من منا لا يحتاج إلى الإصلاح فرداً كان أم جماعة؟ فالاعوجاج أمر دائم الحدوث بين الحين والآخر ولا يمكن تقويمه إلا بالإصلاح. وهناك فرق شاسع بين السير نحو الإصلاح وبين ادعائه أو محاولة الكذب على النفس في إن الإصلاح قادم ما لم تكن هناك مؤشرات فعلية واضحة للعيان لتحقيقه.
الإصلاح ليس تنظيراً ولا تخديراً بقدر ما هو مشروع نهضوي لا يقتصر على الاقتصاد أو السياسة أو الجانب الاجتماعي فقط، إنما هو جامع لا ينشأ لكي يتوقف ولا يكون من باب الترضية أو الإسكات، ولم يجعل في يومٍ ما للتجمل وتغيير الوجوه. إنه أكبر من ذلك بكثير. إنه الإصلاح الذي يؤتى ليخلق السعادة والفرج والاستقرار للجميع.
لقد تناول القرآن الكريم الإصلاح الذي هو ضد الفساد والانهيار، وجعله سنة حتمية للبشر، وأن النأي عنه هو مفسدة ومدعاة لانتشار الظلم، وحلول غضب الله، لقوله تعالى: «وما كان ربُّكَ لِيُهلِكَ القرى بظُلمٍ وأَهلُها مصلِحون» (هود، 117). فالإصلاح بين الناس وصية الله: «فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم»، (الأنفال، 1). والإصلاح منهج الأنبياء: «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت» (هود،88). والإصلاح دعاء المؤمنين: «وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين» (الأحقاف،15).
والإصلاح حاجةٌ للجميع، أوضحها الإسلام في أكثر من جانب، فعلى الإنسان لنفسه، لقوله تعالى «أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم» (الانعام، 54)، وجعله الله ملاذاً حين تهتزّ الأسرة: «فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما» (النساء، 128)، ومنعاً لشقاق الأمة: «فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم» (الأنفال، 1). والإصلاح بحاجةٍ إلى عمل وواقع، وليس دعوى تدعى، وهذا ما يتضح في قوله تعالى: «وإذا قيل لهم لا تُفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون» (البقرة، 11).
الإصلاح همٌّ عامٌ، ومطلب أمة وشعب، لذا من الإجحاف أن يكون عملاً فردياً، إنّما هو مشاركة، وجزء أساسي من منظومة الدولة، وعنصر مهم من عناصر التنمية البشرية المستدامة.
والإصلاح ليس فيما أراه أو تراه أنت، فالمرجعية هنا للشعب بأسره، وهو من يحدّد جوانب الإصلاح وفق احتياجاته، والتراضي والتوافق بين مكوّناته ضرورةٌ تحتمها المسيرة لتحقيق الإصلاح بكل جوانبه، إضافةً إلى خلق بيئة وتهيئة أرضية ينطلق منها هذا الإصلاح، إن أردنا بالفعل إصلاحاً يعمّ الجميع وينطلق بهذا البلد من مستنقع الانتقام وانتهاز الفرص والهروب من الاستحقاق إلى مستقبل أكثر إشراقا.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 4057 - الثلثاء 15 أكتوبر 2013م الموافق 10 ذي الحجة 1434هـ
كلمة الإصلاح أصبحت مملة
وفي البحرين اصبح مفهومها هو اعادة تشكيل توازنات المصلحة الخاصة للجماعات الخاصة و ابتعاد المعنى عن قيم المواطنة مثل المساواة و احترام كرامة البشر