دعا عدد من أعضاء مجلس النواب الحكومة لتحديد خط حقيقي للفقر في البحرين، بدلاً مما هو موجود ومعلن الآن والبالغ 337 ديناراً للأسرة التي لا يقل عدد أفرادها عن خمسة (وهو خط الفقر الذي حددته دراسة الفقر في العام 2003)، مشددين على أن «هذا الرقم غير واقعي في ظل ارتفاع الأسعار وتدني المستوى المعيشي لقطاعات كبيرة من المواطنين».

وأشار بعضهم في تصريحات لـ «الوسط» بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفقر الذي يصادف (17 أكتوبر/ تشرين الأول) سنوياً، إلى أن «البحرين تحتاج إلى إقرار مشروع قانون لتحديد الخط الحقيقي للفقر رسمياً، ومكافحته»، فيما لفت بعضهم إلى أن «الملف الإسكاني يحتاج إلى بذل جهود أكبر لحلحلته، حيث ناهزت الطلبات الإسكانية 60 ألف طلب، يعود العديد منها إلى العام 1994، أي بمدة انتظار قاربت 19 عاماً».

ومن جانبه، قال رئيس لجنة الخدمات النيابية عباس الماضي: «حالياً لا يوجد سقف محدد لخط الفقر في البحرين، وذلك بحسب ما نراه من ردود وزارة التنمية، ونتمنى أن يقدم مشروع بقانون متكامل لتحديد هذا الخط».

وأضاف «هناك خط تم الإعلان عنه منذ قرابة 10 سنوات للفقر، يحدد 337 ديناراً للفقر، للأسر التي لا يقل أفرادها عن 5، ولكن نعتقد أن هذا الرقم يحتاج إلى تحديث، ولم يعد مناسباً، فاليوم مستوى المعيشة في البحرين وكل العالم آخذ في الارتفاع بسبب الغلاء وزيادة متطلبات الحياة».

وأردف الماضي «صحيح أن هناك أموراً طيبة تحققت لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وخاصة الفئات الأكثر حاجة، ولكننا نتمنى أن تكون هناك المزيد من مشاريع القوانين التي تصب في اتجاه تحسين مستويات المعيشة وتحسينها أكثر للبحرينيين».

ومن جهته، قال رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة حسن الدوسري إن «طلبات العام 1994 وما فوق ما زالت على قوائم انتظار وزارة الإسكان ولم يتسلَّم أصحابها منازلهم للآن، صحيح أن هناك آلية أسرع من السابق في تنفيذ المشاريع الإسكانية، ولكنها لا ترتقي إلى طموح المواطنين في سرعة الحصول على بيوت الإسكان».

وذكر أن «البحرين تحتاج إلى بناء ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف وحدة سكنية سنوياً، حتى يتم القضاء على قوائم الانتظار، بحسب الخطة التي وضعتها وزارة الإسكان، ولكن مادامت طلبات الإسكان موجودة حتى الآن لمن تقدموا بها منذ التسعينات، فهذا يعني أننا لم نصل بعض إلى تحقيق هذه الرؤية».

وتابع الدوسري «نعتقد أن وتيرة تنفيذ المشاريع الإسكانية، ومن ضمنها مشروع المدينة الشمالية وتيرة بطيئة، وعلى المسئولين أن يكونوا أكثر مواكبة للتحديات التي تواجه الملف الإسكاني في البحرين، لذلك لا يمكن القول إننا راضون تماماً عن سير العمل في الملف الإسكاني في البحرين».

وأكمل «حالياً، لا يمكن القبول بنقص الموازنات لتنفيذ المشاريع الإسكانية، خاصة مع قدوم أموال الدعم الخليجي، واعتقد أنه يجب النظر بنية صادقة إلى طلبات الناس وتحقيقها بشكل أفضل مما هو عليه الآن، وكذلك لابد من إيجاد الطاقم الفتي الذي يستطيع أن يحقق الخطط الطموحة التي تعلنها وزارة الإسكان لتقليص مدد الانتظار للخدمات الإسكانية».

وختم الدوسري «من خلال تمثيلي في لجنة المرافق العامة، أستطيع أن أؤكد أن هناك مؤشرات تشير إلى وجود تركيز لدى العديد من النواب على وزارة الإسكان خلال دور الانعقاد المقبل الذي سيفتتح في (23 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي)، وهناك سعي حثيث نيابي لتحقيق تقدم أفضل في الخدمات الإسكانية خلال الفترة المقبلة».

فيما قال النائب محمود المحمود إنه «بفضل جهود القيادة الحكيمة ممثلة في جلالة الملك وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس الوزراء ولي العهد الأمين، فإن البحرين بذلت جهوداً حثيثة في محاربة الفقر من خلال برامج متنوعة من أبرزها اعتماد إعانة غلاء المعيشة وتوفير الرعاية الصحية والتعليمية والإسكان للمواطنين».

وأضاف «من يتابع سياسة حكومة البحرين يشهد بأنها لا تترك المجال لأن تتواجد كلمة الفقر بين أحد من المواطنين، كما أن الكثير من المؤسسات الخيرية وعلى رأسها المؤسسة الخيرية الملكية عملت منذ إنشائها على توفير كل السبل للأسرة المعيلة بحيث تصل إلى المستوى المعيشي المماثل لمتوسط دخل الفرد في المجتمع».

ولفت المحمود إلى أنه «رغم جهود سمو رئيس الوزراء في هذا الجانب إلا أن الوزارة المعنية بالتنمية الاجتماعية، تسعى دائماً إلى أن تنسب ذلك لها إعلامياً، بينما على الجانب الآخر لا تألو جهداً في زيادة معاناة الأسر الفقيرة وإعاقة إيصال الدعم إليهم من خلال اعتماد برامج أجنبية لا تتماشى مع طبيعة مجتمعاتنا العربية الخليجية».

أما رئيس كتلة المستقلين الوطنية خميس الرميحي، فأشار إلى أنه «على مدى عقد كامل من الإصلاحات التي دشنها عاهل البلاد في مشروعه الإصلاحي، ويأتي على رأس هذا المشروع إعادة الحياة البرلمانية، وكان هناك دور كبير قام به أعضاء السلطة التشريعية من خلال سن التشريعات التي من شأنها تحسين الوضع المعيشي للمواطنين».

وأضاف الرميحي «النواب عملوا طوال السنوات الماضية على رفع الرواتب للمواطنين، وزيادة الدعم الاجتماعي للفئات المعوزة، ورفع علاوات المتقاعدين، وكذلك استمرار وزيادة علاوات الغلاء، والإسكان، وأمور كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، وكلها هدفها رفع المستوى المعيشي للمواطن البحريني، وهدفها الأساسي الحد من تفشي ظاهرة الفقر».

وأكمل «البحرين لا يوجد فيها فقر مدقع كما في بقية البلدان في العالم، خصوصاً أنها بلد عربي إسلامي، والدين الإسلامي يشجع على مد يد العون للفقراء والمحتاجين، وهذا يصب في أن المجتمع البحريني متحاب متآلف، وهناك انتشار كبير للجمعيات الخيرية في البلاد والتي تساعد في الحد من هذه المشكلة إن وجدت».

ولفت إلى أن «دور مجلس النواب كان كبيراً في العمل على تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وهذا ما كان ليتم لولا التعاون الذي تتلقاه السلطة لتشريعية من الحكومة، من خلال التعاون في إقرار الموازنات اللازمة لدعم المواطنين ورفع المستوى المعيشي لهم».

وتابع الرميحي «الملف الإسكاني كان مشكلة كبيرة ومزمنة عانى منها مجلس النواب والمواطنون، كما عانت منها الحكومة، وهذه المشكلة كان يتحملها مجلس النواب كثيراً، وفي السنوات الماضية كان هناك قفزة كبيرة في المشاريع الإسكانية، وفي المستقبل القريب سوف تبدأ المشكلة في الانحسار، اليوم وإن كانت الطلبات تقترب من 60 ألفاً، إلا أن هناك الكثير من المشاريع الإسكانية الكبيرة، منها مشروعات عامة وأخرى لامتدادات القرى».

وواصل «كما أن المدينة الشمالية على وشك الانتهاء من المرحلة الأولى، ومدينة شرق الحد المناقصات فيها على وشك الترسية، ومشروع مدينة شرق سترة على وشك البدء به، وكل هذه المشاريع تصب في الاتجاه الصحيح».

وأردف «متى ما وجد المواطن وأسرته بيتاً يؤويه ويشعره بالأمان في وطنه، فإن ذلك يصب في تحسين المستوى المعيشي له، خاصة أن جزء كبيراً من رواتب المواطنين تذهب إلى الإيجارات».

وعن حراك النواب لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين خلال هذا الدور المقبل، فأفاد الرميحي «هذا الدور لا توجد موازنة، ولكن لا يمكن التوقف عند مشروع الموازنة لتحسين مستوى المعيشة، وأعتقد أن هذا الدور يصح أن نسميه دور الحصاد لجميع النواب، ويمكن أن يكون دوراً رقابياً بامتياز، أكثر من كونه دوراً تشريعياً، ولا أعتقد أن هناك متسعاً من الوقت لإقرار مشاريع بقوانين، خاصة مع الدورة الطويلة التي يتطلبها إقرارها، وبالتالي سينصب جهد النائب في متابعة المشاريع بقوانين المقدمة سابقاً، والتي تم الانتهاء من دراستها وإعداد تقاريرها النهائية».

وختم الرميحي «هناك مقترحات رفعت للحكومة تصب في خانة تحسين المستوى المعيشي للبحرينيين، وأعتقد أن حراك النواب مستمر في العمل على تحسين المستوى المعيشي للمواطنين».

يشار إلى أن خط الفقر كان أحد الملفات التي تطرق إليها النواب خلال مختلف أدوار الانعقاد في الدورة الحالية أو التي سبقتها، وكان أحدث الأسئلة التي قدمت نيابياً، سؤالين تقدم بهما كل من النائبين سلمان الشيخ وعيسى الكوهجي، وكلاهما يسألان عن مقدار خط الفقر المعتمد رسمياً في البحرين.

وكان النائب سلمان الشيخ قال في تعليقه على رد وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي، على سؤال تقدم به في فبراير/ شباط من العام الماضي بشأن مقاييس خط الفقر في البحرين، إنها «لا تقل عن 60 في المئة بحسب إحصائيات وأرقام الوزارة الواردة منها».

وأشار الشيخ إلى أن «الوزيرة ذكرت في العام 2007 أن نسبة الفقر لا تقل عن 30 في المئة، وقالت الوزيرة آنذاك إنها ستقوم بدراسة موضوع الفقر لوضع مقاييس له»، لافتاً إلى «إننا ولحد الآن لم نرَ تلك الدراسة»، متسائلاً «هل لحد الآن الوزيرة تعد في هذا التقرير؟».

ومن جانبها، قالت وزيرة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي، إنه «توجد لدى الوزارة معايير لتحديد الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل لصرف الضمان الاجتماعي، وذلك ضمن شروط، منها ألا يكون لطالب المساعدة الاجتماعية قريب مقتدر ملزم بالإنفاق عليه شرعاً، وأن يثبت بالبحث الاجتماعي أن مجموع الدخل الشهري لطالب المساعدة الاجتماعية يقل عن الحد الأدنى اللازم لتوفير متطلبات الحياة الأساسية».

وأردفت «وفي هذه الحالة تكون قيمة المساعدة الاجتماعية مكملة للدخل حتى يصبح كافياً لتوفير هذه المتطلبات، وتستند لجنة البت في طلبات استحقاق المساعدات الاجتماعية إلى معيار خط الفقر النسبي المحدد في دراسة الحد الأدنى للأجور في البحرين».

وأفادت البلوشي أن «اللجنة الوطنية المكلفة بدراسة أوضاع الأسر المحتاجة وإعداد خطة وطنية لتنمية الأسر المحتاجة بالبحرين، أوصت بضرورة إيجاد مشروع وطني متكامل لدراسة حالات الأسر الفقيرة والعمل على تمكينها من مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية والتربوية، وبذلك تم تدشين المرحلة الأولى من مبادرة إنماء».

وأضافت «عززت رؤية البحرين 2030 توجهات ورؤية وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية الساعية بالقيم نحو التميز والارتقاء بالفرد والمجتمع على أسس التماسك والتمكين والشراكة والعدالة».

وواصلت «تعتبر مبادرة (إنماء) إحدى برامج الوزارة المهمة والهادفة إلى مساندة الأسر المحتاجة من خلال تنفيذ برامج وأنشطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة لتعزيز القدرات وتوفير الفرص والبدائل المناسبة لتنمية المجتمع والبيئة وتمكين ذوي المهارات المتواضعة والعاطلين عن العمل على المدى البعيد من تحمل المسئولية والاعتماد على المبادرات الذاتية في تلبية متطلباتهم واحتياجاتهم نحو العيش الكريم، وبذلك يتم إخراجهم من دائرة المساعدات الاجتماعية إلى الاعتماد على الذات».

فيما ردت البلوشي على سؤال تقدم به النائب الكوهجي بهذا الشأن في فبراير من العام الجاري، بقولها إن «معلومة خط الفقر موجودة، وصرحنا بها أكثر من مرة، وموجودة على الإنترنت، فلماذا التكرار في الأسئلة؟».

ويذكر كذلك، أن العالم يحتفل في 17 أكتوبر من كل عام، باليوم الدولي للقضاء على الفقر 2013 تحت شعار: «العمل معاً من أجل عالم خالٍ من الفقر المدقع»، وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد قررت الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر في 17 أكتوبر العام 1993، ويهدف الاحتفال بهذا اليوم لتعزيز الوعي بالحاجة إلى القضاء على الفقر والعوز في جميع البلدان، ولا تزال مكافحة الفقر في صميم الأهداف الإنمائية للألفية وبعد العام 2015 في جدول أعمال التنمية.