من الممارسات التي تقع نتيجة لبعض العوامل من الاهمال او عوامل أخرى، هي ترك الاطفال بمفردهم داخل السيارة تحت أشعة الشمس، سرعان ما ترتفع درجة حرارة الطفل ويعاني من صدمة حرارية، والتي قد تؤدي إلى المضاعفات التالية: ارتفاع عالٍ لدرجة حرارته، جفاف، تقلصات، صدمة ووفاة. فعند توقف السيارة ولو لفترة بسيطة فاضافة للمخاطر العامة فالاطفال عرضة للصدمة الحرارية في حال انعدام التهوية بسبب عبث الاطفال وانغلاق النوافذ او جهاز التكييف.
وخاصة في فصل الصيف تتعامد اشعة الشمس مع الارض فتزيد درجة الحرارة إلى مستويات قد لا تستطيع اجسامنا التكيف معها عند التعرض الى درجة حرارة عالية سواء في الظل ضمن بيئة حارة ضيقة ومغلقة وعديمة التهوية او بالتعرض المباشر لأشعة الشمس.
آخر الضحايا الذين وقعوا هو الطفل راشد فاضل أبوزهيرة (5 سنوات) الذي نُسي في حافلة مدرسته منذ الثامنة صباحاً حتى الظهيرة، فعمق المأساة التي حصلت لعائلته، حملت الأهالي والمتفاعلين مع الحادثة انتقاداً شديد اللهجة للمدرسة ولوزارة التربية والتعليم، الذين طالبوا بحماية أطفالهم، وعدم تركهم للاهمال من قبل ادارات المدارس لكي لا تتكرر هذه الحداثة مرة أخرى، فيما دعا آخرون وزير التربية والتعليم لمحاسبة المسئولين عن هذه الحادثة وتشديد الرقابة وعدم التهاون. استشارية طب طوارئ الأطفال بمجمع السلمانية الطبي منال المسقطي قالت: «الصدمة الحرارية تحدث عندما يتعرض الشخص لمصدر حراري فترة طويلة نسبياً ويعتمد على طول الفترة وشدة الحرارة التي يتعرض لها الشخص بالإضافة طبعا لبعض العوامل الأخرى مثل قلة شرب السوائل أو وجود أمراض مسبقة لدى الشخص تفقده سوائل الجسم بصورة سريعة أو ان يكون يأخذ بعض الأدوية مثل مدرات البول والتي تفقد الجسم الكثير من السوائل».
واضافت «بالإضافة إلى أن الأطفال يكونون أكثر عرضة لفقدان سوائل الجسم بسبب كبر مساحة الجلد بالنسبة لحجم الجسم، ما يعرضهم للصدمات الحرارية أكثر من الكبار، وتكثر حالات الإصابة بالصدمة الحرارية في فصل الصيف وخصوصا في بلداننا الحارة وأشد ما تكون في فترة الظهيرة حين تكون أشعة الشمس عمودية وتكون الأقرب إلى الأرض، واكثر الأشخاص تعرضاً لها هم عمال الشوارع والبناء والعمال الذين يعملون في المصانع ذات الحرارة المرتفعة والأطفال الذين يقضون فترات طويلة تحت أشعة الشمس أو في الأماكن الحارة لأي سبب من الأسباب كاللعب خارج المنزل في فترة الظهيرة أو الانتظار فترة طويلة في السيارة دون ان يكون المكيف يعمل حتى لو كانت الفترة لا تتجاوز الساعة أو النصف ساعة في فترة الظهيرة».
وذكرت المسقطي، «انه يسبق الصدمة الحرارية مرحلتان: المرحلة الأولى وتبدأ عندما يبدأ الجسم بفقد السوائل بسبب الارتفاع الشديد في درجة الحرارة وفقدان السوائل يكون من تفاعل طبيعي للجسم من اجل إنتاج العرق والذي يخفض من حرارة الجسم وبعد ان يدخل الجسم في مرحلة الجفاف التي لا يتمكن بعدها من إنتاج المزيد من العرق تبدأ حرارة الجسم في الارتفاع وبعد فترة ليست بطويلة يدخل الجسم في المرحلة التالية وهي مرحلة الإجهاد الحراري، حيث يبدأ الشخص بالشعور بآلام ناجمة عن تقلصات أو تشنجات في عضلات الجسم بسبب الجفاف الشديد ويحدث خصوصا عند الأطفال أو عند الأشخاص الذين يبذلون مجهودا في الجو الحار كالعمل أو ممارسة الرياضة».
واضافت «هناك ايضا الشعور بالغثيان ودوار الرأس المصاحب بآلام في الرأس وترجيع مع شعور شديد بالعطش وتظهر علامات الجفاف واضحة على المريض مثل شحوب الوجه وجفاف الشفاه والحلق ويفقد الجلد ليونته، وإذا لم يتم تدارك الشخص في هذه المرحلة بسرعة فانه يتدهور سريعا حيث تزيد ضربات القلب ويتسارع النفس ويفقد المريض القدرة على التركيز تدريجيا حتى يدخل في غيبوبة الصدمة الحرارية والتي تكون علاماتها ارتفاع شديد في درجة الحرارة يفوق الأربعين درجة مئوية مع تعطل شبه كامل في عمل الأجهزة الحيوية في الجسم كالمخ والقلب والرئتين والكلى حيث يضعف التنفس وتنخفض دقات القلب وينخفض الضغط وتتوقف الكلى عن العمل حيث تعمل الحرارة الشديدة على تكسير العضلات، ما ينتج عنه بروتين يتجمع في كلا الكليتين ويدمرهما ويسهم في احداث تغيرات خطيرة في تركيز أملاح الجسم هذا طبعا بالإضافة إلى تأثير الجفاف بحد ذاته في احداث مثل هذه التغيرات».
وقالت: «بالنسبة لمن هم مضطرين للعمل تحت أشعة الشمس فيجب ان يكون العمل في الفترات التي تكون فيها أشعة الشمس اقل حرارة مع شرب الكثير من السوائل أثناء العمل وأخذ فترات من الراحة في أماكن الظل أو في الأماكن الباردة نسبيا مع استخدام فوطة مبلولة بالماء لوضعها على الراس او اي منطقة من الجسم اثناء العمل، وهذا ينطبق أيضاً على من يمارسون الرياضة في الأجواء الحارة».
كما قالت «أما بالنسبة للانتظار في السيارة المتوقفة في الأجواء الحارة فلا ينصح به لأي فترات حتى لو كانت قصيرة، وحين يلاحظ على اي شخص اي من الأعراض السابق ذكرها والتي تدل ان الشخص يعاني من إجهاد حراري فيفضل نقل المريض مباشرة إلى مكان بارد وإعطائه كمية كبيرة من السوائل ورش الماء على جسمه مع تشغيل المروحة وتوجيهها نحوه وهذه افضل طريقة لخفض درجة حرارة الجسم باعتدال، حيث يجب خفض درجة الحرارة تدريجيا كما تستخدم كمادات الماء البارد في منطقة الرقبة والابطين ويفضل عدم استخدام الثلج مباشرة على الجسم لانه يحدث رعشة في الجسم ويزيد الأمر سوءا، وفي حالة ان الشخص يكون فاقد للوعي فيفضل نقله للمستشفى بأسرع وقت مع القيام بكل ماسبق قبل نقله عدا ان يتم إعطائه اي شيئ عن طريق الفم، وكلما تأخر إسعاف مريض الصدمة الحرارية كلما كانت فرص نجاته اقل وكثر احتمال حصول مضاعفات مزمنة معه من جراء الصدمة الحرارية كالفشل الكلوي اوالشلل الدماغي».
العدد 4052 - الخميس 10 أكتوبر 2013م الموافق 05 ذي الحجة 1434هـ
والنعم
نشكر الدكتورة العزيزه منال المسقطي على اثرائها للموضوع وحرصها على نشر التوعية الصحية .. أشهد أنك من أكثر الناس اخلاصا وتفانيا في عملك .. أتمنى لك التوفيق وعين الله تحرسك
د.منال المسقطي
تعتبر الطبيبه الاستشاريه منال المسقطي من افضل الكفاءات الوطنية المخلصة نتمنى لها كل التوفيق