نعرف أن الحج أحد أركان الاسلام الخمسة، ولا يتم إيمان المسلم إلا إذا حجّ مادام قادراً على ذلك مع زوال كل الأسباب التي تحول بينه وبين الحج.
ونعرف أيضاً أن عيد الفطر يأتي بعد أداء فريضة الصيام التي هي ركن من أركان الأسلام، كما أن عيد الأضحى يأتي بعد أداء فريضة الحج وهي أيضاً من أركان الاسلام الخمسة. ونفهم بداهةً أن المسلمين يحتفلون بهاتين المناسبتين شكراً لله الذي وفّقهم لأداء هذين الركنين ويسألونه الرضى والقبول.
إن الإسلام في مجمله ركّز على حسن العمل، فكل العبادات لا تكفي ما لم يؤد المسلم حقها بصورة عملية على أرض الواقع، فالحج يفرض على المسلم أداء نوع من العبادات العملية في أماكن محددة ولكن كل ذلك لا يكفي وحده؛ فأهداف الحج كثيرة ومن أهمها وأكثرها نفعاً للمسلمين وللإسلام، هو السعي لتوحيد المسلمين وجمع كلمتهم، ليكونوا خير أمة أخرجت للناس؛ ولتعود لهم عزتهم وكرامتهم، وليحققوا إرادة الله لهم وهي نفع البشر جميعاً وتحقيق الأمن والأمان لهم.
في الحج تتمثل وحدة المسلمين بصورة عملية، فكلهم يلبسون اللباس نفسه، ويؤدون نفس العبادات في ذات الأمكنة، وربما تلهج ألسنتهم بنفس الأدعية ولربهم الواحد الأحد.
هذه الوحدة التي نراها في أيام الحج لابد من العمل على تحقيقها في واقع المسلمين طيلة أيام السنة بل طيلة الدهر وإلى قيام الساعة! لا يخفى على كل مسلم حالة التشرذم والتفرق التي يعيشها المسلمون في بلادهم، كما لا يخفى على أحد أن بلاد العرب والمسلمين تعيش تحت ضغوط رهيبة؛ فهناك من يريد استغلال ثرواتها بأبخس الأثمان، وهناك من يريد تركيعها لتكون مطيةً للصهاينة، وهناك من يعمل لمحاربة الإسلام وفرض النموذج الغربي الذي لا يتفق مع الإسلام في حياة المسلمين ويستغلون من أجل تحقيق تلك الأهداف أجهزة الاعلام والتعليم لإقناع شباب المسلمين بأفكارهم المضادة للإسلام.
هذا الواقع المؤلم جعل كثيراً من المسلمين يحارب بعضهم بعضاً، ويكيد بعضهم للبعض، وابتعدوا عن محاربة عدوهم الحقيقي؛ سواءً أكان المحتل لبعض أراضيهم، أو الذي يخطط لإضعافهم، أو حتى استغلال ثرواتهم في محاربة الفقر والجهل والمرض، والتخطيط لجعل شعوبهم هي الثروة الحقيقية لهم كما فعلت بعض الشعوب الفقيرة في الثروات فاعتمدت على فكر أبنائها فأصبحت أغنى وأقوى من كثير من الدول ذات الثروات الآيلة للزوال!
الحج فرصة حقيقية لكي يفكّر قادة المسلمين وعلماؤهم وأثرياؤهم في وضع خطوات عملية قابلة للتطبيق تقرب المسلمين بعضهم من البعض الآخر، وتزيل الأحقاد من نفوسهم، وتجعلهم يستخدمون ثروات بلادهم وعقول أبنائهم فيما يقويهم ويجعلهم قادرين على حماية أنفسهم وتحقيق الأمن والرخاء لشعوبهم. وفي ظني أن هذا ممكن التحقيق ولكنه لن يتحقق إلا إذا تجرد الجميع من الأطماع الشخصية ووضعوا أهواءهم بعيداً وأحلّوا مكانها مصلحة الإسلام وتحقيق مراد الله فيهم، وكذلك مصلحة كل فرد من أفراد المسلمين. ولعل الحج بقدسيته وقدسية مكانه يكون عاملاً مساعداً لتحقيق ما يتمنّاه كل مسلم لأمته من الخير والفلاح والصلاح.
وفي الحج منافع كثيرة أخرى يمكن استغلالها لتأكيد فكرة الوحدة بين الشعوب العربية والإسلامية، وهي تدخل ضمن المنافع التي أباحها الله للحجاج في قوله: «وليشهدوا منافع لهم»(الحج - 28)، وليس هناك أكثر منفعة من جعل كلمة المسلمين واحدة، وأهدافهم موحدة. ومن هذه المنافع توجيه الاقتصاد ليكون في خدمة المصالح الإسلامية؛ فالبلاد الإسلامية مجتمعة لديها ثروات هائلة قل أن تجتمع في أماكن أخرى، ففيها ثروات نفطية ومعدنية وغازية، وكذلك ثروات المياه والأراضي الزراعية وغيرها من الثروات التي بإمكانها تحقيق الأمن بكافة جوانبه لكل المسلمين، هذا إذا تم استغلالها في أجواء البحث عن مصلحة الجميع وبعيداً عن الأهواء الخاصة.
ومما يمكن الاستفادة منه في موسم الحج التقارب الثقافي بين المسلمين؛ ولأن الإسلام هو الذي يجمعهم فإن كل عوامل التقارب موجودة بينهم وعلى نطاق واسع، فمن المعروف أن من بين الحجاج علماء ومفكرين مختصين في كثير من العلوم التي يحتاجها العالم الإسلامي، ووجود هؤلاء فرصة للاستفادة من خبراتهم المتعددة، ومن ذلك عقد ندوات متنوعة الموضوعات ولكنها تتجه إلى بحث الوسائل التي تجعل المسلمين أقرب إلى بعضهم البعض ثقافياً وعلمياً، لأن هذا النوع من الثقافة هو المؤهل لتحقيق الوحدة وجعلها شديدة الصلابة والديمومة.
لست في حاجة إلى التذكير بأن تحقيق شكل من أشكال الوحدة بين المسلمين ليس مستحيلاً، فقد كانوا موحدين وفي دولة واحدة ولمئات السنين، وعندما أدرك الغرب خطورة هذه الوحدة عليه ومن واقع تجارب كثيرة، عمل على تفتيت تلك الوحدة التي أقضّت مضجعه ونجح بعد محاولات متعددة حيث استطاع إسقاط الخلافة العثمانية، ومن ثم احتلال مجموعةٍ من بلاد المسلمين، وتفتيت مجموعة أخرى، وكلنا سمع ما تردده بعض الدوائر الغربية والأميركية عن وجود نوايا لتمزيق دول أخرى وكأن التمزيق السابق لم يروِ ظمأهم ولم يحقّق أهدافهم الاستعمارية الخبيثة. ويبقى الأمل معقوداً على وعي الشعوب وعلى وعي الحكام بخطورة المرحلة التي تمر بها البلاد العربية والإسلامية، وأهمية القيام بعمل جاد ومخلص للحفاظ على أمننا وسلامة بلادنا وقوتها، ولعل الحج يكون بداية انطلاقة جادة لتحقيق هذه الأهداف السامية.
تقبّل الله حج جميع الحجاج، وكل عام وجميع المسلمين بخير وعافية، وأسأل الله أن يكون غدّهم أفضل من يومهم، والله الهادي والموفق إلى الرشاد.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 4056 - الإثنين 14 أكتوبر 2013م الموافق 09 ذي الحجة 1434هـ
سؤال غريب
كيف يمكن لفريضة او ركن او واجب او شعيرة ان توحد فيما بين المسلمين؟....هل هذا الواجب له العصا السحرية لتغيير واقعنا المزري و المفروض علينا فرضا قسريا لشرذمتنا وتقسيمنا والقتال فيما بيننا؟ الكاتب الحق لا يفسر الوقائع بسطحية دون التطرق الى مكامن الخلل المستدركة من عفوية أصغر فرد فينا تمحصا....من يحكمنا،ومن يتحكم به هم السبب...لماذا لا تتطرق اليه؟ وتضع الملامة على المسلمين؟
جميل ان يكون عيدنا واحد
ليس الأمر بالسهل ولكن مع صدق النية تنجز الصعاب. كم جميل ان يتصاغر العلماء امام وحدة المسلمين. سعدت عندما افتى السيد الخامنئي ان عرفة هي يوم وقوف الحجاج لاغير وانه لايجوز نشر او قول او فعل مايفرق المسلمون وبذلك يحرم سب الصحابة او التعرض لهم.
يقال ما كفر سليمان لكن الشياطين كفروا...
يقال قال جحا إن الحج ليس من أركان الإسلام وإنما من الواجبات والفروض لمن إستطاع اليه سبيلا!. فالاسلام له سبع قواعد منها العقل وتلاوة القرآن وحب آل بيت محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم. أما الأركان فيقال عمل الصالحات يعني معاملة الناس بالحسنى والإحسان اليهم وليس الإسائه وقول الصدق ولو على نفسك وتقوى الله يعني العدل والبراءة من المشركين بالله. هنا المشركين بالله من هم الأساقفه ومن تبعهم من النصارى أي ساعدوا الأساقفه في إحضار الشر والأشرار يعني الجن والمرده والشياطين والعفاريت.
هل يوحد الحج مابين المسلمي؟
لا والدليل توزيع الكتب الفتنوية