العدد 4046 - الجمعة 04 أكتوبر 2013م الموافق 29 ذي القعدة 1434هـ

خارطة الطريق للعمل البيئي في البحرين (8)

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

بالتوافق مع ما جرى الإشارة إليه في المقال السابق ينبغي التأكيد على أن تحقيق جودة المنجز للتمكن من التجسيد الفعلي لأهداف خارطة الطريق للعمل البيئي في البحرين، يرتبط بشكل فعلي بمدى توفر منظومة من العناصر المساندة ويتمثل ذلك في محاور البعد التربوي والتعليمي في الشأن البيئي، ويشير إلى ضرورة العمل على وضع الأسس المنهجية في مجال التربية البيئية، حيث إن التربية البيئية تساهم بشكل عملي في تنمية المعارف البيئية لدى قطاع الطفولة والناشئة كفئة مهمة في المنظومة المجتمعية وتعليمهم مبادئ السلوك البيئي الرشيد في العلاقة مع النظم البيئية وذلك يتطلب بالإضافة إلى إدخال المعارف والمفاهيم البيئية ضمن المناهج المدرسية ضرورة تحفيز المدارس للمساهمة في تنظيم المناشط المدرسية في الشأن البيئي لتنمية الوعي البيئي لطلبة المدارس.

ويشكل التعليم البيئي عنصراً رئيسياً في بناء الكوادر المختصة في المجالات المختلفة لنشاط الإدارة البيئية ويساهم في رفدها بالكوادر الفنية والتخصصية في علوم الرقابة والتخطيط والتقييم البيئي، وتعضيد القدرات الإدارية للعمل البيئي، وإن إنجاز ذلك يتطلب وضع خطة منهجية للتعليم البيئي يجري العمل بموجبها على إدخال المساق البيئي ضمن الخطة التعليمية للجامعات والمعاهد العليا، بما يتسق والمناهج التعليمية للجامعات العريقة في العالم.

التوعية وبناء القدرات البيئية تشكل أحد الأبعاد المهمة في منظومة العناصر المساندة لخطة العمل التنفيذي لخارطة الطريق للعمل البيئي، ويتطلب ذلك الاستفادة من تجارب الدول المشاطئة لحوض الخليج العربي والتجارب الدولية في مجال التوعية والتثقيف البيئي، للتمكن من بناء خطة منهجية مؤسسة الأهداف والأبعاد الاجتماعية والمؤسسية، تكون شاملة البرامج والاختصاصات والتي يمكن بفعلها ابتكار آلية فاعلة في إيصال الرسالة البيئية لمختلف قطاعات وفئات المجتمع، واستحداث البنى المؤسسية الكفيلة بتنظيم جهود العمل المؤسسي في مجال التوعية وبناء القدرات البيئية وتمكينه في تعميم المعارف البيئية وجعل الثقافة البيئية سلوك ومنهج اجتماعي شامل في العلاقة مع النظم البيئية.

التعاون المؤسسي يشكل أيضاً عنصراً مهماً ضمن منظومة الأبعاد الاستراتيجية لخارطة الطريق البيئية، ويمثل آلية مهمة في إنجاز محاور وأهداف الأبعاد الاستراتيجية للعمل البيئي، وتشكل مؤسسات القطاع الخاص والحكومي ومؤسسات المجتمع المدني، أداة فعلية في تجسيد متطلبات إجراءات واشتراطات قواعد القانون والرقابة البيئية وتفعيل أسس التخطيط والتقييم البيئي وإنجاز أهداف التوعية وبناء القدرات البيئية.

ويحتاج تفعيل التعاون المؤسسي توفر منهج تفاعلي يرتكز على آليات وبنى مؤسسية تكون قادرة على تحريك سواكن العمل البيئي ضمن منظومة عمل القطاع المؤسسي بمختلف أشكاله ومجالات نشاطه ووظائفه المهنية وتحفيز التفاعل الذاتي للمؤسسات في تبني سياسات مؤسسة في اعتماد معايير وأسس الإدارة البيئية ضمن نشاطها الإنتاجي والإداري وتفعيل النشاط المؤسسي للتوعية وبناء القدرات البيئية، وإن بناء ذلك في حاجة الى الاستفادة من خبرات الدول الاخرى وخبرات الكوادر الوطنية للمساهمة في بناء آليات عمله المؤسسي وتفعيل نشاط التعاون المؤسسي البيئي.

ومن الطبيعي أن يجري الأخذ في الاعتبار ضمن خطة العمل التنفيذي لخارطة الطريق للعمل البيئي، فاعلية المجتمعات المحلية والاستفادة من موروثها الثقافي والقيمي في صون النظم البيئية، وذلك مقوم مهم ضمن منظومة الأبعاد في إنجاز الأهداف الاستراتيجية للعمل البيئي، ويعتبر ضمن أولويات المشروع الدولي البيئي وذلك ما يمكن تبين أهميته في مبادئ المواثيق الدولية في الشأن البيئي.

ويجري التأكيد على ضرورة الاهتمام بتقاليد وثقافات الشعوب والمجتمعات الأصلية في صون مكونات النظم البيئية ضمن منظومة قواعد الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي ومبادئ وثيقة مؤتمر جوهانسبرغ للتنمية المستدامة 2002 ووثيقة مؤتمر الامم المتحدة للتنمية المستدامة - «ريو+20» - 2012، كما يجري التشديد في المبدأ «22» من إعلان «ريو» بشأن البيئة والتنمية لعام 1992 على أن «للسكان الاصليين ومجتمعاتهم المحلية الأخرى دوراً حيوياً في إدارة وتنمية البيئة بسبب ما لديهم من معارف وممارسات تقليدية. وينبغي أن تعترف الدول بهويتهم وثقافتهم ومصالحهم وأن تدعمهم على النحو الواجب، وتمكنهم من المشاركة بفعالية في تحقيق التنمية المستدامة» وفي سياق الالتزام بمبادئ المشروع الدولي للبيئة عملت العديد من الدول على الاستفادة من المجتمعات المحلية في إنجاز أهداف الاستراتيجية الوطنية للبيئة.

إن تحقيق فاعلية الأبعاد التي جرى الإشارة إليها غير ممكن بدون توافر الشروط والضمانات القانونية والإدارية الكفيلة بتكملة النواقص القانونية واستبعاد نمط المحسوبية الشخصية في تطبيق ثوابت قواعد القانون البيئي، ويقتضي ذلك وضع خطة عمل ممنهجة لاستكمال التشريع البيئي، يجري وفق منهجيات أهدافها تعضيد مقومات المسئولية القانونية على الأضرار البيئية وتنظيم أسس المحاسبة والتعويض عن الأضرار والمخالفات البيئية، وتأصيل القواعد القانونية والإدارية للرقابة والتقييم والرصد البيئي، وتصنيف الحقوق والواجبات القانونية المؤسسية والشخصية والمجتمعية في الِشأن البيئي، بما يفيد في إحداث التغيير النوعي في معايير وأسس التشريع البيئي.

خلاصة القول إن إنجاز ما جرى معالجته في سلسلة مقالاتنا حول خارطة الطريق للعمل البيئي يتطلب أن تضع في الاعتبار ثوابت المعايير البيئية الحديثة المحددة في مبادئ وقواعد التزامات المشروع الدولي البيئي، ومن الطبيعي أن يجري الاستفادة من المشاريع البيئية لمجلس التعاون الخليجي، وقواعد اتفاقية الكويت الإقليمية لحماية البيئة البحرية والمناطق الساحلية والبروتوكولات المكملة لها، وكذلك تجربة المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية «روبمي» إلى جانب الاستفادة من تجارب الدول المشاطئة لحوض الخليج العربي والتجارب الدولية في صناعة مقومات خطة العمل التنفيذي لخارطة الطريق للعمل البيئي.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4046 - الجمعة 04 أكتوبر 2013م الموافق 29 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:05 ص

      محافظه على أرض واقع وواقع أو حقيقة تلوث البحرين!

      يقال من زرع حصد ومن سار على درب تخريب وتجريف التربه (...) بكل بساطة يمكن القول بأن البيئة والطبيع في البحرين تحديدا قد دمرت الزراعة كما أخربت بعض المزارع وعطشت أو نهبت ثم بني مكان الزراعة أبنية. هنا يمكن القول ليس للضرائب مصلحة لكن على من لم يزرع أرضه ضرائب عدم زراعة. يعني مدخول المباني أو مدخول الزراعه؟

اقرأ ايضاً