العدد 4043 - الثلثاء 01 أكتوبر 2013م الموافق 26 ذي القعدة 1434هـ

تونسيون معارضون يتهمون النهضة بالبحث عن "بكارة جديدة" لتأكيد طهارتها

اتهم معارضون تونسيون حركة النهضة الإسلامية التي تقود الإئتلاف الحاكم بأنها باتت تبحث عن بكارة جديدة لتأكيد طهارتها أمام الشعب والأطراف الإقليمية والدولية التي أدارت ظهرها لها بسبب إخفاقاتها المتعددة التي أدخلت البلاد في مأزق سياسي غير مسبوق.

وتخشى الأوساط السياسية التونسية أن تكون حركة النهضة الإسلامية استطاعت لغاية الآن جر بقية الفاعلين السياسيين إلى مربع تحركاتها التي ينظمها تكتيك يقوم على اساس تشتيت وحدة المعارضة وإدخالها في حيرة وشك، بعيدا عن جوهر الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ اغتيال النائب المعارض محمد براهمي في 25 يوليو الماضي.

ولم تتمكن هذه الخشية من توحيد المعارضة التونسية ،حيث تباينت مواقفها بشأن الحوار الوطني الذي يُفترض ان ينطلق خلال الأسبوع الجاري على أساس خارطة الطريق التي اقترحتها المنظمات الأربع الراعية للحوار، والتي تنص على تعهد الحكومة الحالية التي تقودها حركة النهضة بالإستقالة خلال الجلسة الأولى للحوار.

وقال جوهر مبارك رئيس شبكة دستورنا،إن حركة النهضة الإسلامية بتناقضاتها السياسية أدخلت البلاد في بلبلة خطيرة خدمة لأجنداتها المرتبطة بحركة الإخوان المسلمين، وبالتالي،فإن هذه الحركة لا تهمها مصلحة البلاد أبدا.

وأوضح مبارك في حديث ليونايتد برس أنترناشونال أن ما تريده حركة النهضة هو البقاء في الحكم لخدمة مصالحها ومصالح حركة الإخوان المسلمين ،وهي تعمل وفق تكتيك يُجنبها الدخول في الإنتخابات المرتقبة من موقع السلطة، وتقزيم صلاحيات حكومة الكفاءات المستقلة التي تطالب بها المعارضة.

واعتبر أن تكتيك الحركة يقوم على التسويف والمماطلة لربح المزيد من الوقت لتجاوز عقبة 23 أكتوبر، وبالتالي فإن الحوار المُعلن عنه لن يكون مجديا، بل سيكون مقدمة للوقوع في فخ سياسي محكم لضرب تماسك المعارضة. ودعا المعارضة إلى ضرورة إدراك أن حركة النهضة الإسلاميةتسعى حاليا إلى عذرية جديدة من خلال بكارة إصطناعية تمنحها طهارة جديدة تدخل بها الإنتخابات المرتقبة.

وانطلقت اليوم الإجتماعات والمشاورات التي يقودها الإتحاد العام التونسي للشغل حول الإجراءات والترتيبات لبدء الحوار الوطني على قاعدة خارطة الطريق التي إقترحتها المنظمات الوطنية الأربع لإيجاد مخرج للأزمة السياسية الراهنة. واجتمع حسين العباسي، الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل مع مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي، ومع عدد من قادة الأحزاب السياسية المعنية بهذا الحوار، وذلك في أعقاب إعلان حركة النهضة الإسلامية عن قبولها بخارطة الطريق المكملة لمبادرة المنظمات الوطنية الأربع.

وكانت هذه المنظمات ، وهي الإتحاد العام التونسي للشغل، ومنظمة أرباب العمل، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين تقدّمت بمبادرة للخروج من الأزمة السياسية التي تردت فيها البلاد، تنص على استقالة الحكومة الحالية واستبدالها بحكومة كفاءات مستقلة.

وأعلن الإتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) في وقت سابق على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، أن الجلسة الأولى للحوار الوطني سيحضرها الرؤساء الثلاثة، ومسؤولو الأحزاب السياسية الممثلة في المجلس الوطني التأسيسي.

وأشار إلى أنه سيتمّ خلال هذه الجلسة الإعلان عن تعهد الحكومة التونسية الحالية برئاسة علي لعريض القيادي البارز في حركة النهضة الإسلامية بتقديم إستقالتها والقبول بتشكيل حكومة كفاءات تترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للإنتخابات القادمة.

وكانت المنظمات الوطنية الراعية للحوار أعلنت يوم السبت الماضي عن قبول حركة النهضة الإسلامية بمبادرتها، وبخارطة الطريق المرافقة، ما أشاع في حينه أجواء من التفاؤل بقرب تسوية الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ اغتيال النائب المعارض محمد براهمي في 25 تموز/يوليو الماضي.

غير أن هذه الأجواء سرعان ما تبدّدت، عندما أعلنت الحكومة الحالية أنها ليست معنية بما أعلنته المنظمات الراعية للحوار، وبالتالي لن تستقيل، ليحل التشاؤم مكان التفاؤل بعد أن أكدت حركة النهضة الإسلامية أنها ترفض استقالة الحكومة الحالية قبل بدء الحوار.

ولم يتردد العجمي الوريمي، رئيس مكتب الإعلام والاتصال التابع لحركة النهضة الإسلامية، في توجيه انتقادات حادة للدعوات التي تُطالب الحكومة بالاستقالة، لافتاً إلى أنه ليس من السهل أن يُحدّد طرف سياسي مصير حكومة خاصة، وأن هناك تنظيم مؤقت للسلطات العمومية.

وأضاف في تصريح إذاعي اليوم أن حركة النهضة ترفض استقالة الحكومة قبل إنطلاق الحوار، لأنه لا يمكن فتح البلاد على المجهول وترك المجال لحدوث فراغ سينجر عنه إرباك وتعطيل للمصالح. ودفعت هذه التطورات إلى اتهام حركة النهضة الإسلامية بإزدواجية الخطاب وبالمناورة من خلال ثنائية الوعد والنكوص، وذلك بهدف إنهاك الخصم السياسي غير آبهة بمصلحة البلاد.

وفي ظل تضارب مواقف حركة النهضة الإسلامية من خارطة الطريق التي تقدمت بها المنظمات الوطنية الأربع الراعية للحوار،اعتبر النقابي عبد المجيد الصحراوي الأمين العام المساعد بالإتحاد النقابي المغاربي أن الحوار الوطني سيتم،لأنه ليس أمام حركة النهضة أي خيار آخر،على حد قوله.

وقال الصحراوي ليونايتد برس أنترناشونال إن حركة النهضة الإسلامية عزلت نفسها ولم يبق لها سوى القبول بالحوار وتطبيق خارطة الطريق المذكورة،لافتا إلى أن المواقف المتشددة لبعض قيادات حركة النهضة تندرج في إطار الصراع الدائر بين حمائم وصقور هذه الحركة الذين يريدون دفع البلاد نحو المجهول.

واستبعد أن تؤثر مواقفصقور حركة النهضة في السياق العام للحوار الوطني التي إنطلقت اليوم الإستعدادات له، ولكنه استدرك قائلا دون شك تلك المواقف خلقت أزمة ثقة، كما وترت الأجواء وجعلت الفرقاء السياسيين في حيرة.

وأعرب عن خشيته من فشل هذا الحوار، قائلانعم نحن نخشى فشل هذا الحوار،وهناك خوف مشروع من نتائج هذا الحوار.

لكن محمد الحامدي المنسق العام لحزب التحالف الديمقراطي لم يتردد في التأكيد على أن الحوار الوطني سينطلق قبل نهاية الأسبوع الجاري على قاعدة خارطة الطريق المقترحة من المنظمات الأربع.

وقال الحامدي ليونايتد برس أنترناشونال، إن مشاورات تجري الآن حول تفاصيل ترتيبات الجلسة الأولى،أي بمعنى تحديد المكان والزمان،وإعتبر أن الخشية من ضبابية موقف حركة النهضة تبقى مشروعة". ولكنه عاد وشدد على أن ذلك لا يعكس موقف الأطراف الراعية للحوار،حيث اجتمعت اليوم مع حسين العباسي الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل وأكد لي أن كل الأطراف الأساسية المعنية بالحوار قابلة بالمضي بالحوار على قاعدة خارطة الطريق. ووصف التضارب في مواقف قيادات حركة النهضة الإسلامية بأنها تندرج في سياق المناورة والتشويش، وربما أيضا أملتها الخلافات الداخليةمعرباً عن تفاؤله بالتحركات السياسية الجارية حاليا.

وقال محمود البارودي النائب بالمجلس التأسيسي ليونايتد برس أنترناشونال، إن الأجواء الحالية يسودها نوع من الشك المشوب بالحذر،وسط حيرة تدفع باتجاه التشاؤم اكثر من التفاؤل بإمكانية إنطلاق الحوار الوطني.

وقال إن حركة النهضة أصبحت اليوم لا تمتلك قرارا مركزيا،ذلك أن قرارها السياسي بات مشتتا بين عدة أطراف،حيث لم نعد نرى رئيس حركة يتخذ موقفا أو قرارا تلتزم به الحركة،كما لا نرى أمين عام هذه الحركة يتخذ هو الآخر قرارا وتلتزم به حركته،ونرى في المقابل نائب رئيس الحركة مهمشا،وبالتالي فإن أعلى سلطة قرار داخل هذه الحركة أصبحت مهمشة.

وتابع أن ما يجري حاليا داخل الحركة هو صراع أجنحة ،وهو صراع ساهم في تعقيد الأزمة التي تعيشها البلاد،لأنه كشف أن حركة النهضة التي تدير هذه الحكومة باتت لا تسيطر على الحكومة. وبين هذا الرأي وذاك،لا يستبعد المراقبون أن تلقي الإتهامات التي وجهت اليوم لحركة النهضة الإسلامية بالتورط في عمليتي إغتيال شكري بلعيد ومحمد براهمي بظلال كثيفة على الحوار الوطني المرتقب الذي يبقى بمثابة المرآة الداكنة التي لن تعكس أبدا الواقع بالنظر إلى أن آليات التفاهمات والتوافقات بين المعارضة وحركة النهضة الإسلامية مازالت موضوع تباين وشدّ وجذب ولم تخرج بعد دائرة المناورات السياسية.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً