منذ أن خرج المواطن المحترم من بيته في ذلك الصباح وهو يشعر بأن يومه لن يكون طيباً على الإطلاق! مشياً على الأقدام وصل إلى الشارع العمومي منتظراً في محطة النقل العام أية وسيلة تقله إلى مقصده بعد أن عانى الويل من سيارته المقعدة في ورشة التصليح منذ عدة أيام، وفي الوقت ذاته، لا يستطيع شراء قطع الغيار المطلوبة فثمنها يفرض عليه أن ينتظر المعاش.
توقفت سيارة نقل صغيرة «بيك أب» فصعد حاشراً نفسه مع بعض الآسيويين. أعجبه الموضوع الذي كان يسمعه من المذياع فتحدث مع السائق قائلاً: «اللخو، خوش موضوع يناقشونه... أي والله يا الشيخ ترى الناس صارت تهتك أعراض بعضها بعض. بيوت تتهدم بسبب هالشغلة وأسر تضيع. لا والكل والبعض يعطيك مبررات على ما يفعله من فعل محرم. استغفر الله ربي وأتوب إليه. عطه صوت يا الحجي خل نسمع شوي».
كان البرنامج الإذاعي مخصصاً لموقف الدين الإسلامي من انتهاك الأعراض بالقول أو بالفعل، أو بالتآمر وتعمد تشويه سمعة الناس، حتى أن سائق الأجرة تحدث عن الجزء الماضي من البرنامج الذي لم يلحق عليه المواطن المحترم: «تصدق يا خوي... قبل شوي كانوا يتكلمون عن انتهاك الأعراض في الجاهلية. يقول لك، في ذلك الأوان، كان الساقطين من الناس يستعينيون ببعض الشعراء الساقطين، فيقوم الأول بمنح مبلغ من المال للثاني، الشاعر، ليكتب قصيدة يهجو فيها عرض غريمه. والثاني، ألا وهو الشاعر، كان يمشي ويردد تلك القصيدة حتى تنتشر بين الناس في القبائل. لا وأزيدك... شايف شلون بعض المنتديات الإلكترونية وشاكلتها؟ في الجاهلية كان هناك ما يشابهها تماماً! فيجتمع بعض الساقطين المتفقين على خراب بيوت الناس وينالون من الأعراض بكل تفاخر واعتزاز. وكلما استطاع الساقط أن ينال من عرض فلان أو علان أكثر كلما دفع له الساقط الذي استخدمه أكثر وأكثر».
المواطن المحترم بدا متأثراً جداً! حتى أنه وجه كلامه إلى السائق معبراً عن استيائه ممن ينسبون أنفسهم إلى الدين الإسلامي الحنيف، ويخوضون في أعراض الناس ويشهرون بهم ويشوهون سمعتهم، لكنه فجأة غضب بشدة وهو يقول: «يا أخي هناك بشر لا يخافون الله؟ هل تعلم بأن أحدهم ممن اشتهر بانتهاك أعراض الناس والنيل منهم في المنتديات وفي وسائل التواصل التي انتشرت في الآونة الأخيرة من فيس بوك وتويتر وانستغرام وغيرها.. كان يبرر لنفسه ما يفعل من سوء ومن أفكار شيطانية؟ كان يستخدم كلمات من قبيل – أعزكم الله – أولاد المتعة وأبناء الزنا ليصف من يخالفه في المذهب من الناس! بل ويزداد في عناده وإصراره ليصل الأمر به إلى أن يقول (أصلاً هم كفار) وكل ما نقوله عنهم جائز! والأخطر من ذلك يا أخي، أن هناك نفر من الساقطين مما يدعون أنهم أهل دين وخطابة ومنبر، ويدعون بأنهم من الموحدين، يجاهرون بشتمهم للأعراض والفرح والسرور بما يسمعونه من مثل هذا العمل القبيح. لا.. وتعال عاد روح اشتك على خطيب أو إمام جمعة شتم إنسان أو طائفة أو تجاوز حدوده، تقول (مقري عليه هالزفت)، قضيتك ستكون حبيسة الأدراج.. حسبي الله ونعم الوكيل عليهم».
«بس.. بس.. وقف هني ياللخو.. هني بنزل».. وكان نزوله من سيارة الأجرة بداية تحقق شعوره بأن يومه لن يكون طيباً. ثلاثة من الشباب يمشون ببطء في سيارتهم وهم يتحرشون بعاملة منزل آسيوية، لكن ما أغضبه فعلاً، هو أنه في الجوار، وبالقرب من أحد الدكاكين، كان بعض الرجال يجلسون وهم يشاهدون المنظر وكأنهم يستمتعون به. صرخ في الشبان الثلاثة: «شفيكم... ما تستحون على وجوهكم؟ ما عندكم دين؟ ما عندكم أهل تخافون عليهم؟ عيب يبه عيب. ما تعرفون السنع. ما تعرفون الحلال والحرام. ما تعرفون الأخلاق؟ خلوها هالمسكينة تروح في حال سبيلها». وما هي إلا لحظات بعد كلماته تلك حتى نزل إليه اثنان وحاولوا الاعتداء عليه، لكن ما منعهم هو عبور سيارة فيها بعض الرجال الذين توقفوا ليتبينوا ما يحدث: «صلوا على النبي يا جماعة. استهدوا بالله، شصاير؟ قال المواطن المحترم: هؤلاء كانوا يتحرّشون بعاملة منزل آسيوية. مسكينة كانت خايفة وترتجف وهي تمشي. هاذي موب أخلاق أهل البحرين يبه.
وهنا ركب الشباب السيارة ومضوا خوفاً من أن ينالهم من الجماعة ما ينالهم، أما المواطن المحترم فقد توجه للرجال الجالسين بالقرب من الدكان وعاتبهم: «يا جماعة... يا وجوه الخير، تشاهدون هذه المسكينة في هذا الموقف ولا تردعون هؤلاء؟ ما تبغون الثواب؟ ترى هي امرأة، وهي عرض... حتى لو لم تكن مسلمة. لكن لسان الجميع كان معقوداً عدا أحدهم الذي قال: «ما نبغي مشاكل يا اللخو». ردّ عليه: «طيب.. هل ترضاها على أهلك لا سمح الله؟». هذه مسئولية يا أخي العزيز أمام الله ورسوله وأمام الناس... لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
في تلك الليلة، كان المواطن المحترم يحكي القصة لشلته في المقهى، لكن يبدو أن هذا النوع من الحوادث أصبح مكرراً لدرجة التحول إلى الممل! شعر بذلك فقال مخاطباً نفسه: «الحمد لله أن أولاد الحلال كثيرون. حتى وإن سعى أولاد إبليس لتشويه سمعة بنات الناس وانتهكوا أعراضهم أياً ما كان مبررهم الشيطاني الخسيس، فإن أولاد الحلال موجودون. ألا يعلم أولئك أن من يعتدي على أعراض الناس سيأتي اليوم الذي ينال فيه الشياطين ممن هم على شاكلته من عرضه. ألا يخافون الحوبة؟». عاد إلى منزله وهو يسأل الله أن يستر على بناته وعلى بنات خلق الله من أولئك الخبثاء... أهل الجاهلية.
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 4053 - الجمعة 11 أكتوبر 2013م الموافق 06 ذي الحجة 1434هـ
هذا النوع من البشر موجود في المجتمع البحريني لكن اعتقد هناك منهم بحرينيين والغالبية من البحرينيين الجدد كما عايشنا وسمعنا ورأينا.. الغريب أن يكون هناك بحريني اصيل يمارس مثل هذه الأفعال المشينة المعادية للإسلام، والأخطر أن يعتبر من ينتهك اعراضهم غير مسلمين..
أهل الجاهلية .... اسقاط جميل على واقعنا
أهل الجاهلة.. اسقاط جميل جدًا على واقعنا ليس في البحرين فقط بل في كل العالم الإسلامي... أهل الجاهلية كانوا أهل كفر، لكن الأخطر منهم من يدعون الإسلام والتوحيد وهم يمارسون أسوأ الأمور مما لم يكن أهل الجاهلية يمارسونها! او يمارسونها مثلهم... ... لن ينجو ظالم من الحوبة وهذه شريعة الله سبحانه وتعالى في الكون.