العدد 4022 - الثلثاء 10 سبتمبر 2013م الموافق 05 ذي القعدة 1434هـ

درسٌ قاسٍ آخر من جنيف

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حين كتبت مقال أمس، «هل يعود زوّار جنيف بخفي حنين»، لم تكن الأخبار الجديدة قد بدأت تتوارد من جنيف.

وأصارح القارئ الكريم بأنني كنت أحلل الموقف الحكومي من ملف حقوق الإنسان، لمعرفتي اللصيقة به، وكنت أحاول أن أكون بمنجاةٍ من التأثر بالجو الدعائي الذي أشاعته الأخبار الرسمية الصادرة عن «وزارة حقوق الانسان»، لتترك انطباعاً عن نجاحاتها الباهرة في إقناع مجلس حقوق الإنسان، وخصوصاً الأصدقاء السويسريين، بشأن ضرورة تصحيح معلوماتهم ومواقفهم من الوضع الحقوقي في البحرين.

بعد أقل من أربع ساعات من كتابة المقال، بدأت الأخبار والتقارير تتوارد من جنيف حتى منتصف الليل، في اتجاهٍ معاكسٍ تماماً لأمنيات وزارة حقوق الإنسان.

كانت الصدمة الكبرى للوفد الحكومي، أن المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي دعت البحرين إلى الامتثال الكامل بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك احترام الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتشكيل الجمعيات، وقالت إن «أوضاع حقوق الإنسان في البحرين لاتزال تثير قلقنا البالغ»، خصوصاً من جهة تشطير المجتمع، والحملة القاسية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين. كما انتقدت إلغاء زيارة المقرّر الخاص بالتعذيب خوان مانديز، وعدم تنفيذ أهم توصيات لجنة بسيوني.

المفاجأة الثانية أن 47 دولةً وقّعت في جنيف، على بيانٍ مشتركٍ انتقد انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، بعد أن كان العدد 44 فقط في مارس/ آذار الماضي. تزايد عدد الدول الناقدة للوضع الحقوقي يؤكد فشل الحكومة في تسويق رؤيتها وإقناع العالم الخارجي.

الصدمة الأكبر أن البيان الأممي المشترك، تلاه نيابةً عن مجموعة من الدول الأوروبية، ممثل سويسرا، التي وصفها الوفد الحكومي قبل يومين بأنها «حاضنة حقوق الانسان»، وعاد أمس ممثل البحرين (السفير يوسف بوجيري)، محاولاً تفنيد البيان واتهمه بالافتقار إلى الموضوعية والحيادية في نقل حقيقة الوضع في البحرين!

ما حدث مجدّداً في جنيف، يثبت وجود مأزق حقوقي عميق تعيشه البحرين، بسبب تعامل الدولة مع ملف حقوق الإنسان بهذه الطريقة البرتوكولية المتعالية. والخطأ الاستراتيجي الذي ترتكبه السلطة، أنها تتعامل مع العالم الخارجي بالطريقة نفسها التي تتعامل بها مع بعض الفئات والمجموعات السكانية المحلية التي يسهل إقناعها وتوجيهها برشّاتٍ سريعةٍ من العمل الإعلامي الموجّه. ولئن آتت تلك السياسة مفعولها لبعض الوقت في الداخل، إلا أنها أثبتت عقمها على مستوى الدول أو الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية. والدليل تكتل مزيد من الدول ضد موقف البحرين، وإصدار «هيومن رايتس ووتش» بياناً ذكرت فيه أنها المرة الثالثة منذ يونيو/ حزيران 2012 تطالب مجموعة من 47 دولة، البحرين صراحةً بإيقاف القمع، واستنكار احتجاز أشخاص لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي، وطلبت من مجلس حقوق الإنسان متابعة الوضع الحقوقي عن كثب. وأكدت المنظمة أن مناخ حقوق الإنسان في البحرين آخذ في التدهور، مع استمرار مزاعم التعذيب، وإصدار السلطات سلسلة من القوانين القمعية من بينها الطلب من الجماعات السياسية الحصول على إذن خطي من أجل الالتقاء مع دبلوماسيين أجانب أو المنظمات الدولية خارج البحرين، فضلاً عن حجب الحق في الاحتجاج سلميّاً في العاصمة المنامة.

لقد كان مؤلماً جداً، أن تكون آخر توصيات «هيومن رايتس» للوفد الحكومي العائد من جنيف بخفي حنين: «ينبغي عليكم أن تسمعوا الرسائل الواضحة الصادرة عن تحالف متزايد من الدول ومن أعلى مسئول في الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان». درس قاسٍ آخر، فمتى نستوعب آخر الدروس؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4022 - الثلثاء 10 سبتمبر 2013م الموافق 05 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 12:38 م

      مجرد قلق

      ليس هناك اكثر من القلق, فهناك تونس , ليبيا , مصر , العراق و سوريا قبلنا قبلنا بقلق سويسرا و العالم.
      وضع البحرين باشا على بقية الدول و الحكومة مازال لديها مجال كبير للمناورة.

    • زائر 23 | 8:00 ص

      نعم راح ننتصر غدا

      اللي ضيع الحكومه وضيع البلد الأشخاص المنتفعه من الازمة على مصلحة الوطن وهمهم الأول جمع المال والتحريض ولكن هيهيات الحق يضيع والله هو العادل

    • زائر 21 | 4:09 ص

      من يظنّ ان استحداث وزارة حقوق الانسان سوف ينجيه فقد اخطأ

      حقوق الانسان ليس بانشاء وزارة وتوزير وزير والتلاعب على القوانين الدولية والمحلية. من كان يظن في هذه الوزارة وغيرها من الخطوات الديكورية والمكياجية سوف تنجي الحكومة من المساءلة فقد اخطأ

    • زائر 20 | 4:07 ص

      فما نستوعب أخر الدروس؟

      الله يهداك بس. خل يستوعبون اول الدروس و بعدين يصير خير لآخر الدروس. ما عليه تنازلنا خل يستوعبون نتفة من احد الدروس

    • زائر 19 | 3:45 ص

      لم ولن

      لم ولن يستوعبو ابدا حتى يقع الفأس على الرأس

    • زائر 18 | 2:42 ص

      ويستمر مساسل قصف الجبهات

      لا حظت برجيلها ولا خذت سيدعلي

    • زائر 17 | 2:38 ص

      ورطوك ايها الوزير

      بشغله غير موجوده على ارض الواقع حقق الانسان نسمع عنها عبر الصحافه والاعلام على صعيد الواقع هو واقع مؤلم مضجر بمعنى الكلمه كيف نصدق ان هناك حقوق انسان وشرطي يطلق على طفل بري جالس مع والده يبيع السمك اي دفاع عن النفس ولا يعترفون بخطا هذا الشرطي ,ورمي الشباب من اسطح البيوت والبنايات هل هذا شي مبرر قتل الناس تحت التعذيب والادعاء بانه سكلر
      اغراق القرى بمسيلات الدموع رجل الامن لا شي يردعه عن رتكاب كل الجرائم

    • زائر 16 | 2:25 ص

      فيهم شدة علينا اهني

      اذا رجعوا بيطلون حرة الفشيلة فينا وفيكم يا شرفاء الصحافة وسيزيد القمع والتنكيل لأن الفشيلة واصلة حدها و ( سنور المغلوب يعاوي ) ويشمخ الضعيف هناك ما يقدرون غير انهم يقولون ( غير صحيح غير دقيق مفبرك مدبلج ) .

    • زائر 15 | 2:16 ص

      ما ينفع سيد

      صدقني ما ينفع وياهم لا نصيحة ولا عتاب ولا بيتعلمون انه احترام حقوق الانسان بالافعال مو بالكلام المصفف والشركات الاعلامية

    • زائر 14 | 1:43 ص

      مجيد العلوي و نزار البحارنة

      ما ليها إلا مجيد العلوي أو نزار البحارنة.. أظن أن الحكومة تورطت عندما أقالت الأول و قبلت استقالة الثاني.

    • زائر 12 | 1:14 ص

      ابو حسين

      يا سيد حسين قاسم العزيز جميع تحركات هذا الوزارة كذلك المؤسسات والمظمات
      والتصريحات والبيانات الطويلة العريضة مجرد حبر على ورق لايساوي اي قيمة الناس
      كانت تنظر بعد الالم والانتهاكات وبعد تقرير توصيات بسيوني وتوصيات جنيف العمل
      الجاد في هذا المجال ولكن جميع الانجازات مجرد تلميع وتحسين صورة الواقع دون
      اي عمل في هذا السجل الا اذا يتكلم الوزير الموقر عن جزيرة غير البحرين فهذا
      امر اخر ح

    • زائر 8 | 12:18 ص

      حقاً فضيحة

      استحداث وزارة حقوق الانسان لتلميع الصورة في الخارج هم ما يدرون ان اللي في الخارج يدرون اكثر من اللي داخل

    • زائر 6 | 12:14 ص

      إدانة بدون موقف

      أدنه بدون موقف حازم ضد انتهاكات حقوق الانسان يعني تشجيع الموقف الرسمي للقمع

    • زائر 4 | 11:01 م

      يا دي الخيبه

      يادي النيله المنيله والفشيله المدويه... عبالهم بيهتفون لهم " سمعا وطاعه شيخنا" نفس اللي عندنا!

    • زائر 3 | 10:53 م

      لا

      لا حياة لمن تنادي انهم اجساد بدون روح

    • زائر 22 زائر 3 | 5:36 ص

      والله كاسر خاطري يوسف بوجيري

      كل شي طايح في راسه ننصحك بالاستقالة رحمة في نفسك

    • زائر 2 | 10:52 م

      حجي مكي

      تستطبع أن تكذب على بعض الناس كل الوقت
      وربما
      تستطبع أن تكذب على كل الناس بعض الوقت
      ولكنك حتماً
      لا تستطبع أن تكذب على كل الناس كل الوقت
      فدائماً
      هناك من هم أكثر وعياً عندما تمتهن الكذب

    • زائر 1 | 10:16 م

      وماذا بعد

      قلقت تلك الدول بما فيه الكفاية حتى الكآبة فماذا بعد؟ هل ستستمر دوامة انا انتهك وانت تقلق

اقرأ ايضاً