على رغم عراقة صناعة الفخار التي اشتهرت بها البحرين، إلا أن هذه الصناعة تُصارع للبقاء أمام الإهمال الرسمي.
وفي لقاء مع «الوسط»، طرح أعضاء اللجنة الأهلية لقرية عالي، عدة ملفات عالقة فيما يخص المنطقة الأثرية في عالي، ومن بينها التل الأثري الواقع قرب المقبرة الشرقية في عالي، وآخر عند مدخل القرية، والخطة التطويرية لمنطقة الفخار، وكذلك فيما يخص نقص مادة الطين والدعم الحكومي لهذه الصناعة، والتلال الأثرية خارج القرية (المقابر).
إلى ذلك، قال رئيس اللجنة الأهلية لقرية عالي عادل الستري: «تم تشكيل لجنة أهلية لمتابعة الموضوعات العالقة في الموقع الأثري في عالي، وعندما كنت نائباً لرئيس مجلس بلدي الوسطى رفعت خطابات إلى الجهة الرسمية المعنية بالآثار، وعقد أكثر من اجتماع بخصوص التل الأثري في القرية، ووافقت الجهة المعنية على طلب الأهالي بتنقيبه، على أن يتم توفير الأيدي العاملة، والآليات اللازمة من قبل الأهالي، ووافق الأهالي على ذلك من خلال جمع تبرعات لهذا المشروع، وبلغت كلفة هذا المشروع نحو 40 ألف دينار، بشرط أن يبقى التل الأثري تابعاً لإدارة الآثار ويتم تعويض أهالي القرية بأرض أخرى، وتم تكليف مكتب هندسي لتخطيط المنطقة، وتم الانتهاء من التنقيب بفضل جهود الأهالي وعلى نفقتهم الخاصة وكلف ذلك مبلغ 40 ألف دينار، إلا أنه لم يتم تعويضهم بأرض بديلة، كما لم يعوضوا عن كلفة الآليات والأيدي العاملة».
وأشار إلى أن «الأهالي طلبوا وثيقة رسمية للأرض البديلة، ومنذ العام 2010 لم يحصل الأهالي على أرض بديلة».
ونقل الستري تضرر الأهالي من وجود هذا التل الذي يهدد حياتهم بسبب تساقط أجزاء منه بين فترة وأخرى.
وبخصوص الخطة التي وضعها المجلس البلدي في العام 2002 لتطوير منطقة الفخار، ذكر أنه تم وضع الرسومات الهندسية لتنفيذ المشروع بتمويل من وزارة شئون البلديات لتنفيذ المرحلة الأولى منه، وظل هذا المشروع عالقاً حتى العام 2006، وأضاف الستري «بعد دخولي المجلس البلدي أخذت على عاتقي متابعة المشروع، واجتمعت بوزير الإعلام السابق بهذا الخصوص، وأبدى موافقته على البدء بالمشروع، إلا أن أحد المسئولين في الوزارة وقف أمام المضي في هذا المشروع على اعتبار أن هذا المشروع لا يتبع المجلس البلدي».
وذكر الستري أن «قرية عالي كانت تحتضن 20 مصنعاً للفخار، وتقلص العدد إلى 5 مصانع تصارع للبقاء، إذ تم وقف تزويد المصانع بمادة الطين التي تحتاجها في هذه الصناعة، وعلى مدى 10 سنوات باءت جميع محاولات تطوير المنطقة بالفشل، لعدم وجود الجدية من الجانب الرسمي».
وطالب وزارة الثقافة بزيارة المنطقة والاطلاع عن كثب على ما تعانيه المصانع من إهمال، وخصوصاً أنها تُعتبر منطقة جذب للسياح الأجانب.
وفيما يخص مادة الطين، قال الستري: «إن الهم الأكبر للعاملين في صناعة الفخار هو نقص مادة الطين وصعوبة الحصول عليها، وقد طرح هذا الموضوع في عدة اجتماعات لضرورة التوصل لحل لهذه المشكلة، إلا أن الأسباب التي ساقها مجلس بلدي المنطقة الجنوبية ما هي إلا حجج واهية في منع حصول أصحاب مصانع الفخار على الطين، وجرت محاولات لعقد اجتماع بين المجلس البلدي واللجنة الأهلية لتدارس هذه المشكلة إلا أن ذلك لم يفلح في عقد هذا الاجتماع».
وأشار إلى أن «مصانع الطين كانت منذ القدم تعتمد على مادة الطين المتوافرة في البحرين، ولكن للأسف تصل هذه المادة في الفترة الحالية من مصر، في حين أن كلفة استيرادها مرتفعة ولا تغطي نفقات المصانع، فضلاً عن أن الكمية غير كافية للمصانع».
ونقل الستري شكاوى أصحاب مصانع الفخار من غياب الدعم الحكومي لهذه الصناعة التي اشتهرت بها البحرين، وأشاروا إلى أنهم يطالبون الدولة بمعاملتهم بالمثل مع أصحاب الصناعات القديمة الأخرى.
وناشد الستري المسئولين بضرورة تطوير المنطقة التي يقصدها الكثير من السياح الأجانب التي تُعتبر منطقة أثرية قديمة، وقال: «لا نريد أن تكون صناعة الفخار مجرد اسم من دون وجود عمل حقيقي في المصانع».
من جهته، أفاد منسق اللجنة الأهلية لقرية عالي علي حسن العالي، بأن «تعاقب المديرين المعنيين بالآثار، أجّل حسم الكثير من الملفات المتعلقة بصناعة الفخار والمنطقة الأثرية في عالي، ولم نجد أي رد من قبل المديرين الذين قطعوا وعوداً لتحريك الملفات العالقة كما لم نلمس أي تحرك من قبل وزيرة الثقافة لتحديد موعد للقاء لجنة على رغم الطلبات المتكررة بهذا الخصوص».
وفيما يخص التل الأثري الواقع قرب المقبرة الشرقية في عالي، أوضح العالي أنه «كان هناك طلب من الأهالي لتوسعة المقبرة رُفع إلى إدارة الآثار بوزارة الثقافة، وطلب الأهالي تنقيب التل الأثري، غير أن الوزارة طلبت من الأهالي توفير الآليات لذلك، على أن تقوم الوزارة بتعويض الأهالي عن الكلفة المالية لذلك، ولم يحصل الأهالي على أي تعويض».
وأشار إلى أن «اللجنة في مأزق مع الأهالي بسبب عدم دفع وزارة الثقافة للتعويضات المستحقة للأهالي، علاوة على عدم إتمام أعمال التنقيب في الموقع».
وبالنسبة للتل الأثري الواقع في مدخل القرية، ذكر العالي أن «هذا الموضوع طرح في جميع الاجتماعات مع المسئولين عن الآثار، بضرورة الاهتمام به ليعطي صورة جمالية للمنطقة، وخصوصاً أنه يسبب ضرراً الأهالي الذين تقع منازلهم بالقرب من التل من وجود الثعابين والحشرات والفئران، بالإضافة إلى الأوساخ التي يتسبب بها، فضلاً عن جلوس العمالة الآسيوية على التل في الفترة المسائية، كما أنه آيل للسقوط».
ونقل العالي اقتراح الأهالي بأن يُحوَّل موقع هذا التل إلى أرض لمشروع إسكاني أو حديقة لخدمة أهالي المنطقة، في حال لم تكن هناك رغبة رسمية بالتنقيب فيه.
وفيما يتعلق بالتلال الأثرية، قال العالي: «تحدث المسئولون في إدارة الآثار قبل عدة سنوات عن وجود خطة لتطوير المنطقة بشكل متكامل، ولكن هذا المشروع لم يكن سوى حبر على ورق».
من جهة أخرى، تحدث ممثل أصحاب مصانع الفخار عبدالنبي عبدالرحيم، وقال: «كانت هناك خطة متكاملة لتطوير أرض الفخار على أن يتم تحديد حدود كل مصنع وإصدار عقد تمليك لكل واحد منها لتوريثه للأجيال المقبلة، غير أن ذلك لم ينفذ وبقي أصحاب المصانع في قلق، ولا يستطيعون تطويره أو توريثه لأبنائهم».
وذكر علي عبدالرحيم صاحب أقدم مصنع فخار في عالي، وقال: «عمر مصنعنا يعود إلى 250 سنة، وفي السابق كنا نذهب على الحمير لجلب الطين من الرفاع ومدينة حمد، وواجهنا عدة مشكلات حينها، والآن يقتصر الأمر على الحصول على الطين من منطقة الحنينية».
وذكر أن «مصانع الفخار تعاني من منعها من الحصول على الطين من الرفاع، وغالبية العمالة الآسيوية التي كانت تساعد المصانع تم تسفيرها بسبب تراجع العمل، وتوافر كميات محدودة من مخزون الطين، وخصوصاً أن المصانع دأبت على استيراد الطين من مصر، وتبلغ كلفة شحنة من 25 طناً نحو 3 آلاف دينار، التي لا تغطي مصاريف العمل، إلا أنه وفي الفترة الأخيرة توقف الاستيراد من مصر بسبب الأزمة هناك، وفي إحدى الفترات كانت هناك وعود رسمية بترميم المصنع على اعتبار أنه آيل للسقوط إلا أن هذا الأمر لم يتم، على رغم أن مصنعنا يستقطب الكثير من السياح».
وطالب عبدالرحيم بتوفير الدعم الحكومي لهذه الصناعة، وإخضاع العاملين لنظام التأمين الاجتماعي ضماناً لمستقبلهم مع عائلاتهم، وخصوصاً أن هذه المهنة هي المدخول الوحيد للأسرة المكونة من 14 شخصاً، على حد قوله.
العدد 4061 - السبت 19 أكتوبر 2013م الموافق 14 ذي الحجة 1434هـ
لو
لو يعطونه اي دوله تتبني المشروع لأستفادت منه ماديا