العدد 4025 - الجمعة 13 سبتمبر 2013م الموافق 08 ذي القعدة 1434هـ

«أُلفاء» يختتمون اليوم معرض الفن التركيبي بمتحف قلعة البحرين

هكذا بدأت تتتابع معارض الفن التركيبي في البحرين بين فترة وأخرى، بعد أن عكف عليها الفنان أنس الشيخ وآخرون والذي ينفرد بينهم بنكهة خاصة هي بريق المبدع وألقُ رِجلٍ أولى حطت على أرض خصبة.

وفي هذه المرة أنت أمام معرض للفن التركيبي يشكله مجموعة من الشباب اتخذت من كلمة «أُلفاء» بضم الألف، وفي صيغة الجمع اسماً لمجموعتهم الفنية، بمعنى خلطاء متآنسين وقرناء متقاربين والألفة هي الاجتماع والالتئام والتجاذب والوشيجة والأنس، ولعل هذه المفردات التي بدأت تتوارد للذهن هي ما سيفتح الأفق للمعنى المشترك الذي تشتغل عليه المجموعة في أعمالها الفنية.

أقيم معرض الفن التركيبي «صوت النفس صوت الناس» في متحف قلعة البحرين من 7 إلى 14 سبتمبر/ أيلول الجاري، بأعمال خمسة فنانين، هم بتول الشيخ، وإبراهيم عبيد إدد، وحسين القميش، وخالد الجابري، وميثم المبارك أعضاء مجموعة (أُلفاء).

صوت النفس وصوت الناس

وبين «صوت النفس، وصوت الناس» بدأت المجموعة تشكل أعمالها وتحفر في المفاهيم وتفككك المصطلحات فينفتح لها المعنى، مراكمة أشياءها مرة في تركيب من مجموعة الطوب فوق بعضها ومرة في ربوتتات مبعثرة، أو تفاحة على وسادة، أو شكل قلب ومفاتيح متعددة، أو مجموعة من الفؤوس تكسر بعضها، أو جمع بين مصطلحين على ما بينها من اجتماع وافتراق، وكأن كل ذلك نتيجة

تفكير عميق وورشة عمل ممتدة تبحث وتقارن بين الذات والآخر بين المفاهيم وما تحمله من قيم، وحوار بين الأشياء لا ينتهي حتى حين يضع الفنان لمساته على الأشياء، بل يتزايد توالد الحوارات كلما تم الجمع بين الأشياء وتجددت النظرات.

الطوب والمصباح

تعنون العمل التركيبي الأول الذي اشترك فيه كل من الفنانين بتول الشيخ وميثم المبارك بعنوان «قيم ثابتة»، وضم مجموعة من الطوب اصطفت فوق بعضها وبجانبها مصباح، في مقارنة بين الظلام والضوء، بين الصلابة والانكشاف، وكأنها تحاول أن ترينا ما نعتقد أحيانا أنه شيء من القيم الثابتة الراسخة الصلبة وهي ليست كذلك وقد تصلبت فينا ولم نعد نستطيع التفريق بينها وبين تلك القيم الحقيقية بسبب الصلابة والرصانة، الظهور في مظهر القوة.

وجاء في التعريف بالعمل «تلك المادة القوية هي مبادئنا، وكتل الخرسانة هي مبادئ الوطن، كلاهما مبادئ قوية… لكن أسفًا لو استخدمت بطريقة خاطئة».

وهنا حاول الفنانان أن يوجها العمل في صيغة نقدية، جامعين بين مبادئ الوطن ومبادئ الذات، وأن التضاد بينهما يفسد تلك الخلطة والشكل الذي عليه الطوب، وهذا التركيب هو ما يجعل من الطوب قويّاً ويأخذ دوره في عملية البناء.

الطوب والمصباح هي أشياء بسيطة وقد تكون ساذجة عند البعض نمر بها ولا نعبأ لما وراءها، وما يمكن أن تثيره فينا، لكننا في هذ العمل وأمام هذه الالتقاطة الموفقة نستطيع القول على طريقة الجاحظ إن الأشياء حقّاً مرمية في الطريق والفضل لمن التقطها ووضعها في السياق الذي يريد.

صناديق زجاجية

في العمل الثاني نحن أمام ثلاثة صناديق زجاجية للفنان إبراهيم عبيد إدد، الأول تعنون بـ «نزول الإنسان» وهو عبارة عن تفاحة وضعت على وسادة صغيرة.

أول ما يثيره هذا العمل في الناظر أنه يبعث على الإحساس بالراحة والرفاهية حيث تلونت التفاحة باللون الذهبي وجلست مرتاحة بثقلها على الوسادة، حتى الآن لا إيحاءات مستفزة للمعنى، إلا أن العبارة التوجيهية كبقية الأعمال تعود بنا إلى تفاحة آدم وحواء لتتساءل بعد هذا الزمن الطويل هل ما زالت التفاحة تحتفظ بمعناها السابق، أم حل بها معنى آخر، للتأكيد على أننا نتغير دائماً وأن عنصر «الزمن يؤثر في مبادئنا وإرثنا الشخصي».

في الصندوق الثاني تتعالق ثلاثة فؤوس قاطعة بعضها بعضاً من جهة المقبض مشكلة مثلثا واقفاً. لعل أول ما تثيره تلك الفؤوس والجمع بينها أنها أداة القطع والقتل، لكن الجمع بينها وجعلها تقطع بعضها يذهب بالذهن إلى مآلات الشر حين يقطع بعضه بعضاً ويخلصنا من شروره، وهو معنى جميل. لكن العبارة المصاحبة ذهبت إلى منطقة الذات والآخر «فؤوس تقطع بعضها البعض… كما نقطع

بعضنا عندما نحتمي وراء ما نؤمن به… وهكذا تستمر العجلة فلا نؤمن ببعضنا ولا نهاية للعجلة».

أما الصندوق الثالث فقد احتوى على بقايا ربوتات إلكتررونية، تلك الترانزسترات الصغيرة جدا والتي تحمل الكثير من المعلومات في داخلها والدوائر الكهربية والتي نمر بها مرمية فلا نعبأ بها لكنها تعني

الكثير لأصحابها فكيف وظفها العمل تحت عبارة «بلا قيمة، سلسلة من التحفظات: عندما لا نتعمق أو نراجع أنفسنا فيما هو عزيز علينا، فإننا قد نعتزّ بشيء لا قيمة له، أو بمبدأ قد يحدث الضرر بدلاً من الفائدة. فكم هي قيّمة مبادئك؟!».

ضد الكراهية «سنشيعي»

ضد الكراهية للفنان خالد الجابري عمل غرافيكي يدعوك لأن تتأمل قليلا بين مصطلحين سني شيعي محاولاً الجمع بينهما في مصطلح واحد «سنشيعي» ربما يمثل هذا المجتمع والناس بقسميهم حين يحاولون تقسيم أنفسهم، وهو هنا يحاول الجمع بينهما، مشيرا إلى أن الطائفية قد تأتي من الجهتين «باستخدام عنصر التماثل واللعب بالكلمات. كل ذلك لطرح عدة أسئلة منها: هل نحن مختلفون تمامًا؟ وهل بإمكان النوايا الحسنة خلق نتائج سيئة؟».

قلوب ومفاتيحها

كلمة طيبة، عمل تركيبي للفنان حسين القميش الجميل في هذ العمل هو ذهابه نحو رسم قلب ورسم إيقاع نبضاته وبجانبه مجموعة من المفاتيح عليها عبارات أشبه بقيم ذلك القلب، وهي فعلاً مفاتيح الذات حين نريد الوصول إلى القلوب قائلاً: «نحن لا ندرك مدى قوة الكلمات وتأثيرها في أنفسنا. الكلمة

الطيبة والعمل الحسن هي مفاتيح لدخول القلب. من خلال النظر في تعاريف طبية ومعاجم اللغة عن معنى كلمة القلب، يمزج الفنان هذه المعلومات مع طرق تمثيلها في الثقافة العامة ومع ما يؤمن بأنه جزء من طبيعة القلب».

العدد 4025 - الجمعة 13 سبتمبر 2013م الموافق 08 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:40 ص

      تحليل نقدي ممتاز

      المقال جميل جداً و الاضافات النقدية التحليلية للأعمال ممتازة

    • زائر 2 | 4:39 ص

      تحليل نقدي ممتاز

      المقال جميل جداً و الاضافات النقدية التحليلية للأعمال ممتازة

اقرأ ايضاً