من لا يملك فكراً وإرادة وموقفاً، هو مثله مثل الإناء الفارغ، يصدح باختلاف نقره بين «البُم» و«التـَك» وخليطهما، وتتلاعب به أصابع الناقر، هكذا هو من صدح، حين خرج غالبية شعب البحرين منادين بالمساواة عوضاً عن تهميشهم في الحقوق، ذاك التهميش الذي نال جميع المواطنين عبر الاستئثار بالثروة والسلطة والقرار، فصدح بوصفهم «طائفيين»، و«خونة الوطن» و«أذناب إيران»، التي تريد للبحرين شراً، وتماهى مع طرح السلطات أن الوطن يمر بأزمة طائفية، تتنازعه الطائفتان الكريمتان، فهب بمن فازعه في فزعةٍ طائفيةٍ مقابلةٍ، شملت مواطنين بردات فعل مبهمة الأسباب، إلا سوء الظن بمطالب الغالبية، التي لم يعوا حقيقة شمولهم بها، فقد أغوتهم الوعود بأن السلطات ستجازي الفازعين خيراً في الوظائف والخدمات، وستجازي المتقاعسين شراً بمنع ذلك عنهم، أسوةً بمن تظاهر في الدوار.
وشملت هذه الفزعة أيضاً غيرهم من المقيمين، الذين نشدوا أجراً من كفلائهم لقاء عملهم الذي أوكل لهم بحمل لافتات طائفية لا يدرون معناها، ومن حيث أن الفزعة مدفوع أجرها لمن قادها، دون المشاركين فيها، فقد شملت كذلك العاملين في أجهزة الدولة، لإظهار الجمع بالكثافة العددية في المرة الأولى، وما كان يَهُمُّ السلطات التبني العقلي والوجداني، لا في السياسة ولا في الحقوق، لذا يجد المتابع لتطورات الفزعة، غياب المطالب المعيشية التي بدأت بها، وأنها في تناقص عددي وانشقاقات، مرةً بعد مرة، إلى أن يصل حالها أن تضمحل لتُختزل في أفراد من قيادتها، الآملة من السلطات أكثر مما نالت، في استمرار محاولاتها تضليل البسطاء، الذين وعوا أن أصحاب الفزعة، ليسوا منهم في شئ، بقدر استخدام عفويتهم وطيبتهم وخوفهم على الوطن، مما أبانه لهم أهل الفزعة من أكاذيب، انكشف للعامة زيفها، وأبان ذلك حقيقة الأوضاع التي استمرت، نيفاً من الزمان، في توظيف المتطوعين، للتعويض عن من تم فصلهم من أعمالهم، في وظائف وجد معظمهم أنفسهم غير قادرين وليسوا مؤهلين لأدائها، وقد كانت مؤقتة، ولم يتغيّر حالهم من حيث الخدمات الموعودة، بل وجدوا أسماء لم يعهدوها في البحرين وغريبة، في قوائم وزارة الإسكان، لتقسيم الخدمات الإسكانية، ووجدوا أكثر من ذلك في إصدار البطاقات الذكية.
ومن حيث أن السلطات، لا تنشد سوى الصوت العالي لنفر قليل، يقوم بالدور المكمل للإعلام الرسمي في التلفزيون والإذاعة والصحف الموالية، فكان كافياً لها أولئك الصادحون بما هو تتمةٌ للبوسترات التي ملأت شارع المطار، الى درجة أن سأل زائر سائق سيارة الأجرة، هل لديكم حملة انتخابات؟ وهو ما انتشر أيضاً في الدوائر الحكومية، بجانب علم دولة أخرى، على خلاف القانون الملزم لهذه الدوائر أن لا ترفع علماً غير علم الدولة.
فاختار أولئك الصادحون، الارتماء في أحضان السلطات، فرددوا ما تتبناه من رؤية تصف بها أزمة البحرين، بأنها طائفية، وأن السلطات لا شأن لها في ذلك سوى إنقاذ الوطن من أولئك الطائفيين، أذناب إيران، الساعين إلى تهميش الطائفة الأخرى، وممتدة أهدافهم إلى السلطات التي هي حامية الطائفة المهددة، وظلوا يردّدون ذاك التوصيف للأزمة قرابة السنتين والنصف، ليجدوا أنفسهم مضطرين من جديد إلى التحول إلى العكس، بأن البحرين لا تعاني من أي توتر طائفي، أسوةً بتصريحات السلطات في الآونة الأخيرة، حين اشتدت عليها انتقادات المجتمع الدولي، جراء ما مارست على المعارضين من المواطنين البحرينيين، الذين غالبيتهم من الطائفة التي تصمها السلطات كذباً بمعاداتها للوطن، مختزلةً الوطن في نفسها، ولم يجد الصادحون بداً لذلك، من قرار الانتقال من الطائفة إلى اختزال الوطن في أفراد، ومن المطالب الشعبية في أصغرها المعيشية، من تعديل رواتب المواطنين، التى اختزلوها عوضاً عن المطالب الأساس في العدالة والمساواة في العيش والمساهمة الشعبية في القرار والسلطة، والصوت الإنتخابي المتساوي، المعبّر حقيقةً عن الإرادة الشعبية، في إنشاء السلطات.
وهكذا انتقلوا إلى أولوية حماية السلطات، بكل ما عليها من تجاوزات، على أفراد طائفتهم والآخرين، وهكذا انسحب هذا الموقف عبر الأبوة، إلى كل تفريخات الفزعة، التي صرح أحد فصائلها مؤخراً، بأنه ما زال سيفزع، لو طلب الوالد ذلك.
إلا أن المحور الأساس في المقالة، هي رسالة لشعب البحرين الذي عانى الأمَرّين، في تاريخه السياسي والمطلبي، عبر أحقاب الزمن، وهي أنه ليس مقبولاً المحاصصة الطائفية، أياً جاءت نتائجها لصالح هذه الفئة أو تلك، من المكوّنات الشعبية الثلاث، كما فصلتها التصريحات الرسمية لأفراد السلطات، وتلك الجمعيات السياسية والدينية، الحكم والطائفة الشيعية والطائفة السنية الكريمتان، بل الأساس هو العدالة والمساواة، بمعيار المواطنة، لكل فرد من المواطنين، لا يتمايز فيها الحق المواطني، بناء على التصنيف السياسي من معارضٍ وموالٍ للسلطات، تلك السلطات التي يتوجب أن تمثل الإرادة الشعبية، على كامل مساحة الوطن، ولا أقلها من انتخابها انتخاباً شعبياً حراً مباشراً، باعتبار البحرين دائرة انتخابية واحدة، والمواطنون فيها سواء.
هكذا تبدأ وتتطور الديمقراطية، فالشعب قادر ومؤهل، وكامل الأهلية، فإن أخطأ في هذه الانتخابات في من لم تسلم سريرته، سيركنه خارج معادلته السياسية والحقوقية، في انتخابات بعدها، ويبقى كامل الوطن لجميع المواطنين سواسية.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4054 - السبت 12 أكتوبر 2013م الموافق 07 ذي الحجة 1434هـ
التميز
سيدي الكاتب الشريف المخلص لوطنك منذ ان خلقنا الله علي هذه الارض الغالية ونحن نعلم بالتميز والتفرقة بين الشيعة والسنة والسبب في ذلك ليس الطائفة السنية الكريمة وانما الحكومة وتفرقتها بين المواطنين
لله درك
ليس الرحيل فقط من الطائفة،بل إلى ...تشطير المجتمع بخزعبلات الطائفية مآلها الفشل....حرف الاتجاه لن يزيدنا إلا إصرارا.....باعوا انفسهم بخردة فانية.
الى زائر رقم 3
الكاتب هو الاستاذ سيادي وليس سيار نرجو التركيز
سوف
ماقصرت يا بن سيادي وفييت وكفييت لاكن شن ساوي ، اشيبون تخرب الديره ازيد من جذي ، صدقني يدرون بكل شي كان املهم حرب طائفيه لاكن العقلاء قطعوا عليهم الطريق والان املهم ان يمل الناس فتراهم
أصيل
أستاذي الجليل يتزامن اليوم 13أكتوبر 1954م اجتماع المعارضة بطائفتيها في مأتم بن خميس بالسنابس والإتفاق على إنشاء الهيئة الوطنية ...تذكير لني أمي أن يقرأوا التاريخ ويستوعبوه
رجال البحرين الشرفاء
اخي يعقوب سيادي لازالت احداث الخمسينات تؤكد ان رجال البحرين شرفاء عندما نهضوا للمطالبة بحقوقهم ...الاستعمار البريطاني الى اثارت النعرات الطائفية ولكن الرجال الشرفاء البحرينيين السنة و الشيعة وقفوا صفا واحد ضد الظلم و الطغيان . لقد عمل الاستعمار ذلك الوقت على تفكيك هذا النسيج و قد نجحوا من خلال التجنيس السياسي فتشكلت شرائح مزقت وحدةالمجتمع البحريني. فلا عجب من تصرفات هؤلاء. هذه الحقيقة للتاريخ
ثبتك الله على الحق
من عنوان التعليق اسمح لي اقول لك اولا مشكور على هالمقال الرائع الذي يحاكي صميم المعاناة
شكرا يا صاحب القلم السليم
الحقوق للجميع ولا فرق لحد على احد
قناص
عزيزي استاذ يعقوب المدح والشكر قليل وقليل في حقك على هذه المواقف التي تشرف كل بحريني عربي أصيل يخاف على تراب هذا الوطن الغالي الذي نبتت أجسادنا من تراب اجساد ابآئنا واجدادنا فالشجر والتراب يشهد لنا بذلك واما الدخلاء الذين مزقوا جسد هذا الوطن وجسد ابنائه لكي يحصلوا على بعض الفتات من خير هذا الوطن فليس لهم اية علاقة بهذا التراب الطاهر الذي تم تدنيسه ببعض الدخلاء الخونة مرة اخرى لك منا جزيل الشكر والعرفان على ايضاح الحقائق ووقوفك مع الحق .
موضوع اليوم 10على10
عجيب موضوع اليوم عمري سيادي ابن بلدي الاصيل كثر الله من امثالك رجل والرجال قليل
من اروع مقالات اليوم
كل ما ذكرته صحيح كتبت ما يجول في خاطري اخوي يعقوب سلمت الانامل والوعي الفكري السليم
أصيل
بوركت أقلام الأحرار وتعست أقلام أسرجت والجمت وتهيأت للاحتراب والفرقة ..غدا سيلفظهم التاريخ كما لفظ أب لهب وامأته حمالة الحطب أماانتم فقد سطرتم أنصح الصفحت ...طبت وطاب منبتك أيها الحر الشريف فقد ولدت حرا
خلاص البحرين خربت
تعال شوف في احياء المحرق عندما تسير بين ازقتها تشعر بالخوف انت لا تشعر بانك في المحرق الوجوه غير كلها اغراب اللهجات تتمنى تشوف وجووه اهل المحرق حتى لو وجدت لا تستطيع التميز وينتابك الخوف من التحدث مع اي كان لانك اصبحت غريب في وطنك وهم المواطنين هل هذا ما كنا نتمناه للبحرين اني ياتي الغريب ويعطى حقوق المواطن بحجة الولاء
شكرا للكاتب على الابداع في التوصيف=ميالين مع ميل السلطة وتصريحاتهم كالببغاء
نعم هم كما ذكرت ايها الكاتب فقد اجدت الوصف بدقة وهذا هو حالهم فعلا
صح لسانك
استاذ سيار انت نموذج البحرينى الحر الصادق المحب لوطنه فصح لسانك يا استاذ سيااار.
استاذ يعقوب سيادي وليس سيار
يااخي الاخ الاستاذ يعقوب سيادي المحترم وحاول ان تفرق بين الاسماء
اتابع مقالاتك باهتمام وهي بلسم على قلبي المجروح
الشكر للوسط عزيزي الكاتب مند لحظات كتبت مداخلة السفير امريكا وأعرف بأنه سيقراها أن نشرت وأنا هنا كوني فجعت في ابني ولازالت مظلمته تلاحقني كوني عاجز باخد حقه قانونيا لكن عندما اطلع على مقالاتكاأشعر براحة نفسية ويكون عندي إحساس باخد حق الوطن وأبني من جميع منتهكي حقوق الإنسان لدينا وهم معروفين شكرا لك.
شكرا لك يا اخي العزيز
قلمك ينضح بالوطنية .. الا ليت اخوتنا العقلاء ان ينتبهوا الى مؤامرات السلطة والى مصلحة الوطن ولا تأخذهم العصبية والطائفية فكلنا اخوة في الدين والوطن