(زميل باحث في معهد وحيد بجاكرتا، وهي منظمة مكرَّسة لتشجيع السلام والتعددية في الإسلام، ومحاضر بمعهد فاطمة للدراسات الإسلامية ينشر هذا المقال بالتعاون مع خدمة كومن كراوند)
جاكرتا – انفجرت قنبلة في معبد بوذي في غرب جاكرتا وجرح ثلاثة أشخاص الشهر الماضي. وقبل فترة ليست طويلة، اضطرت رئيسة عنبر مسيحية بجنوب جاكرتا اسمها سوزان ياسمين زولكفلي إلى ترك عملها بعد أن وقّع 2300 شخص من السكان المحليين عريضة تطالبها بذلك.
من الأساسي أن نسأل أنفسنا ما الذي يتسبب بهذا العنف والتمييز، وما الذي يمكن عمله حتى يتسنى استعادة تاريخ إندونيسيا الطويل في التعددية الدينية والتسامح؟
يُبلِغ تقرير صدر العام 2012 عن مؤسسة وحيد عن 278 حالة انتهاك للحقوق الدينية لأقليات وخاصة المسيحيين، وجماعات تعتبر خارجة عن الغالبية المسلمة السنية، مثل الشيعة والأحمدية، (وهي جالية مسلمة أسسها غلام أحمد العام 1884 في الهند)، من قبل رسميين وغير رسميين.
من بين الأسباب الرئيسة وراء ذلك فشل الإدارة الإندونيسية في تطبيق القوانين التي تضمن الحريات الدينية لكل مواطن بشكل مثابر، مثل المادة 28 ج من الدستور الإندونيسي الذي يقول: «كل إنسان حرّ في عبادته وممارسة الدين الذين اختاره».
لا يحصل مرتكبو أعمال العنف الوحشية أحياناً ضد الأقليات على عقاب عادل لأعمالهم. وفي حالة «سيكوسك» المأساوية في «بانتن»، والتي قتلت فيها مجموعة من السكان المحليين ثلاثة من أتباع الأحمدية في فبراير / شباط 2011، قضى معظم مرتكبي الجريمة بضعة شهور فقط في السجن مقابل أعمالهم الخطيرة، ولم يحصلْ معظم عائلات الضحايا حتى الآن على تعويضات.
أنعم الله تعالى على إندونيسيا بمجموعة من الديانات والمعتقدات، وهو أمر سعى آباؤنا المؤسسون للحفاظ عليه من خلال قبول البانكاسيلا (فلسفة الدولة الإندونيسية، التي تتكون من خمسة مبادئ أخلاقية) كأساس للدولة. تعمل «البانكاسيلا»على إشراك واستيعاب الاعتراف بالقيم العالمية في كل دين وعقيدة في إندونيسيا. وهي، إلى جانب شعار «الوحدة في التنوع» أساس التسامح الديني لدينا.
وكما قال الرئيس موسيلو بامبانغ يودويونو، في خطاب الدولة يوم (16 أغسطس /آب) في الذكرى الـ 68 لاستقلال إندونيسيا: «نحتاج لروح (الوحدة في التنوع) لتقوية التسامح ومنع الصدامات الطائفية والعنف».
ويظهر بعض التقدم المشجّع وجود أمل لإندونيسيا. رفضت إدارة مدينة جاكرتا التجاوب مع التماس يطلب إقصاء ذو الكفلي وتم إصدار التماس آخر يجمع الدعم لرئيسة العنبر المسيحية. وتمكّنت قوات الشرطة من وقف أفراد جبهة الدفاع عن الإسلام من مهاجمة مسجد أحمدي في سيانجور بجاوا الغربية يوم (25 يوليو/ تموز 2012).
وبعد فترة لم تتصرف الحكومة فيها، يعد الإندونيسيون المهجرون من الشيعة العدّة للعودة إلى ديارهم في سامبانغ وسادورا بجاوا الشرقية ضمن جهود مصالحة مستمرة بقيادة رئيس معهد الدولة للدراسات الإسلامية بين الشيعة والسكان السنيين المحليين في سامبانغ، عبدالعلاء بشير.
ولكن بالإضافة إلى تجسيد روح فلسفتنا الوطنية وشعارنا، نحن بحاجة لاتخاذ عدد من الخطوات المهمة للوقوف إلى جانب التعددية وتشجيعها.
أولاً، يجب مراجعة القوانين والسياسيات المميزة في عدد من المقاطعات وإلغائها. من الأمثلة على ذلك قانون حاكم جاوا الشرقية الذي يمنع النشاطات الدينية التي تعتبر منحرفة ومعاقبة الذين ينتهكون المعايير والممارسات الدينية كما هي محددة من قبل الغالبية السنية.
ثانياً، ضمان تطبيق عادل ومفتوح للقانون. هناك الكثير من الحالات التي يعامل فيها المسئولون الأمنيون ضحايا العنف على أنهم جناة لتبرير إخلائهم أو نقلهم بدلاً من تنفيذ العدالة من خلال محاكمة المتسببين بالعنف.
ثالثاً، ضمان انعدام التمييز المبني على العقيدة في الخدمات العامة. يجب على موظفي الدولة ألا يتركوا معتقداتهم الدينية الشخصية تؤثر على الأسلوب الذي يعاملون فيه المواطنين الذين لا يشاركونهم معتقداتهم ويحترمونهم. وكما ينص القانون رقم 1999/43 حول الخدمة المدنية، «يجب أن يقوم جهاز الدولة بالخدمات العامة بمهنية وصدق وعدالة ومساواة».
اتخذ عدد من المنظمات خطوات للتعامل مع هذه القضايا، وربما تسعى الحكومة للحصول على مساعدتها أكثر.
خلال السنوات القليلة الماضية، قامت مؤسسة كونتراس، وهي مؤسسة تدافع عن الأشخاص المفقودين وضحايا العنف، بتوفير التدريب لقوات الشرطة وعقد جلسات نقاش حول حماية مبادئ الحرية الدينية.
كما عقدت عدة منظمات مهتمة بقضايا الحريات الدينية مثل مؤسسة وحيد ومعهد سيتارا ومجموعات عمل حقوق الإنسان ومؤسسات المعونة القانونية الإندونيسية، حوارات وجلسات مع مسئولي الحكومة والأمن تتعلق بحالات التمييز ضد الأقليات الدينية. ما زال هناك الكثير لعمله لاستعادة كرامتنا كأمة اعتنقت التنوع فيها وتمكّنت من العيش المشترك بسلام.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 4038 - الخميس 26 سبتمبر 2013م الموافق 21 ذي القعدة 1434هـ