرغ، في القرن الخامس عشر، حيث مهّدت لطباعة الكتب والصحف بالملايين، وانتشار المعرفة في شتى أقطار الأرض. كما ساعدت طباعة الكتاب المقدّس بعد ترجمته من اللغة اللاتينية التي لا يعرفها غير رجال الدين المسيحي، إلى اللغات الأوروبية، في كسر احتكارهم للغة الدين، ما مهّد لحدوث ثورة فكرية كبرى، والانعتاق من سلطة بابا روما.

خلال القرون الأربعة التالية ظلّت الجامعات محاضن للعلم والعلماء، ومع بداية القرن العشرين انتشرت فكرة التعليم للجميع، حيث ساهم ذلك في نشر المعرفة وتحسين الصحة ورفع مستوى المعيشة في مختلف القارات، فالفكرة الصالحة مثل المطر، تعمّ بخيرها الجميع. ولكن مع نهاية القرن، كان التعليم الجامعي قد تحوّل إلى عمليةٍ مكلِفة.

اليوم، تُطرح فكرة التعليم الجامعي العالي عبر الانترنت، لتكسر ما يشبه حالة «الاحتكار» التي بلغتها الجامعات الحديثة، حيث لم يعد التعليم الجامعي متاحاً للجميع، خصوصاً أبناء الطبقات محدودة الدخل. كما أن انتشار مؤسسات التعليم الخاص التي تقدّم مستوى تعليمياً أفضل، أخذ يفرز حالة طبقية جديدة في التعليم، خصوصاً في البلدان العربية التي تشترط معرفة اللغة الأجنبية في الدراسة والعمل. ونجد أنفسنا أمام واقعين مختلفين من التعليم، سيكون له تأثيراته المستقبلية على واقع المجتمع والسياسة والأمن والاستقرار.

فكرة فتح أبواب التعليم الجامعي أمام الجميع، سيمثّل نقلةً نوعيةً كبيرةً إلى الأمام، فالطالب المتفوّق الذي يواجه صعوبة مالية تمنعه من إكمال تعليمه الجامعي، أو توضع أمامه عراقيل بسبب الاستهداف السياسي، بسبب لونه أو عرقه أو طائفته أو انتمائه، سيجد الطريق أمامه مفتوحاًً، مادام يمتلك الرغبة في التعلم ويبحث عن الطريق الموصِل إلى هذه الجامعات الرائدة.

في هذه التجربة، الطالب، سواءً كان آسيوياً أو أفريقياً أو أميركياً لاتينياً، ليس بحاجةٍ إلى أكثر من جهاز حاسوب وخدمة انترنت وامتلاك مستوى جيد من اللغة الأجنبية للتواصل مع المحيط الجامعي، والأهم... أن يمتلك رغبةً حقيقيةً في التعلّم والالتحاق بقطار التعليم.

إننا على أعتاب نقلةٍ نوعيةٍ كبرى في التعليم، والجامعات العريقة التي كانت قلعةً مغلقةً على العلماء قبل قرن، أصبحت تقود هذه الثورة التي ستفتح أبواب التعليم الجامعي أمام الجميع. فالمجتمع الحر ينتج أفكاراً حرّة تؤدي إلى ازدهار المجتمعات، بينما المجتمعات المتخلفة لا تنتج غير الفقر والعنصرية والتمييز.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4062 - الأحد 20 أكتوبر 2013م الموافق 15 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 5:36 ص

      الإخوان ومشاكلهم في البحرين!

      ليس من أسرار الحرب البارده لكن من الوزاراة السياديه التي سيطر عليها الإخوان في البحرين وزارة التربية والتعليم!. قال جحا ليش عاد نسوا أو تناسوا ما فعله الإخوان في مصر وفي السودان وفي العراق (...)؟

    • زائر 7 | 4:20 ص

      الأفكار والنظريات العنصرية لا تنطلق إلا من بيئةٍ عنصريةٍ متخلفة

      نعم .. بالأمس العنصريون المتخلفون كانوا يجلبون الموز ويرمونها فى الملعب وفى اتجاه حامي العرين حمود سلطان .. واليوم العنصريون المتخلفون يجلبون المولوتوف ويرمونها فى المدارس وفى اتجاه حماة الوطن!!.

    • زائر 11 زائر 7 | 7:31 ص

      اقرأ وتثقف أحسن

      أوجعك كلام الحق؟ ما تقبلونه. قمت تصيح وتهذي. قلب الحقائق لا يفيد فالكل يشهد ما يجري من تمييز وتدمير اللتربية والتعليم. اقرأ مقال سلمان سالم اليوم يمكن تتنور اشوي.

    • زائر 12 زائر 7 | 8:26 ص

      اتق الله ولا تكن شاهد زور

      الافكار العنصرية هي التي ادت الى هدم بيوت الله وفصل آلاف البحرنيين واعتقال آلاف بما فيهم النساء. هذه لاول مرة في التاريخ. قل الحق أو اصمت يرحمك الله. ولا تكن شاهد زور.

    • زائر 5 | 2:07 ص

      المشكلة تجارية بحته

      ان اصحاب العقول الخاوية هم من يتحكمون بغالبية الشعوب اصبحت موازين العالم مقلوبة فاصبح اللصوص هم المدراء والشرفاء يقبعون خلف السجون واصبحوا من يمتلكون شهادات الاعدادية والثانوية مع اعادة في بعض المواد هم الاستاذ والدكتور و المدير واصبح اصحاب الدكتوراه والماجستير والدبلوم ما زالوا يبحثون عن عمل وان اصحاب العقول التجارية هم من يديرون شئون العامة
      فلذالك اصبحت مسألة التعليم امرا تجاريا يدر مردود مربحاً دون مراعاة فبعد دراسة 4 سنوات وبدالاً من ان يتخرج الابناء فترى شهاداتهم لا تعتمد ......!

    • زائر 4 | 1:45 ص

      بني جمره وصاحب الجمرات الوديه!

      ليس بسر أن التعليم في البحرين متقهقر ومتراجع وقد يقال تخلف كثيراً!. فقد كان في البحرين أو جزيرة أوال من العلماء والجهابده أمثال صعصه وأمير زيد أبناء صوحان كما إبراهيم الأشتر كما الشيخ ميثم التمار والسيد هاشم البحريني – التوبلاني والحلي وغيرهم ليسوا قليل. بينما اليوم قد يخجل البحر من الدفان وتخجل الأرض التي نمشي عليها من تراجع التعليم. هنا السؤال ما السبب؟ أو ما أسباب هذا التخلف في التعليم وقله في التربيه أو قلالة الحياء عند بعض الناس زادة؟ قال جحا!

    • زائر 3 | 12:31 ص

      السباحة عكس التيار

      من تشير إلبهم بعيشون في عالم آخر والزمن توقف عندهم لهم آذان لا يسمعون لها ولهم أعين لا يبصرون لها ولهم قلوب ولكن لا يفقهون إذن هم كالأنعام بل أضل وهؤلاء مكانهم معروف ونهايتهم محتومة ومارهي إلا مسألة وقت وإن غدا لناظره قريب

    • زائر 2 | 12:06 ص

      تسلم ايدك على هالمقال

      اي و الله صدقت متى يتحرر هذا العالم من السلبيات و الاستهداف الطائفي و العرقي نريد جيلاً واعيا فشبابنا يحبون العلم و المعرفه و هم دائماً متفوقون و توّاقون للافضل و لكن حسبي الله و نعم الوكيل و كفى فالله اعلم بمافي القلوب الكسيرة يافرج الله

    • زائر 1 | 11:01 م

      لدينا الكثير.

      ونحن فى البحرين لدينا الكثير من التخلف والرجعيه ورافضه للعلم وادارات التعليم فى البحرين نموذج فاقع.

اقرأ ايضاً