اعتبر خطيب جامع مركز الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان، في خطبته أمس الجمعة (27 سبتمبر / أيلول 2013)، أن «إجلال الكبير وتوقيره وقضاء حوائجه، سنة من سنن الأنبياء، وشيمة من شيم الأوفياء»، كما شدد في خطبته على ضرورة أن يلتزم كبار السن بطاعة الله وعدم استخدام الجوارح في معصيته.
وتحت عنوان «كبار السن بين الحقوق والعقوق»، قال القطان: «ربنا الرحمن الرحيم، أوجدنا من العدم، وأسبغ علينا وافر النعم، وهدانا لأكمل الشرائع وأقوم الملل، خلق أبانا آدم من طين، ثم خلق ذريته من بعده من سلالة من ماء مهين، فسبحان من خلق الخلق بقدرته، وصرَّفهم في هذا الوجود والكون بعلمه وحكمته، وأسبغ عليهم الآلاء والنعماء بفضله وواسع رحمته، خلق الإنسان عاجزاً ضعيفاً، ثم أمده بالصحة والعافية، فكان به حليماً رحيماً لطيفاً، فقوة الشباب التي يعيش بها أجمل الأيام والذكريات مع الأصحاب والأحباب، ثم تمر السنون والأعوام وتتلاحق الأيام تلو الأيام، حتى يصير هذا الشاب إلى المشيب والكبر، ويقف عند آخر هذه الحياة فينظر إليها فكأنها نسج من الخيال أو ضرب من الأحلام. يقف في آخر هذه الحياة، وقد ضعف بدنه، وانتابته الأسقام والآلام، وكلنا والله سنمر بهذه المرحلة، فيا الله ما أسعد الإنسان إذا لقي ربه ووافاه، فأسعده وجازاه، ولهذا كان آخر عمر المؤمن جوهرة لا قيمة له».
وذكر القطان «كبارنا خيارنا، أهل الفضل والحلم فينا، هم قدوتنا في كل خير، هم أئمتنا إلى الطاعة والبر. يا معاشر الكبار، أنتم قدوة لأبنائكم وبناتكم وأهليكم، قدوة في مجتمعاتكم وقرابتكم، وخاطب القطان كبار السن، قائلاً: «يا معاشر الشيوخ الكبار، أنتم كبار في قلوبنا، وكبار في نفوسنا، وكبار في عيوننا، كبار بعظيم حسناتكم وفضلكم بعد الله علينا، أنتم الذين علمتم وربّيتم وبنيتم وقدّمتم وضحّيتم، لئن نسي البعض فضلكم، فإن الله لا ينسى، ولئن جحد الكثير معروفكم، فإن البر لا يبلى والمعروف لا يفنى، ولئن طال العهد على ما قدمتموه من خيرات وتضحيات، فإن الخير يدوم ويبقى ثم إلى ربك المنتهى، وعنده الجزاء الأوفى، يا معاشر الشيوخ الكبار، أمّا الآلام والأسقام التي تجدونها فالملائكة كتبت حسناتها، والله عظمَّ أجورها، وستجدونها بين يدي الله، فالله أعلم كم كان لهذه الأسقام والآلام من حسنات ودرجات، اليوم تُزعجكم وتقلقكم وتُبكيكم وتقض مضاجعكم، ولكنها غداً بين يدي الله تفرحكم وتضحككم، فاصبروا على البلاء، واحتسبوا عند الله جزيل الأجر والثناء، فإن الله لا يمنع عبده المؤمن حسن العطاء، واحذروا من التسخط والجزع، آباؤنا وكبارنا جبر الله خواطركم، وأجزل في الدنيا والآخرة أجركم وثوابكم، فأحسنوا الظن بما تجدونه عند الله ربكم، إذا تقربت إلى الله شبراً تقرب منك ذراعاً، وإن تقربت منه ذراعاً تقرب منك باعاً، وإذا أتيته تمشي أتاك هرولة، إذا نظر الله إلى قلبك أنك تحب التوبة وتحب الإنابة إليه، فتح لك أبواب رحمته، ويسر لك السبيل إلى مغفرته وجنته، إلى متى وأنت عن الله بعيد، إلى متى وأنت في غفلة؟ إلى متى وأنت بعيدٌ عن الله طريد؟ ما الذي جنيت من السهرات والسمرات والسفرات المشبوهة والمحرمة والقيل والقال؟ وما الذي جنيت من الجلوس هنا وهناك؟».
وواصل القطان «يا معاشر الكبار، إن مما يحفظ عليك صحتك وقوتك حتى مع كبر سنك، طاعة الله جل وعلا، وألا تستخدم هذه الجوارح في معصيته، أحسنوا الختام رحمنا الله وإياكم، وأقبلوا على الله جل جلاله بسلام، وودعوا هذه الدنيا بأحسن الأعمال وشيم الكرام، فإن الأعمال بالخواتيم».
كما خاطب الشباب، قائلاً: «يا معاشر الشباب، إجلال الكبير وتوقيره وقضاء حوائجه، سنة من سنن الأنبياء، وشيمة من شيم الأوفياء، ارحموا الكبار وقدّروهم ووقّروهم وأجلُّوهم، ولاسيما من الوالدين من الآباء والأمهات، والإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات، فإن الله يحب ذلك ويثني عليه خيراً كثيراً، إذا رأيت أيها الشاب، الشيخ الكبير فارحم ضعفه، وأكبر شيبَهُ، وقدِّر منزلته، وارفع درجته، وفرج بإذن الله كربته، يعظم الله لك الثواب، ويجزل الله لك به الحسنى في المرجع والمآب، معاشر الأبناء: لا تستنكفوا من خدمة والديكم، فلطالما خدموكم ورفعوا عنكم الأذى والقذى، فأحسنوا إليهم إن الله يحب المحسنين، وعظّموا منزلتهم عند الأبناء والأحفاد، يجلّونكم ويحاكوكم في البر والإحسان، وإن اضطررتم في خدمتهم ورأيتم حاجتهم لخدم وحشم فكونوا معهم موجهين ومشرفين ومتابعين، وتعبـّدوا لله في السلام والثناء عليهم صباحاً ومساءً، يرفع الله درجاتكم في جنان الخلد. يا معاشر الشباب، ما كان للشيوخ الكبار من الحسنات فانشروها واقبلوها واذكروها، وما كان من السيئات والهنات، فاغفروها واستروها، فإن الله يُعظم لكم الأجر والثواب».
العدد 4039 - الجمعة 27 سبتمبر 2013م الموافق 22 ذي القعدة 1434هـ
دعاء
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن له الحق علينا ولجميع المسلمين والمسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
نعم
ياشيخ اجلال الكبير يأتي بالتربية الحسنة وحب بعضنا بعضا
وهذا دور العلماء والشيوخ