عندما أعلنت الجمعية العامة العام 2013 السنة الدولية للتعاون في مجال المياه قبل ثلاثة أعوام، كانت أعلى هيئة لصنع السياسات في المنظمة الأممية واعية للصراعات الدائمة الناجمة عن التنافس على واحد من الموارد المحدودة الأكثر أهمية في العالم.
فحتى الآن، تسببت صراعات المياه والنزاعات البحرية، في مواجهات بين إسرائيل والأردن، والهند وباكستان، ومصر وإثيوبيا، وفلسطين وإسرائيل، وبوليفيا وبيرو وشيلي.
وبناء على هذا، ركز اجتماع «معهد استوكهولم الدولي للمياه» الذي انعقد الشهر الجاري، على قضية «التعاون في مجال المياه - بناء الشراكات». وينعقد هذا الاجتماع السنوي في دورته الثالثة والعشرين حاليّاً في عاصمة السويد بمشاركة أكثر من 2500 مندوب.
وصرح المدير التنفيذي لمعهد استوكهولم الدولي للمياه، تورغني هولمغرين، بأن المياه كانت تاريخيّاً مصدرا للتعاون في أغلب الأحيان، فعلى مدى السنوات الخمسين الماضية كان هناك ما يقرب من 2000 تفاعل (قضية) في أحواض المياه العابرة للحدود، شملت مجرد سبع منها أعمال العنف، في حين تمت تسوية 70 في المئة منها من خلال التعاون.
وأضاف «أعتقد أن الوضع في المستقبل يتوقف إلى حد كبير على قدرتنا على التعامل مع تحدي الطلب على المياه».
وشرح أن التعاون سيكون سهلاً «اذا كنا قادرين على زيادة إنتاجية المياه حتى نتمكن من تحرير الموارد المائية لحماية بيئتنا، وبالتالي ضمان استدامة الإمدادات المائية، والسماح لمستخدمين جدد واستخدامات جديدة».
وفي المقابل، «إذا لم نكن قادرين على إدارة الطلب وإدارة المياه، فسيصبح تجنب الصراعات تحدياً» كبيراً، وفقا لهذا السفير السابق ورئيس قسم السياسات الإنمائية في وزارة الخارجية السويدية.
وبدورها، أشارت المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة - وهي الوكالة التي ستشرف على السنة الدولية للتعاون في مجال المياه إيرينا بوكوفا، إلى أن هناك أمثلة عديدة أمكن من خلالها التحقق من أن المياه العابرة للحدود يمكن أن تكون مصدراً للتعاون بدلاً من الصراع.
وكانت المسئولة الأممية رفيعة المستوى سبق وأن صرحت بأنه «تم التوقيع على ما يقرب من 450 اتفاقية حول المياه الدولية خلال الفترة بين العامين 1820 و2007، وأن أكثر من 90 اتفاقية دولية وضعت للمساعدة في إدارة الأحواض المائية المشتركة في القارة الإفريقية وحدها».
وتفيد منظمة «ووتر إيد» ومقرها لندن، أن ما يقرب من 768 شخصاً في العالم يعيشون من دون مياه صالحة للشرب -أي تقريباً واحد من كل ثمانية أشخاص، في حين يعيش نحو 2.5 مليار آخرين دون مرافق صحية - بما يعادل حوالي 39 في المئة من إجمالي سكان العالم.
وفي غضون ذلك، وضعت مجموعة أجهزة الاستخبارات الأميركية سيناريوهات قاتمة للمستقبل المنظور: صراعات عرقية، توترات إقليمية، عدم استقرار سياسي، بل حتى عمليات قتل جماعية.
وحذر تقرير الاستخبارات الوطنية الصادر في العام الماضي من أن «العديد من البلدان المهمة للولايات المتحدة يكاد يكون من المؤكد أنها ستواجه مشاكل مياه - إما لنقصها أو سوء نوعيتها أو فيضانات - من شأنها أن تسهم في خطر عدم الاستقرار، وفشل الدولة، وزيادة حدة التوترات الإقليمية»، وذلك علي مدى عشر سنوات المقبلة.
وفي تقرير أصدره بالتزامن مع بداية الإجتماع، يقول معهد استوكهولم الدولي، إن الحقيقة هي «أننا نعيش في عالم ينمو فيه عدد السكان بسرعة ومعه أيضاً الطلب على المياه العذبة... لا يمكن تجاهل هذه الحقيقة، فكلنا نعتمد على الموارد المائية المحدودة نفسها». وشدد على أن «التعاون بين القطاعات هو أمر أساسي إذا أردنا أن ننجح في مشاركة وإدارة أثمن مواردنا».
وبدوره، ذكّر نائب الأمين العام للأمم المتحدة، يان الياسون، بأن الموعد المحدد (العام 2015) لتحقيق الأهداف الإنمائية لألفية للأمم المتحدة يقترب بسرعة، وهناك أخبار جيدة في بعض المناطق... فمنذ اعتمادها في العام 2000، تم تخفيض معدلات الفقر في العالم بمقدار النصف، ويعيش 200 مليون من سكان الأحياء الفقيرة حياة أفضل الآن، كما زادت معدلات الالتحاق بالمدارس بشكل كبير.
وأضاف مخاطباً اجتماع استوكهولم، «في العام الماضي كنا قادرين على أن نعلن أن العالم حقق هدف الحصول على مصادر محسنة للمياه... لكن نوعية المياه ما زالت تخفق إلى درجة كبيرة في تلبية معايير منظمة الصحة العالمية الأساسية».
وواحد من أهم العوامل التي تؤثر سلباً على نوعية المياه هو الافتقار إلى الصرف الصحي... فأكثر من ثلث البشرية -أي أكثر من 2.5 مليار شخص في جميع أنحاء العالم- يعيشون دون مرافق صرف صحي ملائمة، وفقاً للمسئول الأممي.
العدد 4031 - الخميس 19 سبتمبر 2013م الموافق 14 ذي القعدة 1434هـ