ليس من العسير على المتابع أن يلاحظ التقدّم المهمّ في العقد الماضي تجاه تحقيق الهدف الثاني من الأهداف الإنمائية للألفيّة ألا وهو تعميم التعليم الابتدائي بحلول 2015؛ حيث سجلت العديد من الدول مكاسب مثيرة للإعجاب في كل من معدلات الالتحاق بالمدارس وجسر الفجوة بين الجنسين في التعليم.
لكن لا يشكّل الالتحاق بالمدارس في جميع مناطق العالم دائما تجربة إيجابية بالنسبة إلى الأطفال، بل قد يعني الالتحاق بالمدارس في أحيان كثيرة الارتجاف من البرد، أو التصبّب عرقاً في مبانٍ حارة، أو قد يترافق الالتحاق بالمدارس هنا أو هناك بالإجبار على الوقوف في غرف صفيّة غير مهيّأة، والشعور بالجوع أو العطش أو التعب وعدم الارتياح. كما قد يعني التخويف بسبب التهديد بالعقاب أو العنف على أيدي المعلمين أو المشرفين أو الزملاء من الطلاب أو حتى من خارج المدرسة على طلاب المدارس.
وهذا ما يؤكد، عالميّا، أنّ «التحدّي الذي يواجه التّعليم لا يتمثّل ببساطة في إدخال الأطفال في المدارس، بل في تحسين النوعيّة الكليّة للدراسة فيها والتصدّي للتهديدات التي تواجه المشاركة أيضا» كما ورد في الفصل الأول من وثيقة (دليل المدارس الصديقة للطفل) الصادرة عن اليونيسف وجاء فيها أيضا: «فإذا تمّت معالجة كلّ من نوعية التعليم وفرص الوصول إليه يصبح من المحتمل أن يواصل الأطفال الملتحقون بالمدارس الابتدائيّة تعليمهم، وأن يتمّموا مراحل التعليم كاملة، وأن يحققوا النتائج التعليميّة المتوقّعة وأن ينتقلوا بنجاح إلى التعليم الثانوي».
وبذلك صارت العلاقة متينة بين الوصول إلى التعليم ونوعيّته، وغدت الجهود متكاثفة ومنسّقة لمعالجة قضيّة النوعيّة في التعليم الأساسيّ، وما قبله، وقامت بعض المنظّمات مثل اليونيسف بتكثيف جهودها للتصدّي لنوعيّة التعليم بطريقة منهجيّة أكثر. وتطوّرت استراتيجية اليونيسف وبرمجت أعمالها حتى بلغت ذروتها في إنشاء نماذج المدارس الصديقة للطفل باعتبارها سبلا أو طرقا شاملة للتعامل مع جميع العوامل المؤثرة في النوعيّة.
لقد جاءت مبادرة اليونيسف من خلال مشروع المدرسة الصديقة للطفل لتُقدّمَ مفهوما للنوعيّة مختلفا ورؤية للمدرسة تشمل تغطية الكثير من الأبعاد، واهتماما شموليا لاحتياجات الطفل، وقد ورد في مقدمة دليل المدارس الصديقة للطفل: «وتعتنق المدارس الصديقة للطفل مفهوما للنوعية متعدد الأبعاد، وتتصدّى للاحتياجات الكلية للأطفال بوصفهم متعلّمين». وقد كسبت منظمة اليونيسف التأييد لفكرة أن تقوم الدول بتبنّي المدارس الصديقة للطفل باعتبارها نموذجا نوعيّا شموليّا في خططها وأولويّاتها التعليميّة الوطنيّة.
وقد انطلقت أبحاث منظمة اليونيسف من تعريف للمدرسة الصديقة للطفل يرى أنها تلك: «التي تتوافر فيها مجموعة من المواصفات التي تضمن جعل تعلّم الطلبة أكثر متعة حاليّا وفي المستقبل، ما يشجّع على المشاركة والانفتاح والحوار والقيام بممارسات ديمقراطيّة مرغوبة للطلبة، وإعطاء المنظومة التعليميّة الدعم الفعّال وشموليّة التعليم».
غير أنّ هذا المفهوم الذي استقرّت عليه اليونيسف قد مرّ بمراحل؛ فقد استخدمت اليونيسف ومؤسسة إنقاذ الطفل ومنظمة الصحة العالمية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي مفهوم المدرسة الصديقة للطفل في بادئ الأمر بطريقة منهجية، وكان ذلك الاستخدام على نطاق واسع كمرادف تعليمي لمصطلح «المستشفيات الصديقة للطفل» الذي أسهم في رسم المعايير النوعية للصحة.
وبتأثير من اليونيسف تمّ توسيع مفهوم المدارس الصديقة للطفل إلى ما هو أبعد من قضايا الصحة والتغذية ليشمل «بواعث القلق المقرونة بعناصر أوسع نطاقا للنوعيّة في التعليم، مثل مراعاة مصالح النوع الاجتماعي والشمولية وحقوق الإنسان»، لذلك أصبح نموذج المدارس الملائمة للأطفال، في العقد الماضي، النهج الرئيسيّ الذي تعزز اليونيسف وشركاؤها من خلاله التعليم الجيد في الحالات العادية وفي حالات الطوارئ.
وفي العام 2003 أجريت مراجعة للجهود العالميّة لتنفيذ المدارس الصديقة للطفل وطبقت معها مجموعة واسعة من التفسيرات المفاهيمية لها، ما أدّى إلى وجود مجموعة متنوّعة من نماذج المدارس الصديقة للطفل وتجلّياتها في دول مختلفة. وهو ما كشف عن عدم اتساق بين النماذج بسبب الميل إلى تعريف المدرسة الصديقة للطفل من حيث الملامح حينا أو الخصائص حينا آخر أو الوظائف أو المخرجات في أحايين كثيرة... إلخ.
ومهما حاول التربويون ردّ المفهوم إلى نموذج يعرّف المدرسة الصديقة للطفل بأنها تلك التي لديها القابلية على التطوّر والإصلاح، من خلال التعاون المشترك بين كل أفراد المدرسة والمجتمع والأطفال أنفسهم، أو بالتركيز على التعليم الذي يتمحور حول تعليم الأطفال في بيئة آمنة وصحيّة وشاملة، فإنّ التعريف الدقيق للمدرسة الصديقة للطفل يبقى مستندا إلى الاحتياجات والظروف المحلية أكثر من فكرة تصميم واحد يتناسب مع الكلّ.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 4035 - الإثنين 23 سبتمبر 2013م الموافق 18 ذي القعدة 1434هـ
مقال جيد
نشكركم على اهتمامكم بالمدرسة البحرينيّة
على المدرسة أن:
ترعى الطفل وتحافظ على حياته وتحقق له كل عوامل الراحة
إلى زائر 3
المدرسة هي التي تكون صديقة للطفل
الفرد في المجتمع ومن المجتمعات المجتمع المدرسي
يقال الأمومة كما يقال الأم مدرسة. قد يكون الأطفال من زملائهم أصدقاء كما قد يكون الطفل صديقا للبيئة والزراعة والطبيعه. الصداقة هنا بمعنى لا يضر لا بالطبيعة ولا بالشجر ولا حتى البقر كذلك. المجتمع المدرسي اليوم يعاني من الكثير من الأمراض المنتشره. منها عدم إحترام أو تقدير الطفل – الضرب والإهانات المتكررة في المدارس مثلا. فهل سيكون الطفل صديق المدرسة أو يتذكر أيام زمان؟
من الحق في التعليم إلى الحق في النموّ
التحدّي الذي يواجه التّعليم لا يتمثّل ببساطة في إدخال الأطفال في المدارس، بل في تحسين النوعيّة الكليّة للدراسة فيها والتصدّي للتهديدات التي تواجه المشاركة أيضا
هل هي مسألة كمّ أو كيف
حيث سجلت العديد من الدول مكاسب مثيرة للإعجاب في كل من معدلات الالتحاق بالمدارس