العدد 4018 - الجمعة 06 سبتمبر 2013م الموافق 01 ذي القعدة 1434هـ

إلى جميع نواخذة الغوص والجزوي

المنامة: محمد حميد السلمان 

06 سبتمبر 2013

 

 أمامنا وثيقتان بحرينيتان تعودان لعام 1929، وهما في صورة إعلانين من حكومة البحرين إلى جميع نواخذة الغوص والجزوي. صدرت الوثيقة الأولى في 8 من شهر ربيع الثاني لعام 1348 هـ (13-9-1929)، والثانية في 15 من شهر رجب لعام 1348 هـ (17-12-1929).
وسنعرض لهما بعد القراءة الأولى: «نقل الحفيس 17/ 479
1348حكومة البحرين Government of Bharain
( داخل الختم - مركز الحكومة - 13/9/1929)
إعلان
نعلن للعموم نواخذة والجزوي أهل البحرين أنه في تعقيب الإعلان 17/ 1107 الصادر 1345.
من حكومة البحرين في 15 ذي الحجة 1345 مكرراً نذكركم أنه يجب في وقت بيع اللؤلؤ أن يكون مع النوخذا أنفار الذين يختارونهم جزوى المحمل ويستحسنهم النوخذا- وهاؤلاء (هؤلاء) فقط يشهدون على بيع اللؤلؤ وليس لهم معارضة في البيع آلا (إلا) الذي تجري منه خيانة على الجزوى.. ليكون معلوم.
تحرر فـــ8ـــ ربيع الثاني 1348
مستشار حكومة البحرين سي دي بلكريـﭫ
(التوقيع)» الوثيقة الثانية تقول:«17/ 1007 الصادر حكومة البحرين 1348
إعلان
نعلن للعموم من رعايا البحرين من نواخذة الغوص نخبر العموم كتفصيله أدناه –
(1) أولاً التسقام لهذه السنة لا يزيد عن ماية روبية الغيص وثمانين روبية السيب.
(2) الرفيق له حق أن يقدم دعواه من بعد الحساب في مدة ثلاثين يوم من تاريخ الحساب ومن بعد انقضاء المدة المذكورة، الرفيق ما له حق أن يقدم دعواه في خصوص الحساب.
(3) النوخذة يعمل حساب الغوص عند كاتب يحسن ترتيب نظام الحساب ومن يعمل حساب الغوص عند من لم يحسن ترتيب النظام يعرض نفسه للمسئولية لدى المحكمة والنوخذة ما حق أن يزيد شي غير السلف والتسقام الذي تعينه الحكومة ليكن معلوم.
تحرر فـــ15ـــ رجب 1348
(الختم)
حمد بن عيسى آل خليفة»
وتعليقاً على هاتين الوثيقتين نورد الآتي، أشارت الوثيقتان لأهم عناصر طاقم سفن الغوص وهو النوخذا، محور العمل وربانه على ظهر السفينة، ويمارس سلطاته عليها في معظم الأحيان كالديكتاتور. وهو في معظم حالات سفن الغوص البحرينية غالباً مالكاً لسفينة الغوص، وفي حالات أقل يكون مستأجراً لها أو تابعاً للمالك الأكبر لعدة سفن. والنوخذا أو النوخذة، كلمة أعجمية وليست عربية مركبة من مقطعين: (ناو) وتعني سفينة، و (خذا) وتعني رب.
كما ذكرت الوثيقة الأولى من أعمدة طاقم سفينة الغوص، «الجزوي» وهو مفرد «جزوة» وهم بحارة السفينة. وشددت الوثيقة على أمر بدا للمستشار ولحماية سوق اللؤلؤ البحريني جدُ مهم وهو أن يكون هناك (خبراء) محليين على ظهر سفينة الغوص (مع النوخذا) لمعاينة كميات اللؤلؤ التي تم استخراجها وهم عبارة عن (أنفار يستحسنهم النوخذا). وتم حصر تلك المعاينة فقط بهؤلاء لأنهم (يشهدون على بيع اللؤلؤ وليس لهم معارضة في البيع). ورغم أهمية هذا الأمر إلا أن بعض النواخذة لم يلتزم به كما يبدو ولذا أصدر المستشار إعلاناً ثانياً يذكرهم به، وإن كان قد حصر الأمر مرة أخرى في يد النوخذا في الموافقة على هؤلاء (الأنفار - الخبراء) وبذلك فهم يكونون عادة من أقرب المتزلفين له في السفينة. كما سلب منهم، كعادة قوانين السلطة البريطانية، الحرية في (المعارضة) لرأي النوخذا أثناء البيع. أي أنهم مستشارون مسلوبو الإرادة والرأي لأنهم معينون بأمر النوخذا.
أما ما ذكرته الوثيقة الثانية تحت البند الثاني بعنوان (الرفيق) فهو يشوبه الشك، إذ لربما قصد الكاتب (الرضيف أو الرديف) على ظهر سفينة الغوص ويأتي بعد «السيب» في الأهمية والمكانة وفي الآجر أيضاً لأنه يعتبر مساعداً لـ «السيب» في جر الغواص من قعر البحر بعد انتهاء مهمته.
والأمر الآخر المهم في أسباب صدور مثل هذه الإعلانات الحكومية في ذاك الوقت تحديداً؛ أنها جاءت بناءً على ما صدر عام 1923 على يد المعتمد السياسي البريطاني في البحرين الميجور (كلايف ديلي) من تنظيمات وإصلاحات إدارية تخص مهنة الغوص البحرينية. حيث حاولت تخفيف شكاوى وأعباء الغواصين وديونهم التي كان السبب الرئيس فيها هو مبلغي (السلف) وكان يُدفع للغاصة في بداية موسم الغوص لتوفير جوانب المعيشة لأسرهم خلال فترة غيابهم في عرض البحر، و(التسقام) وهو يُدفع للغاصة في نهاية موسم الغوص ليستعين به الغواص في فترة توقف الموسم.
وهذا ما تشير إليه الوثيقة الثانية بشكل أكبر، فقد كانت إصلاحات (ديلي) تؤكد على التالي: ضرورة أن يحتفظ النوخذا بحسابات مفهومة ومرتبة، كما أشارت الوثيقة، باعتبار أن جُل النواخذة كانوا أميين لذا طلب منهم الإعلان بشكل واضح أن يوفر النوخذا (كاتب يحسن ترتيب نظام الحساب) وإلا (يعرض نفسه للمسئولية). كما قررت الإصلاحات أنه يجب إعطاء الغواص نسخة من حساباته في كل موسم من قبل النواخذة، وأن يكون أعضاء محكمة (السليفة) من الرجال القادرين على فهم الحسابات وأن تكون شخصياتهم محترمة.
ونتيجة لتحرك نحو 200 غواص من المحرق إلى الصخير في حركة احتجاجية سلمية مبكرة في ديسمبر/ كانون الأول من عام 1926، ومطالبتهم الحكومة والمستشار بزيادة مبلغ «التسقام» التي خفضتها السلطات إلى 80 روبية للغيص و60 روبية للسيب؛ صدر هذا الإعلان في الوثيقة الثانية، وإن جاء متأخراً بعض الشيء، ليعيد رفع مبالغ «التسقام» عام 1929، كما ذكر إلى (ماية روبية الغيص وثمانين روبية السيب).
إلا أن الوضع لم يمنع من قيام ما عُرف في التاريخ بانتفاضة الغواصين عام 1932 بسبب تراكمات سلبية لعدة أحداث، تتكرر دائماً في أوضاعنا، تركت جروحاً غائرة في نفوس الغاصة نتيجة ضربهم وإهانتهم بسبب تقديمهم مطالب تحسين أوضاعهم المعيشية بين العامين 1926-1927.
السؤال هو لماذا تحدد الحكومة ما يعطي للغيص وغيرهم من تسقام أو سلفية ربما بعض النواخذة يريدون زيادة المبلغ هل هو الخوف من تعاظم بعض الديون على الغاصة وغيرهم من العاملين في مهنة الغوص أم هو نوع من تحديد للأجور كما يحدث اليوم؟ وهل كان ذلك في صالح الغاصة أم ضدهم ما أدى لبزوغ فجر ثورة الغواصين عام 1932. (راجع وثائق الشهابي عن هذه الثورة).

العدد 4018 - الجمعة 06 سبتمبر 2013م الموافق 01 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً