وصف رئيس لجنة المرافق العامة بمجلس النواب حسن الدوسري، واقع الصيد في البحرين بـ «المؤسف»، لافتاً إلى أن «الخطط الحكومية لانتشال هذا القطاع وإنقاذه مجمدة، وما تزال غير مطبقة بشكلٍ فاعل».
وذكر الدوسري في لقاء مع «الوسط» أن «وجود بعض القصور في التشريعات، لا يعطي مبرراً للجهات الرسمية لهذا التدهور الحاصل في الصيد، وتقلص السواحل في البلاد».
وشدد على «أهمية أن تكون هناك حزمة من القوانين المتكاملة التي تنظم الصيد البحري في البحرين، وعمليات الدفان والردم وتملُّك السواحل».
وأوضح الدوسري أن «الجدية التي يجب أن توفرها الحكومة لحل مشاكل هذا القطاع يجب أن يرافقها مجموعة من الإجراءات الرسمية، ومنها أنه يجب أن تعتمد موازنة لوقف اعتماد رخص الصيد، وأن يتم منع الصيد لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، والقيام بمعالجات فورية لانتشال هذا القطاع من المشاكل التي يعاني منها».
وفيما يلي نص الحديث معه:
بصفتك رئيساً للجنة المرافق العامة في مجلس النواب، وهي المعنية بملف الصيد والسواحل في البحرين، كيف تنظر إلى واقع هذا الملف حالياً؟
- واقع الصيد في البحرين مؤسف، وصلنا إلى مرحلة تدهور للثروة السمكية بشكل خاص، والبحرية بشكلٍ عام في البحرين، لذلك نجد الصيادين يعانون من المشاكل، أولها التعدي على الثروة البحرين من خلال الدفان وردم العديد من المواقع والصيد الجائر، وعدم وجود رقابة جدية على هذه الأعمال، كما أننا خسرنا بعض المصائد المهمة بعد ترسيم الحدود مع دولة قطر، كذلك فإن ندرة النوخذة البحريني كانت أحد أسباب تدهور هذا القطاع، لأن البديل هو العمالة الأجنبية، وهذه العمالة لا تراعي ثروات البلد الطبيعية، بل يكون همها الحصول على أكبر قدر من الصيد والثروات الطبيعية بغض النظر عن الطرق والوسائل المستخدمة في سبيل ذلك.
أيضا هناك عامل آخر مهم، أدى لتدهور هذا القطاع بشكلٍ بارز، من خلال منح رخص صيد بطريقة عشوائية، مما جعل الطاقة الاستيعابية للأسماك تنخفض بشكلٍ كبير خلال السنوات الأخيرة بشكلٍ واضح.
هل تعتقد أن نقص أو قصور وقدم التشريعات ساهم في تردي هذا القطاع وتراجعه؟
ـ حتى وإن كان هناك بعض القصور في التشريعات، فهذا لا يعطي مبرراً لهذا التدهور الحاصل في الصيد، وتقلص السواحل في البلاد.
خذ مثلاً الصيد الجائر، هناك العديد من التشريعات التي تجرِّم أنواع الصيد الجائر، ولكن هذه الممارسات المخالفة مستمرة، ليس لقصور التشريع، بل ربما لأسباب أخرى من ضمنها غياب الرقابة على هذه الأمور.
مع ذلك، يفترض أن تكون هناك حزمة من القوانين المتكاملة التي تنظم الصيد البحري في البحرين، وعمليات الدفان والردم وتملك السواحل.
ما هي جهودكم في لجنة المرافق العامة في دعم الصيادين البحرينيين؟
- لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس النواب وافقت مؤخراً على مشروع قانون بشأن إنشاء وتنظيم صندوق دعم الصيادين البحرينيين (المعد في ضوء الاقتراح بقانون المقدم من مجلس النواب)، ويهدف الصندوق إلى تحقيق عدد من الأهداف للصيادين المحترفين عن طريق صرف مساعدة شهرية مقطوعة لا تقل عن 200 دينار أثناء فترة الصيد، ولا تقل عن 300 دينار أثناء فترة حظر الصيد، واستمرار صرف المساعدة عند التوقف في حالة العجز بما لا يقل عن 200 دينار، إضافة إلى تعويض الصيادين المتضررين من الكوارث والحوادث والأزمات، ويستثنى من ذلك المخالفون للقوانين والقرارات، ويقوم المتضرر بتقديم ما يثبت ذلك.
هل كان هناك حراك برلماني إزاء إيقاف رخص الصيد، التي تحدثت عن كونها أحد أسباب تدهور الثروة البحرية في البلاد؟
- انتهينا في لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس النواب من مشروع الصيادين البحرينيين، هناك 4 أشهر يتم منع صيد الروبيان، وبالتالي من خلال هذا الصندوق يمكن دعم الصيادين خلال هذه الفترة، التي يتوقفون فيها عن الصيد.
وقد ناقشت اللجنة بعض المقترحات، التي تهدف إلى قيام الحكومة بطرح مبادرة لتقليص رخص صيد الأسماك والروبيان، من خلال تعويض من يرغب في التخلي عن هذه الرخص تعويضاً عادلاً، ونحن بدورنا تقدمنا بمقترحات لتقليص رخص الصيد البحري.
وقد توجهت شخصيّاً بسؤال نيابي إلى وزير شئون البلديات والتخطيط العمراني عن رخص الصيد البحري، وذكرت في تعليقي على إجابته أننا اليوم نستورد السمك، والوزير يتحدث عن الاستراتيجيات، فأية استراتيجية تلك التي لا تسمح بتعويض لخفض رخص الصيد، و20 رخصة فقط لصيد الروبيان تم إيقافها من 2002 إلى 2009، والسؤال بعد ترسيم الحدود مع قطر هل يسمح بالعدد الموجود؟ وهناك ازدياد كبير في رخص صيد الأسماك، فهناك المحسوبيات وموظفون ومسئولون يحصلون على الرخص.
الثروة السمكية تعتبر من أهم المصادر الطبيعية، التي استغلها الإنسان وتطورت هذه المهنة تطوراً كبيراً، والأسماك توفر جزءاً كبيراً من الأمن الغذائي؛ لذلك لابد أن تكون هناك خطط للحفاظ عليها، وهي مسئولية مشتركة بين الشعب والدولة، إذاً لماذا نرى تدهوراً مستمرّاً للثروة ومن يتحمل المسئولية؟، وأعمال الدفان هي السبب الرئيسي لتدمير البيئة البحرية، وقد شكل المجلس لجنة التحقيق في الدفان لكن التوصيات لم تنفذ حتى الآن.
لا توجد أية رقابة من أية جهة مختصة على الصيد الجائر سوى من خفر السواحل، وهي تتحجج بأنها غير معنية مع أن القانون يخولها التفتيش، كما أن هناك الكثير من السفن تسكب باقي الزيت في البحر علاوة على القمامة ما يتسبب في موت الكثير من الأسماك، كما أن شباك الجر تقضي على بيوت الأسماك، ولا توجد أية رقابة على هذه الأدوات المخالفة للأعراف والقوانين، وهناك إهمال كبير في تنفيذ القوانين.
كيف تنظرون إلى الجهود الحكومية في هذا الصدد، وهل تتلمسون جديتها في إيجاد حلول لملف الصيد في البحرين؟
- هناك تراخٍ في تطبيق القوانين الموجودة، وهو ما جعلنا نصل إلى هذه الكارثة، وأصر على أنها كارثة وليست مشكلة، هناك توجه لزراعة الأسماك، وإذا كانت هناك جدية من قبل الدولة سيكون حلاً لجزء من المشكلة وليس كلها.
الجدية يجب أن يرافقها مجموعة من الإجراءات الرسمية، ومنها أنه يجب أن تعتمد موازنة لوقف اعتماد رخص الصيد، وأن يتم منع الصيد لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، والقيام بمعالجات فورية لانتشال هذا القطاع من المشاكل التي يعاني منها.
هل تعتقدون أن استخدام النواب لأدواتهم الرقابية، خاصة في الفصل التشريعي الحالي المستمر منذ ثلاث سنوات، كان له دور فاعل في حث الجهات الرسمية على تقديم بعض المعالجات لقطاع الصيد؟
- استخدام النواب لأدواتهم الرقابية أثمر على مستوى الخطط الحكومية فقط، أما بشكل عملي على أرض الواقع، للآن لا يزال الموضوع يراوح مكانه، ولا نعلم إذا تم تسليم شركة أسماك موقعاً لبدء أعمالها أم لا.
وكذلك، لا يمكن حصر الجهود النيابية في تحسين هذا الملف وإيجاد حلول له على هذا الفصل التشريعي، فقد شكل مجلس النواب في الفصل التشريعي السابق لجنة تحقيق في أعمال الدفان، وخلص إلى توصيات عديدة، ولكنها لم تنفذ للآن.
ولكننا الآن ومن خلال التواصل مع المسئول عن ملف الثروة البحرية ابتسام خلف، فأنا مستبشر بجهودها لوضع حلول لمحاولة إرجاع جزء الثروة البحرية إلى سابق عهدها.
يشار إلى أن التقرير النهائي للجنة التحقيق البرلمانية في الدفان، التي أنهت أعمالها أواخر 2009، كشف عن أن المساحات البحرية والسواحل التي ردمت منذ العام 2002 حتى الآن وصلت إلى أكثر من 23 كيلومتراً مربعاً، وأن 85 إلى 90 في المئة من أعمال الدفان هذه تمّت لأفراد أو مؤسسات خاصة، وبيّنت أن دفان بعض المناطق البحرية تم من دون الحصول على ترخيص من الجهات ذات العلاقة، كما تبيّن أن تقديم بعض طلبات الحصول على ترخيص بالدفان تم بعد الانتهاء منه.
وأوصى التقرير بوقف منح تراخيص عمليات الجرف والدفان في المساحات البحرية باستثناء المشروعات ذات النفع العام والوحدات السكنية غير الاستثمارية حتى يتم اعتماد المخطط الهيكلي الاستراتيجي التفصيلي للبحرين من الجهات المختصة، وإنشاء جهاز موحد يختص بإصدار تراخيص الجرف والدفان، وتحديد مساحاتها وكمياتها ومواقعها البحرية، ويتولى مسئولية الرصد والمراقبة والمتابعة لجميع تلك الأعمال أثناء التنفيذ، ويكون تابعاً إلى وزارة شئون البلديات والزراعة.
وشدد كذلك على ضرورة التزام الحكومة بتنفيذ أحكام قانون حماية الشواطئ والسواحل والمنافذ البحرية، الذي يمنع المساس بالسواحل عموماً، وتحديد نسبة لا تقل عن 50 في المئة من السواحل، التي تدفن للمشروعات الخاصة لاستخدامها سواحل عامة، وبالحفاظ على ما يخصص من مساحات بحرية لحساب الأجيال المقبلة، ومنع المساس بها لغير المنفعة العامة.
العدد 4061 - السبت 19 أكتوبر 2013م الموافق 14 ذي الحجة 1434هـ