باشرت المؤسسة الخيرية الملكية تنفيذ توجيهات جلالة الملك، بعد زيارة رئيس مجلس الأمناء المؤسسة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة لافتتاح مجمع مملكة البحرين العلمي للطلاب اللاجئين السوريين بمخيم الزعتري، وإصدار توجيهاته ببناء مركز إرشاد نفسي للطلاب للتخفيف من أعراض الصدمة التي يتعرضون لها جراء الحروب والمواقف الصعبة التي تمر بهم، ولتفادي تفاقم المشاكل النفسية لدى الطلاب، البدء في إنشاء مشروع مركز الإرشاد النفسي في المخيم بالتنسيق مع مركز الإرشاد النفسي والصحي التابع للمؤسسة الخيرية الملكية.
وبدأت الاستعدادات والترتيبات بشكل مسبق، وفي هذا الجانب تقول رئيس مركز الإرشاد النفسي بالمؤسسة الخيرية الملكية أمينة آل بن علي: أقمنا عدة زيارات مسبقة إلى مخيم الزعتري وتحديداً إلى مجمع مملكة البحرين العلمي، والتقينا بعدد من المسئولين المعنيين بمجمع مملكة البحرين في الزعتري ووزارة التربية والتعليم الأردنية، وذلك للتحضير لتقديم برامج علمية في الإرشاد النفسي والتعرف على أهم المشكلات التي يعاني منها الطلبة وإدراجها ضمن خطط البرامج الإرشادية، كما تم الاطلاع على سير عمل المجمع والتعرف على أعداد الطلبة والمناهج التي تدرس، والتجهيزات المتوفرة تمهيداً لتنفيذ البرامج الإرشادية النفسية للطلبة.
وأضافت أن مركز الإرشاد النفسي بالمؤسسة الخيرية الملكية قدم عدداً من البرامج هناك قبل الافتتاح الرسمي للمركز وذلك للوقوف على احتياجات الطلاب، وهدفت هذه البرامج إلى رسم الابتسامة والفرح في نفوس الطلاب، وتنمية التفكير الإيجابي في مواجهة المشكلات والأزمات، إلى جانب تدريب الطلاب على مجموعة من المهارات النفسية والاجتماعية التي تساعد في التعبير عن المشاعر والتفريغ الانفعالي، وتشكيل جماعات دعم ومساندة بما يساعد في التعامل مع الفقد بطريقة أكثر ايجابية وتقوية الصلابة النفسية، بالإضافة إلى مساعدة الطلاب في بناء معنى ايجابي عن الحياة والتأكيد على أهمية الإحساس بالأمل والمستقبل الأفضل.
وأشارت آل بن علي إلى أن هذه اللقاءات بينت أن غالبية الطلاب يعانون من أعراض الصدمة ممثلة بالذكريات الأليمة والصورة الذهنية المقحمة والكوابيس والحزن على فقدان الأقارب والأصدقاء والشعور بالخوف من تكرار الحدث الصدمي والفزع الليلي والشعور بالقلق وغيرها من الأعراض، كما أن أغلب الطلبة لديهم حس إيماني عميق، إذ تعتلي أصواتهم بالأناشيد الوطنية التي تدعو إلى الجهاد وتلبية نداء الله والدفاع عن الشرف والكرامة والبعض يتمنى أن يحفظ القرآن.
وبينت أن هذه البرامج ساعدت الطلاب في خلق الأمل ليدهم عبر جعل أحلامهم وآمالهم قابلة للتحقيق، كما ساهمت في إدخال شعور السعادة والفرح إليهم عبر تمارين الاسترخاء التخيلي، كما ساعدتهم في زيادة الشعور بالأهمية الذاتية والرفع من مستوى تقدير الذات وشعر كل طالب بأنه شخص مهم وأن الله سبحانه وتعالى هو من أعطاه هذه الأهمية وأن عليه أن يستغل إمكانياته وقدراته حتى يبرز هذه الأهمية ويرفعها، وساهمت في رسم البسمة والبهجة على وجوه، ونجح برنامج الدعم النفسي في مساعدة الطلاب على التفريغ الانفعالي لما يعانونه من مشاعر حزينة وخبرات مؤلمة وقد عبر الطلاب عن شعورهم بالارتياح والسعادة لوجود من يسمع لمعاناتهم ومن يخفف عنهم آلامهم، وتمكن من مساعدتهم في تعديل بعض أفكارهم السلبية والتي هي مصدر شعورهم السلبي وتدريبهم على التفكير الايجابي وكيفية النظر إلى النتائج الايجابية لأي مشكلة أو خبرة سلبية قد يتعرض لها الإنسان.
ووضحت رئيسة مركز الإرشاد النفسي أنه اتضح من هذه اللقاءات وجود حاجة ملحة لوضع برنامج للإرشاد الجمعي لطلاب المرحلة الإعدادية، والحاجة لتدريب الاختصاصيين على استراتيجيات التعامل مع الصدمات النفسية الحادة مثل تقنية EMDR العلاج بحركة العين، ليتسنى تطبيقها في المستقبل.
إلى جانب ذلك، قالت آل بن علي إن مركز البحرين الاجتماعي للإبداع أخذ بهذه النقاط وتم التجهيز له وافتتح رسمياً في 23 أغسطس/ آب 2013، ويهدف إلى تقديم خدمة الدعم والعلاج النفسي لطلاب المركز العلمي البحريني المتضررين من الأحداث لعلاجهم من الصدمات النفسية الناتجة من الحروب وللتخلص من الصور والأفكار المُرعبة التي انطبعت في أذهان الأطفال والمراهقين، وإرشاد أُسرهم لكيفية التعامل معهم ضد الصدمات النفسية في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها ولتفادي المشاكل النفسية المستقبلية، ويتكون المركز من 5 كبائن 3 كبائن للإرشاد النفسي الفردي وكبينة غرفة إرشاد باللعب للأطفال وكبينة للإرشاد الجمعي للمراهقين وساحة لعب للأطفال، ويوجه خدماته للأطفال في المرحلة الابتدائية والإعدادية.
وكان وفد الخيرية الملكية قد قدم عدداً من اللقاءات بهدف مساعدتهم في التعبير عن مشاعرهم والتنفيس عن انفعالاتهم والتخفيف من حدة الضغوط نظير الظروف النفسية الصعبة التي يعيشونها بسبب الهجرة وعدم الاستقرار، حيث قدم المركز مجموعة من اللقاءات والورش النفسية لطلاب الزعتري استفاد منها ما يقارب من 400 طالب وطالبة في المرحلة الإعدادية والثانوية و250 طالب وطالبة في المرحلة الابتدائية.
وقدم اختصاصي الإرشاد النفسي بالمؤسسة سامي المحجوب لقاء بعنوان «بناء الذات»، استهدف فيه طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، وهدف إلى زيادة الشعور بالأهمية الذاتية ورفع مستوى تقدير الذات والتعبير والتنفيس عن المشاعر والخبرات المؤلمة والاعتراف بوجودها كخطوة أولى للتخلص منها وتعديل الأفكار السلبية المرتبطة، إلى جانب رفع الروح المعنوية والشعور بالأمل والمستقبل الأفضل، وتضمن اللقاء مجموعة من الأنشطة الهادفة مثل تمرين تطيق المشاعر وتمرين الاسترخاء التخيلي الذي تخيل به الطلاب أنفسهم إلى زمن حلت فيه الأزمة الحالية وتمسكهم بالمشاعر الايجابية الناجمة عن العودة إلى بلدهم ومنزلهم باعتبار أن الأزمة انتهت، ثم جلب هذه المشاعر الإيجابية إلى الزمن الحاضر والتمسك بها، أيضاً تضمن اللقاء تطبيق تمرين «المرآة» الذي أدى إلى رفع الشعور بالأهمية الذاتية، بالإضافة إلى تدريب الطلاب على مهارات تأكيد الذات اللفظية والجسدية.
من جانبه، قدم اختصاصي الإرشاد النفسي بالمؤسسة عبدالرحمن النهام لقاء نفسي بعنوان «قطار المرح والتعلم» عبارة عن فكرة تخيلية تمكن الطلاب من فهم ووعي بعض الجوانب النفسية والانفعالية وتشجعهم على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بطريقة بناءة من خلال ركوب قطار يتوقف عند عدد من المحطات وفي كل محطة يتوقف فيها هذا القطار يتعلم الطفل فكرة إيجابية وتتمثل هذه المحطات في المحطة الأولى وهي المشاعر حيث يتعلم الطفل كيف يبوح بمشاعره للأشخاص الآخرين فشعور الطفل بأنه يعيش في مخيم للاجئين يجعله يشعر بالإحباط وأنه غير مرغوب في وطنه وبالتالي فإن تشجيع الطفل على الحديث عن مشاعره يطلق الشحنات المكبوتة في ذاته.
وعبر طلاب مجمع مملكة البحرين العلمي بمخيم الزعتري عن ارتياحهم وسعادتهم بهذه اللقاءات، وما تضمنته من تمارين ساعدتهم في التعبير والتنفيس والإحساس بالتفاؤل والأمل والمستقبل الأفضل.
العدد 4032 - الجمعة 20 سبتمبر 2013م الموافق 15 ذي القعدة 1434هـ