مزجت بين عبق الماضي وجمال الحاضر، أزقتها تفوح منها رائحة تراث الماضي وذكرياته التي مازالت راسخة في أذهان قاطني المحرق وسائحي البحرين، وأبوابها تفتح لتحكي قصصاً شهدتها هذه الجزيرة على مر السنين.
جزيرة المحرق تقع عليها سوق تمزج الماضي الجميل وتعاصر الحاضر في الوقت ذاته، فعلى يمين زائرها يرى الماضي فهناك الأبواب الخشبية القديمة والأقفال التي تقفل هذه الأبواب والتي سرعان ما يفتحها الزائر ليرى مدى روعة وجمال هذه السوق التي يكثر فيه السواح الذين أقبلوا ليروى التراث فيها، أما الأزقة فهي تحكي تراث البحرين، فرائحتها تذكِّر الزائر بالماضي فعلى يمين هذه السوق التي يطلق عليها اسم «سوق القيصرية» يرى الزائر كل ما يمكن أن يحكي عن الماضي من أبواب خشبية قديمة، من بناء قديم، من مطاعم مزجت الماضي بالحاضر عبر تقديم أكلات شعبية في جو شعبي يمزج الماضي بالحاضر، ففي إحدى المطاعم الموجودة يقع داخلها «المدبسة» والتي هي عبارة عن قنوات منحدرة تعرف محلياً باسم «الجندور» والتي كانت تستخدم في صناعة الدبس التي اشتهر بها سكان الخليج العربي، وإلى المدبسة دلائل في حقبة دلمون وقد استمرت في البحرين حتى نهاية الثمانينات من القرن العشرين ويعود تاريخ المدبسة الموجودة في هذا المطعم إلى حقبتين من الزمن.
أما على يسار هذه السوق، فالحاضر يجتمع مع الماضي فهناك ما يمثل هذا الحاضر، إلا أنه يمتزج بالماضي في الوقت ذاته، فالمحلات التجارية الجديدة أصبحت جارة إلى المحلات القديمة التي مضى على وجودها أكثر من عشرين عاماً، فها هي أبواب هذه المحلات لم يتم تبديلها فهي الأبواب الخشبية القديمة ذاتها ذات التصاميم القديمة تحكي قصص أصحابها وزائريها طوال الأعوام الماضية، فكم من سائح طرق هذه الأبواب ورحل، وكم من سائح سيطرق الأبواب، فخلف هذه الأبواب حرف اشتهر بها أهل البحرين منذ قديم الزمن.
أزقة سوق المحرق الممزوجة بالماضي والحاضر تجذب السائحين من كل دول العالم، إلا أنها في الوقت ذاته ملتقى إلى كبار السن، ففي أحد أزقة سوق المحرق يستقبل الزائرين والسواح كبار السن وبينهما اثنان قد اعتادا على لعبة «الكيرم» منذ أكثر من سبعة أعوام، فقد اعتادا على لعب هذه اللعبة صباح كل يوم منذ سبع سنوات دون أن يتخلف أحدهما عن اللعب طوال هذه السنوات، فهو ملتقى لهما لمعرفة أخبار بعضهما وللبعد عن مشقة ومتاعب الحياة التي قد أثقلت ربما كاهليهما.
في نهاية هذه الأزقة تكثر الجالية الآسيوية التي تعيش مع البحرينيين في جو يسوده الألفة والاحترام، وعلى رغم من انشغال هذه الجالية في هذه الأزقة بالعمل، إلا أن بعضهم يقضي وقت فراغه في لعب لعبة الورق، في حين يرى الزائر انشغال كل فرد في هذه الأزقة بحياته أو بالتسامر مع باقي الأصحاب.
وفي وسط سوق القيصرية يجد الزائر محلات شبيهة لتلك المحلات الموجودة في باقي الأسواق الشعبية، إلا أن عدد الزائرين لهذه السوق أقل، وهذا ما ذكره صاحب إحدى المحلات حسن مخلوق الذي أكد أنه ما أن وُلد على هذه الدنيا وهو يتردد على هذه السوق مع والده، ليستوقف متذكراً ما كانت عليه حال السوق سابقاً، إذ إنها كانت سوق تكثر فيها محلات العطارين ومحلات بيع الأدوات المنزلية، كما أن هذه السوق مشهورة بزحمة النساء لكثرة ترددهن عليها، في حين أكد أن هناك عزوفاً من المواطنين عن الإقبال على هذه السوق حالياً.
على نهاية إحدى شوارع سوق المحرق وضع بسطته منذ سبعينات القرن الماضي، هو أبوإبرهيم الذي لم يتغير مكان بسطته منذ أكثر منذ القرن الماضي حتى الآن، في حين تغيرت بضاعته فقد كان يبيع المعادن والعملات وغيرها من الاحتياجات التي كان يقبل عليها المواطنون في تلك الفترة، وها هو اليوم يجلس في المكان نفسه ليبيع بعض الأجهزة الإلكترونية وبعض الساعات وبعض العملات المعدنية التي كان يجمعها، في حين كان يشكو من قلة الشراء في هذه الفترة، خصوصاً مع كثرة المحلات التجارية، وعلى رغم أن هذا العمل ليس ذا أرباح، إلا أن أبوإبراهيم لا يستغني عن هذه البسطة، أما في هذه البسطة فيتوسطها علي الحدي الذي بدأ يجلس يتسامر مع أبوإبراهيم منذ أربع سنوات وذلك بعد تقاعده، حتى أصبحت لديه عادة كل يوم بأن يقوم بزيارته والجلوس معه، في حين يجلس على نهاية هذه البسطة عبدالرحمن إبراهيم الذي لم يتغير مكان بسطته منذ 25 عاماً، فهو منذ 25 عاماً يبيع المسابيح والخواتم والساعات وبعض الاحتياجات الصغيرة، في حين يشكو من قلة شراء المواطنين لمثل هذه البضائع.
وتعتبر هذه السوق من الأسواق التي يكثر فيها السائحون عموماً وذلك لكونها تجمع بين الماضي والحاضر، فمن يرغب بالماضي يمكن أن يراه في التراث الموجود في هذه السوق، ومن يرغب في رؤية الحاضر يمكن أن يراه في المحلات التجارية التي تقدم العديد من المنتجات والبضائع ذات الجودة العالمية.
العدد 4046 - الجمعة 04 أكتوبر 2013م الموافق 29 ذي القعدة 1434هـ
موضوع جميل وصور اروح
ريحة الطبين .في السنة مرة تقريبا نزورها عجيبة... بالنسبة لينا بعيدة
عمري المحرق
كم لنا ذكريات حلوة في هذه السوق التي لا تنسى فقد عشقنا الذهاب إليها منذ نعومة أظفارنا لشرب الشربت المحضر محليا, وفي شهر رمضان نذهب الى المقصب للإستمتاع برؤية طريقة الذبح, أما قبل المساء فنذهب لرؤية مدفع الإفطار. المحرق تجمع ماضي المحرق بحاضره, لقد عشنا أسرة واحدة, أما الآن فالسوق مليئة بالآسيويين. آيه عليج يا محرق, عمري المحرق. (محرقي/حايكي)
ليش ما صورتوا السوق المسقفة فهي قلب سوق القيصرية
اجمل المناظر تجدها في السوق المسقفة فهي سوق القيصرية الفعلي