التطرف بكل أنواعه وصنوفه تمقته الشعوب المتقدمة التي تتعامل دساتيرها على مبدأ المساواة بين المواطنين من مختلف الأعراق والأديان والخلفيات الاجتماعية التي معروف أنها تحققت على مدى زمن طويل مع نشر ثقافة حقوق الإنسان وتشكيل الاتفاقيات والمواثيق التي تحافظ عليها ولا تنتهكها.
غير أن تطرف اليوم بات لا يحمل هوية ودين واحد بل صاحبه الإرهاب من أجل القضاء على عرق أو مذهب أو دين أو حتى فكر ايديولوجي يهدد مستقبل أبناء جنس وهوية واحدة في البلد الأصلي.
ومنذ أحداث سبتمبر/ أيلول 2001 في نيويورك، أصبح الإرهاب تهمة ملزمة بالحركات الأصولية الإسلامية بحسب التعريف السياسي والإعلامي الغربي لكن المجزرة التي ارتكبها النرويجي انديرس بيرينغ بريفيك قبل سنوات كشفت عن وجود ما هو أخطر من الأصولية المتطرفة القادمة من منطقة الشرق الأوسط وهي الأصولية المسيحية المتطرفة في أوروبا وخاصة في دول الشمال.
إذ إن هناك مجموعات في تنامٍ، تعادي الإسلام والحركات اليسارية التي تدعم أحزابها الهجرة القادمة من الشرق لاعتبارات إنسانية وسياسية مثل هذه الدول السويد والنرويج. الملاحظ أن كل المنظمات اليمينية المسيحية المتطرفة ترفع الشعارات نفسها تقريباً، والتي تتمحور حول رفض العولمة والربط بين مستوى المعيشة وحضور المهاجرين الذين يشكلون نسبة كبيرة داخل المجتمع مثل الفلسطينيين والعراقيين والإيرانيين واليوم يتوافد عليهم السوريون. أي جميعهم قادمون من دول تشهد نزاعات عرقية ومذهبية أو دخلت في حروب طاحنة شبيهة بتلك التي كانت قائمة في يوغسلافيا السابقة.
والمسيحية الأصولية المتطرفة قد تكون بداية لإعادة إحياء «الحملات الصليبية» – بحسب - ما يراه بعض المراقبين وخصوصاً مع تزايد نسبة المهاجرين المسلمين في الدول الأوروبية إذ أصبحت نسبها في كل بلد أوروبي كبيرة مع توالد الأجيال جيلاً بعد جيل، ما أصبح مصدر قلق للبعض من أصحاب اليمين المتطرف الذي يناهض فكرة دمج واستقطاب المهاجرين في المجتمع والأعمال وفي حصد المكتسبات الأخرى.
وكان الهجوم الدموي المزدوج الذي وقع في العاصمة النرويجية (أوسلو) قد فتح نقاشاً في كل أنحاء أوروبا حول نوع المناخ السياسي وحول وجود خلايا يمينية متطرفة تشكل تهديداً لدول أوروبا إن لم يتم الالتفات إليها مبكراً.
مراقبون يرون أن الأوساط اليمينية المتطرفة أكبر عدداً وأكثر عنفاً موجودة في السويد عنها في النرويج. بينما يأتي نجاح الأحزاب اليمينية في السنوات الأخيرة بأوروبا نظراً لشعبية ما تطرحه ضد كل عنصر لا يعتبر بمثابة المكون الأصلي للمجتمع. وبلا شك فإن مثل هذه الأحزاب قد تساهم في تغذية جو التطرف الذي نسبته تختلف من بلد أوروبي لآخر.
والنرويج لن تكون الوحيدة في ذلك على المستوى الأوروبي بل إن النقاشات مازالت تطرح في دول الشمال كالسويد، وليس صحيحاً أن أسباب تصاعد اليمين المتطرف تعود للأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها معظم الدول الأوروبية، الأمر الذي قد يكون متوقعاً في الجنوب الأوروبي لا مع شمالها لأن النرويج وجيرانها دول ثرية، وأن أزمتها بالدرجة الأولى هي أزمة هوية ثقافية تطال جيل الشباب الذي أصبح بعضه ينتمي إلى منظمات تعزز روح الكراهية والقومية المتطرفة، وهي منتشرة اليوم بصورة واسعة في دول اسكندنافيا مثل منظمة «نوردسيك» التي كان ينتمي إليها النرويجي بريفيك.
لن تكون هذه المنظمة الوحيدة، فهناك بمنظمة «أوقفوا أسلمة أوروبا» النشطة في ألمانيا وبلجيكا وهولندا وبريطانيا والتي تتحرك بشكل علني في بروكسل. ومعلوم أنه تم تأسيس منظمة «أوقفوا أسلمة أوروبا» من قبل شخصين هما «جريفيرز» و «جاش» بهدف ألا يصبح الإسلام قوة سياسية مهيمنة في أوروبا. ويعتبر زعيم الحزب الفلمنكي البلجيكي المتطرف فيلب ديونتر عضواً نشطاً في المنظمة إلى جانب أحزاب من هولندا والنمسا وألمانيا وبريطانيا ودول أوروبا الشرقية. كما يعتبر المليونير البريطاني آلان لايك الممول الرئيسي للتنظيمات المسيحية المتطرفة و «الأب الروحي» لها... وهو ما يعني أن جماعات الكراهية المتواجدة في تشكيلات ومنظمات قد تكون أشد أثراً وقنبلة قابلة للانفجار في أوروبا إن لم يكن هناك تدارك للأمر مبكراً.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4057 - الثلثاء 15 أكتوبر 2013م الموافق 10 ذي الحجة 1434هـ
Very useful
Very useful subject.
hi
very nice supject, allah bless you