لا أعتبر نفسي استاذاً ولا خبيراً في العلاقات الدولية، لكنني ومن واقع معايشتي للعمل السياسي على امتداد أربعين عاماً، وتعاملي مع سياسيين ودبلوماسيين من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، أود أن أقدم درساً مجانياً للمؤزّمين لعلاقات مملكة البحرين مع العالم، بما في ذلك بعض أشقائنا في الخليج بضفتيه.
على امتداد أكثر من عامين ونصف، تابعنا دعوات المؤزمين العنترية، بعدم الاعتداد بأي نقد أو نصيحة أو توصية صادرة عن الأشقاء والأصدقاء، دولاً وبرلمانات ومنظمات وشخصيات، بما في ذلك الرئيس الأميركي باراك أوباما، وكذلك تلك الصادرة عن الأمم المتحدة ومن أعلى المستويات، بدءًا من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والمفوّض السامي لحقوق الإنسان السيدة نافي بيلاي. وكما عبّر عن ذلك أحد المسئولين في تعليقه على تحذيرات بشأن جلسة المراجعة الدورية لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة في سبتمبر 2012 في جنيف، «كلها ساعة وتنقضي»، لكن الساعة تحوّلت إلى ساعات من المحاكمة الأممية لسجل حكومة البحرين في حقوق الإنسان، وعدم وفائها بالتزاماتها الدولية. أو كما قالت إحداهن تعليقاً على توصيات مجلس حقوق الإنسان الـ 176 «بلوها واشربوا مايتها»! ليس هذا فحسب بل صعّد المؤزّمون موقفهم من الحليف الاستراتيجي الولايات المتحدة، إثر خطاب أوباما في الأمم المتحدة، إذ تقول إحداهن: «أميركا لم تكن بذات السطوة والقوة، لا تكترثوا بها». بل إن أحد جهابذة الفكر الاستراتيجي من المؤزّمين، طرح «إنهاء العلاقة الاستراتيجية مع أميركا ومظلتها الأمنية والتوجّه شرقاً... إلى سيرلانكا مثلاً كبديل». هؤلاء فزعوا بعد التقارب الإيراني الأميركي الغربي، وكأنهم أفاقوا على كابوس، متّهمين الحليف الأميركي بالخيانة، لماذا؟ لأنه يتحادث مع قوه إقليمية كبرى في منطقة الخليج الحيوية للمصالح الغربية.
الدرس بسيط، وهو إننا نعيش في عالمٍ معولم، عالم المصالح المتبادلة والحدود المفتوحة، والتعاون على مختلف المستويات الإقليمية والدولية، بديلاً عن القطيعة والانغلاق. عالم البحث عن حلول وسط؛ حلول توفيقية تحفظ مصالح الجميع. حلول من خلال المفاوضات وليس الحروب والمواجهات. عالم ليس فيه سيادة وطائفية مطلقة بل سيادة نسبية. هذا التوجه في العلاقات الدولية قديم، لكنه أضحى ضرورة حياة أو موت في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت العالم الغربي وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي تقف على حافة هوة أزمة مالية واقتصادية. فهل أميركا والغرب في وارد شن حرب ضد سورية أو حتى إيران، لسواد عيوننا نحن الخليجيين؟ وهل ليس للولايات المتحدة والغرب، اهتمام سوى إرضاء المتشددين والمؤزّمين والأتباع؟ ألا يدرك هؤلاء أن الحروب الايدلوجية انتهت، وأن من مصلحة الأنظمة العربية وأميركا والغرب حلّ الأزمات التي استطالت هنا وهناك، حيث تخشى أميركا على تسهيلاتها وسلامة مواطنيها خصوصاً جنودها كما تخشى أميركا والغرب تمدّد الأزمة إلى الجوار.
لقد بادر أمير قطر إلى دعوة الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي سيلبّي الدعوة. فعلى امتداد عقد تأزمت العلاقات مع إيران تكراراً، وكانت هناك أزمات صامتة مع أشقاء خليجيين كما تأزمت علاقاتنا مع العراق ومع لبنان، ثم وسّعنا الدائرة بتلميحاتٍ غير عقلانية بإعادة النظر بالتسهيلات المقدّمة لأميركا، وكأن العالم ضاق بأميركا وليس لها خيارات أخرى.
البحرين التي يعود الفضل في استقلالها لقرار مجلس الأمن للأمم المتحدة، تتحدّى الأمم المتحدة في تنفيذ التزاماتها الدولية، وتهاجم مسئوليها وفي مقدمتهم نافي بيلاي، والمفارقة أنه في حين علّمت التجارب المريرة المعارضة دروس الاعتدال والواقعية والتمسّك بالحوار والسلمية في الحراك، يبدو عكس ذلك لدى المؤزمين من أنصار النظام، إذ يعتقدون أنهم انتصروا على المعارضة وعلى دول العالم خصوصاً الحلفاء، وعلى المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة.
لم يبق في العالم دولةٌ معزولةٌ مقيمة ضمن أسوار الذات، سوى كوريا الشمالية، ولم تبق دولة منغلقة على ذاتها سوى «إسرائيل»، التي قامت على العدوان والعنصرية، ولكن بسبب ظروف وأوضاع معروفة، ويعود كثير منها للأنظمة العربية الفاشلة، لكنها ستنتهي ويقوم على أنقاضها دولة عربية يهودية ديمقراطية. فعلينا أن نختار، إما العزلة والدولة الفاشلة، وإما أن ننتمي للمنظومة العالمية.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4061 - السبت 19 أكتوبر 2013م الموافق 14 ذي الحجة 1434هـ
شكرًا أستاذنا الفاضل
شكرًا لتواضعك و لنصائحك المجانية لمن لا يستحقها لأنه يعتقد انه فوق البشر ، وشكرا لاهتمامك بالشأن العام والجانب الحقوقي بشكل خاص ، فأنت في نظرنا أستاذا في الفلسفة وخبيرا في السياسات الدولية رغم أنف المنافقين والمتمصلحين، فرجاء لا تقلل من قيمة نفسك لأننا نعتبرك أستاذا قديراً متمكناً وتتلهف لقراءة مقالاتك لما لها من فائدة وأهمية .
رحم أالله امرئ عرف قدر نفسة
نقدرلك استاذنا العزيز اعترافك في بداية مقالك بانك لست استاذا في السياسة ولا خبيرا في السياسات الدولية و هذا ما تبين من فحو مقالك. ولكن ناخذ عليك بانك حاولت من خلال مقالك ان تعطي دروسا و مجانية في مواضيع لست استاذا و لاخبيرا فيها.
سياسه
عندما تنشغل آلامه بتوافه الأمور فقل عليها السلام فكل ما يشغلها هو القشور فقط على كل المستويات ولهذا نتراجع كل يوم خطوه الى الوراء والعالم يقفز عشر خطوات الى الامام لدرجه أصبحنا نستجدي المعونات من دول الجوار بدلا من تنميه مواردنا واستثمارنا في الانسان المواطن
مهتم
بل عندما تبتلى الدول بمعارضة مسيرة .
صدقت
صدقت يا اخ عبدالنبي انه درس مجاني ولاكن اين المستمع والمستفيد ، لم يستفيدوا من دول العالم التي حاربت سنين واستهلكت مواردها البشريه والاقتصاديه انظروا الي اوروبا واليابان وكوريا اين هم الان ، ولا نذهب بعيدا هذع ااامارات بسياستها فصلت السياسه عن الاقتصاد مع ايران وانظروا اليها اليوم الامارات وخصوصا دبي اصبحت من المدن المتطوره افيقوا يا جماعه قبل لا يقع الفاس في الرأس
لدينا استاذة جهابذة وفي المقابل لا احد يستمع لهم
ابو منصور استاذ بحقّ ولكن ضياع الجهود وضياع المواهبة وضياع الخبرات في البحرين امر تعودنا عليه فمن السهل ان تأتي بجاهل غير مؤهل وتجلسه مكان
شخص صاحب مؤهلات عليا وخبرة فقط بسبب الطائفية والمحسوبية ضاربين عرض الحائط بكل المقاييس
شكرًا ولاكن
شكرًا أستاذ عبد النبي العكري ولاكن هل يقبل ويستمع الى النصيحة من تشبه بالآلهة !!!
دولة عربية يهودية؟!
لفتتني هذي العبارة.. هالكيف يعني تقصد بعد زوال اسرائيل بتكون دولتين فلسطين عربية وفلسطين يهودية؟
فلسطن
اقصد ياخي دوله عربيه يهوديه ديمقراطيه لجميع ابنائها دون عنصريه الصهيونيه اوشوفينيه عربيه وهو ماترفضه ارائيل