العدد 4025 - الجمعة 13 سبتمبر 2013م الموافق 08 ذي القعدة 1434هـ

القطان: الشائعات تستهدف إثارة النعرات والطائفيات والأحقاد

دعا إلى البعد عن شتم أعراض المسلمين والقدح في أديانهم ومذاهبهم

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

شدَّد خطيب مركز جامع الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان، في خطبته أمس الجمعة (13 سبتمبر/ أيلول 2013) على أنَّ «الأراجيف والشّائعات التي تنطلق من مصادر شتى ومنافذ متعددة إنما تستهدف التآلف والتكاتف، وتسعى إلى إثارة النعرات والطائفيات والأحقاد ونشر الظنون السيئة وترويج السلبيات وتضخيم الأخطاء».

ودعا إلى «البُعد عن اللغو بأنواعه والفحش بشتى صوره، ومن ذلك التسارع في شتم أعراض المسلمين والقدح في أديانهم ومذاهبهم وجماعاتهم وطوائفهم وأمانتهم بغير حقٍّ ولا برهان».

وفي خطبته، التي حملت عنوان «خطورة الخوض في الأعراض»، تحدَّث القطان عن أنه «من الآفات الكبرى والأدواء العظمى التي دبَّت إلى مجتمعات المسلمين انتشار عادة قيل وقال، وقال فلان، وبلغني عن فلان، وقرأت أو اطلعت على رسالة وصلتني بالهاتف أو عن طريق إحدى وسائل الاتصال الاجتماعي المنتشرة بكثرة في هذه الأيام، وتقبل بعض الناس مع الأسف الشديد لكل هذه الأخبار والمعلومات من دون استنادٍ إلى بُرهان صحيح قاطع، ولا اعتضاد على دليل ساطع، فذلكم يا عباد الله باب فتنةٍ ولباب محنة على الإسلام والمسلمين وعلى الوطن والمواطنين؛ لأنَّ تناقل أحاديث لا زمام لها ولا خطام، تُوغر الصدور وتُغيِّر العقول، وتُفسد الأُخُوَّة بين المسلمين، وتمزق المجتمعات، تجُرُّ من الويلات ما لا يُحصى، ومن الشرور ما لا يُستقصى».

وشدَّد القطان على أنه «لا يليق بمجتمع الإسلام تداول أقاويل تُشاع وأحاديث تذاع، سندها الظنُّ والتخمين والرجم بالغيب، من غير تثبت ولا تبين، فذلكم مما يحمل المفاسد العُظمى، ويتضمَّن الآثام الكبرى؛ لذا جاء النهي الصريح من سيد الثَّقَلَيْن عليه الصلاة والسلام، عن تلك الأمور القبيحة والمسالك المُعوجَّة، ففي الصحيحين أنه قال: (إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)».

وأوضح القطان «لقد ابتلي كثير منا (إلا ما رحم ربي) بمرض (الثرثرة) وهي كثرة الكلام، وانطلاق ألسنتهم في قيل وقال – ونقل كل ما يسمعونه من الإشاعات وينشرونها بين الناس دون التثبت من مصدرها، والتحقق من صحتها – ويكون بمثابة البوق الذي ينشر كل صوت ينفخ فيه دون فهم ولا وعي، لاسيما في هذا العصر الذي انتشرت فيه وسائل الاتصال الاجتماعي المختلفة».

وأكد القطان على أن «حُرمة الأعراض عظيمةٌ في الإسلام؛ لذا فمن أعظم الظلم التجنِّي والكذب والإفتراء على أحد من المسلمين، أو التعرُّض له وفق عواطف عمياء وتبعيَّة بلهاء، فقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الربا اثنان وسبعون باباً، أدناها مثلُ إتيان الرجل أمَّه، وإن أربى الربا استطالةُ الرجل في عِرْض أخيه)، وفي حديثٍ آخر يقول عليه الصلاة والسلام: (أربى الربا شتمُ الأعراض)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)».

وأضاف أن «الواجب على من يخاف مقام ربِّه ويخشى المُثول بين يديه، البُعد عن الخوض مع الخائضين بقيل وقال، وأن لاَّ يشغل نفسه بما يخدش دينه ويُعرِّضه لغضب ربه، ومن الإثم المبين التّسارع في نشر أخبار لا يعضدها دليل، وإشاعة أحاديث لا يسندها برهان، ولهذا نصَّ أهل العلم على أنَّ من علامات الحمق ترك التثبُّت وتربُّص الأخبار الواهية والظنون الباطلة وتصيُّد الأحاديث الكاذبة وسوء الظنون بالمسلمين وحملهم على محامل السوء والشكوك».

وقال القطان: «إن سبيل أهل الإيمان والتّقوى ومنهج ذوي الصلاح وطاعة المولى التزامُ الأصول الإسلامية، كما حثَّهم عليه خالقُهم، لا يخوضون مع الخائضين، ومن هنا فهُم في حذرٍ من الولوج في نشر الإشاعات العارية عن الصحة، وفي بُعد عن بثِّ الأخبار الخالية عن الحقيقة».

ودعا القطان إلى «البُعد عن اللغو بأنواعه والفُحش بشتى صوره، ومن ذلك التسارع في شتم أعراض المسلمين والقدح في أديانهم ومذاهبهم وجماعاتهم وطوائفهم وأمانتهم بغير حقٍّ ولا برهان»، ولفت إلى أنَّ «إصدار الأحكام على أحدٍ من المسلمين بدون بيان أسباب شرعيّة، ولا حجج قطعية، ولا براهين صحيحة، ولا أدلةٍ واضحة، أمرٌ قبيحٌ في الإسلام، يُسبِّب الشرَّ الخطير، ويُحدث البلاء الكبير، ويدمر المجتمع، ومن حادَ عن تلك الأصول العلمية والقواعد الشرعية العالية فقد وقع في اللجج الباطل والحمق الممجوج، وصار همَّازًاً لمَّازًاً، مُتحاملاً على المسلمين، مُنحرفاً عن الجادّة، تاركاً للإنصاف».

ونبَّه إلى أن «أعراض المسلمين حفرةٌ من حُفر النار، كما قال بعض العلماء، فإياك أن تقف على شفيرها. واعلم أنّك إن جرحت مسلماً بغير تثبُّت ولا تحرُّز أقدمتَ على الطعن في مسلم بريء من ذلك، ووسَمْتَه بميسَم سوءٍ سيبقى عليه عارُه أبداً، ويبقى عليك إثمُه أبداً، ولهذا فإنّ أشدَّ أنواع الغيبة وأضرَّها على أهلها وأشرّها وأكثرها بلاءً وعقاباً أن يتساهل المرء بما تخُطُّه يمينه بما لا سند له ولا مُعتمد، بل بجهلٍ مُفرط في الحقائق وغلوٍّ زائد في إساءة الظنّ بالمسلم، فيقرؤه حينئذٍ الملأ، ويشهد عليك أهل الأرض والسماء بما كتبت».

وأضاف «ليتذكَّر من أطلقَ قَلمه أو لسانَه في التجريح والقَدح بكلامٍ لا يستند على مأخذ، بل على جهل بالحال وعدم تصوُّر للواقع، أنه بهذا قد بغى وظلم، فليخشَ على نفسه من دعوة تَسري بليلٍ وهو عنها غافل».

واستعرض القطان في خطبته الآية القرآنية «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» (الحجرات/ 6)، وقال: «إن هذه الآية الكريمة ترسم لنا منهجاً عظيماً في شأن تلقّي الأخبار، وخصوصاً في هذا العصر الذي نرى فيه السباق المحموم لنقل الأخبار والأحداث ساعةً بساعة، بل لحظة بلحظة، في عالم قد اتصل شرقه بغربه وتقارب أقصاه من أدناه، تملأ سماءه فضائيات وقنوات، وتغصّ أرضه بصحف ومجلات، ناهيك عن عجيبة هذا العصر شبكة المعلومات العالمية المسماة بالإنترنت، في هذه الأجواء المكفهرَّة، ومع التقدم المتعاظم في وسائل الاتّصال، فإنه يجب الحذر ثم الحذر ممّا يشيعه المرجفون وتتناوله آلاتُ الإعلام وتتناقله وسائل الاتصال من شائعاتٍ وأراجيف في عصر السماء المفتوحة التي تُمطر أخباراً وتلقي أحاديث وتعليقات لا تقف عند حدّ، بل أصبحت تشكّل عقول الناس وتبني تصوّراتهم وتوجّه أفكارهم، فلا بدّ حينئذٍ من التمييز بين الغَثّ والسّمين».

وشدد على أن «الأراجيف والشّائعات التي تنطلق من مصادر شتّى ومنافذ متعدّدة إنما تستهدف التآلف والتكاتف، وتسعى إلى إثارة النّعرات والطائفيات والأحقاد ونشر الظنون السيّئة وترويج السّلبيات وتضخيم الأخطاء. والإشاعاتُ والأراجيف سلاحٌ بيَد المغرضين وأصحاب الأهواء والأعداء والعملاء، يسلكُه أصحابه لزعزعة الثوابت وخلخلة الصّفوف وإضعاف تماسكها، وغالباً لا تصدر الشائعة إلا من مكروه أو منبوذ فرداً أو جماعة، قد امتلأ بالحقد قلبُه، وفاض بالكراهية صدره، وضاقت بالغيظ نفسُه، فيطلق الشائعة لينفّس من غيظه وينفث الحقد والكراهية من صدره. الإرجافُ لا يصدر إلا من عدوّ حاقدٍ أو عميل مندسّ أو غِرٍّ جاهل».

وتابع القطان «إن على هؤلاء أن يتّصفوا بالوعي الشّديد والحصافة في الفهم وسلوك مسالك المؤمنين الخُلَّص في اتخاذ الموقف الحق من الشائعات، وعليهم أن يتأمّلوا هذه التوجيهات الدقيقة والخطوات المرتّبة في الموقف من الشائعات والأراجيف التي رسمها القرآن الكريم وبيّنها أوضح بيان، التوجيه الأول يشدد على ضرورة حسنُ الظن بالمسلمين أفراداً وجماعات وطوائف ممّن تتناولهم الشائعات، والتوجيه الثاني يشدد على الموقف الحاسم والجازم والحازم في ضرورة إثبات هذه الشائعة، وذلك يقتضي من المجتمع أن لا يستمع إلى شيء أو يقبله من غير بيّنة ظاهرة، فإذا لم تُوجد بيّنة ضُمّت هذه الشائعة لطائفة الكذب والكذّابين، أما التوجيه الثالث فيقوم على الموقف الصارم من المجتمع في رفض الإشاعة وعدم السماح برواجها والتكلم بها».

العدد 4025 - الجمعة 13 سبتمبر 2013م الموافق 08 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:04 ص

      كلام جميل ولـــــــــــكن

      إن الكلام الذي يفرق بين الناس إذا خرج من عوام الناس هو أمر قبيح ولكنة إذا خرج من مشايخ ومتعلمين وفي خطب الجمعة في بيوت الله فهو أقبح .

    • زائر 3 | 1:30 ص

      ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

      كم انت كبير ياشيخ

    • زائر 2 | 1:10 ص

      وأنت اولهم يا شيخ

      ياليت عندك اذن تسمع لخطاب مشايخكم لكي تعرف وانت اكيد تعرف... من يثيرالطائفية والاحقاد. تبغي نرسل ليك كليبات...عطني رقمك بالواتس أب

اقرأ ايضاً