العدد 4025 - الجمعة 13 سبتمبر 2013م الموافق 08 ذي القعدة 1434هـ

10 أكتوبر الحكم بقضية متهم أُدين بواقعة تجمهر

المنطقة الدبلوماسية - علي طريف 

13 سبتمبر 2013

حدَّدت محكمة الاستئناف يوم (10أكتوبر/ تشرين الأول 2013) للحكم بقضية متهم أُدين بواقعة تجمهر، إذ قضت المحكمة حكمها في الدعوى التي تقضي بإدانة المتهم غيابياً لعدم حضوره، وأصدرت ضده الحكم بالحبس ثلاثة أشهر.

ووجهت النيابة العامة للمتهم أنه اشتراك مع آخرين بالتجمهر في مكان عام مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص، الغرض منه الإخلال بالأمن العام.

وتقدمت المحامية انتصار العصفور بمذكرة دفاعية طلبت براءة موكلها، وقالت إن المتهم لم يرتضِ الحكم المستأنف، وإنه يطعن عليه بالاستئناف الراهن، وذلك استناداً لسببين، وهما الطعن على الحكم، حيث لم يتم التحقيق مع المستأنف، ولم يتم سؤاله عن الاتهام.

وأضافت العصفور أن الطعن على الحكم المستأنف بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وقد قضت محكمة التمييز أن (تسبيب الأحكام لا يحقق المقصود منه إلا إذا تضمن الحكم ما يطمئنه، وما يطمئن المُطلع عليه بأن المحكمة قد استوعبت دفاع الخصوم، والأدلة التي استندوا إليها وحججهم القانونية، وأنها قد واجهت مقطع النزاع في الدعوى)، وبتطبيق ذلك على الحكم المستأنف، يتضح أن محكمة أول درجة لم تستوعب دفاع المتهم والأدلة التي استند إليها والحجج القانونية التي تقدم بها.

وقد استندت في حكمها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، كما أن المحكمة لم تواجه مقطع النزاع في الدعوى، ولم تفهم العناصر الواقعية التي ثبتت لديها، وابتعدت عن ذلك، وشاب حكمها القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وذلك عندما قضت بإدانة المتهم بالسجن دون الإشارة إلى نص القانون الذي دانت المتهم بموجبه.

وبيّنت أن ذلك القصور واضح في أسباب الحكم، فإن التسبيب كما نصت عليه أحكام التمييز لا غنى عنه لتوضيح كلمة القانون وتكييف معناه وفقاً للواقع الاجتماعي، وأن الغرض من التسبيب هو أن يعلم من له حق الرقابة على أحكام القضاء من خصوم وجمهور ومحكمة تمييز، ما هي مسوغات الحكم، وهذا العلم لابد من حصوله في بيان مفصل، ولو بقدر تطمئن معه النفس والعقل بأن القاضي ظاهر العذر في إيقاع حكمه على الوجه الذي ذهب إليه، وحيث إن المحكمة أدانت المتهم واقتصرت في أسباب حكمها على قولها بأن التهمة ثابتة من التحقيقات، فإن الحكم يكون غير مقنع ويتعين إلغاؤه.

مضافاً إلى ذلك، فإن الحكم المستأنف عوّل في إدانة المتهم على اعتراف متهم آخر عليه وإقراره غير القضائي، رغم دفع وكيلته ببطلانه لكونه وليد إكراه معنوي تعرض له في أدوار التحقيق بمركز الشرطة والنيابة العامة، ولم يكن لديه محامٍ فاعترف تحت الخوف، ومن ثم عدوله عنه أمام المحكمة، وبالتالي عدم توافر شروط حجية هذا الإقرار التي تطلَّبها القانون ومنها الاختيار، وعدم توافر القصد لدى المتهم، ومن ثم فإن هذا الإقرار قد صدر منه في أدوار التحقيق، ولم تجتمع فيه كل الشروط الواجب توافرها طبقاً بما اقتضاه القانون، وحيث إن الحكم المستأنف قد صدر مبيناً على هذا الإقرار غير القضائي الذي هو وليد إكراه وإرادة غير حرة فيكون باطلاً، وأن ما بني على أساس باطل فهو باطل.

وذكرت أن من المقرر قانوناً طبقاً لأحكام التمييز أن الإقرار غير القضائي، وإن كان يخضع لمطلق تقدير محكمة الموضوع، فلها أن تأخذ به أو تطرحه، ولا معقب على تقديرها في ذلك، إلا أن إطلاق سلطتها في تقدير حجية الإقرار لابد أن تكون مبينة على أسباب سائغة، وقد نصت محكمة التمييز الكويتية على أن (من المقرر أن الإقرار الذي يصدر في غير مجلس القضاء لا يكون ملزماً بل خاضعاً لتقدير محكمة الموضوع التي يجوز لها مع تقدير الظروف التي صدر فيها أن تعتبره دليلاً كاملاً أو مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد قرينة، كما يجوز ألا تأخذ به ولا تخضع في شيء من ذلك لرقابة محكمة التمييز).

كما نصت محكمة النقض المصرية على أن (الإقرار – قضائي وغير قضائي – يتضمن نزول المقر عن حقه في مطالبة خصمه بإثبات ما يدعيه، وهو بهذه المثابة ينطوي على تصرف قانوني واحد، فيشترط لصحته ما يشترط لصحة سائر التصرفات القانونية، فيجب أن يكون صادراً عن إرادة غير مشوبة بأي عيب من عيوب الإرادة، فإذا شابه غلط كان باطلاً وحق للمقر الرجوع فيه).

كما أنه لا جدال في سلطة المحكمة في تقدير الإقرار، ولكن ممارسة هذه السلطة لا يمكن أن تخرج عن العقل والمنطق، وإلا أصبحت ضرباً من ضروب التحكم الذي يتنافى مع وظيفة القضاء، وإذا كانت المحكمة حرة في اقتناعها وغير ملزمة ببيان علة اقتناعها، فإنها مقيدة بأن يكون هذا الاقتناع وليد المنطق، وأن تبين في أسباب حكمها ما يشير إلى توافر هذا المنطق.

وأفادت العصفور، وإذا كان الدليل وهو الإقرار الصادر من المتهم، والذي بني عليه الحكم وساقه وعوّل عليه في إدانته، قد نشأ باطلاً أصلاً لعدم توافر شروط انعقاد صحته لكونه صادراً عن إكراه وإرادة غير حرة فيكون دليلاً ظنياً مبنياً على مجرد الاحتمال ولا قيمة له بالإثبات.

مضافاً إلى ذلك كله عدم توافر أركان الجريمة في حق المستأنف؛ إذ أن المتهم لم يتم التحقيق معه، ولم يتم القبض عليه متلبساً أو ذكر اسمه بعد البحث والتحري، وإنما جاء اسمه تحت اعتراف المتهم الأول، وهو ما يثير الشك في ثبوت التهمة ضده، ومن المقرر قانوناً طبقاً لأحكام محكمة التمييز (أن الأحكام الجنائية الصادرة بالإدانة يجب أن تبنى على الجزم واليقين، وعلى الواقع الذي ثبت بالدليل المعتبر، ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة).

وقضت محكمة النقض المصرية على أن قاعدة «الشك يفسر لصالح المتهم» تقتضي على القاضي تطبيقها كلما ثار لديه الشك في الإدانة، فإذا خالفها واعتبر الواقعة محل الشك ثابتة وقضى بالإدانة كان حكمه باطلاً، فالأحكام في المواد الجنائية لا تبنى على الشك، وإنما على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال، وذلك أن الشك لا يصلح لنفي أصل البراءة الذي يجب أن يبنى على دليل يقيني.

ولفتت العصفور، إذا كانت الأدلة التي ساقها القاضي في حكمه قد انتهت إلى ترجيحه وقوع الجريمة من المتهم فإن الحكم يكون خاطئاً ومخالفاً للقانون، فأي شك يتطرق إلى عقيدة المحكمة في ثبوت التهمة يجب أن تقضي بالبراءة مهما كان احتمال الثبوت ودرجته متى أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة.

وختمت العصفور مذكرة دفاعها، وحيث إنه ولكل ما تقدم، وكان الحكم المستأنف استند في الإدانة إلى دليل ظني لا يستفاد منه وقوع الجريمة من المتهم بنحو الجزم واليقين، يكون الحكم معيباً مما يستوجب إلغاؤه والحكم ببراءة المتهم.

العدد 4025 - الجمعة 13 سبتمبر 2013م الموافق 08 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً