يجلس شاب حاملا بندقية كلاشنيكوف ومعتمرا كوفية قطنية وأمامه راية تنظيم القاعدة بلونيها الابيض والأسود قائلا في لقطات مصورة تبث على موقع يوتيوب "انا فرنسي.
يا اخواني في الإسلام في فرنسا واوروبا والعالم بأسره الجهاد في سوريا فريضة." ويدعو الشاب الاشقر الذي يتحدث الفرنسية بلكنة الجنوب من يشاهدونه الى الانضمام اليه ولاخيه الاصغر في سوريا مضيفا "عدد المسلمين في العالم كبير ونحن بحاجة إليكم".
وتساند الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون معارضين يقاتلون ضد الرئيس السوري بشار الأسد لكن تعتبر بعض الجماعات المعارضة منظمات إرهابية خطيرة مرتبطة بالقاعدة.
ويبدي مسؤولون في الدول الغربية قلقهم من خطر سفر مواطنيهم للقتال في سوريا والعودة في يوم ما لشن هجمات على اراضي تلك الدول.
وقال دبلوماسي فرنسي كبير لرويترز "ثمة عامل رئيسي في الحرب السورية الآن:عدد المواطنين الفرنسيين الذين يقاتلون هناك.
انها قضية أمن قومي." ويستقى المتطرفون الذين يتوجهون لسوريا انباء الحرب من خلال الانترنت من مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب ومنتديات لمستخدمي الشبكة.
ويقول خبراء امن ان هذا الامر يزيد من صعوبة تعطيل الشبكات التي تجتذبهم إليها أكثر من اي وقت مضى.
وقال عالم الاجتماع سمير أمغار مؤلف كتاب (الإسلام المتشدد في اوروبا) "اليوم لم يعد التطرف الإسلامي يقتصر على شيوخ داخل مساجد بل افراد يستخدمون الانترنت كوسيلة للدعاية."
وفي حين يدرس الغرب توجيه ضربة عسكرية لسوريا لمعاقبة حكومة الأسد بسبب مزاعم شن هجمات باسلحة كيماوية انضم ما يصل الى 600 اوروبي الى القتال ضده حسب الاتحاد الأوروبي الذي أوصى في مايو أيار بتشديد مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي لرصد المقاتلين الاجانب.
ويعتقد أن عدد الامريكيين الذين يقاتلون في سوريا أقل بكثير. ويعتقد أن امراة من ميشيجان اعتنقت الإسلام أول امريكية تقتل في صفوف المعارضة السورية في مايو أيار.
وذكر خبراء الكمبيوتر والشرطة ان وقف عمليات التجنيد عبر الانترنت صعب نظرا للكم المهول من المواد والتأخر في جمع الادلة عبر الوسائل الالكترونية وصعوبة التعاون عبر الحدود والشكوك بشأن إمكانية إدانة المتورطين في دول تحمي حرية التعبير.
وقال شيراز ماهر من المركز الدولي لدراسات التشدد في كينجز كوليدج في لندن "اصفها بانها مهمة شاقة غير مجدية.
تحاول وتنجح ثم تعود بشكل اخر." وذكر المحلل ليث الخوري من فلاشبوينت جلوبل بارتنرز للاستشارات الامنية ان سوريا تصدرت مناقشات الإسلامييين على الانترنت وغطت على النزاعات في افغانستان والعراق وليبيا ومالي.
ويحمل نحو 40 فصيلا معارضا تقارير عن الاوضاع على الارض في سوريا في حينه.
وبقليل من الجهد يمكن ان تكتشف وجود المان وايطاليين وبلجيكيين وبريطانيين وامريكيين بل واستراليين سواء من ولد منهم مسلما او اعتنق هذا الدين فيما بعد يحثون مواطنيهم على التوجه لسوريا للقتال من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب "اروان" على موقع انصار الحق الاسلامي المتطرف الفرنسي في 23 يونيو حزيران الجاري "اخواني لا تحتاجون لمن يأخذ بايديكم للوصول إلى هناك يمكن ان تفعلوا ذلك بشيء من الحيلة".
وأشار لبعض الروابط التي توضح أسهل وسيلة للوصول لسوريا من تركيا.
وتلجأ السلطات احيانا لإغلاق او تعطيل مواقع جماعات تعتبرها ارهابية كما فعلت الولايات المتحدة وبريطانيا باتلافهما اعدادا من مجلة تنظيم القاعدة الالكترونية (انسباير) التي تصدر باللغة الانجليزية.
وفي يونيو حزيران قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان الشرطة محت اكثر من 5700 من المواد التي تحوى مضمونا ارهابيا من على الانترنت منذ عام 2011 لكنها لا تمثل سوى قدر ضئيل من نحو 50 ألف موقع متطرف على مستوى العالم حسب مشروع دارك ويب لجامعة اريزونا الذي يجمع بيانات من منتديات جهادية ويحللها.
وتسعى السلطات للتخلص من المواد التي تعتبرها خطيرة من على شبكة الانترنت غير ان عليها ان تميز بين الاحاديث السياسية التي تخضع للحماية في معظم الدول العربية والتحريض على العنف وهو نشاط محظور.
ويقول عالم الاجتماع امغار إن الكثير من المواقع تروج لقضايا ايديولوجية ولا تحرض على العنف.
وقال "لا تهدف الكثير من هذه المواقع لتحريض الافراد على شن هجمات بل التذكير بالدعوة للجهاد. الامر الصعب هو تقييم التأثير بدقة."
وفي مؤشر على صعوبة محو التطرف من على الانترنت تخلت فرنسا والمانيا عن مساعي حجب هذا المضمون خلال العامين الماضيين.
ويرى القاضي الفرنسي الكبير مارك تريفيديك صعوبة في محاكمة الغربيين العائدين لديارهم نظرا لصعوبة اقتفاء اثر تحركاتهم في سوريا واثبات انضمامهم لجماعات مثل جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة التي تعتبرها الدول الغربية جماعة ارهابية.
ولا يرقى فيديو التجنيد لمستوى دليل الإدانة اللازم.
وصرح تريفيديك أمام لجنة برلمانية لمكافحة الارهاب في فبراير شباط "نعتبر من يرغبون في الجهاد ارهابيين.
لكن الأمر ليس بهذه البساطة." وفتحت فرنسا خمسة تحقيقات رسمية في انشطة ارهابية متصلة بسوريا ولكن لم يبت اي قاض في تلك القضايا حتى الان حسب مصدر بوزارة العدل.
وعبر الاطلسي وجهت اتهامات للمواطن الامريكي اريك هارون بزعم قتاله إلى جانب جبهة النصرة وكان قد ظهر في لقطات فيديو على الانترنت حاملا اسلحة مفاخرا بهجمات ناجحة. ويقول خبراء امنيون ان ثمة فوائد لبقاء مواد متطرفة على الانترنت.
وقال الان بوير المستشار الامني السابق للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي "إنها اداة ممتازة لجمع المعلومات.
ينبغي ان تمنح وكالات المخابرات الغربية فيسبوك ويوتيوب والمواقع الاخرى وساما."
وذكر تقرير برلماني عن الارهاب ان 80 بالمئة من قضايا الارهاب التي تنظرها المحاكم الفرنسية تعتمد عل ادلة من الانترنت وحدها.
وحين تحاول السلطات رفع مواد من على الشبكة غالبا ما يكون ذلك بعد فوات آوان اي اجراء فعال.
وتستغرق استجابة يوتيوب لطلب الحكومة رفع لقطات فيديو تعتبرها مسيئة عدة أشهر وخلال تلك المدة تكون المادة نسخت اكثر من مرة واعيد تحميلها بفعل الضجة التي اثارتها على تويتر.
وربما تكون عملية ابلاغ المتصفح عن مضمون غير لائق اسرع ولكن في ضوء تحميل 72 ساعة من لقطات الفيديو على يوتيوب كل دقيقة يتعذر رفع مثل هذا المضمون يالسرعة الكافية.
وقال الخوري "تحميل فيديو مدته ساعة يحتاج خمس دقائق وقد يستغرق الامر خمسة أشهر حتى تدرك يوتيوب وجوده."
وقال متحدث باسم شركة جوجل المالكة ليوتيوب ان الشركة تستجيب بسرعة بعد ان يبلغ المتصفحون عن اي مضمون محظور وفقا لسياستها مثل التحريض على العنف.
ويقول هسين تشون تشن الذي يدير مشروع دارك ويب في جامعة اريزونا ان اجهزة الشرطة الغربية بحاجة لادوات اكثر ذكاء لتضع يدها على المضمون الذي ينطوي على خطورة أكبر وتحليله في ضوء سيل المعلومات على الانترنت وهي قدرة لا تمتلكها. وقال تشن "فيها (المخابرات) خبراء في التحقيقات ولكن الغالبية يفتقرون للخبرة في علوم الكمبيوتر.
يفتقدون الموارد او الارادة او القدرة على جمع كم كبير من المعلومات بانتظام.
ينبغي ان يتحلوا بها وهي متاحة." والارجح ان تكرس الشرطة مزيدا من الجهد للتهديدات المحلية الانية وليس لتهديدات افتراضية مثل تلك التي قد يمثلها العائدون من سوريا.
وقال ماهر الخبير في التطرف "إذا كنت ضابط مخابرات في باريس فسيكون همي الأول هو الا يقع اي حادث في المترو ولن يكون اهتمامي الفوري بالشخص الذي يقول انه ’ذاهب لسوريا’."
وتابع "التهديد العاجل هو ان الشخص الموجود في احد ضواحي باريس يعكف على صنع قنبلة.
ينبغي ان توازن مواردك بين هذا التهديد وتهديد مهم يلوح ببطء سينمو في السنوات المقبلة."