العدد 4047 - السبت 05 أكتوبر 2013م الموافق 30 ذي القعدة 1434هـ

رئيس الوزراء: البحرين لا تشهد توتراً طائفيــاً... وعلى مسئولي الدول الأخرى التحلي برؤى واضحة عن الوضع

علاقتنا مع أميركا قوية... وإيران تتدخل في شئوننا... وأين هو الربيع العربي؟

قال رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة: «إن البحرين لا تشهد توتراً طائفياً وإن ما يحدث هو محاولات إرهابية لا يتورع من يقوم بها عن ممارسة العنف والإرهاب واستهداف رجال الأمن وتهديد السلم الأهلي»، منوهاً إلى ضرورة أن تكون هناك رؤى واضحة لدى المسئولين في الدول الأخرى لما يحدث في البحرين وهذا بالطبع يعتمد على ما ينقل إلى هؤلاء المسئولين من معلومات مضللة وكاذبة لا تعبر عن الواقع.

وأكد سموه وجود تعطيل متعمد للحوار وخروج عن أعرافه وتقاليده عبر محاولات متواصلة لفرض إملاءات معينة على حساب التوافق الوطني وفرض وصاية غير مباشرة عليه.

وشدد سموه في حديث شامل مع صحيفة «الوطن» القطرية تنشره اليوم (الأحد) على «أن قوات درع الجزيرة عندما جاءت إلى البحرين ساهمت في حماية المنشآت والأماكن الحيوية، ولم يخرج دورها عن ذلك».

وعن مشروع الاتحاد الخليجي بين دول مجلس التعاون، قال سمو رئيس الوزراء: «إننا ننتظر من القمة الخليجية المقبلة أن تكون مفصلية في اتخاذ قرار بشأن الاتحاد وتحقيق حلم نتطلع إليه جميعاً ونرجوه لشعوبنا وبلداننا».

وعلى صعيد العلاقات البحرينية الأميركية، أكد سموه أن العلاقات مع الولايات المتحدة تاريخية وقوية ويسودها التفاهم والتنسيق المشترك، ولدينا حرص على تطوير هذه العلاقات وتنمية التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات، في حين رأى سموه أن هناك تصريحات لبعض المسئولين الإيرانيين تتجاوز الأعراف الدبلوماسية وتشكل تدخلاً في الشأن المحلي.

وتساءل سموه في معرض إجابته عن سؤال بتعلق بإدراج البحرين ضمن دول الربيع العربي: «أين هو هذا الربيع الذي تتحدث عنه؟ هل ما حدث في المنطقة ربيع؟. هل الاضطرابات والقلاقل والانفلات الأمني يعد ربيعاً؟».

وفيما يلي نص اللقاء:

صاحب السمو الملكي.. اسمحوا لي أن أنطلق في حواري مع سموكم من محطة العلاقات القطرية ـ البحرينية.. ما هو تقييم سموكم لمستقبل العلاقات بين الدوحة والمنامة بعد تولي الأمير تميم مقاليد الحكم؟

- بداية أرحب بكم في مملكة البحرين بلدكم الثاني، وأحيي من خلالكم الصحافة القطرية، وتمنياتنا لجميع العاملين فيها بالمزيد من التقدم والمساهمة في تطوير الصحافة الخليجية والعربية. والواقع أن ما يربطنا بدولة قطر الشقيقة هي علاقات أخوية وثيقة تستمد قوتها ومتانتها من الروابط التاريخية ووشائج القربى، التي تربط بين الشعبين الشقيقين، وقد تدعمت هذه الروابط على مدى سنوات طوال بفضل ما توليه قيادة البلدين من حرص مشترك على توسيع آفاق العلاقات الثنائية بينهما، والارتقاء بها في شتى الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية بما يحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين. ولقد أسهم أمير دولة قطر الشقيقة صاحب السمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني، بدور بارز في تعزيز التعاون البحريني - القطري منذ وقت مبكر من خلال ترؤسه للجانب القطري في اللجنة البحرينية - القطرية المشتركة التي تشكلت منذ عام 2000، ونحن على ثقة بأن العلاقات بين البلدين ستسير نحو المزيد من التقارب والتفاهم خلال السنوات المقبلة بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين، حيث إن مملكة البحرين تحرص على استمرار التواصل مع الشقيقة قطر وتوسيع دائرة التعاون والبناء على ما يجمع البلدين من علاقة وقربى وجوار.

مع انطلاقة عهد الأمير تميم، الذي تشيدون بدوره في تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين جرى تجديد لشباب الحكومة القطرية، كيف يرى سموكم هذه الخطوة.. وما هي انعكاسات التجربة على دول المنطقة؟

- نحن نتمنى لدولة قطر الشقيقة كل تقدم وازدهار، ونتطلع بتفاؤل إلى ما سوف يحققه ويقدمه صاحب السمو الأمير تميم من إنجازات من أجل وطنه وشعبه. ونحن على ثقة من أن دولة قطر ستشهد في عهد سموه المزيد من الخير والنماء، ونحن نرى أن كل ما يتحقق في قطر من إنجازات يشكل قيمة مضافة إلى شقيقاتها في دول مجلس التعاون. وإنني على يقين من أن صاحب السمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني سوف يكون له الإسهام الواضح والدور الفاعل في تعزيز العمل الخليجي المشترك، الذي حقق جدواه وفاعليته، وليس لنا من سبيل سوى هذا التعاون تحقيقاً لأهدافنا النبيلة المشتركة.

كيف تابعتم تولي الأمير الشيخ تميم الحكم في قطر وتنازل الأمير الشيخ حمد عن السلطة.. وما انعكاسات هذه الخطوة القطرية على دول الجوار؟

- إن صاحب السمو الأمير تميم شاب اكتسب خبرة كبيرة خلال السنوات الماضية وهو حاكم ابن حاكم، ولديه حرص على تطوير علاقات بلاده مع جيرانها، ويعمل جاهداً على تقريب وجهات النظر، ونتمنى له النجاح والتوفيق في كل خطواته بما يعود بالنفع على الشعب القطري الشقيق وعلى شعوب المنطقة بالخير والتقدم، ونسأل الله جلت قدرته أن يأخذ بيده فيما يتحمله من مسئولية، ونحن على ثقة من أنه يسير بخطى واضحة من أجل تقدم بلاده وشعبه ومواصلة العمل لمزيد من الرخاء والتقدم. ونحن ننظر إلى هذه التجربة باعتبارها شأناً داخلياً قطرياً، ولهذا فنحن نحترم خيارات كل دولة وما تتخذه من قرارات سيادية تصب في مصلحتها ومصالح شعبها.

بعيداً عن الشأن الداخلي القطري وقراراته السيادية اسمحوا لي يا صاحب السمو أن أسألكم عن الشأن الثنائي بين الدوحة والمنامة فهل لسموكم أن تطلعونا على آخر مستجدات مشروع «جسر المحبة» الذي يربط البلدين الشقيقين.. خاصة أن الغموض لايزال يكتنف موعد البدء في تنفيذ هذا الجسر رغم مضي نحو 14 عاماً على بدء الحديث عنه.. فما أسباب تأخير انطلاقة هذا المشروع الحيوي ومن يقف وراء تعطيله.. قطر أم البحرين؟

- مشروع الجسر الرابط بين البحرين وقطر هو مشروع استراتيجي من شأنه أن يحدث طفرة نوعية في مستوى العلاقات بين البلدين، ويدعم عملية التنمية بين قطر والبحرين، ويزيد من روابط التعاون والتواصل ليس على مستوى البحرين وقطر فحسب، وإنما على المستوى الخليجي ككل. وكما تعلمون فإن مثل هذه المشروعات العملاقة تحتاج للمزيد من الوقت لإنجاز كافة الدراسات والترتيبات اللازمة قبل البدء في العمليات الإنشائية، وفي ظل رغبة قيادتي البلدين وحرصهما على إنجازه، فإن التفاؤل يحدونا بأن يتم العمل في مشروع الجسر قريباً.

استكمالاً لسؤالي عن مشروع جسر المحبة الذي تبلغ تكلفته التقديرية 4 مليارات دولار تقريباً ماذا ستكون حصتكم في تمويل المشروع الاستراتيجي الذي يمتد على مسافة 40 كيلومتراً وسيوفر فرصة التكامل الاقتصادي بين البلدين الشقيقين؟

- التكلفة وغيرها من التفاصيل وحصة كل جانب، هي من الأمور الفنية التي مازالت تخضع للدراسة بين الجانبين وسيتم التوصل فيها إلى اتفاقات ستعلن في حينها وبعد إقرار الاتفاق النهائي الذي نأمل أن يكون قريباً، لكننا مستبشرون خيراً بهذا التواصل والامتداد الذي سوف يعزز من عملنا الخليجي المشترك في التواصل فضلاً عن فوائده الاقتصادية والاجتماعية الجمة التي يتطلع إليها الجميع.

تشيرون في جوابكم إلى العمل الخليجي المشترك فهل ترون أن هناك عقبات تحول دون تطوير مجلس التعاون؟

- نحن لدينا ولله الحمد في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إرادة سياسية لتطوير هذا المجلس، واستثمار الآفاق المتاحة أمامنا لتطوير التعاون بين الدول الأعضاء فيه، وبلا حدود وفي مختلف المجالات، ودائماً ما نؤكد أهمية هذا المجلس وما حققه من إنجازات على مدى 32 عاماً منذ تأسيسه وحتى الآن. ويتوجب علينا أن نكثف من اجتماعاتنا على مستوى القادة وتدارس أي مستجدات في المنطقة والعمل من أجل رفاهية شعوبها تجسيداً للروح التي قام من أجلها هذا المجلس، ولاشك أن اعتماد عملة خليجية موحدة هي خطوة مهمة سوف يجني المواطن الخليجي منها ثمرة من ثمار العمل الخليجي المشترك. ولابد لكل منصف أن يقرر بأن مسيرة مجلس التعاون قد تطورت كثيراً وحققت نقلات نوعية، وأن استمرار مسيرة هذا المجلس المبارك، يعد من الأمور الحيوية والإستراتيجية لدول المنطقة ومستقبل شعوبها، وهذا لا ينفي بطبيعة الحال أن طموحاتنا تتجاوز الواقع، وأن لدينا تطلعات في أن يتحقق المزيد من الإنجازات. وهناك مطالب لا تتوقف بإزالة أية عوائق تعرقل أو تعترض حركة ونمو التجارة البينية بين دول المجلس الست، من أجل الإسراع بتحقيق التكامل الاقتصادي والسوق الخليجية المشتركة، وهذه أمور نثق في أنها تحظى من المسئولين والجهات المعنية بكل اهتمام، وأنهم لا يألون جهداً في سبيل تخطي مثل هذه العقبات إن وجدت، وأن المستقبل القريب سيشهد المزيد من التطوير على هذا الصعيد.

في إطار حديثكم عن التطوير.. ما هي فرص الانتقال بالعمل الخليجي المشترك إلى مرحلة الاتحاد.. وما هي الأطراف التي تتحفظ على هذا المقترح؟

- لقد أعلنا منذ اللحظات الأولى موقف مملكة البحرين المساند والمؤيد للاتحاد الخليجي الذي أطلق مبادرته الخيرة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بل إننا دعونا ومازلنا ندعو إلى الإسراع بتحقيق هذا الاتحاد وترجمة الحلم الخليجي بتحقيق الوحدة بين دول وشعوب المنطقة، والانتقال بالعمل الخليجي من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد. ونحن نرى أن فرص الانتقال إلى هذا الاتحاد كبيرة ومتاحة، خاصة في ظل الاتفاق الخليجي على هذا الهدف المشترك، وإن تفاوتت الرؤى في بعض الأحيان حول آليات تطبيقه، لكننا نؤكد أن المتغيرات والتطورات الإقليمية والدولية، تحتم الإسراع بدخول الاتحاد الخليجي إلى حيز التنفيذ والتطبيق العملي في أسرع وقت ممكن. فالاتحاد الخليجي هو هدف شعوب المنطقة، ويجب أن نستفيد من النجاحات التي تحققت على صعيد التكامل الاقتصادي وأن تستمر الجهود من أجل تحقيق الاتحاد الذي أرى أنه لا يوجد سبب يعرقل تحقيقه، وتجربة دولة الإمارات العربية في الاتحاد تعطي مؤشراً إيجابياً للنجاح في الوصول إلى الاتحاد الخليجي المنشود، وأن مبادرة خادم الحرمين الشريفين بالانتقال من حالة التعاون إلى حالة الاتحاد ما هي إلا أحد أوجه مبادراته الخيرة لرص الصف وجمع الكلمة وتوحيد المواقف. ونحن نريد أن يكون هناك توافق بين دول المجلس على تحقيق الاتحاد الخليجي، لما لذلك من أهمية في دعم الأمن والاستقرار، ومن الضروري أن يجتمع قادة دول مجلس التعاون من أجل تسريع الخطوات نحو الاتحاد، فالأحداث في المنطقة تسير بوتيرة متسارعة، والتحديات تتعاظم، مما يستلزم أن تكون خطواتنا متواكبة مع المتغيرات من حولنا، وننتظر من القمة الخليجية المقبلة أن تكون مفصلية في اتخاذ قرار بشأن الاتحاد وتحقيق حلم نتطلع إليه ونرجوه لشعوبنا وبلداننا. فلم يعد خافياً على أحد أن أمن دولنا في هذه المنطقة يتعرض للخطر، وأن المخططات التي تستهدف استقرارنا ومقدراتنا ومنجزاتنا لا تتوقف، بل وتزداد شراسة من جهات لا تريد خيراً لدولنا وشعوبنا، وهذا ما يتطلب تطوير مواجهتنا لكل هذه التحركات والمخططات بتعزيز تعاوننا وتنسيقنا المشترك وتوحيد خطواتنا في مختلف المجالات صوناً لاستقرارنا وأمننا. ونؤكد أن التماسك بين دولنا وتأكيد رغبتنا في الاتحاد وترجمة هذا الحلم الخليجي الكبير على أرض الواقع، هو السبيل للحفاظ على ما حققناه عبر سنوات طويلة من منجزات ومكتسبات وتنفيذ كل ما تتوافق عليه الشعوب وقادة دول مجلس التعاون من أجل مستقبل أفضل وأكثر إشراقاً للمواطن الخليجي.

بعيداً عن التعاون الخليجي، اسمحوا لي أن أنتقل إلى قضايا الداخل البحريني، حيث تشهد مملكة البحرين جولة جديدة من حوار «التوافق الوطني»، فما هي انطباعات سموكم بشأن مخرجات هذا الحوار؟

- مبدأ الحوار لا خلاف عليه، لأن الديمقراطية هي الرأي والرأي المقابل في ظل دولة القانون، والبحرين عبر تاريخها انتهجت الحوار كمبدأ أساسي من أجل إتاحة المجال للجميع للمساهمة في صياغة المستقبل، وهو ما رسخه ميثاق العمل الوطني، وقد كان عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة سباقاً في الدعوة إلى حوار التوافق الوطني، بعدما شهدته البحرين من أزمة في عام 2011، إذ شاركت فيه كافة الأطياف الوطنية، ونجح في الخروج بتوصيات تعبر عن توافق الإرادة الشعبية في المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، بهدف تعزيز التجربة الديمقراطية في البحرين وتوسيع صلاحيات الرقابة ودعم النمو الاقتصادي. وقد أنهت الحكومة تنفيذ جميع التوصيات، بما فيها التعديلات الدستورية التي صادق عليها جلالة الملك بعد موافقة السلطة التشريعية، والتي أعطت المزيد من الصلاحيات التشريعية والرقابية للمجلس المنتخب. وفي الوقت الحالي فإن هناك جولة ثانية قائمة من حوار التوافق الوطني في الشق السياسي، تأتي لتؤكد على الرغبة الصادقة والجادة في تحقيق التوافق الوطني بين كافة القوى السياسية، بما يعزز أسس الديمقراطية في البحرين.

ولكن عفواً يا صاحب السمو.. تتحدثون عن الجولة الثانية من الحوار في حين أن المعارضة البحرينية قررت مؤخراً تعليق مشاركتها في حوار التوافق الوطني، فما مدى تأثير ذلك على سير الجلسات ونتائجها؟

- طاولة الحوار هدفها الأساسي التوصل إلى توافق وطني حول النقاط محل النقاش والمداولة، ولكن ما نشاهده من تعطيل متعمد للحوار وخروج عن أعرافه وتقاليده عبر محاولات متواصلة لفرض إملاءات معينة على حساب التوافق الوطني، وفرض وصاية غير مباشرة عليه، هو ما لا يستقيم أمام المسئولية التاريخية والوطنية الملقاة على عاتق المتحاورين والتي ينبغي أن تدفعهم للسعي الجاد نحو إنجاح الحوار لا تعطيله، أو محاولة إفراغه من محتواه. وإذا كانت بعض الأطراف قد قررت تعليق مشاركتها بالحوار لدواع وأسباب متعلقة بمقدمات الحوار وموضوعاته، فإن ذلك لا يعني أن الحوار سيتوقف، بل بالعكس فإننا نرى إصراراً من الأطراف الأخرى المشاركة بطاولة الحوار على المضي فيه، والخروج بتوافقات تلبي تطلعات مكونات المجتمع البحريني كافة، مع ترك المجال مفتوحاً أمام الآخرين حرصاً على المصلحة الوطنية. ونحن نؤكد أن البحرين تشهد طفرات تنموية في العديد من المجالات الصحية والتعليمية والخدمية وفي البنية التحتية، ولدينا أنظمة وقوانين متطورة وسلطة تشريعية تتمتع بصلاحيات كبيرة في التعبير عن الإرادة الشعبية.

مع تقديري لإجابتك يا سمو الرئيس، بماذا تردون على من يقول إن الحكومة البحرينية تحاور نفسها بعد قرار الطرف الآخر مقاطعة جلسات الحوار.. هذا إلى جانب أن هناك من يرى أن طاولة الحوار غير متكافئة لأنها خصصت 8 مقاعد للمعارضة مقابل 19 للموالين للحكومة؟

- الحكومة ممثلة في جلسات الحوار بثلاث وزراء فقط، والباقون هم ممثلو مختلف أطياف شعب البحرين، ومن بينهم ممثلون عن مجلسي النواب والشورى، ومن يدعي أن الحكومة لديها أكثر من ذلك، فهذا أمر غير صحيح، ونأمل أن ينظر الجميع إلى المصلحة العليا لمملكة البحرين، وأن يتحلى الجميع بروح المسئولية، فالبحرين بلد منفتح على الجميع، والتواصل لا ينقطع بين مختلف شرائح المجتمع.

ولكن يا صاحب السمو، يرى مراقبون أن ثمانية أشهر مرت على جلسات الحوار دون تحقيق إنجاز، وأن المعارضة قدمت رؤيتها للحل على مدى 25 جلسة ولم تكن هناك استجابة من طرفكم؟

- الحوار غرضه تلاقي الإرادات وهدفه التوافق، وبالتالي فلا يمكن لأي طرف الادعاء أنه وحده الذي يملك الحقيقة، وأن من حقه توجيه دفة الحوار كيفما شاء، والإصرار على مواقفه وتجاهل مواقف الآخرين. خصوصاً أننا نتكلم عن حوار سياسي الأصل فيه أنه خاضع للطرح المرن الذي لا يغفل الاحتمالات كافة، ولا يمنع تغيير الرأي، ولذلك فإن ترديد مثل هذه الأقاويل بأن طرفاً يقدم طرحاً ولا تتم الاستجابة له لا يعكس الحقيقة.

بعيداً عن خلط الأوراق ومحاولات إقحام البحرين في خضم ثورات الربيع العربي.. ما التوصيف السياسي أو الإعلامي للحالة البحرينية الراهنة؟

- يعتدل سموه في جلسته ويجيب بحزم قائلاً: بداية دعني أسألك.. أين هو هذا الربيع الذي تتحدث عنه؟ هل ما حدث في المنطقة ربيع؟. هل الاضطرابات والقلاقل والانفلات الأمني يعد ربيعاً؟.. وهل الانهيار الاقتصادي وتدهور المستويات المعيشية للناس يعد ربيعاً؟ لقد أصبحنا مهووسين بالمصطلحات التي يصدرها لنا الإعلام الغربي، بل وبتنا مولعين بمتابعة ما يجري في منطقتنا من تخريب وتدمير وتفتيت. إن ما يحدث في البحرين هو محاولات لا تتوقف لعرقلة التنمية والتطور الاقتصادي في هذا البلد تحت دعاوى وذرائع زائفة، وتنفيذاً لمخططات من لا يروق لهم أن يروا بلداً ناجحاً يتطور ويتقدم، وما يحدث في البحرين لا علاقة له بالديمقراطية أو مطالب سياسية أو معيشية أو إسكانية أو صحية أو خدمية، بل هو تخريب متعمد يرفضه شعب البحرين ويتصدى له، ويؤكد دائماً أن هذه المحاولات ستنتهي بالفشل ولن يكتب لها النجاح. ونؤكد أن ما جرى في البحرين لم يكن من أجل تحقيق مطالب معيشية، وإنما محاولة لجر البلاد إلى الفوضى والخراب، ولكن مواقف شعب البحرين ووعيه أسهما في حماية الوطن، وعملا على تغيير صورة البحرين داخلياً وخارجياً بفضل من عناية الله، ووعي شعب البحرين.

تتحدثون عن إثارة الفوضى وسؤالي الصريح لكم.. بماذا تفسرون إحالة الأمين العام المساعد لجمعية الوفاق إلى النيابة العامة.. ألا يعد هذا الإجراء نوعاً من التأزيم والتوتير السياسي في البلاد كما يقول الطرف الآخر؟

- نحن دولة تُعلي شأن القانون ويلتزم قضاؤنا بتطبيقه بما يحقق أمن واستقرار المجتمع، كل ذلك في ظل توافر كامل ضمانات استقلال القضاء. ولذلك فلا علاقة لما حصل بما تصفه أو يصفه آخرون بأنه توتر أو تأزيم.. فالإجراء القانوني عندما يتخذ يتم تحديد السبب ومواجهة المتسبب، ويمنح الحق كاملاً في الدفاع عن نفسه لتقديم أدلة براءته، والكلمة في النهاية لمنصة القضاء التي تحكم بالوقائع والأدلة، وعلى الجميع أن يحترموا القانون وأن ينتظروا القول الفصل من المحكمة مدعماً بالحيثيات.

أصدرت المحكمة الجنائية الكبرى أحكاماً بالسجن على المتورطين في خلية تنظيم 14 فبراير.. هل يمكن القول إنه تم إسدال الستار على هذه القضية؟. وماذا عن المتهمين الهاربين؟

- نحن دولة مؤسسات وقانون، ونحترم أحكام القضاء الذي نعتز باستقلاليته ونفخر بنزاهته، ولا أحد يتدخل في أحكام القضاء بالبحرين، ودرجات التقاضي متاحة أمام الجميع، وعندما يصبح الحكم نهائياً ينبغي احترامه وتنفيذه والالتزام به، وهذا ينطبق على القضية التي تتحدث عنها أو غيرها من القضايا المنظورة أمام القضاء ومن يدان يعاقب وفق القانون ومن يبرأ تُخلَ ساحته، ولذلك فالمجال مفتوح للمدانين في أن يستأنفوا الحكم الصادر بما يوفر لهم كامل ضمانات المحاكمة العادلة.

يرى الطرف الآخر أن حظر نشاط ما يسمى بـ «المجلس العلمائي» وتصفية أمواله لا يحل الأزمة البحرينية ولكن يزيدها تعقيداً؟

- بداية لا ينبغي أن تغيب عنا الحقائق في هذا الموضوع وأن نعلم أساس المشكلة بعيداً عن المحاولات التي تسعى لإلباس الباطل ثوب الحق، فهذا المجلس الذي تتحدث عنه يعمل دون ترخيص رسمي كما هو الحال مع مختلف الجمعيات الأخرى في البحرين والتي تعمل وفق القانون. الأمر الثاني أنه سبق للجهات المعنية أن نبهت من يقومون على هذا المجلس بأنهم يمارسون عملهم دون سند قانوني وأنهم بذلك يضعون أنفسهم تحت طائلة القانون ولم يحدث تجاوب من هؤلاء. الأمر الأخير أن الحكومة لم تُقدم على حظر نشاط هذا المجلس أو تقرر تصفية أعماله أو وقف النشاط بصورة إدارية، وإنما انتهجت الطريق القانوني، والسلوك الحضاري في التعامل مع هذه القضية، حيث قامت وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، باعتبارها الجهة المعنية برفع دعوى قضائية أمام المحاكم البحرينية بحق هذا المجلس غير القانوني، والكلمة في النهاية ستكون للقضاء.

من القضاء البحريني اسمحوا لي أن أنتقل معكم إلى الفضاء المحيط بكم حيث الحديث لا يتوقف عن سعي جهات خارجية لزعزعة الاستقرار في مملكة البحرين.. كيف ترون دور الخارج في تأزيم الداخل البحريني؟

- المؤشرات والشواهد، وأيضاً العديد من الأدلة تؤكد وجود دور خارجي يسعى إلى تأجيج الصراعات وبث الفرقة وإثارة النعرات ودعم وتشجيع النزاعات في العديد من أنحاء العالم، ويبدو هذا الأمر واضحاً جلياً في منطقة الشرق الأوسط، والبحرين ليست استثناء من هذا، ومحاولات بعض القوى للتدخل في شئوننا الداخلية لم تعد خافية على أحد. وعلينا أن نعتبر في مجلس التعاون مما مرت به بعض الدول المحيطة من اضطرابات وتراجع في أمنها واستقرارها، وأن نغلق جميع المنافذ أمام التدخلال الخارجية، فنحن بلدان نامية وأي تأثير على الأمن والاستقرار سيكون له بالتأكيد تداعيات سلبية على جهودنا في مجال التنمية والتقدم. ونحن لا نريد عداء أحد، ولا نريد أن يعادينا أحد، ونمد يدنا لمن يمد يده، وبلدنا عزيز علينا، ولن نفرط في أي جزء من تراب هذا الوطن.

هل رصدتم وجود حملة تشويه تدار ضدكم في إطار مخطط خارجي يستهدف التشويش على شأنكم الداخلي.. وما مدى تورط المعارضة في هذا المشروع التحريضي؟

- كما نشاهد جميعاً؛ فإن هناك تحالفاً بين منظمات وجهات دولية، وبل وإصراراً من جانبها على تصوير الأمور في البحرين على غير حقيقتها، واستقاء معلوماتها من مصدر واحد، يضمر الشر لهذا البلد ولأهله، ولا يتورع عن فعل أي شيء في سبيل إلحاق الضرر بشعب البحرين، والنيل من مكتسباته وإنجازاته التنموية وما حققه من تطور عبر سنوات طويلة من الجهد والعمل. وهؤلاء لا يعرفون طبيعة شعب البحرين، ولا يدركون أن كل هذه المحاولات اليائسة لن تنال من هذا الشعب وتماسكه، وعدم تفريطه في سيادته واستقلاله، ورفضه لكل محاولات الابتزاز أو الضغوط التي تمارسها بعض الجهات، وأن هذا الشعب قادر بوعيه وحسه الوطني، على كشف المدعين، وأنه يرفض كل محاولات الاستقواء بالخارج، أو التدخل في الشئون الداخلية تحت أية مبررات أو ذرائع.

في إطار استقواء بعض الجهات بالقوى الخارجية.. هل لمستم أو تلمسون تأثير ولاية الفقيه في الخارج على قضايا الداخل في البحرين؟

- نحن نعتز بطبيعة مجتمعنا وتماسك نسيجه من مختلف الأديان والأجناس والأعراق وهذا المجتمع بطبيعته وعبر التاريخ يرفض النماذج الدخيلة عليه ولا يقبل أن يقوم أي طرف كان بتصدير مفاهيمه أو معتقداته ومحاولة التسلل بها إلى نسيج هذا المجتمع. ومن يتابع ما يحدث في البحرين لا يحتاج إلى عناء كي يدرك هذه الحقائق ويدرك أيضاً رفض شعب البحرين للأشكال والقوالب التي يسعى البعض لفرضها عليه استنساخاً لتجارب خارجية، لكن أطمئنك أن غالبية شعب البحرين لهم اتجاهات مختلفة وأن شعبنا واعٍ وقادر على أن يلفظ كل ما هو غريب عنه ولا يمت إلى طبيعته بصلة.

أعلنتم مؤخراً عن تشكيل لجنتين إحداهما مدنية والأخرى أمنية في مجال مكافحة الإرهاب.. فإلى أين وصلت جهود اللجنتين في هذا المجال.. وكيف يمكن أن نحمي البحرين من مخاطر الإرهاب؟

- الإرهاب لم يعد قضية محلية في أي بلد من بلدان العالم بل ظاهرة عالمية عابرة للحدود ولهذا فلا وطن أو دين للإرهاب.. والتصدي لهذه الظاهرة يتطلب تنسيقاً عالي المستوى بين مختلف الأجهزة محلياً، وأيضاً تنسيقاً وتعاوناً مع دول العالم الأخرى، باعتباره جريمة ولكون انتشاره مدعاة لتنامي العنف والذي، وكما ترون، بات في عالمنا اليوم يهدد السلم والأمن الدوليين. ومن هنا فإن هذه اللجان تهدف إلى تنسيق العمل في مواجهة الأعمال الإرهابية لأن مهمتنا هي سلامة المواطنين والمقيمين وحماية المنشآت الحيوية والحفاظ على الأمن والاستقرار، وحماية البحرين من مخاطر الإرهاب هي مسئولية مجتمعية مشتركة وليست الحكومة وحدها، ونثق في أننا سننجح بإذن الله وتوفيقه في استئصال هذه الظاهرة وحماية البحرين وشعبها من مخاطرها.

مع دعائي بأن يحفظ الله البحرين وشعبها وقيادتها من مخاطر الأعمال الإرهابية.. ما هو تأثير الإرهاب على الساحة السياسية البحرينية؟

- إن المجتمع البحريني بإدراكه ووطنيته أحبط كل ما يحاك ضد البحرين من مخططات تستهدف الأمن والاستقرار، وقد تكون بعض القطاعات الاقتصادية والتجارية قد تأثرت بفعل الأزمة التي مرت بها البحرين قبل عامين ونصف العام، ولكن متانة الاقتصاد البحريني وارتكازه على منظومة حديثة ومتطورة ساعد في سرعة الخروج من التداعيات السلبية، والانطلاق مجدداً في مسار التنمية الشاملة، وخلال هذه الفترة استطعنا أن نحقق العديد من الإنجازات التي شهد بها العالم والتقارير الدولية المتخصصة في مجالات التنمية والاقتصاد والتطور الاجتماعي والثقافي وغيرها. وأؤكد لك، أن الأزمة التي مرت بها البلاد رغم مرارتها، إلا أنها أسهمت في زيادة الروح الوطنية بين أبناء الشعب الواحد الذين خرجوا معلنين استنكارهم ورفضهم للإرهاب والمحرضين عليه، ورسموا بتجمعاتهم ومواقفهم لوحة مضيئة في تاريخ العمل الوطني البحرين، فلهم كل التحية والشكر والتقدير.

وهل هناك أي علاقة لبعض القوى المعارضة في مملكة البحرين بالتنظيمات الإرهابية؟

- إن النظام السياسي البحريني يؤكد الحرية والانفتاح واحترام حقوق الإنسان التي كفلها ميثاق العمل الوطني عام 2011 ودستور عام 2002، ولدينا عملية ديمقراطية متجددة ومتطورة باستمرار تقوم على تلبية الإرادة الشعبية التي تعبر عنها السلطة التشريعية ممثلة في مجلسي الشورى والنواب، ونحن مستمرون في البناء على ما تحقق من مكتسبات للوطن والمواطن ضمن الرؤية الشاملة لعاهل البلاد، ولكن للأسف هناك بعض الجمعيات والتيارات التي استغلت مناخ الحرية الواسع بشكل خاطئ، وحادت عن جادة الصواب من خلال دعم الإرهاب والعنف والتحريض عليه، ولا يمكن لأي مهتم بالشأن البحريني أن يغفل علاقة بعض الجمعيات والتيارات السياسية بالتنظيمات الإرهابية سواء الداخلية أو الخارجية، ما أدى إلى حالة نفور شعبي كبير من هذه الجمعيات عبرت عنه مواقف المواطنين في مختلف القرى والمدن الذين ضاقوا ذرعاً بهذه الممارسات. ونحن نجدد التأكيد أن مملكة البحرين هي دولة القانون والمؤسسات وأن أية محاولات للخروج على القانون سيتم مجابهتها بالقانون، ولقد أثبتت الأيام أن شعب البحرين يرفض كل هذه الممارسات الدخيلة على عاداته وتقاليده، ولهذا فشلت وستفشل محاولات المساس بنسيجه المجتمعي الرائع ولن يجني أصحابها أية ثمار يتوهمونها.

يا صاحب السمو سأسألك سؤالاً صريحاً يتردد على شفاه الكثيرين.. ما حقيقة الدور الذي تقوم به قوات درع الجزيرة في المشهد البحريني وإلى أي مدى ساهمت في حفظ الأمن والاستقرار في البحرين، وما هو ردكم على من يشككون في دور هذه القوات؟

- كما تعلمون جميعاً فإن لقوات درع الجزيرة المشتركة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، دوراً هاماً وحيوياً في المشاركة في الدفاع عن أية دولة من دول المجلس في مواجهة التهديدات الخارجية، وهذا هو الغرض الأساسي الذي تم تأسيسها من أجله، وقد تجلى هذا الدور في العديد من المواقف لعل أبرزها المشاركة في تحرير دولة الكويت الشقيقة عام 1991. وعندما وقعت الأحداث المؤسفة التي شهدتها مملكة البحرين في بدايات عام 2011، كان من الطبيعي أن تأتي قوات درع الجزيرة إلى البحرين، وقد ساهمت هذه القوات مشكورة في حماية المنشآت والأماكن الحيوية، ولم يخرج دورها عن ذلك، خلافاً لما يروجه البعض من شائعات مغرضة ومغالطات. ونحن نعتز بدور قوات درع الجزيرة المشتركة وبتواجدها بيننا، ونرى أنها إحدى ثمار التعاون والتنسيق الرفيع بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأنها نواة لأن تكون جيشاً موحداً لدول المجلس في المستقبل إن شاء الله عندما ندخل مرحلة التنفيذ الفعلي للاتحاد الخليجي الذي سيؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ دول مجلس التعاون.

بعيداً عن قوات درع الجزيرة.. لماذا لم تحددوا حتى الآن موعداً لزيارة مقرر الأمم المتحدة لشئون التعذيب.. ولماذا تم تأجيل زيارته أكثر من مرة؟

- إن تلك الزيارة تستدعي إجراءات داخلية خاصة لذلك تعد من الأمور السيادية التي أقر ميثاق الأمم المتحدة احترامها وعليه فقد تم تأجيل الزيارة ولم نرفض الزيارة وإنما سيتم تحديد موعدها في الوقت المناسب.

في إطار هذا الملف.. ماذا تعني لكم موافقة مجلس الجامعة العربية على أن تكون البحرين مقراً دائماً للمحكمة العربية لحقوق الإنسان؟

- كما تعلمون فإن تشكيل هذه المحكمة جاء بمبادرة ومقترح من جلالة ملك البحرين، وتبنت الجامعة العربية هذا المقترح وتمت دراسته وإعداد الآليات الخاصة به وخروجه إلى حيز التنفيذ. ونحن نعتز بموافقة مجلس الجامعة العربية على أن تكون مملكة البحرين مقراً دائماً لهذه المحكمة، وهو ما يؤكد ثقة مجلس الجامعة في ما تتمتع به البحرين من أرضية جيدة على صعيد احترام حقوق الإنسان وما تطبقه من قوانين وتشريعات متطورة في هذا المجال، ويحق لنا أن نفخر بأنه سيكون لدينا كعرب محكمتنا الخاصة بحقوق الإنسان التي سترسي قواعدها ومبادئها مراعية لخصوصيتنا العربية وامتدادنا الإسلامي.

اسمحوا لي الآن أن أنتقل إلى محور آخر من محاور الحوار لنطير معاً إلى نيويورك حيث أثار خطاب الرئيس الأميركي أوباما في الأمم المتحدة الكثير من اللغط والغلط الذي أثاره بشأن ما ذكره عن التوتر الطائفي في البحرين.. كيف استقبلتم هذا الخطاب وما انعكاساته على العلاقات البحرينية - الأميركية؟

- نحن نرى ضرورة أن تكون هناك رؤى واضحة لدى المسئولين في الدول الأخرى لما يحدث في مملكة البحرين وهذا بالطبع يعتمد على ما ينقل إلى هؤلاء المسئولين من معلومات مضللة وكاذبة قد لا تعبر عن الواقع إن لم تكن لها أهداف أخرى، وهذا في تقديري خطوة ومسئولية علينا جميعاً العمل على تصحيحها. ولقد أكدنا ونكرر مرة أخرى أن البحرين لا تشهد توتراً طائفياً وأن ما يحدث في البحرين هو محاولات إرهابية لفرض أجندات يسعى أصحابها لتنفيذها ولا يتورعون في سبيل ذلك عن ممارسة العنف والإرهاب واستهداف رجال الأمن وترويج الأكاذيب والمغالطات، ويحظون في ذلك بدعم من يتفقون معهم في الهدف وهو زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وبث بذور الفتنة.

ولكن عفواً يا صاحب السمو.. هل يمكن القول إن أوباما يجهل حقيقة الوضع في البحرين.. وإنه يستقي معلوماته عنها من مصادر لا علم لها بطبيعة ما يجري فيها؟

- يجب أن تكون هناك رؤى واضحة لدى المسئولين في الدول الأخرى ليس لما يحدث في مملكة البحرين وحدها، وإنما في أي دولة أخرى بالعالم، وما نقوله يؤكده تغير مواقف بعض الدول تجاه تلك القضية أو تلك ما يعني أن الحقائق بدأت تتضح أمامهم، وأنهم يحتاجون إلى جهد مماثل لتفهم حقيقة الأوضاع في الدول الأخرى، حيث أن واقع الحال كما يرون ناتج عن ما يتلقونه من معلومات بعيدة كل البعد عن الحقيقة، وأن التقارير التي يتلقونها تجانب الواقع، وتميل إلى التهويل والمبالغة.

في إطار حديثكم عن تلقي مسئولين في الدول الأولى معلومات بعيدة عن الحقيقة.. ما موقفكم من تواصل السفير الأميركي مع جهات التأزيم في البحرين.. وما مصلحة واشنطن في تصوير الوضع على أنه خلاف طائفي؟

- العلاقات بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأميركية هي علاقات تاريخية وطيدة وقوية ويسودها التفاهم والتنسيق المشترك، ونحن نحرص على تطوير هذه العلاقات وتنمية التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات. ونحن ندرك الدور الكبير والهام الذي تضطلع به الولايات المتحدة لحفظ الأمن والاستقرار الدوليين، ونتطلع دائماً إلى أن تساهم في الحفاظ على الاستقرار في منطقة الخليج باعتبارها منطقة حيوية للعالم بأسره. والواقع أن ما يقوم به سفراء وممثلو الدول المعتمدون في أي دولة، هو تنفيذ توجيهات بلادهم، لكن اجتماعاتهم مع الأطراف داخل أي دولة يجب أن تكون واضحة وتتوافق مع اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة في عام 1961، ومن الواجب أن تكون العلاقات بين الدول قائمة على الاحترام المتبادل، ونحن منفتحون على العالم، لكننا نرفض التدخلات في الشأن الداخلي لأنها تعد أمراً خطيراً وتؤثر في العلاقات بين الدول.

أصدر البرلمان الأوروبي في مطلع الشهر الماضي قراراً تفصيلياً حول حقوق الإنسان في البحرين.. كيف استقبلتم هذا القرار وهل ترون أنه ينحاز لصالح المعارضة على حساب المصلحة البحرينية؟

- البحرين تحترم حقوق الإنسان، فديننا الإسلامي أقر هذه الحقوق وأوصانا بها وألزمنا بتطبيقها قبل أن تصدر الاعلانات الدولية لحقوق الانسان وقبل أن يشهد الغرب نهضته، فاحترام حقوق الانسان هو نهج أصيل في مجتمعنا الاسلامي. ولا ينبغي أن نغفل أن قضايا من نوع حقوق الانسان وغيرها باتت ذريعة يستخدمها الآخرون للتدخل في شئون الدول، أو لفرض ما يريدونه عليها بينما يضربون هم أنفسهم بها عرض الحائط عندما تتعارض مع أمنهم أو سلامة شعوبهم، ولا نحتاج إلى تكرر الشواهد على ذلك في الماضي القريب أو البعيد على السواء.

الآن حان وقت التوجه بالحوار إلى طهران.. كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات مع إيران بعد تولي الرئيس حسن روحاني لمقاليد الحكم في بلاده؟

- المواقف البحرينية ثابتة في العلاقات مع دول العالم دون استثناء، فنحن نرحب دائماً بعلاقات الصداقة مع أي طرف، في إطار الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية والمعاملة بالمثل، ونحرص على توطيد أواصر العلاقات وفق هذه المبادئ التي يحددها القانون الدولي. وهناك علاقة جوار تربطنا مع إيران، وتجمعنا معها العديد من المحافل الدولية وفي مقدمتها منظمة التعاون الإسلامي، ونحن نرحب بدعوات أو تصريحات الرئيس حسن روحاني والتي أكد فيها حرصه على تطوير علاقات بلاده مع دول مجلس التعاون الخليجي وبدء مرحلة جديدة من العلاقات مع دول المنطقة. إننا نتمنى الخير للجميع ونحرص على مصالح الآخرين، ولا نضمر شراً لأحد، ولا نقبل أن يتدخل أحد في شئوننا، ونحن في هذا لا نبتدع شيئاً، وإنما هي المبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول، وهو ما تتمسك به دول العالم جميعاً. كما أننا نتمنى لإيران في عهد الرئيس حسن روحاني التقدم والرقي وتحقيق النماء للشعب الايراني، ونتطلع إلى نهج جديد في العلاقات بين دول الجوار، فنحن نعيش في منطقة عانت كثيراً، وانعكست التداعيات السلبية للصراعات فيها على جميع دولها دون استثناء، وقد حان الوقت كي تنعم هذه المنطقة بالاستقرار وأن تتفرغ للتنمية والبناء.

بصراحة بل بمنتهى الصراحة.. هل ترون أن إيران ضالعة عملياً أو إعلامياً في التحريض على الفتنة في الداخل البحريني وأنها تعمل على تحويل اتجاهات المعارضة لخدمة مصالحها عبر زعزعة استقرار الجبهة البحرينية؟

- إن هناك تصريحات لبعض المسئولين الإيرانيين تتجاوز الأعراف الدبلوماسية وتشكل تدخلاً في الشأن المحلي، ونتمنى من إيران اتخاذ خطوات إيجابية لأن مثل هذا التدخل يؤثر على علاقات البلدين.

هل تعتقدون أنه حان الوقت لتبني مطالب عرب الأحواز وتسليط الأضواء السياسية الكاشفة على قضيتهم المنسية؟

- نحن لا نريد التدخل في الشأن الداخلي لإيران، ومواقفنا تتم في إطار مشاوراتنا داخل مجلس التعاون كمجموعة واحدة، فموقف دول الخليج معروف وهو رفض التدخل في شئونها، وكل ما نتطلع إليه أن تكون علاقات إيران طيبة مع جيرانها من خلال التفاهمات والاحترام المتبادل.

من طهران ننتقل الآن إلى بيروت.. ما هي رؤيتكم للإجراءات الخليجية ضد حزب الله اللبناني ومدى أهميتها في الوقت الحالي؟

- إن سياسة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تقوم على الاحترام وعدم التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة، وبالتالي فإنها لا تسمح لأي حزب أو تيار أن يتدخل في شئونها سواء من خلال دعم التنظيمات الإرهابية التي تمس أمنها وسيادتها أو من خلال ترويج المغالطات والأكاذيب التي تنال من السلم الأهلي والاستقرار المجتمعي في الدول الخليجية والتي تهدف إلى شق الصف الوطني داخل دول المجلس على أسس مذهبية أو طائفية. والتحركات الأمنية الخليجية الأخيرة، تأتي تفعيلاً للاتفاقيات الأمنية المشتركة بين دول مجلس التعاون، فالتنسيق الأمني بين دول المجلس متواصل ومستمر من أجل مواجهة الإرهاب وتجفيف منابعه.

كيف ستتعاملون مستقبلاً مع الحكومة اللبنانية في حال ضمت وزراء من كوادر هذا الحزب؟

- إن هذا الأمر لا علاقة له بعلاقاتنا مع الأشقاء في لبنان الذين نثق أنهم يحرصون على أمن واستقرار دولنا، وفي حال وجود تهديد لأمننا بأي شكل من الأشكال انطلاقاً من الأراضي اللبنانية أو من أطراف بعينهم، سنتحدث مع الأشقاء هناك وسنتوصل إلى ما يحقق الرغبة المشتركة في وجود علاقات قوية بيننا وبينهم.

ما موقفكم من خطاب نصر الله التحريضي وما دوره في إحداث الفوضى في البحرين.. وهل لديكم أدلة على تورط هذا الحزب في أحداث البحرين؟

- نحن نؤكد أنه لن يتم التساهل مع أي جهة أو تيار يسعى إلى تفرقة شعوبنا وسنتصدى لكل ما يتهدد أمننا وسلامة دولنا، ويجب أن يعي الجميع أن الرهان على الانشقاقات الطائفية والمذهبية رهان خاسر أفشله وعي شعوبنا بخطورة تحديات المرحلة الراهنة.

من لبنان لابد أن نتوقف الآن في سورية.. ما هي رؤية سموكم لمستقبل القضية السورية.. وهل ترون أن القرار الأممي الأخير كافٍ للتعاطي مع أزمة الكيماوي السوري؟

- إن موقف مملكة البحرين الواضح والمعلن هو التأكيد على أهمية إنهاء معاناة الشعب السوري الشقيق، والوقوف بجانب كل الخطوات والمبادرات التي تؤدي إلى الحفاظ على الدم السوري ووقف نزيفه، وإننا نؤيد الإجراءات الدولية التي من شأنها الحد من تفاقم تدهور الأوضاع في سورية الشقيقة لما لذلك من تأثيرات كبيرة على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وإننا نتطلع أن تكون عملية نزع السلاح الكيماوي السوري بداية لمرحلة جديدة تحقق الأمن والاستقرار للشعب السوري الشقيق، إذ لا يمكن لنزيف الدم أن يستمر هناك هكذا إلى ما لا نهاية، ونحن في موقفنا نسير ضمن موقف موحد لجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، فالكل يسعى إلى الحفاظ على وحدة سورية الشقيقة باعتبارها دولة عربية قوية ومؤثرة في الأمن القومي العربي.

بعيداً عن الكيماوي السوري الذي سيتم تفكيكه.. ما موقفكم من الصراع الطائفي في العراق الذي يفكك جبهتها الداخلية.. وهل ترون أن سياسة الحكومة العراقية ساهمت في ترسيخه؟

- ما يحدث في العراق يؤلم كل عربي كان يتطلع إلى العراق كأحد الأركان الرئيسية لعالمنا العربي، ونتمنى أن تزول هذه الغمة وأن يعود العراق إلى ممارسة دوره الطبيعي داخل الأمة العربية، ونحن نرى أن الصراعات الطائفية تفتح الأبواب لتفتيت الدول والقضاء على هويتها، وأن بعض المتربصين بمنطقتنا ودولنا يحرصون على تأجيج تلك الصراعات وتغذيتها ودعمها كي لا تقوم للعراق قائمة مرة أخرى. ونحن نثق في أن شعب العراق الشقيق سيتجاوز تلك المحن وسيتغلب على الصراعات والانقسامات، وكلنا نتطلع إلى ذلك اليوم بأمل وترقب كبيرين.

اسمحوا لي الآن أن انتقل معكم إلى «أم الدنيا».. كيف تقيمون العلاقات مع مصر بعد تغيير حكم الرئيس السابق محمد مرسي.. وما الذي تحتاجه مصر في المرحلة المقبلة.. وما الذي يمكن أن تقدموه لها غير الدعم السياسي وما الذي تنظرونه منها؟

- بداية يجب أن يعلم الجميع أن علاقتنا مع الشقيقة الكبرى مصر هي علاقات تاريخية طويلة وممتدة، ويمكن القول أيضاً أنها علاقات ذات طبيعة خاصة ليس بين مصر ومملكة البحرين وحسب بل بينها وبين مختلف الدول العربية، فمصر هي القلب، وهي العمق لأمتها العربية، وإذا صلحت أحوال مصر صلحت أحوال الأمة العربية والعكس صحيح، هذا ما تكرره وتؤكده وتجسده وقائع التاريخ وأحداثه. وحينما قرر الشعب المصري اختيار الطريق الذي يرغب فيه، وقفنا إلى جانبه، فاستقرار وأمن مصر هو استقرار وأمن للأمة العربية بأسرها، وفي مختلف المراحل فقد حافظنا على علاقات قوية مع مصر، والتعاون معها لم يتوقف في أي مرحلة من المراحل؛ فارتباطنا بمصر هو ارتباط مصيري. ونحن نثق في أن مصر ستتجاوز كل الصعاب التي تواجهها، وأنها ستستعيد دورها الريادي في المنطقة والعالم، وأنها ستواصل مساندتها ونصرتها للقضايا العربية والاسلامية، وأنها ستتخطى العثرات التي تعرقل مسيرتها، وسنقف معها وإلى جانبها، فمصر تستحق منا نحن العرب الكثير، وهي جديرة بوقفة عربية قوية، تقديراً وعرفاناً بوقفاتها التي لا تنسى مع شقيقاتها العربيات، ومن بينها مملكة البحرين.

هل تؤيدون خوض الفريق السيسي الانتخابات الرئاسية المرتقبة.. وهل ترون أنه الرجل المناسب لإعادة مصر لممارسة دورها القيادي في العالم العربي؟

- نحن لا نتدخل في خيارات الشعب المصري الشقيق، وندعم حقه في اختيار النهج الذي يرتضيه لنفسه دون تدخل أو ضغوط من أي طرف كان، وفي الوقت نفسه فإننا نساند خيارات المصريين ونقف إلى جانبهم، مثلما وقفوا دائماً إلى جانبنا وإلى جانب مختلف الشعوب العربية، فمصر تاريخ وحضارة وثقل إقليمي ودولي، ويجب علينا جميعاً أن نقف معها حين تواجه الصعاب.

ولكن عفواً صاحب السمو.. المتعاطفون مع «الإخوان» يرون أن ما حدث في القاهرة يعد انقلاباً على السلطة المنتخبة؟

- لقد أعلنا موقفنا مما حدث في مصر وأكدنا دعمنا لخيارات الشعب المصري ووقوفنا إلى جانبه.

نصل الآن إلى محطة السؤال الأخير.. كيف ستتعاملون في مملكة البحرين مع التيارات الإسلامية في المنطقة بعد سقوط إخوان مصر؟

- إن البحرين دولة ديمقراطية، والدستور يسمح بقيام الجمعيات السياسية التي تمارس أعمالها وتقيم أنشطتها بكل حرية ويسر، ولا توجد أي قيود على نشاط الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني طالما كانت تحترم القانون والدستور، ولا تعمل على تقسيم المجتمع على أسس مذهبية، ولا ترعى الإرهاب أو تحرض عليه تحت شعارات سياسية أو طائفية. ونحن دولة قانون ومؤسسات وجميع التيارات السياسية تحظى بالاحترام والتقدير بما فيها التيارات الإسلامية التي أثبتت وطنيتها في العديد من المواقف التي مرت بها البحرين، ولكننا نرفض التأثير على حريات الناس وتوجهاتهم السياسية؛ فديننا الإسلامي الحنيف يدعو إلى الانفتاح والحرية المسئولة التي تسهم في تنمية الشعوب والأوطان.

العدد 4047 - السبت 05 أكتوبر 2013م الموافق 30 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً