أثار تقاعد النواب والشوريين والبلديين جدلا وأحاديث واسعة، وتحول هذا الجدل للغط بين الناس والنواب بالخصوص.
بعيدا عن هذا وذاك، من حق النواب أن يكون لهم تقاعد يؤمّنون به حياتهم المستقبلية ويغنيهم عن «الارتماء في أحضان الحكومة» كما وصف البعض وبرر القبول والموافقة بإيجاد التقاعد للنواب.
ولكن من حقنا نحن أيضا أن نسأل من أين ستأتي أموال صندوق تقاعد النواب والشورى؟ فهل خصم 10 في المئة من مكافآتهم ومساهمة الحكومة بـ 20 في المئة كافية لتغطية نفقات الصندوق، أم سيؤخذ من الموازنة العامة للدولة لصرفها على تقاعد النواب، نتيجة بقائهم تحت قبة البرلمان دور أو دورين؟
وهل من العدالة والمنطق أن يحصل نائب على راتب تقاعدي فقط لأنه مثّل الشعب أربع سنوات من عمره بما لا يقل عن 1600 دينار، فيما يكافح المواطن الفقير سنوات طويلة من أجل أن يؤمّن لنفسه وعياله راتبا تقاعديا حدّه الأدنى 180 دينارا؟
أليس من المنطق أن يساوي النائب نفسه بالعامل الفقير في أي مكان وأن يقبل النائب ما يقبله ذلك العامل من مزايا تقاعدية وتأمينية واشتراطات لا أول لها ولا آخر من أجل أن يحصل على ذلك الراتب التقاعدي بشق الأنفس؟
أليس من المنطق أيضا أن يشتري النائب سنوات خدمته ويسدد الفوارق للحصول على تقاعد مبكر وليس تقاعدا كاملا كما يحدث للعامل؟ ألا يعلم النواب أن سنوات خدمة العاملين في القطاع الخاص تضيع فقط لأنه انتقل إلى العمل في القطاع العام ومن ثم يصبح لزاما عليه أن يسدد لصندوق التقاعد آلاف الدنانير من أن تضم خدمته؟
أليس للسادة النواب اشتراكات تقاعدية وتأمين قبل انتخابهم كنواب، فلماذا لا يضموا خدمتهم كنواب على خدمتهم السابقة ويسددوا الفوارق ويحصلوا على الراتب التقاعدي أو التأمين الاجتماعي كأي مواطن عادي؟ هل من العدالة أن يحصل كل ذلك للمواطن فيما يفوز النائب بـ 1600 دينار فقط لعمله أربع سنوات في مجلس النواب، بينما مطلوب من المواطن العادي العمل 15 عاما من أجل الحصول على راتب تقاعدي، وأن يسدد اشتراكاتها بالكامل؟
أي عدالة هذه، وأي منطق في تقاعد النواب، من حقكم التقاعد، ولكن من حقنا أن لا نشعر أبدا بأن كرسي النائب طريق للتنعم بخيرات الوطن على حساب المواطن الفقير. نتمنى من النواب أن يقولوا عاملونا كما يعامل الناس، وطبقوا علينا ما يطبق عليهم، ولسنا أفضل منهم، بل أمنية ألا يقدم النواب أنفسهم على الناس، وألا يضعوا دائما حجة «الارتماء في أحضان الحكومة» ذريعة للحصول على الأجور المجزية والمكافآت الخيالية لتغنيهم عن السؤال، فيما يعيش المواطن كل يوم يسأل من يعينه ويساعده. أو ليس من حقنا أن نسأل، لماذا تقاعدكم هذا؟
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2465 - السبت 06 يونيو 2009م الموافق 12 جمادى الآخرة 1430هـ