(خطاب له في منتدى بشأن تغير المناخ الذي أقيم في تاريخ 3 سبتمبر/ أيلول 2013 )
إننا على شفير هاوية تتمثل في تغير المناخ الشديد.ولا زال بوسعنا تدارك هذه الهاوية، لكننا إذا بقينا ساكنين أو لم نفعل ما فيه الكفاية فسنسقط فيها.إذ إن درجات الحرارة قد ترتفع ليس بمعدل درجتين بل بزهاء خمس درجات في خلال القرن الحادي والعشرين، مما سيترتب عليه تداعيات لا يمكن تلافيها. فسيؤدي ذلك إلى اضطرابات، وإلى كوارث في بعض الأحيان، سيتضرر من جرّائها مئات ملايين الأشخاص.
هذا هو الهدف من هذا اللقاء الذي سيدوم نصف نهار وستجري في خلاله عمليات تبادل بشأن المجلد الأول من التقرير التجميعي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.وأتقدم لكم بالشكر على حضوركم إلى وزارة الشؤون الخارجية في كي دورسي ، وأخص بالشكر رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ السيد راجندرا باشاوري، والعلماء الذين شاركوا في إعداد التقرير.
لا تندرج الرهانات المناخية العالمية في إطار اختصاص وزارة الشؤون الخارجية فحسب، التي يتعين عليها تنظيم مؤتمر باريس بشأن المناخ في العام 2015، بل إنني اعتبرها أولوية على الصعيد الشخصي.وقد رغبت في أن نتمكن من تبادل الآراء فور صدور التقرير، من أجل الاطلاع على أكمل وجه على وضع كوكبنا وعلى مسئوليتنا فيما يخص اتخاذ الخطوات في هذا الشأن.
يشدّد التقرير على الضرورة الملحة لاستنفار جميع البلدان أعلى درجات الاستنفار من أجل مكافحة تغير المناخ.وكما بيّنت المداولات في اجتماع المائدة المستديرة الأول، فإن التغييرات التي سُجّلت منذ العام 1950 غير مسبوقة في هذه المقاييس الزمنية.فقد كان كل واحد من العقود الماضية الثلاثة (1980-1990 و 1990-2000 و 2000-2010) أشد حرارة من جميع العقود السابقة التي تلت عام 1850.
وارتفعت حرارة المحيطات ودرجة حموضتها بين عامي 1971 و 2010.ولا تنفك الأغطية الجليدية والمثلجات تتقلص على الصعيد العالمي، ولا زال مستوى البحار يرتفع.وبإيجاز، فإنه من غير الممكن الطعن جديا في تغير المناخ، الذي يبدو واضحا بالعين المجردة أحيانا.
إن تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ هو نداء جديد إلى اتخاذ خطوات بشأن تغير المناخ.فهو يشير أيضا إلى أن الوقت لم يفت بعد من أجل اتخاذ خطوات، وأنه لا زال من الممكن عكس مسار انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون على الصعيد العالمي.ووفق تقدير السيناريو الأكثر تفاؤلا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، من الممكن الحد من ارتفاع معدل درجة الحرارة على سطح الأرض إلى درجتين مئويتين فوق معدل درجة الحرارة في الحقبة ما قبل الصناعية، ولكن يقتضي تحقيق ذلك استنفارا جماعيا واسع النطاق، وإجراء عملية تحول سريعة وعميقة لأنماطنا الإنتاجية والاستهلاكية، مما يعود بالنفع علينا جميعا.
وإن فرنسا ملتزمة بهذا النهج، فقد أكّد رئيس الجمهورية هذا التوجه إبّان المؤتمر بشأن البيئة.وكما قال السيد باسكال كانفان، إن سياستنا الخاصة بالمساعدة الأمنية تتوجه أكثر فأكثر نحو مواكبة البلدان الناشئة والبلدان النامية في اعتماد اقتصادات منخفضة الكربون.
وسيكون مؤتمر باريس بشأن المناخ في عام 2015 مرحلة أساسية من مراحل هذا الاستنفار.ووفقا لخارطة الطريق التي تم تحديدها في ديربان، فإننا نرمي إلى التوصل إلى اتفاق ينطبق على الجميع، ويكون ملزما قانونيا وذا أهداف طموحة، أي يتيح احترام الحد المتمثل في الدرجتين المئويتين.
إذ ينبغي لنا، بعد التوقيع على بروتوكول كيوتو في عام 1997 الذي يعتبر بروتوكولا ملزما لكنه لم يلزم إلا عددا محدودا من البلدان المتطورة، وبعد الالتزامات الطوعية التي قطعها عدد أكبر من البلدان في كوبنهاغن وكانكون، أن نتوصل فعلا من الآن فصاعدا إلى اتفاق ملزم يضم جميع البلدان، بالطبع وفقا لمستوى نموها.
وقرّرت فرنسا تحمل مسئولياتها في مواجهة هذا الرهان «الحيوي»بالمعنى الحرفي للكلمة.فأعلن رئيس الجمهورية ترشيحنا لاستضافة وترؤس مؤتمر باريس بشأن المناخ في عام 2015.إذ كنّا نعتقد أن تحضير لقاء على هذا القدر من الأهمية يتطلب ثلاث سنوات كاملة.وأعتقد أن هذا الترشيح قوبل بحفاوة، وإذ إننا المرشحون الوحيدون فأظن أن هناك احتمال كبير لتأكيد استضافتنا المؤتمر في خلال مؤتمر الأطراف المقبل في وارسو.
ومن ثم بدأنا استعداداتنا للمؤتمر منذ مطلع هذا العام، فإنني أترأس كل شهر لجنه توجيه وزارية لتحضير المؤتمر.وشرعنا مع زملائي فيليب مارتان وباسكال كانفان في العمل الرامي إلى توعية شركائنا، من خلال إقامة الاتصالات الثنائية وفي الصروح المتعددة الأطراف.وتم اختيار موقع المؤتمر وهو لو بورجي. وسيكون هذا المؤتمر متواضعا من حيث وقعه البيئي وسيمتثل لأعلى المعايير البيئية.وعُيّن السيد جاك لابوج سفيرا مكلفا بالمفاوضات بشأن تغير المناخ، وعُيّن السيد بيار-هنري غينيار أمينا عاما مكلفا بتنظيم مؤتمر الأطراف المقبل.
إننا ندرك صعوبة المهمة، فهي مهمة جسيمة.والأزمة الاقتصادية لا تسهل مراعاة المنظور البعيد الأجل.فنمو الطبقات الوسطى في جميع أرجاء العالم، ولا سيما في البلدان الناشئة، يؤدي ميكانيكيا إلى ارتفاع استهلاك الطاقة.والمشاكل معقدة جدا وأوجه المقاومة عديدة.
بيد أن هنالك عوامل مشجّعة، وأقصد التصميم الذي أعرب عنه الرئيس باراك أوباما، وإنني أشيد بخطابه الذي أدلى به في جامعة جورجتاون، وبوزير الخارجية السيد جون كيري، وبالتصميم الذي أعربت عنه السلطات الصينية، ولا سيما الرئيس شي جين بينغ.وأقصد أيضا التطور الرائع في مجال الطاقات المتجددة، وبوجه عام أكثر الاستثمارات الخضراء (المراعية للبيئة)في العديد من البلدان الناشئة.فالعديد من المنشآت انخرطت في مسار التقانات الخضراء، وأصبح الرأي العام العالمي أيضا أكثر وعيا لتداعيات تغير المناخ في الكوكب.
يجب ألا يكون مؤتمر باريس بشأن المناخ اجتماعا للتجارب، بل عليه أن يكون اجتماعا لاتخاذ القرارات.ولذا يجب علينا القيام «بالعمل العازم» و»العمل الجماعي» في نفس الحين، من أجل التحضير لهذا المؤتمر.وهذه هي توصية وزيرة البيئة الجنوب أفريقية، التي سألتها عن الدروس التي استخلصتها من مؤتمر الأطراف في ديربان.يجب أن يكون اتفاق عام 2015 اتفاقا ينطبق على الجميع، ويجب علينا بصفتنا الرئاسة المقبلة للمؤتمر أن نتحدث مع الجميع. وستكون أولويتنا صون الثقة بين الأطراف وتطويرها، وفي بعض الحالات، استعادتها.
العمل الجماعي هو أن نعمل بالتنسيق الوثيق مع الرئاستين اللتين ستسبقاننا، أي بولندا بعد بضعة أسابيع وبيرو في عام 2014. وستكون دورة مؤتمر الأطراف في وارسو في نوفمبر/تشرين الثاني حاسمة من أجل وضع الأسس للاتفاق المقبل، وسيكون مؤتمر ليما أساسيا من أجل اعتماد العناصر الأولية للاتفاق.فسنقيم ثلاثيا رئاسيا حقيقيا مع شركائنا البولنديين والبيروفيين من أجل إعطاء زخم سياسي للمفاوضات.
كما سنعمل بالتنسيق الدائم مع أمانة اتفاقية المناخ والأمين العام للأمم المتحدة.وإننا نعوّل كثيرا على «تعبئة رؤساء الدول والحكومات» التي يعتزم الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي-مون تنسيقها في العام القادم، إبّان اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.يجب أن يكون عام 2014 فعلا «عام الطموح»، الذي يجب على الدول أن تقتنع في أثنائه، وعلى أرفع المستويات، بضرورة بذل جهود ملحوظة وقابلة للقياس فيما يخص تقليص الانبعاثات.
ويضم هذا النهج الشامل أيضا المجتمع المدني بطبيعة الحال.ولئن كانت المفاوضات بشأن الاتفاقية أمرا مركزيا، فعليها أن تستند إلى مبادرات منبثقة عن المواطنين.ولا بد لنا من أن نبرز الأنشطة التي ستتخذ في جميع أنحاء العالم من أجل مكافحة تغير المناخ، لمواجهة التساؤلات الناجمة أحيانا عن تباطؤ العملية الدبلوماسية.
وأستحضر السلطات المحلية في هذا الصدد، فقد أشار التقرير الذي أعدّه النائبان في مجلس الشيوخ الفرنسي رونان دانتك وميشال دولابار إلى أي درجة هي مستنفرة.وأقصد أيضا المنشآت التي قدّمت لنا الكثير من الشهادات خلال اجتماع المائدة المستديرة الذي اختُتم للتو.فسنُشرك المنشآت مشاركة وثيقة في التحضير لمؤتمر عام 2015، إلى جانب المنظمات غير الحكومية والمجتمع العلمي.
أما فيما يخص الجوهر، فسيكون حوارنا مع بلدان الصدارة من حيث انبعاثات الغازات مركزيا لنجاح المفاوضات، وذلك من خلال التشديد على عدة نقاط تتسم بقدر خاص من الأهمية وهي:
يجب على الاتحاد الأوروبي الذي كان رائدا دائما في هذه المفاوضات، أن يرسم معالم طريق الطموح.ويجب عليه أن يحقق التوقعات في العامين القادمين، سواء فيما يخص التصديق السريع على فترة الالتزام الثانية ببروتوكول كيوتو، أو تحقيق الطموح المحدد قبل عام 2020 أو التزامه فيما بعد عام 2020. وفيما يخص هذا الجانب الأخير، فقد أودعت المفوضية الأوروبية فعلا كتابها الأخضر لأفق عام 2030.وتحظى مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المناخ السيدة كوني هيدغارد، التي نعرف عنها قوة الإرادة، بثقتنا التامة.
تعتبر التوقعات من البلدان النامية أمورا مركزية، فالاتفاق المقبل يجب أن يحترم مبدأ التمايز، من أجل مراعاة قدرات البلدان ووضعها من حيث التنمية. وبالإضافة إلى الالتزامات بتقليص الانبعاثات، يجب أن يتيح الاتفاق تعزيز سياسات التكيف مع آثار تغير المناخ.وسيتوجب على بلدان الشمال الوفاء بالالتزامات القوية التي قطعتها على نفسها في مجال التمويل الخاص والعام لعملية الانتقال إلى الممارسات المراعية للمناخ في بلدان الجنوب.
وكما تعلمون فإن فرنسا طلائعية في هذا المجال، ولا سيما من خلال الإستراتيجية المناخية الجديدة للوكالة الفرنسية للتنمية واستحداث ضريبة على الصفقات المالية التي سنكرس جزءا منها للمناخ.
وسيتمثل أحد محاور العمل لرئاستنا في دمج برنامج العمل الخاص بالمناخ وبرنامج العمل الذي أسفر عنه مؤتمر ريو+20 بشأن أهداف التنمية المستدامة، في الحدث المهم الذي سيجري في سبتمبر 2015، عند انعقاد مؤتمر القمة التابع للأمم المتحدة بشأن خطة بالتنمية، قبل بضعة أسابيع من الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف.
ولا بد أيضا، كما شدّد باسكال كانفان، من أن نتبنى جميعا خطابا إيجابيا، أكثر إيجابية من الخطاب الذي ساد في هذه السنوات الماضية، من خلال التشديد على الفرص التي يوفرها الانتقال إلى الممارسات المراعية للبيئة ومكافحة تغير المناخ، للتنمية والنمو الاقتصادي والمنشآت. فهذه هي أيضا طريقة لإرساء جو يتسم بقدر أكبر من الثقة في الطريق الذي سيؤدي بنا إلى عام 2015.
ومن ثم فإن شعار مؤتمر باريس بشأن المناخ في عام 2015 بسيط وهو:العمل العازم والجماعي والإيجابي.
إن الاتفاق الذي يجب إبرامه إبّان الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف التي ستعقد في مؤتمر باريس بشأن المناخ في عام 2015، لن يكون بمثابة نهاية عملية التفاوض.فحتى أفضل اتفاق يحتاج للاستكمال، قبل عام 2020 وفيما بعد عام 2020.
ولكنه من الضروري أن يبرم عقد عالمي وطموح ويتضمن الالتزام بتقليص الانبعاثات في عام 2015، إذا ما أردنا له أن يدخل حيّز النفاذ في عام 2020، في نهاية فترة الالتزام الثانية ببروتوكول كيوتو.العمل العازم والجماعي والإيجابي:فالمجلد الأول من التقرير التجميعي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ يفيد بوضوح بأن لا خيار آخر أمامنا.وأؤكد لكم التزام فرنسا التام في هذه المعركة الحيوية.
إقرأ أيضا لـ "لورلن فابيوس"العدد 4045 - الخميس 03 أكتوبر 2013م الموافق 28 ذي القعدة 1434هـ
عساكم
عساكم في الهاويه .. هذا من ظلمكم في ليبيا وسوريا وافريقيا وايران ولبنان فلسطين ..
حضارتكم مبنيه على شقاء الاخرين
لوثة العقل هي المصالح يا فابيوس
مصالحكم الاستعمارية هي السبب الأساسي لتدهور البيئة بما فيها الحجر والبشر....فهذا الكلام المعسول لن ينسينا ما فعلتموه في شعوبنا من استعباد....آخرها ما فعلتموه في سوريا....يا فابيوس إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.....فك عنا يا رجل.
ملوثات أو لوثات عقل بعض البشر
قد تكون من أسباب التلوث الأخلاقي زيادة رؤوس مال عند البعض. بينما من مشاكل أثرت في البيئة عوادم السيارات وإنبعاث غازات سامة ومنها مسيلات الدموع أو الأسلحة الكيماوية المستخدمة ضد الشعوب ولكن لا تحاسب الحكومات على هذه التصرفات دوليا. هنا لما لا تقلص الكنائس كما تقلص المساجد لكون بها :بعض الهنة يتبعون كهنوت أو لاهوت – يعني سحر أسود وتسبب للناس أضرار أخطر وأكبر من التلوث العادي ولكن هنا يقال تلوث عقلي أو مجانين يقومون بإحضار جن ليعتدوا بهم على الناس.
مناخ وطبيعة مدمرة وقد تكون الأسباب شركات أو أصحاب رؤوس مال والبنوك!
ليس من الأسرار لكن محاسبة نابليون بونابرت وأعوانه أو محاسبة هتلتر وغيرهم من الطغاة قد يكون صعبا أو مستحيلا! لكونهم قد ماتوا. بينما من الأحياء اليوم من دفنوا البحر وشركات عملاقة تجور وتلهث وراء الغناء الفاحش – هنا يعني زائد. كما وتلوث المحيطات وألنهار وتسلب الجزر. هنا قد يقال الحكومات لكن من أكثر من أضر بالبيئة والمناخ وسبب إتساع في فتحة الأوزون ليس الشعوب بينما من الشركات وأفكارهم الجهنمية. وهنا سؤال كيف ولما لا تحاسب الشركات العملاقة؟