العدد 4031 - الخميس 19 سبتمبر 2013م الموافق 14 ذي القعدة 1434هـ

المرشد: المناضل النعيمي نموذج معياري للنخب الوطنية

منتدى «وعد» عن المناضل عبدالرحمن النعيمي - تاصوير أحمد آل حيدر
منتدى «وعد» عن المناضل عبدالرحمن النعيمي - تاصوير أحمد آل حيدر

قال الناشط عباس المرشد إن «شخصية عبدالرحمن النعيمي تعتبر نموذجاً معيارياً لما عليه النخب الوطنية، من حيث تكوينها ومواقفها وتحولاتها، فقد استطاع ومنذ سنوات مبكرة من عمره من الانضمام للحركة الوطنية ومباشرة العمل السياسي وفق قواعدها».

وذكر في ندوة قدمها في مقر جمعية وعد في أم الحصم، مساء الأربعاء (18 سبتمبر/ أيلول 2013) أنه «خلال الفترة الطويلة التي قضاها النعيمي في العمل السياسي تراكمت لديه خبرات سياسية واسعة ومتنوعة ما بين خبرة بالمجتمع المحلي وخبرة بالمجتمع العربي، ونظراً لخصوبة التجربة السياسية وطولها الزمني، وخلال هذه المرحلة الطويلة أنتج النعيمي مجموعة هائلة من الآثار الكتابية والآثار السياسية التي حكمت المشهد السياسي البحريني فقد كان من القلائل الذين جمعوا بين القلم والممارسة العملية».

وأكمل «في الوقت الذي يمكن العثور فيه على تحولات متعددة في رؤية وتفكير وانتماء النعيمي فيما يخص عملية التغيير الاجتماعي نجد هناك استمرارية وثبات في الرؤية والمواقف لدى النخبة الحاكمة وهي الخصم العنيد لعبدالرحمن النعيمي».

وتابع «بما يشير إلى وجود علاقة، غير مؤكدة، بين طبيعة التحولات السياسية لدى قطاع القيادات السياسية المعارضة وبين طبيعة الأنظمة السياسية التي تعمل القيادات المعارضة في فضائها. فكلما كانت بيئة النظام السياسي مغلقة ومستبدة لدرجة فرض الصمت إزاء سلوكياتها ومواقفها، كلما كانت القيادات السياسية المعارضة أكثر قابلية لإجراء المراجعات النقدية والاتجاه نحو التحول السياسي».

وواصل المرشد «معنى ذلك أن قدرة النظام على التحكم الدقيق في الاستيعاب والتكييف مع التهديدات الموجهة إليه، تدفع بالقيادات السياسية المعارضة للانخراط في عملية التحول السياسي بهدف الحصول على مساحة مشروعة لها ضمن النظام السياسي إلا أن النظام يصادرها ويمنع من الاستفادة منها في عملية التغيير الاجتماعي».

وبيّن أن «النخبة كمصطلح هو دلالة لفظية تشير لمدلول اجتماعي أساساً يقوم على معيار امتلاك قوة التأثير والنفوذ على مجموعة من الفئات، وهذا ما أكد عليه ماكس فيبر من أن السلطة أو النفوذ أو القوة على التأثير تختزل في ثلاثة مصادر رئيسية هي النمط التقليدي، النمط الكارازمي، وأخيراً النمط القانوني، فجميع هذه الأنماط تنتج نخباً خاصة بها».

وأفاد «سنحاول استعراض التحولات الفكرية والسياسية التي مر بها النعيمي طوال أربعة عقود مختلفة الظروف تعددت تحولات النعيمي خلال هذه الفترة ما بين الانتماء لحركة القوميين العرب ثم الماركسية اللينينية (اليسار القومي) وأخيراً الديمقراطية الليبرالية، وإذا ما كانت التحولات الأولى متفق عليها إلا أن التحول الأخير ناحية الديمقراطية الليبرالية يبقى محل جدل وخصوصاً أن النعيمي لا يأتي على هذا التحول بشكل صريح فيما تمكن من كتابته على شكل مذكرات شخصية نشرت قبل مرضه ووفاته رحمه الله».

وأشار إلى أننا «سنعرض لتحولات رئيسية مر بها عبدالرحمن النعيمي للخلوص منها بنتائج تدعم النموذج المعرفي المقترح في تحولات النخب السياسية المعارضة في البحرين».

وأوضح المرشد أن «التحول الأول كان من القومية للماركسية اللينينية، ففي بدايات الستينات وتحديداً في 1961 عندما التحق عبدالرحمن النعيمي بالجامعة الأمريكية في بيروت انضم لحركة القومين العرب من خلال إحدى الحلقات الطلابية وعمل في صفوف حركة القوميين العرب التي كان لها فرع في البحرين وتقاد من خلال مجموعة أشخاص قلائل الذين أسسوا أول خلية لهم في سنة 1959».

واستدرك «رغم ذلك فإن حجم الالتفاف الشعبي لحركة القوميين العرب كان هائلاً ليس كأفراد منظمين ولكن تحت عنوان المد السياسي أو التيار العام المؤيد لجمال عبدالناصر».

وتابع «لا توجد لحد الآن معلومات كافية تشرح أو تؤرخ الدور الذي مارسه عبدالرحمن النعيمي ضمن حركة القومين العرب خصوصاً في البحرين، بل إن تاريخ حركة القوميين العرب في البحرين لم يدون لحد الآن ويصعب كثيراً رسم صورة مكتملة لخلية البحرين آنذاك».

وواصل المرشد «ولم يكن هناك برنامج خاص بالحركة في البحرين، ويمكننا اعتبار توجهات المركز والقيادة الفرعية في الكويت والتي تم التعبير عنها في مجلتي «الحرية» اللبنانية و «الطليعة» الكويتية ونشرة «صوت الشعب» التي كانت تصدر سراً في البحرين بمثابة منابر سياسية لمواقفها».

ولفت إلى أن «الخلافات التي عصفت بحركة القوميين العرب ألقت بظلالها على فرع البحرين، في العام 1964 عندما تبنى بعض الطلبة البحرينيين الدراسين في الجامعة الأمريكية الماركسية اللينينية ووضعوا برنامجاً فكرياً يرتكز على دراسة مؤلفات ماركس - إنجلز - لينين - ستالين - ماوتسي تونغ - الثورة الفيتنامية، رغم أنّ هذه الفئة، لم تحاول الظهور كفريق منشق على قيادات حركة القوميين العرب آنذاك، فقد استمر النعيمي منخرطاً في صفوف تنظيم حركة القوميين العرب ككادر فاعل يعمل على تجنيد الأفراد ضمن صفوف الحركة وقد عمل على تنظيم العديد من الشخصيات أثناء فترة عمله المؤقت في قطر عام 1963».

وأكمل «وعبر هذا الجهد التنظيمي دخل النعيمي ضمن قيادة خلية قطر وعمره لم يتجاوز 19 سنة فقد كانت حركة القوميين العرب تحبذ تجنيد فئة الشباب وتكوينهم سياسياً وعقائدياً وتمنحهم فرص تولي مسئوليات قيادية وتنظيمية مباشرة وهو ما يؤدي وبشكل سريع لأن يصبح الفرد المنطوي تحت عباءتها أحد أعضاء النخبة السياسية بصورة سريعة خصوصاً في ظل هيمنة الأمية والمستوى الاقتصادي المنخفض للمجتمعات العربية آنذاك».

وأردف المرشد «فإلى جانب التكوين الأكاديمي والتثقيف العام الذي يمنح الفرد آنذاك مكانة اجتماعية متميزة فإن الانخراط والانضمام للحركة السياسية يضيف لمكانته مكانة جديدة مستوحاة من مكانة النخبة السياسية العربية، فحركة القوميين العرب كانت فوق وطنية وعابرة للحدود العربية بحكم رؤيتها وعقيدتها الإيديولوجية القائمة على أساس الوحدة العربية الشاملة».

وذكر أننا «قد لا نحتاج هنا لسرد التفاصيل التاريخية التي أدت لأن يتحول عبدالرحمن النعيمي من فكرة القومية إلى فكرة الماركسية اللينينية والمخاضات التي برزت بعد عقد كل من مؤتمر حمرين ومؤتمر دبي، بقدر ما نحتاج إلى فهم كيف يمكن أن يحدث التحول داخل النخب السياسية المعارضة».

وشدد على أن «التحول ناحية اليسار الماركسي ظل تحولاً فكرياً عالقاً في شكل ترجيحات بين الفرقاء والنخبة القيادية المنقسمة على نفسها ولم يجد هذا التحول الفكري متنفساً له رغم عقد المؤتمر الاستثنائي للحركة في العام 1963، إلا أن هزيمة العام 1967 شكلت المنعطف الحاد الذي كان بمثابة تعسر وعجز الحركة على مواصلة تقديم إجاباتها على معضلات النموذج السياسي وألغاز الأسئلة السياسية».

وأفاد «من المهم الإشارة هنا إلى بعد مخفي عادة أو مسكوت عنه فيما يخص النخبة السياسية البحرينية وهو بعد التبعية الفكرية فالتحول من القومية إلى الماركسية كان بمثابة ترجيح طرف نخبوي على طرف آخر ولم يكن وليد البحث الذاتي والتأمل الخاص بالنخبة البحرينية، مثل هذا الاستقاء بالآخرين سنجد له تطبيقاً في تنظيمات عديدة مثل تنظيم حزب البعث وكيف تحولت نخبه السياسية لصالح المتنافسين الكبار داخل حزب البعث».

وأضاف «وفي الواقع فإن تحول النعيمي من حركة القوميين العرب إلى تبني الماركسية اللينينية تحت عباءة «الحركة الثورية الشعبية في عمان والخليج العربي» قد مر بفترة طويلة نسبياً من القناعة الفكرية والاحتماء بالنموذج الجديد في المناقشة والدراسة مع مجموعة الرفاق ابتدأت منذ 1963 تقريباً وتعززت هذه القناعات بعد انتفاضة مارس/ آذار 1965 حيث أخذ عبدالرحمن النعيمي منذ 1966 يمارس جهداً استثنائياً في لملمة القوميين العرب في البحرين وضخ الحياة في عملها السياسي».

وأردف «ولعل هذا الدور المباشر ساهم بطريقة ما في تنحية القيادات الأولى لحركة القوميين العرب من واجهة المشهد السياسي العلني والتسليم بأن عبدالرحمن النعيمي هو مؤسس التيار القومي في البحرين».

وأشار إلى أن «التحول الآخر كان التحول للمسار الديمقراطي الليبرالي، فعلى رغم ما يحتويه التحول السابق من دلالات تبدو كافية لتفسير وفهم عملية إنتاج وصعود النخب السياسية إلا أن الفترة التي حدث فيها لا تعطينا تأكيداً على صحة النتائج ومدى تطابقها مع الواقع السياسي من جهة وهي لا تمنحنا فرصة الخروج بتصور عام للنخبة السياسية من جهة أخرى.

وقرر المرشد «لذا فإن دراسة تحول النعيمي من الماركسية اللينينية إلى الديمقراطية الليبرالية أو ما تطلق عليه هذه النخبة بتعويم الإيديولوجيا يساعدنا كثيراً في عملية الفهم والتحليل. فهذا التحول جاء بعد مسار طويل من التحولات الداخلية على مستوى الاستراتيجيات ومستوى التكتيك كما إنه جاء بعد نضج كبير للتجربة الحزبية والسياسية وسط متغيرات أوسع وأشد تبايناً من متغيرات التحول الأول».

وختم المرشد «الأمر الجوهري في هذا التحول أنه جاء بشكل أفقي مع النموذج السائد وليس بشكل طولي كما في حالة التحول الأول، فقد كان قرار التحول من القومية للماركسية قراراً فكرياً بالدرجة الأولى أنضجته بعض الظروف السياسية والاجتماعية وفي الوقت نفسه جاء هذا التحول في مستوى امتداد الفكر القومي وبشكل طولي إذ كانت الماركسية اللينينية وسيلة لتحقيق الوحدة القومية التي عجز النموذج القومي السائد عن تحقيقها».

العدد 4031 - الخميس 19 سبتمبر 2013م الموافق 14 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً