عوائل ترزح تحت رحمة الفقر، في منازل لا تقي من برد ولا حر، تحاول بصعوبة إطباق جفونها؛ لئلا تقع عيناها على ذلك السقف المتهالك مخافة أن يسقط عليها، وحتى لا تجرها الخواطر إلى تلك الشقوق التي تعلو سطح الجدار وما يمكن أن يتسلل إليها من الدواب والحشرات، منازل تفتقر لأدنى مستويات السكن الذي يوفر للإنسان ستره وراحته وأمانه.

وبمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر، قامت «الوسط» برفقة نائب رئيس المجلس البلدي لبلدية المنامة محمد عبدالله منصور بجولة تفقدية لأحوال بعض العائلات المتعففة بالدائرة الرابعة بمحافظة العاصمة، وكانت البداية من مركز قرية كرباباد حيث تتركز البيوت القديمة، إذ حللنا ضيوفا على عائلة مكونة من 8 أفراد، رأس مالها مكون من راتب أحد الأبناء الذي يعمل في الأعمال الحرة، وزوج أختهم المتقاعد والراتب التقاعدي لرب الأسرة المتوفى.

ويروي لنا الابن قصتهم، فيقول «المشكلة بدأت عندما تم تحويل مشروع الآيلة للسقوط إلى قروض ترميم لا يتجاوز أقصاها 20 ألف دينار، ومع هذا فإلى الآن لم تحدد الموافقة على ترميم المنزل من عدمها».

ثم انتقلنا إلى عائلة أخرى تقطن منزلا أقل ما يمكن وصفه بـ «الخربة»، حتى أن من الطرائف التي ترويها لنا ابنة صاحب المنزل «أحيانا وأثناء المناوشات الأمنية يدخل رجال الأمن المنزل ظنا منهم أنه منزل مهجور، وعندما يروننا يسألوننا بتعجب، أين هي البلدية عنكم؟».

هذا المنزل تقطنه عائلتان، كل عائلة تسكن في غرفة، إحداها مكونة من 8 أفراد، رأس مالها على ما تصرفه لهم وزارة التنمية الاجتماعية، ولديهم ثلاثة ذكور، أحدهم يعمل والآخر عاطل، والأخير لا يفارق المستشفى لمعاناته مع السكلر، وأما العائلة الأخرى فرب الأسرة متوفى ورأس مالها أيضاً على وزارة التنمية الاجتماعية.

مشكلة هذا المنزل تتمثل في وثيقته، فهو عبارة عن منزلين، وبعد أن تم حل مشكلة الوثيقة، تم تحويل مشروع الآيلة إلى قروض ترميم، الأمر الذي قضى على أحلام هذه العائلة في التمتع بشيء من العيش الكريم.

ومن قرية كرباباد، إلى قرية السنابس، حيث كان في استقبالنا الحاج أبوخليل، الذي استقبلنا بحرارة تنمُ عن حرقة انتظاره للوقت الذي يصدر فيه قرار بإعادة بناء منزله الشبيه بقفص الطيور لضيق مساحته وقدم بنيانه.

ويروي لنا الحاج أبوخليل معاناته فيقول «إن هذا المنزل كان مسجلا ضمن مشروع إعادة بناء البيوت الآيلة للسقوط، ولكن عندما حصلت على منزل إسكان تم إلغاء طلب إعادة بناء هذا المنزل، وأنا حينها قمت بإعطاء ولدي المتزوج ذلك المنزل ليوسع به على نفسه».

ومنه انتقلنا إلى عائلة أبوحسين، فمنزلهم بيت اسكان قديم مكون من طابق واحد، لدى الأسرة ثلاثة أبناء متزوجين، اثنان منهم يسكنان بالإيجار والآخر يسكن في شقة ضمن المنزل، ولديهم اثنان عازبان ينتظران الوقت الذي يخرجان فيه من المنزل ليبحثا لهم عن شقتي إيجار.

هذه العائلة قدمت طلبا للترميم منذ 2006 فقالوا لها ان المنزل يجب أن يكون ضمن الآيلة للسقوط، وعندما سجلوا ضمن مشروع البيوت الآيلة للسقوط تم تحويل المشروع إلى قروض ترميم لا يمكنها أن تحل مشكلة هذه العائلة. ويشير النائب البلدي عن الدائرة الرابعة بمحافظة العاصمة محمد عبدالله منصور إلى أن «مشروع إعادة بناء البيوت الآيلة للسقوط أحد المشاريع الرائدة التي تبنتها مملكة البحرين لرعاية المواطنين ذوي الدخل المحدود». مؤكدا أن «هذا المشروع كان له الأثر البالغ على أهل تلك المنازل في تحسين بيئتها وانعكس على حياتها الاجتماعية والوطنية».

ويضيف أن بقية المنازل التي يبلغ عددها 55 منزلا في دائرته الرابعة وبواقع 500 منزل على مستوى المحافظة «تفاجأت حين تم تحويل المشروع إلى وزارة الإسكان، و صدمت حينما علمت أن الوزارة المكلفة ستتعامل معهم بقروض ترميم لا تفي بالغرض المذكور، فضلا عن عدم توفر الشروط المطلوبة وفيها من الأيتام والارامل وكبار السن والأطفال الذين لا يقوون على التصرف أو تغطية كلفة الحياة المعيشية البسيطة». وتابع قوله «إن هذه العوائل تنتظر بفارغ الصبر أن تبادر الحكومة لإكمال واجبها الوطني بتنفيذ ما تبقى من تلك البيوت وإعادة البسمة والحياة الكريمة لها كأقرانها من تلك البيوت التي جهزت».