حالة الاضطراب والانتقائية وازدواجية المعايير في السياسة الدولية هي الحالة الطبيعية. وهذا يفتح الباب على مصراعيه لمن يريد التشكيك في المحاكم الدولية والعدالة الجنائية الدولية، كونها جزءاً من كل دولي. لا يختلف عن ذلك أحد، ضعيفاً كان أو قوياً.
فمثلاً وقفت أميركا وإسرائيل والدول العربية مجتمعة ضد إقرار اتفاقية روما التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية 1998. اصطفاف غريب؟ ربما. لكنه ليس بتلك الغرابة، فالشواهد على تبادل المصالح كثيرة.
محاكمة رئيس ليبيريا الأسبق شارلز تايلور، والتي انتهت بإدانته «دولياً»، والحكم عليه بالسجن 50 عاماً، لم تخل من التشكيك. فها هو محامي دفاع تايلور يشير إلى أن إدانته تمثل انتقائية سياسية. وتساءل عن عدم إدانة رؤساء سابقين كمعمر القذافي اتفقوا مع تايلور على إثارة الاضطرابات في غرب إفريقيا.
كما أكد محامي تايلور أنه إن أراد مجرم حرب الإفلات من العقاب فعليه أن يكون صديقاً لإحدى الدول الخمس في مجلس الأمن. وعلى أنها مقولة تبسيطية، إلا أنها من حيث الشكل الخارجي تبدو مقبولة، كثقافة دولية سائدة، تتعامل مع ازدواجية المعايير كأمر من المسلمات.
من المنطلق ذاته يتحرك الاتحاد الإفريقي للدفاع عن الرئيس الكيني كينياتا، وتجنيبه مساءلة المحكمة الجنائية الدولية، بحجج أغلبها سياسية واتهامات بالانتقائية، ويدور المنوال ذاته في قضية الرئيس السوداني عمر البشير، وهي الحجة ذاتها التي تدافع بها إسرائيل عن نفسها في وجه ضغوط دولية.
بالطبع يحق لأي كان، وخصوصاً السياسيين، اتهام المحكمة الدولية بأنها مسيسة وانتقائية، لكن حقيقة الأمر أن ما يجري على أرض الواقع من تطور مؤسسي قد تجاوز الطرح التشكيكي والمؤامراتي التقليدي بمراحل. ويبدو أن هناك مساراً آخر يتطور خارج نمط السياسة الدولية التقليدية القائمة على الانتقائية وازدواجية المعايير. من دون مبالغة أو تهويل أو تقليل من شأن المحكمة ودورها واستقلاليتها.
وهكذا فإن إدانة تايلور على رغم كل الملاحظات والانتقادات المشروع منها وغير المشروع قفزت بنا خطوة إلى الأمام، لكن كيف استطاعت تلك المسارات الواعدة بإدانة مجرمي الحرب باستقلالية أن تتجاوز الضغط العكسي من الحكومات الرافض لأية نقلة نوعية في ترسيخ قيم ومبادئ العدالة الجنائية الدولية؟ وكيف وجدنا أنفسنا أمام واقع جديد يبشر بالمزيد من المحاسبة لرؤساء دول وحكومات مارقة؟ ذلك ما سنسعى لتبيانه لاحقاً.
إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"العدد 4060 - الجمعة 18 أكتوبر 2013م الموافق 13 ذي الحجة 1434هـ
براءه الذب من دم يوسف لكن الكل متمشكل في دماء أهل العراق كما أهل البحرين!
مجرم حرب أو مجرموا يقال سيان! فمن قتل أو أمر بالقتل أوسكت عن الحق أو... يعني قيادات الجيوش كما أعوانهم في تمويل الحروب. فليس بسر أن الاجرام وحرب العصابات التي صنعتها أوربا وأمريكا وإسرائيل وبتمويل من ... هذه حقائق مبرهنه وقاطعه أدلتها للعيان. فاليوم تهتز عروش كما باتت جليه خرابيط طريق الأرو-أمري- صهيو ! من تحاسب ومن تخلي؟